أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

مقابلة جريئة مع ناطق جماعة الحوثي "محمد عبدالسلام" يتحدث فيها عن "قضايا ساخنة" (نص المقابلة)

- الجريدة

على وقع التقدم البطيء لمشاورات السلام اليمنية الصعبة المنعقدة في الكويت، فتحت جماعة الحوثي، أحد طرفي الوفد المشترك مع حزب المؤتمر الشعبي، ملفاتها، وعرض قادتها أمام “الجريدة” وجهة نظرهم عن قرب في مستقبل السلام باليمن، وانعكاسات الأزمة على محيطه الخليجي.

وبينما أكد القيادي البارز رئيس الوفد التفاوضي المشترك، القادم من صنعاء، محمد عبدالسلام، خلال اللقاء، أن المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة تسير بشكل لا بأس به بعد الاتفاق مع وفد حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي على إطلاق نصف المعتقلين لدى الطرفين، سعى عبدالسلام، وهو أيضاً المتحدث الرسمي باسم الجماعة، التي انطلقت عام 1992 من صعدة شمال اليمن، إلى طمأنة دول مجلس التعاون.

وشدد على أن الخطوات، التي اتخذتها جماعته عقب سيطرتها على صنعاء في 21 سبتمبر، باتجاه التقارب مع إيران، جاءت كرد فعل اضطراري على وقف المملكة العربية السعودية رحلات الطيران، وقطع الإمدادات النفطية، لافتاً إلى أنه إذا فتحت المجالات من جديد فستكون العلاقة مع السعودية وسلطنة عمان ذات خصوصية.

ورأى أن علاقة جماعته، التي كانت تسمى بـ”حركة الشباب المؤمن”، عندما أسسها زعيمها الراحل حسين بدر الدين الحوثي، لا تحمل أي خلافات حقيقية مع السعودية، مشيراً إلى أن مناطق نشأتها في شمال اليمن، تتشارك مع سكان جنوب المملكة في العادات والتقاليد.

واتهم وسائل الإعلام الموالية لهادي بتضخيم حجم ارتباط حركته بطهران، لدفع الرياض إلى التدخل لمصلحته، لكنه أكد أن جماعته لن تكون عدواً لإيران، ولن تقبل ما اسماه “محاولات الإذلال”، وفيما يلي نص اللقاء:

بداية، كيف تسير مشاورات الكويت خاصة بعد الاتفاق على إطلاق سراح نصف المعتقلين بينكم وبين الوفد الحكومي؟

– المفاوضات تحركت منذ أيام بشكل لا بأس به، إلا أن الحرب التي دامت نحو سنة وشهرين لابد أن تلقي بظلالها على المباحثات، وتحول دون الوصول إلى حل سريع.

والتوصل إلى الاتفاق بشأن الأسرى والمفقودين يعد خطوة جيدة من حيث المبدأ، فهو موضوع إنساني، ومن المفترض ألا يتعقد، وأن ننتهي منه، فكلا الجانبين لديه اسرى، وتطبيق الاتفاق يعتمد على وسطاء محليين باليمن.

ما تقييمك لجولة المفاوضات الحالية التي تأتي بعد جولتين سابقتين في سويسرا لم يتم خلالهما التوصل إلى اتفاق؟

– الحوار اليمني بالكويت أفضل بكثير من الجولات السابقة لاعتبارات عدة، منها أننا موجودون في دولة مؤثرة، إضافة إلى الخطوات التي مهدت لانطلاقه، مثل تهدئة الحدود بين شمال اليمن والمملكة العربية السعودية، والذي سبق سريان الهدنة الداخلية في 10 أبريل الماضي، وبالطبع القناعة لدى المجتمع الدولي بضرورة إنهاء الحرب اليمنية.

هل تتوقعون أن تطول المشاورات التي انطلقت في 21 أبريل الماضي ولم يحدد سقف زمني لها؟

– لا نتمنى أن تطول، لأنها كلما طالت خف الأمل في توصلها إلى نتيجة ملموسة، وانعكس ذلك سلباً على الأرض.

خلال الأيام الماضية من المباحثات سمعنا عن تعنت متبادل بين طرفي المباحثات، فما الوضع؟

– قدمنا رؤية واضحة لتطبيق خطوات محددة، تنفيذا للقرارات الدولية المستندة إلى المرجعيات المتعارف عليها بشأن اليمن، بينما قدم الوفد الآخر رؤية فضفاضة.

