أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

كل نكسة وانتم بخير

- ابراهيم ابوعلي - عمّان

مرّت ستة واربعون نكسة متتالية, منذ ذلك اليوم الحار من حزيران 67 والذي أذكره جيدا وكأنه اليوم ,حيث كنا نستمع الى اذاعة صوت العرب من القاهرة وكنا منهمكين في عدّ طيارات العدوّ التي تم اسقاطها بصوت احمد سعيد, والذي تبيّن فيما بعد انه كان مدسوسا,اذكر بالضبط انه كان مساء يوم خميس عندما جاء احد معارف الوالد رحمه الله وأخذه على حده ووشوشه شيئا لم اعلمه الا  فيما بعد.

وبعد دقائق من تلك "المخلوية"انقلبت الدنيا على رؤوسنا حيث بدأ تجهيز الدواب وتم وضع بعض الفرشات والاغراض عليها واتجهنا شرقا وكان من حصتي وانا ابن العشر سنوات ان احمل بارودة انجليزية"ام اصبع" -حيث تمّ سحبها بعد ايام والتي كانت سببا فيما بعد لسجن الوالد رحمه الله واخي الاكبر ايضا-وقد كانت فارغة حيث كنت العب بها طول الطريق التي لم تزد عن الخمسة كيلومترات من بيتنا, تبين لنا فيما بعد ان ذلك الرجل نذير السوء ,كان في احد السجون وقد تم اطلاق سراحه لانه لم يبق عسكر يحرسونهم فتم فتح ابواب السجون كي يهربوا-مصائب قوم عند قوم فوائد-مكثنا في "الكهف" خارج البلدة بضعة ايام حيث تم استطلاع الامر من الذين بقوا في البلدة وكان جدّي رحمه الله لم يغادر المنزل وبقي حارسا حيث اخبرنا انهم دخلوا البلدة وعندما لم يجدوا اية مقاومة اطلقوا عدة صليات في الهواء واستمروا شمالا, وعندما رجعنا الى البيت كان اول عمل قمت به هو كسر البرواز الذي يحمل صورة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر,لأنه خيّب امالنا,هكذا كان تفكيري وانا ابن العشر سنوات ,وهذا لم يمنعني من البكاء عليه بحرارة يوم وفاته بعد عامين من الهزيمة ,فلم اكن استطيع ان افهم
اية تبريرات عدا انها  الهزيمة والتي اصبحت نكسة حيث ان العربان يجيدون السجع فالأولى كانت نكبة والثانية يجب ان تكون على نفس الوزن فاصطلحوا لها نكسة,وكان من الممكن ان تصبح"نكته" اونكشه "

حيث خسرنا في تلك النكشه بقية فلسطين والجولان وجزء من جنوب لبنان وسيناء وبعض الجزر السعودية " ولم يكن كل هذا كافيا للاعتراف بأنها هزيمة "ومنذ ستة واربعون نكسة وانا لم استطع ان افهم لماذا دخلوا في حرب ليسوا "قدّها" وكيف يجرّهم الاعداء الى المكان والزمان الذي يريدونه؟

Total time: 0.0663