في هذه المدينة يولد الناس لينتظروا الموت.. وينتظروا الموت لينالوا به صك حريتهم..
منشغلين على الدوام لمجرد الانشغال..
في بساتينهم يزرعون الحبق والورود وعقود الفل والياسمين ليس لأنهم يحبون الرومانسية ولكن ليكللوا بها رفات موتاهم ويزينوا بها قبورهم ..
لا أحد يعنيه من الأمل خلا أمل الموت ..
شياطين مدينتنا في حالة بطالة منذ قرون طويلة
منهم من نفق ومنهم من ينتظر،
ولأنهم - أي الشياطين - يعرفون جيداً أنه لكي تكون ثائراً متمرداً وشريراً فعليك أن تشتهي وبدون توفر عنصر الاشتهاء تستحيل الغواية وتستحيل الثورة كما يبطل التمرد..
الأموات فقط من لا يشتهون وذلك ماتدركه الشياطين ،
وأهل هذه المدينة أموات ولذلك رأت شياطينها ألّا جدوى من تحريض الأموات
وألا مناص من انتظار الموت خصوصاً بعد أن تعطل عنصر الاشتهاء لديها
فعقدت القدرة على الإغواء وصار الموت خلاصهم الوحيد
شأنهم شأن أهل المدينة.. وربما أيقنت تلك الشياطين أن السبب الذي منع إبليس من
السجود لآدم في الجنة أنه كان يعرف دوناً عن سواه وبطريقة خارقة للعادة أنه سيكون
من نسل آدم أُناسٌ مثل أهل هذه المدينة ( مدينتنا )..