وليس بالضرورة أن نصل إلى اتفاق شامل بمشاورات الكويت لكن الاهم الاتفاق على شكل لـ«سلطة انتقالية».

ورغم جهد التحالف العسكري الضخم فإن الطرف الآخر لا يسيطر على الأرض، وعناصر تنظيم «القاعدة» تحل بعد انصراف التحالف من أي منطقة يدعي السيطرة عليها، فالحقيقة أن الطرف الآخر لا يستطيع تأمين أصغر مدينة باليمن كعدن، وحتى الآن نحن من ندفع رواتب حراس القصر الجمهوري بالمعاشيق في عدن.

إذاً أنتم تعتقدون أن الطرف الآخر هو الميليشيات وأنتم تشكلون الدولة؟

– لا نقول ذلك، بل الدولة التي نتوافق عليها تكون بين طرفين، فغير صحيح أن نقول لهم تعالوا سلموا لنا أو نسلم لكم.

هل الوسيط الأممي في المشاورات إسماعيل ولد الشيخ أحمد غير محايد؟

– من وجهة نظرنا لا نستطيع أن نقول إنه محايد، ولا نقول إنه منحاز، لكن دعني انتهز هذه الفرصة لأقدم الشكر إلى الكويت قيادة وشعباً على ما قدمته وتقدمه من أجل دفع السلام.

تفاهم سعودي

هل هناك قنوات مفتوحة مع السعودية للوصول إلى تفاهمات؟

– نعم، نحن نعلم أن السعودية لديها مخاوف سواء من علاقتنا بإيران أو غيرها من المسائل المبهمة ونحن نتفهم ذلك، وأنا شخصيا التقيت بالسعوديين في مناسبات عدة، لاسيما في مسقط وسويسرا، وكان هناك تفهم من الجانب السعودي بشأن المبالغة في التقارير التي تتحدث عن علاقتنا بإيران، ودورها في اليمن. والطرف السياسي المناوئ لنا في اليمن هو من يحتاج إلى تضخيم تلك التقارير حتى يقصينا ويجر المملكة إلى التدخل لدعمه.

ونؤكد أن علاقة «أنصار الله» مع إيران ليست ذات أجندة لاستهداف السعودية أو أي احد في المنطقة، فنحن نتقاسم ثوابت ثقافية واجتماعية مشتركة بين الشعبين، لاسيما أهل شمال اليمن وجنوب المملكة.

وهنا أود أن أشدد على أن الرياض تفهمت مطالبنا في وقت سابق، لكنها سرعان ما غيرت موقفها، واوقفت تسيير الرحلات الجوية إلى صنعاء، ومنعت الإمدادات النفطية لمحاصرتنا بعد أحداث 21 سبتمبر 2014، الامر الذي دعانا إلى تفعيل بعض الاتفاقيات مع إيران، ومنها اتفاقية ١٩٩٧ بشأن الطيران، وطلبنا النفط من طهران، لكن لو فتحت المجالات فستجد اننا اقرب لدول الجوار وعلاقتنا بالسعودية وسلطنة عمان ذات خصوصية، لكننا أيضا لن نكون عدوا لإيران فهي لها مصالحها واجندتها وهذا الأمر مفروغ منه.

على خلاف التفاهم مع المملكة تبدو العلاقة شبه معدومة مع الطرف الممثل لحكومة هادي في مشاورات الكويت، فهل من الممكن أن تنتهي المباحثات إلى توافق هش؟

– نحن نتقاتل في الميدان، لكن ما السبب لفتح تفاهمات مع المملكة، لأننا وجدنا أن السعودية حريصة على التفاهمات، وليس لدينا مشكلة معها، فالطرف الآخر هو الذي خلق تلك المشكلة عبر تضخيم علاقتنا بإيران، ومن جانبنا ندرك أنه بدون تفاهم مع المملكة لن تتوقف الحرب، فالطرف اليمني الآخر لا يملك القوة لمواصلة الحرب.

