اخبار الساعة - وكالات
أعلنت عمان خلال الأشهر الأخيرة فتح خط ملاحي مباشر بين ميناء صحار الذي يبعد 220 كلم شمال العاصمة مسقط وميناء شهيد رجائي الايراني قرب بندر عباس على شواطئ كضيق هرمز.
كما اعلنت اطلاق خدمة بحرية جديدة لنقل المسافرين بين ميناء السلطان قابوس في مسقط وميناء جابهار الايراني.
وتبين هذه المشاريع المعلنة كيف يتآمر هبوط عائدات النفط ورفع العقوبات الدولية ضد ايران وشعور السلطان قابوس بالامتنان وتغريده خارج السرب الخليجي لتعزيز العلاقات الثنائية بين عمان وايران، وربما التمهيد لاصطفافات جديدة ذات دلالات اقليمية بل وجيوسياسية أعمق أثرا، كما يرى مراقبون.
وتفتخر عمان بما يعتقد قادتها انها سياسة خارجية مستقلة ومتوازنة كانت احياناً تخرج عن اجماع شريكاتها في مجلس التعاون الخليجي.
ولكن لهذا النهج تاريخاً يعود الى استيلاء السلطان قابوس على مقاليد الحكم في عام 1970 وارسال 4000 جندي ايراني لقمع المعارضة الداخلية والحركة المسلحة في جبال ظفار.
ولم ينس السلطان قابوس قط هذه المعونة التي قُدمت له في ساعة الضيق وهي تساعد في فهم السبب وراء بقاء عمان وايران بلدين متحالفين رغم العقوبات الدولية الشديدة التي فُرضت على ايران. بل ان السلطان قابوس قام بدور حاسم من خلال استضافته المفاوضات السرية بين الولايات المتحدة وايران التي اسفرت في نهاية المطاف عن الاتفاق النووي ورفع العقوبات ضد ايران.
وكما لاحظ سفير ايران في عمان علي اكبر سيبويه فان "ايران سترد جميل السلطنة لبقائها حليفة في السراء والضراء بزيادة الاستثمار في البلد".
هذا التاريخ وضع السلطان قابوس في موقف اتاح له عقد صفقات مع ايران تأمل الحكومة العمانية بأن تساعده على التعويض عن الخسائر التي تسبب بها هبوط اسعار النفط بنسبة 70 في المئة خلال العامين الأخيرين.
ولكن محللين يحذرون من ان تغيير التحالفات سيؤدي الى مزيد من التوتر في سياسة مجلس التعاون الخليجي ويثير غضب المملكة العربية السعودية التي تخوض صراعاً ضد النفوذ الايراني في عموم المنطقة، كما اشارت مجلة وورلد افيرز، لا سيما وان الخبرة تؤكد ان تنامي الوجود الايراني في الجزيرة العربية ليس من شأنه إلا زيادة انعدام الاستقرار والقلاقل.
ويُرجح ان تتبدى جوانب من التحالفات الجديدة في بلدان آسيا الوسطى التي ليس لها منافذ بحرية حيث تسعى ايران الى ايجاد مستثمرين وشركاء تجاريين جدد لتعزيز فرصها وتوسيع علاقاتها التجارية.
وخلال زيارة الى عشق آباد عاصمة تركمنستان في آذار/مارس 2015، نوه الرئيس الايراني حسن روحاني بعلاقة ايران المزدهرة مع عمان مؤكدا رغبته في "تفعيل ممر اقتصادي من الجنوب الى الشمال" يبدأ من عمان. وبالاضافة الى تقوية العلاقات مع بلدان آسيا الوسطى تأمل عمان بأن يصبح الممر التجاري نقطة عبور حيوية لبيع البضائع الايرانية.
وفي حين ان هذا سيعزز دور عمان التجاري فانه سيضعها في موقع التنافس مع دولة اخرى عضو في مجلس التعاون الخليجي هي الامارات، ثاني اكبر شريك تجاري لايران، على حد وصف مجلة وورلد جورنال.
واعقب زيارة روحاني الى تركمانستان اصدار البرلمان اربعة قوانين في كانون الثاني/يناير 2016 تدعم تطوير الطريق التجاري.
في حقبة الأسعار النفطية المنخفظة والمجاهيل الاقتصادية، تبدو عمان مستعدة لاحتضان وجود ايران الاقتصادي المتعاظم بدعوى تنويع اقتصادها ودفع عجلة النمو. ولاستثمار الامكانات التجارية التي تتطلع اليها عمان تراهن السلطنة على اقتصادها البحري وتطوير البنية التحتية لموانئها من صلالة الى الدقم وصحار.
وبحسب التقديرات الأخيرة فان من المتوقع ان يصل حجم التبادل التجاري بين عمان وايران نحو مليار دولار مع توسيعه الى 3 مليارات دولار سنوياً خلال الأعوام المقبلة.
كما يبدو ان ايران وعمان ماضيتان قدماً بمد انبوب لنقل الغاز تحت مياه البحر بطول 200 كلم من كوهي مبارك في ايران الى ميناء صحار العماني وهو مشروع يعود الى عام 2009 ويُقدر ان يحقق عائدات تصل الى 60 مليار دولار سنويا خلال 25 عاماً من تشغيله.
ويرى محللون ان موقع عمان يتيح لها توسيع علاقاتها التجارية في عموم المنطقة بما يساعد على تخفيف حدة الاحتقانات الداخلية سواء أكانت ما يتعلق بالتوريث أو التنمية الاقتصادية.
وتراهن السلطنة على تحقيق انتعاش اقتصادي لتحقيق بعض الاستقرار في جنوب غرب الجزيرة العربية وسط قوس من انعدام الاستقرار.
ولكن السؤال هو ما إذا كان تعميق العلاقات الثنائية مع ايران يسهم في استقرار المنطقة أو زعزعته.