احراق مسجد
طوبا الزنغرية جريمة لا تغتفر
شاكر فريد حسن
اقدمت ايد آثمة وظلامية من
المستوطنين اليمينيين المتطرفين ، هذا الاسبوع، على اقتراف جريمة عنصرية جديدة تحت
جنح الظلام ، وذلك باضرام النيران بمسجد النور في قرية طوبا الزنغرية الجليلية ،
وكتابة شعارات عنصرية وفاشية معادية للعرب..!
وهذا الاعتداء السافر الجبان
على هذا المسجد،هو بلا شك عمل اجرامي كبير بكل معنى الكلمة . انه اعتداء على جميع
العرب الفلسطينيين، ومؤشر خطير له انعكاساته وابعاده السلبية وآثاره الضارة على
مستقبل التعايش المشترك والعلاقات العربية اليهودية.
ومن الواضح ان هذا العمل
الاجرامي الشنيع ليس عملاً وفعلاً فردياً ، وانما هو افراز مباشر للسياسة العنصرية
والاضطهادية والقمعية المنتهجة ضد جماهيرنا العربية الفلسطينية الباقية في ارضها
ووطنها ، ونتيجة للمناخ السياسي والاجتماعي الموبوء في هذه البلاد ، وقامت به
عناصر المتطرفين اليمينيين تحت تأثير التحريض اليومي لحكومة نتنياهو اليمينية.
وفي الحقيقة والواقع ان عملية
احراق مسجد طوبا ليست الاولى التي تستهدف فلسطينيي الداخل ، فقد سبقها اعتداءات
عنصرية كثيرة طالت الاماكن والمقدسات الاسلامية والمسيحية . فقد سبق واحرق المسجد
الاقصى وكنيسة البشارة في الناصرة واعتدي
على جامع البحر في طبريا، وجامع ابطن، ومساجد يافا الحزينة ، مسجد البحر ومسجد حسن
بك ، مثلاً وغيرهما .
اما في المناطق الفلسطينية
الواقعة تحت الاحتلال فقد تعرض للحرق قبل فترة وجيزة مسجد قرية المغير قرب رام
اللـه ، ومسجد بيت فجار جنوب الخليل ، ومسجد اللبن الشرقية قرب نابلس ، ومسجد قرية
ياسوف، ومسجد حوارة وسواها الكثير من المساجد ودور العبادة.
كذلك فقد قامت المؤسسة
الاسرائيلية الحاكمة بهدم عشرات المساجد في البلاد وحولت العديد منها الى متاحف
وبارات ومقاهي واماكن لممارسة اللهو والفجور ، مثل مسجد قيساريا ومسجد صفد وغير
ذلك.
ولا ريب ان لهيب السنة النار
التي اندلعت بمسجد طوبا واتت على المصاحف فيه ستطال مستقبلاً مساجد اخرى اذا استمر
تساهل وتسامح الحكومة الاسرائيلية مع منفذي هذه الاعتداءات ، من خفافيش الظلام
وغلاة المتطرفين المتشددين .
ان الاعتداءات على المساجد
وتدنيسها وحرقها يتنافى مع الشرائع السماوية والقوانين الدولية الكفيلة بحرية
العبادة ، وتنص على ضرورة الحفاظ على دور
العبادة والاماكن المقدسة وعدم المساس بها . ولهذا فان الحكومة الاسرائيلية تتحمل
المسؤولية المباشرة عن هذا الاعتداء على مسجد النور في طوبا الزنغرية وجميع
الاعتداءات العنصرية على المساجد والاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية.
من نافلة القول في النهاية ، ان
الاعتداء على مسجد طوبا هو وصمة عار في جبين السياسة الحكومية ، وعمل عنصري
استفزازي تقف وراءه عناصر اليمين المتطرف ، ويعتبراً مساً خطيراً لا يمكن المرور
عليه مر الكرام ، وهو بمثابة ناقوس خطر ينذر بمستقبل حالك ومظلم لشعبي هذه البلاد
. ومن واجب العالم الحر والمتمدن استكار هذا العمل الاجرامي وادانته ، ويجب وضع
اليد على المجرمين وتقديمهم للمحاكمة ، هم ومن يقف وراءهم . وعلى المسؤولين
الاسرائيليين القيام بفعل سياسي وخطوة سياسية حقيقية لوقف هذا التدهور والانفلات
العنصري ضد جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل ، والعمل على تغيير السياسة الرسمية
، سياسة القمع والاحتلال والاستيطان ، التي تغذي سوائب المستوطنين وتعمق مظاهر
العداء والكراهية والعنصرية ، بسياسة السلام العادل والشامل والثابت ، سلام الشعوب
بحق الشعوب، المبنية والقائمة على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية المشروعة ، وفي
مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته الحرة المستقلة . وشلت الايدي
الآثمة التي احرقت مسجد طوبا الزنغرية.