قلق خليجي

بموازاة المخاوف السعودية هناك قلق خليجي من التمدد الإيراني، وخصوصاً موقفهم من البحرين وسورية، إضافة إلى مساعدة «أنصار الله»، ألا تعتقد أن هناك مبررا لذلك؟

– يمكن أن يكون مبررا في حالة واحدة، هل قامت دول الخليج والمملكة بالاستماع إلى وجهة نظرنا قبل إقدامها على التدخل في اليمن؟ ثم لماذا لا ينظر إلى مخاوفنا فنحن الذين حوربنا، ونحن اليوم من نطالب بأن ينظر إلى ما حصل من دمار وألا يحصل مرة أخرى؟

ما حدث هو أن دول الخليج رفضت الاستماع لنا عندما طالبنا بالحضور، عبر رسالة حملها أحد الأشقاء، إلى اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون، وجاء الرد برفض الجلوس إلى ميليشيات، ما جعلنا نعتقد أن دول المجلس لا تريد أن تستمع لنا، بل تريد أن تكسر إرادتنا، وكان من الأجدى أن يستمعوا لنا بدلا من أن يستمعوا عنا.

والسيد عبدالملك (الزعيم الحالي لأنصار الله وشقيق مؤسسها) يخرج كل يوم في خطاب يقول فيه إننا نمد أيدينا للمملكة، وقبل أن تتفجر الأزمة، والسؤال: لماذا لا تقوم دول الخليج، وخصوصا السعودية، باحتواء أي جماعات تقوم في المنطقة، فدول الخليج لديها تعددية مذهبية وجماعات وأطياف مختلفة، ونحن من جانبنا نتمنى أن نتمكن من استنساخ تجربة الكويت الرائدة في التعايش.

ألا تعتقد أن استضافة الكويت للمشاورات واستقبال الأمين العام لمجلس التعاون د. عبداللطيف الزياني لكم لدفع عجلة السلام استماع لمخاوف «أنصار الله» من قبل دول الخليج؟

– هذه حجة عليكم لا علينا، هل عندما قالت دول الخليج والمملكة تعالوا للكويت رفضنا، على العكس تقدم الإخوة ذراعاً فتقدمنا متراً نحو الحوار، وعندما التقينا أمير البلاد سمو الشيخ صباح الأحمد، والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، لمسنا وشعرنا بنفس طيب وتفهم، ونحن بدورنا سنبادل ذلك الوفاء وهذا الاهتمام والشعور، لكن عندما لا يحدث شيء من هذا، ولا يستمع إلينا ويؤخذ علينا توجهنا إلى إيران فهذا ليس منصفا.

واضرب هنا مثالا، عندما احتجنا إلى المساعدة في علاج الجرحى جاءت سلطنة عمان وفتحت مجالا، لكننا قلنا: لا نريد علاجا عندكم، نريد علاجا عند إيران، وقالوا تعالوا نعمل لكم دعما انسانيا، قلنا لا نريده نريد من إيران.

لكن علاقتكم بإيران لا تخفى على أحد، فعندما سيطرتم على صنعاء سمعنا أصواتا بطهران تتحدث عن سقوط العاصمة العربية الرابعة، فما تعليقك؟

– الاتهامات بالتبعية لإيران يقف خلفها الإعلام العربي، الذي كرس صورة خاطئة عن «أنصار الله»، بحيث صورها أنها تتبع إيران بشكل مجحف، إلا أننا لا ننكر العلاقة بطهران، وهو أمر طبيعي، وهناك خلفيات لهذه العلاقة، ففي عام 2011 افتتحنا مكتبا سياسيا، وقدمنا رؤية لكيفية إدارة البلد والمشاركة في العملية السياسية.

ومنها بدأنا نلتقي المسؤولين الدوليين، ومنهم خليجيون وعرب واتراك في صنعاء، ومارسنا أنشطتنا بهذا الجانب، وبالتأكيد تواصلنا مع الإيرانيين، لكن علاقتنا تأتي في الأطر المعمول بها مع الجميع، ونحن لا نمثل «أجندة خارجية» لإيران، فهي لديها مشروعها وهذا شيء يخصها، ونحن جزء من الأمة نهتم بقضية فلسطين أو غيرها، لكننا لا نتحمل قضايا غيرنا.

