أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

وثائق لم تُنشر عن أسرار التجسس السوفياتي.. هكذا اخترق “كي جي بي” إسرائيل

كشف كاتب التحقيقات الأمنية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية رونين بيرغمان النقاب عن حصوله على مجموعة من الوثائق الروسية التي تُؤكد تجنيد عدد من قادة الجيش الإسرائيلي وأعضاء الكنيست لمصلحة الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي).

 

 

 

وقال الكاتب الاسرائيلي إنه من بين المُجنّدين لمصلحة الروس أحد أعضاء هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، فضلاً عن خبراء ومُهندسين كانوا يعملون في مشاريع سرّية. ومن المتوقّع أن يُثير نشر هذا التحقيق كاملاً في ملحق الصحيفة الأسبوعي يوم الجمعة ضجة كبيرة في الحلبة الإسرائيلية.

 

 

 

وأشار تحقيق بيرغمان، الذي سبق أن نشر كتباً عدة فضلاً عن مئات المقالات في الصحف الإسرائيلية والعالمية حول الاستخبارات الإسرائيلية، إلى أن ثلاثة من أعضاء الكنيست وقائداً عسكرياً عضواً في هيئة الأركان كانوا عُملاء للسوفيات. ويعرض التحقيق لواقع أن هؤلاء ليسوا عملاء من المرحلة الأولى لقيام «الدولة العبرية»، حينما كان الكثير من أعضاء الأحزاب اليسارية الإسرائيلية يُدينون بالولاء لموسكو، وإنما في مراحل لاحقة. ويوضح التحقيق أن الأمر يتعلّق بمشاريع لم يبدأ العمل فيها إلا في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات مثل مشروع إنتاج طائرة “لافي” وخط إنتاج دبابة “ميركافا”.

 

 

 

ويكتب بيرغمان في ملخص لتحقيقه، الذي سيُنشر الجمعة، أن بين عملاء الروس كان أيضاً ضباطاً كباراً في الاستخبارات الإسرائيلية. ويوضح الملخّص أن الصحيفة ستعمد الى نشر الأسماء بعد تدقيقها. والمهم أن الوثائق التي تستند إليها “يديعوت” في تحقيقها، هي جزء من نسخة عن وثائق سرية لجهاز الـ “كي جي بي” السوفياتي، عمل على نسخها على مدى عشرين عاماً شخص يدعى فاسيل ميتروكين، وهو عميل “كي جي بي” سابق، أصبح مسؤولاً كبيراً في أرشيف الجهاز.

 

 

 

وحسب الصحيفة، فإن ميرتوكين اطلع على التطهيرات الكبيرة التي قامت بها السلطة السوفياتية، فقرّر العمل عليها.

 

 

 

وروى قبل وفاته قائلاً: “ما كنت أُصدّق أن هناك شراً كهذا”. وفي ظلّ تعريض حياته للخطر، كان ميتروكين يدفن الوثائق في أواني الحليب في قبو بيته الصيفي في أطراف موسكو. وفق ترجمة المتخص بالشأن الاسرائيلي حلمي موسى.

 

 

 

وتقول “يديعوت” إن ميتروكين أجرى في بداية التسعينيات اتصالاً مع الغرب، وفي حملة سريّة، طار هو وعائلته مع أواني الحليب المُحمّلة بالأسرار إلى بريطانيا. وأحدثت الوثائق، التي جلبها هزّة أرضية استخبارية في دول عديدة. فقد أُلقي القبض على جواسيس في انكلترا، وفرنسا، وألمانيا، والولايات المتحدة وغيرها، وتلقّت الاستخبارات الروسية إحدى الضربات الأقسى في تاريخها.

 

 

 

والتقديرات هي أن الوثائق في أواني الحليب كشفت حتى الآن نحو ألف عميل في أرجاء العالم. ففي الأيام قبل “ويكيليكس” وادوارد سنودن، كان تسريب ميتروكين أحد أكبر التسريبات في تاريخ الاستخبارات العالمية. كما تتضمّن الوثائق مادة كثيرة عن الأعمال المتفرّعة للـ “كي جي بي” في اسرائيل، ولكن معظمها لم يخرج إلى النور حتى هذا الأسبوع.

