أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

الأطفال يدفعون فاتورة الحرب الباهضة في اليمن

أثّر انقلاب الحوثيين على الشرعية في اليمن والحرب التي تتعرض لها البلاد منذ سبتمبر/ أيلول 2014، على حياة الأطفال، فيما بدأت آثارها تشغل المهتمين بالطفولة من منظمات محلية ودولية، ولا سيما أن هناك بوادر أزمة كارثية قد تهدد مستقبل الأجيال القادمة.

فبين استهداف مباشر وغير مباشر في العمليات المسلحة التي تتعرض لها البلاد، كان أطفال اليمن ضحية للصراع، حيث دفعوا الثمن على جميع المستويات؛ الحياة والصحة والتغذية والتعليم.. إلخ.

ومنذ عام 2014 كانت اليمن على موعد مع سلسلة حروب عبثية بدأتها مليشيا الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح والحوثي في منطقة دماج مروراً بعمران وصنعاء وانتهاء في معظم المحافظات اليمنية، حيث ما تزال محافظات أبرزها مأرب وتعز تخوض معارك، وقد تدخل محافظات أخرى على خط النار بالتزامن مع ضربات جوية تنفذها طائرات التحالف العربي بقياد المملكة العربية السعودية المؤيد للشرعية في مناطق يمنية مختلفة.

– مناشدة الداخل والخارج

أعضاء برلمان الأطفال، جهة مدنية غير حكومية، وجهت نداء إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والعاملة في حقوق الإنسان تناشدهم باسم الإنسانية وقف الحرب في البلاد لحماية الأطفال من القتل ومنع تجنيدهم وعمالتهم، التي زادت بشكل كبير من جراء تدهور الوضع الإنساني وتفاقم المعاناة المعيشية.

حيث أصبح الأطفال جزءاً من طوابير الحياة اليومية لتوفير المياه والغاز وغيرها من متطلبات الحياة، كما ذهب بعضهم للعمل في الشوارع وجزء منهم للتسول، وهو ما يعرضهم للانتهاكات الجسدية كافة والخوف والرعب.

– قتلى وجرحى وجوعى

مسؤول الاتصال والإعلام في منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، محمد الأسعدي، تحدث لـ”الخليج أونلاين”، حول آثار الحرب في اليمن على الأطفال، قائلاً: “الأطفال هم أكثر فئات المجتمع تضرراً من الحروب، وغالباً ما يقعون ضحايا بشكل مباشر قتلاً أو تشويهاً لأطراف النزاع المسلح، وتتعطل الخدمات الأساسية، كالصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، وهو ما يؤثر سلباً على بقائهم ونموهم”، وأضاف: “كما أن كثيراً من الأطفال يتعرضون للاستغلال من قبل الجماعات أو القوات المسلحة؛ من خلال تجنيدهم والاستفادة منهم في العمليات القتالية أو الخدمات العسكرية الأخرى”.

وبحسب تقارير اليونيسف فقد قتل ما يزيد عن 402 طفل في مختلف المحافظات التي شهدت مواجهات مسلحة، وأصيب ما يزيد على 606، منذ منتصف مارس/ آذار الماضي، وهذا رقم كبير يفوق بأضعاف ضحايا العام المنصرم.

ويشير الأسعدي إلى أنه “من آثار الصراع المسلح، تَعطّل الخدمات الصحية، وارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال، وإغلاق المدارس، ونزوح ما يزيد على مليون وثلاثمئة ألف مواطن من مناطق الصراع أغلبهم من الأطفال والنساء، ويُحتمل أن يصل عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في نهاية العام الجاري إلى 1.8 مليون طفل بسبب تدهور الخدمات الصحية وشح المياه الصالحة للشرب وانخفاض معدلات الأمن الغذائي في البلاد”.