أما بخصوص سقوط العاصمة الرابعة فهذا الكلام لم يصدر عن شخصية رسمية، وهم قالوا إنهم لم يقولوه وهذا جيد، وإن كانوا قالوه فهو مرفوض مرفوض مرفوض، وإن صدر عن خامنئي نفسه.

هل تعتقد أن طهران تقدم هذه المساعدات من أجل مصلحة اليمن أم من أجل مصالحها، الأمر الذي من الممكن أن يبرر للآخرين مخاوفهم من التمدد الإيراني أو إلصاقكم بمشروعها في المنطقة؟

– إيران لديها مصالح ولا تذهب إلى أي مكان إلا وفق مصالحها، وهذا أمر مفروغ منه، ولا توجد دولة ليس لديها مصالح، لكن بحكم قربنا أو بعدنا عن تلك المصالح نريد أن نشير إلى وجود توتر خفي بين السعودية وإيران، ونحن كـ«أنصار الله» يجب أن نطمئن السعودية من هذا الجانب، فالمملكة من أغنى الدول في المنطقة، ونحن لدينا خصوم استقووا بها علينا وأخذوا الأموال والسلاح وصنعوا الإعلام الموجه ضدنا، ثم تحركنا لتنفيذ أجندتنا الخاصة فلم نجد أحدا يمد يده لنا إلا الاخوة في «حزب الله»، فقبلنا دعوتهم إلى فتح قناة تلفزيونية بشكل قانوني ورسمي في لبنان، فضلا عن حالة التجاهل والادعاء بأننا نمثل 1 في المئة من الشعب اليمني.

ونحن نتطلع إلى أن نكون أصحاب قرار في علاقاتنا، خصوصا مع إيران أو غيرها، فجميع دول الخليج لديها علاقات مع جيرانها، ومن ضمنها إيران، إلا أن الطرف الآخر ألصق بنا كذبة التبعية لطهران، حتى وصل الأمر إلى اتهامنا بأن معنا في الكويت غرفة مستشارين إيرانيين.

رفع التهميش

ما هي مطالب «أنصار الله»؟

– مثلنا مثل الكثير ممن تعرضوا للإقصاء من النظام، الذي لم يقدم شيئا لليمن وشعبه في فترة تولي علي عبدالله صالح الرئاسة، فنحن نطالب برفع الظلم، فاليمن وللأسف في وضع اقتصادي وتعليمي متأخر، حتى على صعيد الممارسة الديمقراطية نحن نعاني، ففي مرحلة كان أبناء المذهب الزيدي يجدون حرية أكبر في منطقة نجران السعودية لا يجدونها في صنعاء إلى أن جاءت الحرب على الإرهاب والتي استفاد منها النظام السابق لتصفية خصومه.

وكغيرنا من اليمنيين نريد حياة كريمة، وأن نستفيد من مواردنا الطبيعية والبشرية، وأن تكون هناك شراكة في السلطة، فنحن نملك أن نقدم صورة شاملة للدولة، ومن حق غيرنا أن يقدم رؤيته لكي نلتقي عند نقطة تفاهم.

عانينا كثيرا في مناطقنا من التهميش، فلا ماء ولا كهرباء، ومنهاج التعليم الذي يفرض علينا يكفرنا ويقصينا، وهذا أمر غير مقبول، فالنظام السابق لم يبن دولة، بل قام بتغذية العنصرية والقبلية والمناطقية، ما جعل اليمن مفككا، وللأسف أصبح يحكم من سفارات أجنبية خارجية، وهو أمر معروف لدى الجميع.

ومن الضروري أن أشير هنا إلى أن الوضع اليمني به قضيتان رئيسيتان، الأولى جنوب البلاد وصعدة، وتم طرحها على طاولة الحوار الوطني، برعاية الأمم المتحدة، حيث اتفق على حل المسألة الجنوبية من خلال تقسيم البلاد إلى أقاليم إدارية، أو من خلال الدولة الموحدة، والثانية شكل الدستور، الذي مر بمسار منحرف، كان من الممكن أن يعيدنا إلى حالة الاستبداد بقيادة الحكومة الحالية، التي كان الاتفاق على توليها السلطة سنتين، وتم التجديد لها سنة.

وقبل أن تنتهي ولاية هادي بعشرة أيام أعلن استقالته، تاركا المجال أمام انهيار أجهزة الدولة، وهنا تحركت «أنصار الله» لإنقاذ الموقف، ولاحقا تعرضت للاتهام بالقفز على السلطة، لذلك هناك أزمة معقدة، فليس هناك دستور حاليا، وليس هناك شكل للدولة.

