يصعب الحديث عن الواقع السياسي في اليمن دون التطرّق إلى ذكر أحمد علي نجل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي يواصل علاجه في السعوديّة، كرجل تعتبره قيادات في السلطة الخليفة الأحق بتولي المنصب بعد والده، بينما يرى الطرف الآخر ذلك أمرا مستحيلا خصوصا بعد خروج الناس للتظاهر وسقوط عدد كبير من القتلى.
يبدوا إن عدد من رجالات نجل الرئيس علي عبدالله صالح (أحمد) قد عادوا لمزاولة عملهم بعد أن غادروه منذ استقال عدد من قادة الدولة عقب مجزرة الكرامة التي حدثت في 18 مارس/آذار الماضي.
حينها غادر عدد من القيادات ممن لم يقدموا استقالاتهم واختفوا عن الأنظار بينهم رئيس الهيئة العامة للاستثمار صلاح العطار الذي يعد أحد أبرز المقربين من أحمد علي عبدالله صالح حيث عاد مؤخرا لمزاولة عمله بعد غياب دام أكثر من شهرين ونصف.
كما ظهرت شخصيات أخرى اختفت لفترة طويلة وذلك في الأيام القليلة الماضية حيث تقول بعض التقديرات إنهم استمدوا الثقة من نجل الرئيس الذي يدور الحديث عن انه هو من يمسك زمام أمور البلاد حاليا في حين لا يستطيع القائم بأعمال الرئيس نائبه عبد ربه منصور فعل شيء حيال ذلك.
يدير أحمد علي عبدالله صالح حاليا قوات الحرس الجمهوري وهي تقوم بمواجهات حاليا مع المواطنين في مديرية أرحب شرق العاصمة صنعاء إضافة إلى مواجهات مع مسلحين في تعز بينما تنأى عن المواجهات مع مسلحي القاعدة في محافظة أبين جنوب البلاد.
ويصعب الحديث حاليا عن الواقع السياسي بعيدا عن ذكر أحمد على كرجل تعتبره قيادات في السلطة إنه الخليفة الأحق بتولي المنصب بعد والده، بينما يراه الطرف الآخر بأنه أمر مستحيل خصوصا بعد خروج الناس وسقوط عشرات القتلى.
ولد أحمد علي عبدالله صالح في العام 1972 ولديه حاليه ثلاثة أبناء وأربع بنات كما جاء في سيرة منشورة له بينما يسود الغموض حكاية دراسته العسكرية حيث لم يثبت إنه تلقى أي شهادة من الولايات المتحدة أو بريطانيا بينما تأكدت دراسته في الأردن ومنذ تخرجه هناك مُنح رتبة عقيد مباشرة وبقي لفترة من الزمن ثم تم ترقيته إلى عميد.
مدنيا يرأس الرجل مجلس إدارة مؤسسة الصالح الاجتماعية الخيرية، ورئيسا فخريا لكلٍّ من نادي التلال الرياضي في مدينة عدن، وجمعية المعاقين حركيًّا.
العسكرية قناعة والده
نجل صالح بلباس مدنيّ |
ويدور الجدل حول شخصية أحمد علي صالح كونه لا يظهر عبر وسائل الإعلام بينما يتحدث عنه الدكتور فارس السقاف رئيس مركز دراسات المستقبل، كونه تعرف عليه من خلال منتدى أصدقاء الكتاب وكان أحد القريبين منه.
يقول السقاف وهو رئيس الهيئة العامة للكتاب المستقيل لـ إيلاف إن "شخصية أحمد علي تتراوح بين العسكري والمدني، ربما كان اختيار الجانب العسكري هي قناعة والده، وربما كان لديه نزوعا للعمل في الجانب المدني حيث بدأ بتأسيس النادي الأدبي قبل العام 1990، وانتهى النادي ثم دخل البرلمان في العام 1997".
ويضيف الدكتور السقاف أن أحمد "كُلف من قبل والده في السنوات الأخيرة بإدارة ملف الاستثمار، وتحديدا مع حكومة الدكتور مجور في 2007، وكان يعقد اجتماعات أسبوعية مع وزراء وغيرهم لمناقشة قضايا الاستثمار وقيل حينها إنه هو من يتولى إدارة وزارة الاتصالات، وإدارة استثمارات خليجي 20، وكذلك شركة شبام القابضة الحكومية كشركة عقارية واستثمارية في عدة مجالات، إضافة إلى تعيين صلاح العطار رئيسا لهيئة الاستثمار وله دور في تعيينات عدة من وزراء ورؤساء مؤسسات".
ورأى أن أحمد "فشل في الجانب الثقافي رغم أنه أخلي له المجال ليطبع الجانب الثقافي بطابعه لكنه لم يفعل، ماعدا مشروع المكتبة الوطنية الكبرى التي يتم بناءها الآن وستنتهي بعد عامين وهو ساعد في دعمها".
