كشف مراقبون عن مبررات الانسحاب الروسي المفاجئ من سوريا والذي أعلن عنه الرئيس بوتين بشكل مفاجئ مساء الاثنين.
ولخص المراقبون الأسباب وراء القرار في 5 أمور هي:
أولا: الإعلان الروسي "جس نبض" أو "ضغط" علي بشار الاسد لتقديم تنازلات في المفاوضات، حيث جاء القرار الروسي في نفس اليوم الذي أعلن فيه استئناف جولة جديدة من مفاوضات السلام السورية في جنيف، وظهر تصلب من الوفد الحكومي السوري علي عكس الرغبة الروسية لإنهاء الحرب.
فهدف قرار بوتن بسحب قواته من سوريا هو الضغط على بشار الأسد لتقديم التنازل المطلوب لإنجاح الحل السياسي المتفق عليه مع الأميركيين، حيث أفشلت حكومة الاسد المفاوضات، ووضع وليد المعلم، وزير الخارجية السوري، العقدة في المنشار حين قال السبت الماضي ان "الرئيس الاسد خط احمر وملك للشعب السوري، ولا انتخابات رئاسية وبرلمانية دون اشراف الحكومة السورية".
ثانيا: تكلفة الحرب في سوريا باتت عالية في ظل وضع اقتصادي صعب تعيشه روسيا، واستمرار تدهور أسعار النفط العالمية الذي تعتمد عليه روسيا، وقد اسقطت صواريخ مضادة للطائرات طائرة حربية روسية أول أمس وهو تطور جديد قد يكلف الروس خسائر باهظة ويكشف وصول أسلحة حديثة للمقاومين.
وقد كشفت دراسة أعدها "معهد واشنطن" نقلاً عن ضابط أميركي سابق، إن التكلفة الماليّة للحملة العسكرية الروسية على سوريا تتراوح بين 2.4 مليون دولار و3 مليون دولار يوميا، بخلاف تكاليف أخري لقطاعات ووحدات عسكرية مختلفة.
ثالثا: روسيا لا يمكن أن تتحمل أعباء حرب سورية أكثر مما تحملته على مدار عدة أشهر ولهذا السبب لم يعد أمام بوتين سوى بيع رأس الأسد عبر جنيف مقابل بعض المكاسب، كما يقول الكاتب والحقوقي الجزائري، أنور مالك، ولم يشهد تاريخ روسيا أنها دافعت عن قضية حتى النهاية بل تتشبث بها حتى تحقق بعض مصالحها ثم تتخلى عنها وها هو بوتين يبيع الأسد في سوق النخاسة بعدما فشل في إقناع النظام السوري الحالي بتقديم تنازلات.
رابعا: لا يمكن للقوات الروسية أو أي قوات أن تقاتل من الجو والبحر دون التواجد على الأرض، لأن هذا يفقدها عنصر الحسم، وهذا واضح في الحالة السورية، ومن الصعب أن تغامر روسيا بإنزال قوات بأعداد كبيرة للحرب كما فعلت في افغانستان وإلا زادت التكلفة المادية والبشرية للحرب دون مكسب حقيقي.
وقد كشفت مصادر مقربة من نظام الأسد لوكالة الأناضول التركية، أن 109 عسكريين روس قُتلوا في الاشتباكات الجارية في سوريا، منذ مشاركة روسيا بعملياتها الجوية في سوريا يوم 30 سبتمبر 2015 وحتى يناير 2016.
خامسا: الضغوط الدولية علي الروس خاصة بعد "جرائم الحرب" المتتالية وطرح احتمالات محاكمة بوتين أمام المحكمة الجنائية الدولية، بعد قصف عشرات المستشفيات والمدارس والمساجد، ومع أن عضو لجنة التحقيق "كارلا ديل بونتي" رئيسة الادعاء العام السابقة للمحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة: قالت بوضوح إنه "لا يمكن لأي جهة أن تحيل ملف سوريا إلا مجلس الأمن الدولي"، ما يعني أن الفيتو الروسي سيقف عقبة أمام محاكمة الروس عن جرائم الحرب، إلا أن الجرائم أصبحت تهمة تاريخية في رقبة الروس.
وسبق لموقع "مونيتور" الأميركي أن أكد هناك مخاوف روسية مما تطلق عليه أمريكا الخطة (ب) البديلة في سوريا في حالة فشل وقف إطلاق النار، وهي تقسيم سوريا، وأن التحرك الروسي لإنجاح وقف النار والتفاوض مع المعارضة السورية على هذا نابع أيضا من قلق روسي من التورط في أوحال حرب اهلية هناك على غرار افغانستان وغيرها.
وتقول "رندا سليم" خبيرة بمعهد الشرق الأوسط في المشرق العربي الذي حضرت مناقشات في روسيا حول الخطة الأمريكية: "يبدو أن المسؤولين الروس يريدون لاغتنام الفرصة الدبلوماسية لأنهم يخشون من مستنقع سوريا، وأنهم يخشون ما قد تفعله الولايات المتحدة إذا فشل جهود السلام الحالية".
وقالت "سليم" لـ "المونيتور" أن "المسؤولين الروس بدأوا يدركون أنهم بحاجة إلى هذا (وقف اطلاق النار)، وإلا فسوف يعلقون في مستنقع سوريا .. انهم قلقون حقا".