خريطة طريق

كيف ترى المخرج أو «خريطة الطريق» التي يتفق عليها الجميع باليمن؟

– الوضع في اليمن أصبح معقداً فـ«أنصار الله» تقاتل، وإلى جوارها خليط شعبي من جميع الأطياف، يضم سلفيين وصوفيين واشتراكيين وغيرهم، فعلى سبيل المثال مفتي تعز الشيخ سهل بن عقيل شافعي، ويقف إلى جوارنا ضد حرب خارجية فرضت علينا رغم اختلافه معنا فيما نفكر.

واليوم من المجحف أن يصور الوضع على أننا نحن كل المشكلة، لأن هناك حالة ثورية حتى وإن كنا الممثل الأكبر لها، ورغم ذلك تحول الأمر إلى مواجهة بين طرفين، وليس صحيحا أن نقول للطرف الآخر تعال تحت حكم «اللجنة الثورية»، ولا صحيح أن نقبل بعودته لاستلام كل شيء، بل يجب أن نتوافق على سلطة انتقالية، وأن يبقى الرئيس فيها توافقيا، لا ينحاز لطرف على حساب آخر، في ظل عدم الانتهاء من الدستور أو شكل الدولة.

وما هو شكل الدولة المطلوب؟

– نعتقد ان الدولة يجب ألا تقسم، فالاتفاق على تقسيم البلاد إلى أقاليم كان منحازا، ولم يراع إيجاد تنوع جغرافي أو توزيع عادل للثروات، ويجب أن نتفق على جزئيتين مهمتين، هما التوصل إلى توافق سياسي، وتشكيل حكومة وطنية، ثم بعد ذلك الدخول في مناقشة مهام الحكومة.

عودة صالح

كيف تفسر علاقتكم بالرئيس السابق علي صالح، خاصة أنه كان أحد أهم أسباب الأزمة التي تعصف بالبلاد حاليا، وبحزب «المؤتمر» بعد أن أطاح هادي منه؟

– يجب التفرقة بين مسألتين، فالمبادرة الخليجية جاءت لإعطاء صالح الحصانة، لكنها كرست حالة الإقصاء بعد تقاسم السلطة بين «ثورة شعبية» ونظام قديم، وعندما اتت الحرب علينا استفاد «المؤتمر»، الذي يتزعمه صالح، من الوضع، لكن لا نتحمل نحن المسؤولية عما جرى.

و«المؤتمر» كحزب معروف وقف ضد الحرب، فهل يعقل أن نرفض موقفه، ومن الطبيعي أن نتحالف فالأمر مقبول في عالم السياسة. من جهة أخرى، يجب أن يحل «المؤتمر» مشاكله بنفسه، فهو حزب شعبي له تواجد في مناطقنا.

هل تقبلون عودة صالح إلى السلطة؟

– عارضنا المبادرة الخليجية، التي جاءت لتحدث نظام محاصصة، والتي على أثرها تقاسم صالح ونائبه آنذاك هادي السلطة تحت شعار «الحكومة التوافقية»، الأمر الذي كرس حالة من الإقصاء، إلى أن أتت «ثورة ٢١ سبتمبر» التي قادتها «أنصار الله».

وعلى أي حال صالح له حساباته الخاصة هو وحزبه، والمبادرة الخليجية أعطته حصانة من الملاحقة القضائية، غير أن موقفه الرافض للحرب علينا جعله مستهدفا، ومن الطبيعي أن نضع يدنا في يده دون الرجوع إلى ما تسبب فيه بالماضي.

وخلافاتنا مع صالح و«المؤتمر» قائمة من تراكمات الماضي، وهناك تبيان في مختلف القضايا، ولكن أمام «العدوان» الذي يتعرض له اليمن نوحد الجهود مع أي طرف يمني رافض له، وعلى «المبادرة الخليجية» أن تتحمل مسؤوليتها بعدما آلت إليه الأمور.

هل هناك رفض من «أنصار الله» لعودة صالح؟

– نحن على قناعة بأنه لن يعود إلى الحكم لأسباب صحية وشعبية، والوضع القائم يختلف والمعطيات تختلف، وهو شخصيا يعلن أنه لن يعود، وهذا أمر طبيعي ونحن مع الثوابت.