 

 

 

وحصلت “يديعوت احرونوت” على فرصة للاطلاع على الوثائق التي في كامبردج، وهناك تُرجمت وحُلّلت المواد المُتعلّقة بنشاط الـ “كي جي بي” في اسرائيل. والنتيجة هي أنه لأول مرة ينكشف النقاب عن الجهود التي وظّفها جهاز الاستخبارات الروسي في محاولات التسلّل إلى اسرائيل، بل وكمّ نجح في ذلك.

 

 

 

وبحسب بيرغمان، فإن أحد الأهداف المركزية للروس كان الأحزاب السياسية في اسرائيل. في بداية الخمسينيات، شرع الروس بحملة واسعة النطاق تحت الاسم السرّي «ترست»، للتسلّل إلى حزب «مبام». وحسب وثائق ميتروكين، كان لهم نجاح لا بأس به إذ «لا يقلّ عن ثلاثة نواب في الوثائق كعملاء. أحدهم يسمى بالاسم السري غرانت»، ويزعم أنه «يسكن في كيبوتس شوفال قرب بئر السبع». وكُتب في وثائق ميتروكين، أن «غرانت» هو الشاعر والسياسي الكبير النائب اليعيزر جرانوت، الذي كان عضواً في لجنة الخارجية والأمن وزعيماً لحزب «مبام». وتقول الوثائق إن جرانوت جُنّد في الفترة التي سبقت حرب حزيران 67 على أيدي رجل الـ «كي جي بي» الكبير يوري كوتوف، وانقطعت علاقتهما مع إخلاء السفارة في العام 1967. وروى دان جرانوت، ابن النائب اليعيزر جرانوت مُعقباً أنه كطفل كان شاهداً على لقاءات ليلية بين كوتوف، الذي كان يصل في سيارة ديبلوماسية «ويجلب معه فودكا فاخرة والنقانق الهنغارية الفاخرة». ومع ذلك، يقول جرانوت إنه «لم يكن لأبيه أي قدرة على الوصول إلى معلومات سريّة، بحيث إنه حتى لو أراد، فلم تكن لديه إمكانية لأن يكون جاسوساً».

 

 

 

ولم يحصر الـ «كي جي بي» اهتمامه بالسياسة فقط. فحسب وثائق ميتروكين، نجح الجهاز في أن يُجنّد أيضاً العميل «بوكر»، الذي كان مهندساً كبيراً في المشروع القومي للمياه، والذي كان يُعتبر سراً دفيناً في اسرائيل وهدفاً مركزياً من ناحية الروس: العميل «جيمي» الذي عُيّن في منصب سرّي في الصناعة الجوية، في لواء الهندسة الذي عالج في حينه موضوع التخطيط لطائرة هلافي، وعميل آخر كان يعمل في صيانة دبابة ميركافا ويبلّغ مسؤوليه في الاستخبارات عن المُدرّعة الاسرائيلية. قائمة الجواسيس والعملاء للـ «كي جي بي»، والتي ستصدر يوم الجمعة المقبل، تضمّ أيضاً بعضاً من رجال الإعلام، ورجل استخبارات سرياً على نحو خاص حصل على الاسم السري «ميلنكا»، وبحسب الوثائق، عمل في قسم التجسّس المُضاد لجهاز «الشاباك» الاسرائيلي.

 

 

 

ولكن فوق كل هذا، كان تجنيد واحد مُختلف وخاصّ. فقد نجح الروس في تجنيد لواء في الجيش الاسرائيلي من بين أعضاء هيئة الأركان العامة. ففي العام 1993، حين وصلت وثائق ميتروكين إلى لندن، نقلت الاستخبارات البريطانية اسم اللواء والمادة ذات الصلة لـ «الشاباك» في اسرائيل.

 

 

 

ويقول رجل الاستخبارات القديم إنه «في الشاباك، لم يكشفوا لي عن اسم اللواء. ولكني فهمت منهم كم كانت الصدمة كبيرة عندما تلقّوا المعلومات من البريطانيين. وفي ضوء حالة اللواء الصحية، وبرأيي أيضاً بسبب الحرج الذي كان سيلحق بالجيش وبدولة اسرائيل كلّها إذا ما عُلم بالقصة، تقرّر عدم العمل ضدّه وعدم تقديمه للمحاكمة. وحسب علمي فقد توفي بعد وقت قصير من ذلك».

Total time: 0.0439