أخيراً قرر الحوثيون أن ينهوا سيطرتهم العسكرية على مقر الفرقة الأولى مدرع التي ستظل تحمل هذه التسمية لفترة طويلة من الزمن، بعد أن اجترح قائد هذه الفرقة نائب رئيس الجمهورية الحالي الفريق علي محسن الأحمر، عملاً تاريخياً بانحيازه الحاسم لخيار الشعب اليمني في التغيير.
رئيس ما تسمى "اللجنة الثورية العليا" محمد علي الحوثي، وهو "خدام خدام الجرافي"، كما يقال في المثل الشعبي، قرر إحالة موقع الفرقة إلى الجهات المختصة للبدء في تنفيذ إجراءات تحويلها إلى حديقة.
التسمية الرسمية لهذه الحديقة هي "حديقة 21 مارس" التسمية الانقلابية هي " حديقة 21 سبتمبر"، ولست أدري هل ستتحول هذه التسمية إلى موضوع للنقاش في مشاورات الكويت، للنظر ما إذا كانت الفرقة الأولى يمكن أن تتحول إلى الحديقة الأولى.
هناك تسريبات قد لا تخلو من الصحة وهي أن إجراءات تمليك الموقع لـ: عبد الملك الحوثي قد تمت، وأن هذا الأخير فوض شركة إيرانية للقيام بمهمة تأهيل الحديقة.
لست أدري هل سيكون بوسع الشركة الإيرانية المزعومة أن تجد فرصة في صنعاء ما بعد الحوثيين.. هذا الأمر متروك لتطورات الأحداث في المرحلة المقبلة.
ما يهمني هنا هو التنويه إلى أن مجرد إقدام الميلشيا على التخلي عن مقر الفرقة الأولى مدرع، يعد مؤشراً قوياً على قرب التسليم، وأنَّ كل ما قيل عن صفقة مع السعودية، يبدو أنه لا يخلو من الصحة، خصوصاً وأن التوجه القائم يشير إلى أن التوقيع على نتائج مشاورات الكويت سيكون في الرياض وليس في أي مكان آخر.
لا أعرف طبيعة هذه الصفقة، لكنها لن تبقي الحوثيين كما هم الآن، ولن تبقي أطرافاً أخرى كما كانت أيضاً، ولهذا يعرف الحوثيون أن انسحابهم من صنعاء بات مسألة وقت، بل أن معظم تصرفاتهم في الوقت الراهن، تتم وفق مخطط الإحلال في مؤسسات الدولة تحسباً لتسليمها إلى السلطة الشرعية، بعد أن يكونوا قد تأكدوا أن لديهم ما يكفي من الأتباع لتحقيق مصالحهم، ولتمرير مخطط جديد للاستيلاء على الدولة عندما تحين الفرصة.
مقر الفرقة ينبغي أن يبقى شاهداً حياً على الفارق الهائل بين العهد الإمامي البائس وبين العهد الذي صنعته الثورة الشبابية الشعبية السلمية ثورة الحادي عشر من فبراير2011.
ولكي تكون كذلك، ينبغي أن يقام في مقر الفرقة أكبر تجمع إسكاني نموذجي لموظفي الحكومة، وتكون الأولوية للقادمين من خارج العاصمة، الذين عانوا كثيراً من استغلال المؤجرين ومن بشاعة أصحاب الأراضي، ومن مقاولي الأزمات الذين جعلوا من الاستقرار في صنعاء عملية محفوفة المخاطر.. يجب أن يحمل هذا الحي اسم " صنعاء الجديدة" ويكون عبارة عن مساكن ومدارس ومرافق صحية وحدائق عامة ومطاعم ومسارح، ويجب أن تغلق كل المخابئ وأن تدفن مخازن الأسلحة السرية، لكي نعيد الاعتبار لحق اليمنيين في الحياة.