تتحدث التقارير عن ان صالح هو صاحب القوة على الأرض، عبر قوات الجيش التي مازالت موالية له، فهل هذا صحيح؟

– هذا الأمر غير صحيح مطلقا، فعندما وصل هادي إلى السلطة قام باستقطاب العديد من قيادات الجيش، وإعادة هيكلة الألوية، ما أدى إلى تلاشي قوة المؤسسة العسكرية وتراجعها، ومن خلق هذا الاعتقاد وسائل الإعلام، ومن يقاتل الآن جميع أطياف الشعب من اتفقنا معهم في السابق ومن نختلف معهم.

خلاف «القاعدة»

أصدرتم بياناً أدنتم فيه حملة التحالف التي يشنها حالياً على عناصر تنظيم «القاعدة» بجنوب اليمن، بالتزامن مع انطلاق مشاورات الكويت، فما مسؤولية «أنصار الله» في مكافحة التنظيم المتطرف بعد عام من استغلاله انفلات الأمر؟

– إذا عدنا إلى الأسباب التي أدت إلى انفلات الأمر، وتمدد «القاعدة»، فسنجد أن الطرف الآخر هو المسؤول، ولا اعتقد أن هناك من يختلف على أن «أنصار الله» تقاتل التنظيم المتطرف، لكن المشكلة تكمن في أن التحالف يستخدم «القاعدة» كورقة ضغط، بحيث يطردها من مكان لتقاتلنا نحن في مكان آخر، كما هو الحال بعد خروجها طواعية من المكلا باتجاه البيضاء.

ونحن قاتلنا «القاعدة» في العديد من الأماكن، واستطعنا طرده من 5 محافظات خلال شهر، في حين تركت مدينة المكلا بمطارها الجوي والميناء البحري لتسقط بيد التنظيم في 24 ساعة، ثم تم إعلان استعادتها من قبل القوات السعودية والإماراتية في 24 ساعة، ما يطرح العديد من التساؤلات بشأن علاقة التحالف بالتنظيم، فعلى مدار العام الماضي، الذي شهد سيطرة «القاعدة» على الميناء البحري، نشطت الحركة التجارية للسفن، فيما يشدد التحالف قبضته ويمنع وصول الإمدادات إلى ميناء الحديدة الخاضع لنا. وليس من العدل أن تتحمل «أنصار الله» كل المسؤولية.

إذاً كيف لا يمكنكم التوافق على الحد الأدنى من قتال «القاعدة» لنزع الفتيل الطائفي؟

– نحن نقاتل «القاعدة» فيما عناصر التنظيم المتطرف تقاتل إلى جانب قوات التحالف، والجميع يعلم أن عناصر «القاعدة» خرجت في تسجيل مصور تعلن وقوفها في صف التحالف في مواجهة «الحوثي الرافضي» كما يطلقون علينا، ونحن نقول إن استعادة المكلا ليست حقيقية، فهل من المعقول أن تسترد في ٢٤ ساعة، ونحن نقاتل تلك الجماعات قرابة السنة والنصف؟

هل يمكن أن تقبلوا قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في اليمن؟

– اليمن ليس بحاجة إلى مثل هذه القوات، فالأمم المتحدة عندما سألت الأعضاء عن رغبتهم في إرسال قوات لم تجد من يريد المشاركة، فضلا عن وجود مخاطر بتعرض تلك القوات، في حال ارسلت، لاعتداءات من قبل «القاعدة».

والمطلوب حالياً أن تعلن أجهزة الدولة، بعد الاتفاق على شكلها بصورة واضحة وصريحة، محاربة «القاعدة» و«داعش»، بعيدا عن المزايدات السياسية.

