اخبار الساعة - محمد داوود
بعد ساعات قليلة من بدء سريان مفعول اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن، تبادلت الأطراف المتحاربة الاتهامات بخرق الهدنة في مختلف الجبهات.
"القاعدة" أكبر الكاسبين من الحرب في اليمن
ظلال من الشك تحيط باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن
على الرغم من الجهود الدولية، التي بُذلت للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، ومحاولة إيجاد ضمانات لصمود الهدنة وإنجاح المسار السياسي، فإن ما يدور على الأرض لا يعكس هذه الجهود، ولا يبشر بقرب انتهاء مأساة اليمنيين مع القتال الذي حوّل حياة أكثر من عشرين مليونا إلى جحيم لا يطاق.
لكن الآمال ما زالت معقودة على التقارب الحاصل بين السعودية والحوثيين، والذي من شأنه تعزيز فرص الحل السياسي ودفع عجلة السلام إلى الدوران.
ويمكن القول إن الاتفاق، الذي عُقد هذه المرة، هو الأكثر جدية، مقارنة بالاتفاقات السابقة. لأنه جاء حصيلة حوارات مباشرة بين الفاعلين الرئيسين في الحرب، التي دخلت عامها الثاني، وهما: السعودية التي تقود التحالف الداعم للحكومة الشرعية، وجماعة "أنصار الله" التي تقود المعارك بعد سيطرتها على العاصمة وعدد من المحافظات.
وقد أفضت هذه الحوارات إلى تفاهمات للتعايش ووقف القتال على طول الخط الحدودي. غير أن ما يشوبها هو إبعاد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي لا يزال يمتلك قوات كبيرة من الجيش، وشعبية كان أحد مظاهرها الحشد الضخم الذي تجمع في صنعاء في الذكرى الأولى للحرب.
وفي كواليس المحادثات المستمرة في جنوب المملكة بين المسؤولين السعوديين والحوثيين، عُقدت اتفاقات إضافية غير الاتفاق الرئيس، الذي رعته الأمم المتحدة؛ حيث أكدت مصادر إعلامية توقيع الحوثيين وممثلين عن القوات الحكومية اتفاقاتٍ منفصلةً لوقف المواجهات في كل محافظة على حدة، والتي نصت على أنها ستكون برعاية السعودية.
ذلك يعني أن الرياض لم تعد طرفا في الحرب، بل راعية لكل القوى اليمنية، بما فيها الحوثيون، الذين كانوا قد وُصفوا ذات يوم بأنهم العدو الرئيس للمملكة. كما أن لجنة عسكرية تضم اثني عشر ممثلا عن الحكومة والحوثيين وصالح ستعمل على مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم للمتحدة.
ولأن ما هو واضح يؤكد أن الأمم المتحدة المدعومة من الدول الكبرى قد وفرت أسباب وعوامل نجاح التهدئة، فإن ما حدث على الأرض بعد ساعات على بدايتها يثير الشكوك. كما أنه يفتح الباب أمام سيناريوهات مرعبة للوضع في اليمن في حال عدم التوصل لاتفاق سياسي؛ إذ أن خروج السعودية من معادلة الحرب سيحول المواجهات إلى حرب داخلية تأتي على ما لم تدمره غارات التحالف والمواجهات السابقة، ولا يعلم أحد متى ستنتهي!
وفي ظل حالة من التفاؤل الكبير بدخول اليمن مرحلة جديدة من السلام، سارع الجانب الحكومي إلى توجيه اتهام إلى الحوثيين بخرق الهدنة بعد ساعات على بدايتها. وقال إنهم ارتكبوا اثني عشر خرقا في تعز، وهاجموا مواقع القوات الحكومية في شبوة والجوف والبيضاء وميدي؛ إضافة إلى اتهامات أخرى لا يوجد طرف محايد موثوق به يستطيع تأكيد صحتها.
الحوثيون من جهتهم، ردوا باتهام التحالف بخرق الهدنة. وقالوا إن القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، حاولت التقدم في جبهة نهم شرق صنعاء، وتحدثوا عن غارات لطيران التحالف على منطقة كلابة وصالة والحوبان في مدينة تعز، وعن إنزال أسلحة في مدينة التربة، ومحاولة من القوات الموالية للحكومة للتقدم باتجاه جبل جرة.
وفي محافظة مأرب أيضا، تبادل الطرفان الاتهامات بخرق الهدنة؛ إذ قال الحوثيون إن القوات الحكومية حاولت التقدم باتجاه جبل هيلان، وإن طائرات التحالف استمرت في التحليق في أجواء العاصمة ومحافظة عمران، ومنطقة نهم شمال شرق صنعاء.
مدير مكتب الرئاسة اليمنية محمد مارم أوضح أن المشاورات التي ستجرى في الكويت، ستركز على خمسة ملفات أساسية تعتبر ركيزة للقرار 2216، وهي: تسليم السلاح، ورفع الميليشيات المسلحة، تكريس الأمن، وعودة المؤسسات إلى سلطة الدولة، وتهيئة الأجواء لعودة ممثلي القوى السياسية لاستكمال عمل التهيئة الوطنية وبرنامج الحكومة للمرحلة الانتقالية، وملف الأسرى والمختطفين.
وقال مارم إن ما يجري من تحضيرات في الكويت للمشاورات اليمنية يهدف إلى الاتفاق على إصلاح المسار السياسي وليس إلى البدء في العمل السياسي. وهي تصريحات تبين حجم الخلافات وعمقها بين الجانبين.
فالحوثيون والرئيس السابق يرون أن القبول بعودة هادي إلى الحكم وتسليم أسلحتهم والمعسكرات والمدن للحكومة المعترف بها دوليا يعد إذعانا لن يقبلوا به، ويقترحون بدلا من ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية مناصفة مع بقية القوى المؤيدة للرئيس الحالي تتولى هذه الحكومة نزع الأسلحة من الفصائل كافة، بما فيها تلك التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية وتأمين المدن ومحاربة الجماعات الإرهابية.
المصدر : وكالات