تحول شارع الزبيري، الذي يعد من أكثر الشوارع الرئيسة في العاصمة اليمنية صنعاء، اكتظاظاً بمظاهر الحركة والحياة العامة إلى منطقة مغلقة على مجاميع العسكر والبلاطجة وناقلات الجند والعربات المصفحة ومظاهر التحفز المسلح والتأهب في صفوف القوات الحكومية لمواجهة أفواج محتملة من المتظاهرين الوافدين من ساحة التغيير المقابلة .
وبات ذات الشارع الرئيس الحيوي الذي يتوسط صنعاء أشبه ب “طريق الموت”، بعد أن تضرجت أرضية الأسفلت الساخن بدماء العديد من المتظاهرين والعسكر وحتى المارة الذين كان من بينهم شيخ مسن تجاوز الستين من العمر قضى متأثراً برصاصة قناص باغتته وهو يحاول اجتياز مفرق جولة “كنتاكي” بمساعدة ابنته البالغة من العمر 20 عاماً .
وعبرت منى محمد الخيشني، ابنة المسن المغدور ل “الخليج” عن طبيعة المشاعر التي اجتاحتها لحظة فقدها والدها المسن بالقول: “كنت أنظر باتجاه أحد ضباط الأمن المركزي الذي أشار إلي بيده كي نعبر أنا وأبي الشارع، ولم نكد نتحرك خطوات حتى فوجئت بسقوط والدي حيث اعتقدت أنه أغمي عليه من حرارة الشمس أو هبوط مفاجئ، لكنني رأيت ثقباً في رأسه والدماء تتدفق بشدة منه” .
وتضيف وهي باكية: “حاولت أن أبكي، أن أصرخ، لكنني لم أستطع، لأنني كنت ومازلت في حالة صدمة، حتى الضابط الذي صرح لنا بالمرور اختفى مثل القناص الذي قتل والدي، ولم يبق معي سوى دم أبي وجثته الهامدة” .
وقد تحولت العاصمة صنعاء إلى ساحة حرب غير معلنة تتحرك في أطرافها على استحياء مساع محلية وإقليمية ودولية لفرض التهدئة وإقناع الأطراف المتحكمة إلى خيار التصعيد المسلح باستبعاد اللجوء إلى الحرب لتسوية الحسابات المؤجلة . ودفعت الأحداث الدامية التي شهدتها صنعاء خلال الساعات الماضية، وأسفرت عن مصرع وإصابة المئات من المعتصمين بساحة التغيير بصنعاء بنيران القوات الحكومية المعززة بمجاميع مدنية مسلحة وما رافقها من تصاعد غير مسبوق لوتيرة الاشتباكات المسلحة والمتعاقبة بين القوات الموالية للنظام من جهة والقوات المنشقة والمجاميع القبلية الموالية لزعيم قبيلة حاشد الشيخ صادق الأحمر، دفعت العديد من سكان أحياء الحصبة والنهضة ومنطقة الجراف إلى النزوح القسري عن منازلهم .