تناقض أخلاقي

ألا ترون أن موقفكم من نظام الرئيس السوري بشار الأسد يحمل تناقضاً أخلاقياً؟ وهل لهذا الموقف بعد طائفي؟

– فيما يخص موضوع سورية أو حتى مصر نحن نقدم الشاهد لنا وليس علينا في هذه المسألة، حيث إن الحرب التي جاءت علينا لم تكن لمواجهة انقلاب على الشرعية، كما تم التسويق له، فبشار نختلف أو نتفق معه كان على رأس نظام قائم ومستقل، وحصلت ثورة فما المعطيات الموجودة في سورية وتختلف عنا؟

نجد مثلا أن وسائل الإعلام التي تتحدث عن مشاورات السلام السورية واليمن تعتمد معايير مزدوجة في التعامل، فمن جهة ترحب بمطالب الوفد السوري القادم من الرياض، وهي نفس مطالبنا نحن بوقف القصف والعمليات العسكرية قبل الحوار، لكنها تعتبر مطالبنا تعنتاً وتعطيلاً، فيما وفد الأسد يطالب بنفس مطالب المخلافي.

وبالتأكيد لا نعتبر أن وضع بشار يشكل حالة صحية، فهناك مظالم وفساد وثورة شعبية، لذلك يجب أن نوحد المعايير على كل المنطقة، والأمر تكرر في مصر حين حصلت ثورة، وشكلت حكومة منتخبة وحصل ما حصل، لذلك نحن لا نريد أن يتعامل معنا في اليمن باستثناء عن بقية الثورات.

وموقفنا نحن في علاقاتنا الدولية يأتي في إطار مفاهيمنا للبعد الانساني والديني والاخلاقي، بدءا من دعم الحركات المقاومة ضد الصهاينة، ونحن بالتأكيد لا نرى أي مصلحة أن يدخل أي بعد طائفي في أي صراع موجود، لقناعتنا بأن هذا البعد سيدمر مقومات الأمة، فيجب أن نختلف أو نتفق لكن بحضارة.

ونأمل أن نكون علاقات طيبة في منطقتنا العربية، فنحن في اليمن لم نغلق الباب أمام أي علاقات جيدة مع دول الجوار، ولم نذهب إلى فتح علاقات أخرى.

وكل ما يدور حول تبعيتنا غير صحيح، فنحن ننتقد سياسات إيران في العلن وفي الغرف المغلقة، ونتحدث معهم بشكل جاد وصحيح، ونرفض أن يجعل أي تحرك لنا محسوبا على طهران، لمجرد أننا ننتمي إلى الطائفة الزيدية، وهو أمر مستفز بالنسبة لنا، كذلك نرفض أن يحسب تأييدنا لأي «حركة مقاومة» على أنه امتداد لأحد.

ونستشهد بموقفنا من غزو صدام حسين للكويت، حينما وقفنا رافضين لهذا العدوان، وحينها خرجنا في مظاهرات في الشوارع، وقلنا صدام بنى لكم سجنا في اليمن في حين أن الكويت بنت عشرات المدارس والمستشفيات.

إزاحة بحاح

هل كان بالإمكان أن تقبلوا خالد بحاح رئيساً توافقياً إذا استمر في منصبه نائباً لرئيس الجمهورية؟

– بحاح قدم وفق اتفاق «السلم والشراكة»، وعزله جاء كخطوة لإلغاء الأفق السياسي بتعيين علي محسن الأحمر «تاجر الحرب» بدلا منه، وإذا نظرت إلى خطوة هادي فستجد أنه ذهب لإزاحة بحاح لإغلاق الباب أمام التوافق عليه كرئيس انتقالي، فهو يعمل على البقاء بالسلطة إلى الأبد، والكل يعلم محاولته لإعداد نجله لخلافته، لكننا لم نكن لنقبل بحاح بعد أن ظهر موقفه بشكل واضح وصريح ضد «أنصار الله» وأصبح طرفا في الصراع.

سمِّ لنا شخصيات يمكن أن تتوافقوا عليها لمرحلة انتقالية؟

– هناك العديد من الأسماء، وإذا تم الاتفاق على المبدأ فستطرح الأسماء والشخصيات للنقاش.

في حال، لا قدر الله، لم تتوصل المشاورات إلى اتفاق واضح، هل تعتقدون أن بإمكانكم بسط السيطرة على كل الأرض اليمنية؟

– لا نقول ذلك، بل المشاورات ستتواصل من أجل الوصول إلى حل سلمي ينهي الأزمة، في ظل تكون قناعة لدى المجتمع الدولي بضرورة إنهاء الصراع في اليمن، فنحن دعاة حق ولسنا دعاة ثأر.

Total time: 0.0439