فيما يحتاج قرابة الـ20.4 مليون شخص نصفهم تقريباً من الأطفال للمساعدة في تأمين القدرة على الوصول للمياه المأمونة والصرف الصحي والحفاظ عليها، وذلك بسبب نقص الوقود والضرر الذي لحق بالبنى التحتية وانعدام الأمن بحسب تقديرات المنظمة الدولية.

– عام تعليمي منقوص

لم يكن التعليم بمعزل عن الصراع، فقد تحولت بعض المدارس إلى مقار للنازحين وبعضها الآخر تتخذ كمقار للمسلحين، وتوقفت العملية التعليمية ولم يستكمل العام الدراسي إلا بطريقة شكلية، بعد أن حُرم ما يقارب مليوني طفل من الاستمرار في مقاعد الدراسة بعد إغلاق نحو 3.600 مدرسة أبوابها في المدن والمحافظات التي شهدت صراعات مسلحة.

واعتمدت وزارة التربية والتعليم على ما درسه الطلاب في الفصل الأول وأجرت لهم الاختبارات النهائية على وقع النار في بعض المناطق، بما في ذلك طلاب الشهادتين الأساسية والثانوية، الذين تم تحديد بعض الموضوعات التي كتبت منها أسئلة الامتحان.

– تدخلات إغاثية

من جراء الوضع الصعب الذي عاشه ويعيشه أطفال اليمن كانت هناك تدخلات إغاثية بسيطة مقارنة بحجم الآثار والأضرار في ظل وجود منظمات إغاثية معدودة أبرزها “اليونيسف” التي عملت منذ بداية الصراع.

يقول الأسعدي: “عملت اليونيسف على الاستجابة للاحتياجات الحساسة للأطفال في مختلف أنحاء البلاد، وتوفير الخدمات الضرورية لإنقاذ الأرواح بما فيها توزيع المياه الصالحة للشرب لقرابة 3 ملايين من سكان 10 مدن رئيسة وعلاج مئات الأطفال من سوء التغذية والإسهال والحصبة والالتهاب الرئوي، ودعم السلطات التربوية للترتيب لامتحانات الشهادتين العامة الأساسية والثانوية، التي استفاد منها مئات الالاف من الطلاب اليمنيين.

 

الآثار النفسية التي أحدثتها الحرب في الأطفال كانت عميقة ولم يتم توفير الدعم النفسي إلا لنحو 215 ألف طفل، وتثقيف نحو 280 ألف شخص على كيفية تجنب الإصابة بسبب الألغام والأجسام غير المتفجرة، بحسب أرقام “اليونيسف”، التي ساهمت في تنفيذ حملة وطنية للتحصين ضد شلل الأطفال والحصبة والحصبة الألمانية التي استفاد منها ملايين الأطفال وما تزال الحملة مستمرة.

– احتياجات و دعوة لاحترام الإنسانية

وتعاني المنظمات العاملة في الإغاثة والمساعدات الإنسانية من نقص التمويل لمواجهة الاحتياجات الهائلة، فمنظمة “اليونيسف” لم تحصل على تمويل إلا بما يغطي 16% فقط من نداء المنظمة للتمويل، وفقاً للأسعدي، الذي أوضح أن القيمة الإجمالية لنداء اليونيسف تبلغ 182.6 مليون دولار أمريكي حتى الآن، إذ تعد اليمن واحدة من أكثر حالات الطوارئ التي تعاني من شح التمويل، من ضمن حالات الطوارئ المختلفة التي تتصدى لها اليونيسف حالياً في العالم، في حين وجه الناطق الإعلامي لليونيسف دعوة من خلال “الخليج أونلاين”، لجميع أطراف الصراع أن يلتزموا باحترام القانون الإنساني الدولي، ووقف استهداف المدنيين والبنى التحتية الأساسية مثل المدارس ومحطات المياه والمرافق الصحية، كما شدد على الحاجة الملحة لوقف الاقتتال في البلاد بشكل نهائي.

المصدر : الخليج أونلاين

Total time: 0.0517