ويعتقد السقاف أن أحمد علي "يعاني من عدم ثقة في الظهور ويتوارى عن وسائل الإعلام، لأنه كان يتردد في ذلك كون والده لا يريد أن يخرجه صراحة إلى الملأ، بسبب استفزاز مسألة التوريث لكثير من الأطراف حتى في العائلة ذاتها والقيادات التابعة لقرية الرئيس "سنحان" إضافة إلى أولاد الشيخ عبدالله الأحمر.
يحي أكثر حضورا
ويرى الدكتو فارس السقاف إن "الرئيس والمحيطين به لم يمكنوا أحمد من النجاح في ملف الاستثمار، وهو أساسا لم ينطلق ولم يثبت جدارته في ذلك، وأحاط نفسه بشخصيات ضعيفة وليست لديها رؤية واضحة لتصحيح المسار".
وتابع: "ربما يحي محمد عبدالله صالح لديه حضور أكبر من أحمد علي، ومرد هذا الأمر يرجع إلى أحمد نفسه، فهو ليس لديه ثقة في نفسه حسب اعتقادي، وعدم الجرأة أوجدت لديه صفة خجولة، فهو شخص خجول بينما في الجانب العسكري يوصف بأنه يتعامل بشدة وقسوة مع الجنود، ولم يمتلك الخبرة التي لدى والده، فوالده لديه صفة الكرم والعطاء وكان يكسب الناس بهذه الصفة، بينما أحمد عكس ذلك".
وأضاف: "بالمقارنة مع ابن عمه يحي، تجد يحي أكثر حضورا ولديه أيضا شخصيات في الحكومة وعدة مؤسسات، ولديه مؤسسات مدنية منها "ملتقى الرقي والتقدم" التي يخاطب بها المثقفين والإعلاميين، و"جمعية كنعان لفلسطين" و"اتحاد وكالات السياحة والسفر"، أعتقد إن مكاسب يحي أوسع وأشمل".
وأشار السقاف إلى مسألة عدم إشراك أولاد الرئيس في الحياة المدنية مشيرا إلى أن "أحمد علي حين دخل إلى مجلس النواب كنا نعتقد إنه سيدخل إلى الحياة المدنية وهذا تهيئة له للوراثة.. الملفت أن علي عبدالله صالح لم يقحم أولاده في غير المجال العسكري، لا أحد درس دراسات مدنية".
يستطيعون إدارة الفوضى ولا يستطيعون إدارة النظام
الدكتور فارس السقاف رئيس مركز دراسات المستقبل |
وقال السقاف إن "صالح وأبناءه لم يكن لديهم تصورا لمشروع دولة ويستمدون استمراريتهم إلا من القوة العسكرية، وكما يقال فإن الرئيس هو ومن بعده من الأولاد يستطيعون إدارة الفوضى ولا يستطيعون إدارة النظام".
ورأي أن "صالح كان يدرك في الفترة الأخيرة إن أحمد لم تهيّأ له الفرصة لإدارة زمام البلاد ولم يكن الرئيس يعد العدة لهذا الأمر، وإلا كان أدخله في جوانب مدنية حيث لا يكفي الجانب العسكري".
وألمح إلى الجانب العسكري مشيرا إلى أن "الحرس الجمهوري لم يظهر ولم ينتصر في أي معركة عسكرية، ويقال إن الرئيس كان ينأى بالحرس الجمهوري الذي يرأسه ابنه أحمد أن يخوض حربا مع الحوثيين حتى لا يصبح هناك عداوة بينه وبينهم ربما لأنه يرى أنهم سيصبحون رقما في المعادلة وكان يحمل المسؤولية علي محسن الأحمر".
وأشار إلى موضوع يتم تداوله في الشارع حول أن "أحمد لا يحظى بتأييد كبير من جنوده وقادة الكتائب والوحدات التي تتبعه لأنه لا يوجد بينه وبينهم علاقة عضوية وليس مؤهلا، فأحمد حاليا يمنع عبدربه من مزاولة مهامه، وقد قام بنقل غرفة العمليات إلى منطقة خارج الأمانة وهو يدير الأمور".
وختم حديثه حول مستقبل أحمد قائلا: "في ظل هذه الأوضاع سيتحدد وضع أحمد علي على اعتباره فرع لأصل، فإذا تقرر مصير علي عبدالله صالح بالغياب فأبناءه سيكونون ملحقين لكن أحمد علي يتردد لأنه سيكون له دور لفترة محددة متعلقة بمسائل الإرهاب وغيره".
وأضاف: "لن يكون لأحمد علي أو غيره من المقربين مستقبل قريب أو بعيد".
وتبقى صورة أحمد علي غامضة جراء اختفائه الدائم وعدم ظهوره لكن أعداء أحمد علي اليوم أكثر من أعداء والده وهو ما يؤكد فرضية صعوبة وصول الرجل إلى هدفه إن لم تكن استحالتها، ويبدوا أن الرقص على الثعابين كما كان يقول والده تتطلب المزيد من الحنكة التي تحلى بها صالح، بينما لم يعد هناك وقت كاف للتدرب على هذه الرقصة.