أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

رويترز: النصر يراوغ السعودية في حرب اليمن (تقرير)

دخان يتصاعد من مستودع ذخيرة في صنعاء يوم 25 اكتوبر تشرين الاول 2015 - رويترز
- أنغوس مكداول

في ميناء عدن الجنوبي في اليمن حيث الهواء محمل برطوبة شديدة يجوب جنود سعوديون في سيارات مصفحة الشوارع التي يختبيء فيها مقاتلون جهاديون. وفي مأرب إلى الشرق من العاصمة صنعاء يقاتلون جنبا إلى جنب مع رجال القبائل في التلال. ومن السماء تنهمر الصواريخ من طائراتهم الحربية.
 
قبل عام واحد فحسب كان التدخل العسكري السعودي في اليمن أمرا يستحيل تصوره إلا أن الرياض تخلت عن دبلوماسية الغرف الخلفية التي انتهجتها لعشرات السنين واتجهت إلى المغامرة المسلحة بعد أن تولت قيادة جديدة دفة الأمور وتأجج الصراع مع ايران على مستوى المنطقة كلها.
 
وبدأ هذا التحرك قبل ستة أشهر من التدخل الروسي في سوريا على الجانب الآخر من الخلاف السعودي الايراني. غير أن عدم الاستقرار لعشرات السنين في اليمن المنعزل في جنوب شبه الجزيرة العربية معناه أن هذا التدخل حظي باهتمام أقل بكثير.
 
وأصبحت الرياض الآن منهمكة في حملة يبدو أنها تتوقف على سرعة استسلام خصومها. وحلفاؤها ضعفاء ومنقسمون كما أن نتيجة الصراع سيكون لها أثر كبير في تحديد دورها المستقبلي في الشرق الأوسط.
 
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مطلع الأسبوع إن الخيار العسكري كان الخيار الأخير للمملكة وتحقق من خلال طلب من الحكومة الشرعية ولحماية المواطنين السعوديين من الصواريخ.
 
ودخلت السعودية الحرب مستندة إلى تدخل ايراني في اليمن - نفته طهران - عن طريق المقاتلين الحوثيين الذين اجتاحوا بقية أنحاء البلاد من معقلهم الشمالي في العام الماضي وبسبب ما اعتبرته الرياض تراجعا للدور الأمريكي في المنطقة.
 
ويهدف السعوديون لإعادة الحكومة المعترف بها دوليا والرئيس عبد ربه منصور هادي الذي فر إلى عدن قبل أن تقع المدينة تحت حصار الحوثيين وقوات موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح الأمر الذي كان سببا في إطلاق شرارة الحملة العسكرية السعودية.
 
ويوم السبت قال وزير الخارجية السعودي إنه يعتقد أن الحملة تقترب من نهايتها بفضل ما حققته قوات التحالف من مكاسب إلى جانب استعداد صالح والحوثيين للدخول في محادثات.
 
وكان ذلك أحدث حلقة في سلسلة من التنبؤات السعودية بقرب انتهاء الحملة ووصف مسؤول غربي هذا التنبؤ بأنه متفائل.
 
طليعة
خلال زيارة للصحفيين في الآونة الأخيرة دارت أربع عربات مصفحة رفع عليها علم السعودية في استعراض حول ساحة خارج قاعدة عسكرية للقوات الخليجية على مشارف مدينة عدن.
 
وجلس جنود يشاهدون التلفزيون في كوخ مكيف الهواء بينما كان عمال يمنيون حفاة يجهزون الحجارة لإقامة مبنى جديد.
 
وهؤلاء الجنود هم طليعة السياسة الخارجية التي انتهجها العاهل السعودي الملك سلمان منذ تولى السلطة في يناير كانون الثاني وكثيرا ما توصف هذه السياسة بأنها تأكيد للدور السعودي ويأمل السعوديون المتشددون في الدفاع عن موقف بلادهم أن تؤدي في نهاية الأمر إلى انحسار النفوذ الايراني في المنطقة.
 
هذه السياسة جلية في التحول الذي طرأ على شرورة وهي موقع ناء لتوطين البدو في عمق الصحراء لتصبح محطة عسكرية تعج بالحركة تقف فيها طائرات الهليكوبتر من طرازي أباتشي وتشينوك على أرض مهبط ترتفع على بعد من خلفه تلال رملية وردية عالية.
 
وربما يشجع النجاح في اليمن الملك سلمان وابنه الطموح وزير الدفاع محمد بن سلمان على تصعيد التدخل في صراعات أخرى مثل سوريا.
 
أما الفشل فسيزيد من صعوبة إعادة تجميع التحالف العربي الذي أيد التدخل السعودي في اليمن.
 
وفي عدن رفع رجل يمني نحيف يحمل بندقية هجومية أصبعين بعلامة النصر بينما كانت عربة مدرعة سعودية تتحرك عند ناصية أحد الشوارع في مشهد أصبح السعوديون يألفونه على شاشات الأخبار التي تعرض لقطات لليمنيين وهم يرحبون بالتحالف.
 
وعزز موقف السعودية السيطرة على عدن في يوليو تموز الماضي وانخفاض خسائرهم البشرية نسبيا إذ لم يسقط قتلى سوى بضع عشرات من الجنود وحرس الحدود وعدد محدود من المدنيين في قصف حدودي.
 
لكن أشد القتال ربما لم يحدث بعد.
 
وحتى عند استعادة المناطق التي أيد فيها السكان المحليون قوات التحالف ظهرت قلة الخبرة. فقد سمحت ثغرات أمنية لمفجرين انتحاريين من الجهاديين باستهداف ثلاثة أهداف رئيسية للتحالف في عدن كما أن نشر القوات بالقرب من بعضها البعض أدى إلى ارتفاع الخسائر البشرية عندما أصاب صاروخ قاعدة قرب مأرب.
 
وفي تلك القاعدة الجوية تناثرت على أرضية خيمة بيضاء كبيرة استخدمت كمستشفى ميداني عقب الهجوم الصاروخي الذي سقط فيه أكثر من 60 جنديا خليجيا قتلى بقايا مستلزمات طبية من بينها قفازات مطاطية وأكياس بلازما عليها بقع دماء وذلك بعد مرور أسابيع من وقوع الهجوم.
 
والجنود الوحيدون الذين شاهدهم مراسل رويترز في زيارة لليمن رتبتها القوات المسلحة السعودية الشهر الماضي كانوا جنودا يمنيين. وقد ظل الجنود الخليجيون في مأرب لكن ضابطا سعوديا قال إنه تم نشرهم في معسكرات منفصلة حرصا على سلامتهم.
 
ولم تتغلغل قوات التحالف في مناطق المرتفعات التي يتمتع فيها الحوثيين بأكبر قدر من التأييد وحيث تكون التضاريس في صالح من يسيطر على الأرض.
 
ويمكن في مأرب سماع أصوات نيران المدفعية من التلال الواقعة إلى الغرب وهي مناطق ذات أهمية كبرى من أجل استعادة العاصمة صنعاء. ومازالت تضاريس المرتفعات الوعرة تتيح ستارا لهجمات الحوثيين المستمرة على المواقع السعودية المتقدمة. وسمع مراسل رويترز في رحلات منفصلة للحدود أصداء انفجارات تدوي عن بعد.
 
ويقول دبلوماسيون إن الرياض تأمل فيما يبدو أن يرغم الضغط العسكري - الذي يحظى بتأييد ضمني من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا - الحوثيين وصالح على السعي للسلام دون أن تضطر قوات التحالف وحلفاؤها المحليون إلى الوصول الى العاصمة.
 
وقد بلغت كلفة الحرب حتى الآن مليارات الدولارات. وسيكون من الصعب مواصلتها حتى لو لم تتأثر ايرادات المملكة بركود أسعار النفط كما أن هذه التكلفة سترتفع في حال حدوث أي تصعيد.
 
وحتى الآن ورغم وجود عدة آلاف من الجنود السعوديين والاماراتيين في اليمن خلال الحرب فمن المستبعد فيما يبدو الاستعانة بمزيد من القوات البرية.
 
وأكد وصول قوات سودانية إلى عدن الشهر الماضي رغبة الرياض في عدم التوسع في استخدام قواتها.
 
وأدت هذه السياسة إلى الاعتماد على المقاتلين المحليين لكنهم في كثير من الأحيان لم يتلقوا تدريبا ولا يشاركون في الحرب بسبب تأييدهم لهادي بل لأسباب قبلية أو دينية.
 
وفي عدن كان العلم اليمني الوحيد الملحوظ في المدينة يرتفع على المقر المؤقت للحكومة في فندق القصر قبل أيام من تعرضه لتفجير انتحاري نفذه جهادي. وانتشرت مئات الاعلام التي تمثل حركة انفصالية قديمة في جنوب اليمن.
 
وفي مأرب يردد مقاتلون من السنة عبارات طائفية في وصف الشيعة الحوثيين.
 
بل إن حكومة هادي منقسمة بين الموالين للرئيس والموالين لنائبه خالد بحاح.
 
وخارج المملكة السعودية ثار قلق حلفاء الرياض الغربيين بسبب الثمن الفادح الذي يدفعه اليمنيون من حصار بحري دفع اليمن إلى حافة المجاعة ومن القتلى الذين سقطوا من المدنيين ويقول بعض اليمنيين إن قصف قوات التحالف تسبب في موتهم.
 
وحتى الآن تقدر الأمم المتحدة أن 2400 مدني على الاقل سقطوا قتلى في الصراع وأصبح كثيرون من المعوزين.

"رويترز"

Total time: 0.8408