الثورة الليبية بعيون صحافي أميركي اعتقلته قوات القذافي
بتاريخ 2011-11-09T14:05:43+0300 منذ: 13 سنوات مضت
القراءات : (3769) قراءة
اخبار الساعة - لميس فرحات
حول الصحافي والسينمائي ماثيو فاندايك إلى أسطورة بين ليلة وضحاها، بعد أن قرر أن يترك منزله وعائلته في بالتيمور ويتوجه إلى ليبيا حيث قاتل بين صفوف الثوار إلى أن عثر عليه مقاتلو القذافي، وأودعوه السجن لأشهر عديدة.
لم يكن فاندايك جندياً، لكنه أراد أن يشارك الثوار في نضالهم من أجل وضع حد "لمعاناة الشعب الليبي"، فخرج السينمائي الشاب من منزله في شباط/فبراير الماضي، من دون أن يخبر والدته بنيّته في التوجه إلى ليبيا. لكن سرعان ما وصل النبأ بأنه اختطف من قبل الموالين للقذافي واعتقل في سجن "بو سليم" لمدة 161 يوماً.
بُذلت العديد من الجهود من قبل الدبلوماسيين ومنظمات حقوق الإنسان، لكن لم يكن هناك اي أثر لفاندايك، فقال الناس لوالدته إن عليها أن تتوقع الأسوأ.
في هذا السياق، تحدثت صحيفة الـ "واشنطن بوست" عن رحلة فاندايك الشجاعة، ونقلت الأحداث التي صادفها إضافة إلى تفاصيل الأيام الطويلة التي مرت عليه طوال فترة احتجازه في إحدى زنزانات سجن "بو سليم".
قرر فاندايك التوجه إلى ليبيا بعد أن وصلته رسائل عبر البريد الالكتروني من أصدقائه الليبيين، يطلبون منه أن يخبر الناس عنهم، في حال كان مصيرهم الموت. فقرر التوجه لمساعدتهم.
وصل السينمائي الشاب إلى بنغازي، حيث كان صديقه في انتظاره، وهو أحد المقاتلين في صفوف الثوار. قال له فاندايك: "أتيت لأقاتل معكم، أعطني كلاشنيكوف"، وارتدى ملابس القتال، ونظارة شمسية وقبعة ساعدته على التماهي مع اصدقائه الليبيين.
بعد ستة أيام، عثرت قوات القذافي على فاندايك بينما كان في مهمة استطلاعية، فقبضوا عليه برفقة ثلاثة من رفاقه، الذين لم يتم العثور عليهم حتى اليوم.
تعرف مقاتلو القذافي على فاندايك من شرائط الفيديو التي يظهر فيها المقاتل الأميركي حاملاً سلاح كلاشينكوف ويتعهد مواصلة القتال حتى تحرير ليبيا. فقال له أحدهم: "أنت لن ترى أميركا مرة أخرى".
لأكثر من 160 يوما، كان فاندايك قابعاً في زنزانته يعد الأيام ويحاول تقطيع الوقت بالغناء لفرقته المفضلة "غانز أند روزس"، ويتذكر شخصيات فيلم "ستار تريك"، كما كشط أظافره وصولاً إلى الجلد، لأنه كان خائفاً من أن يتعرّض للتعذيب على يد الموالين للقذافي عن طريق نزع أظافره. وفي بعض الأحيان، فكر في الانتحار.
مرت خمسة أشهر ونصف، حتى تمكن الثوار من تحرير سجن "بو سليم" في طرابلس في شهر آب/أغسطس، فخرج فاندايك من زنزانته مشوشاً، ولم يقدر على استيعاب الاحداث التي مرّت أثناء سجنه، خصوصاً تدخل حلف الشمال الأطلسي لصالح الثوار.
عوضاً من التوجه إلى منزله في بالتيمور على متن الرحلة التي رتبتها وزارة الخارجية، عاد فاندايك وانضم إلى الثوار في مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، وتعهد البقاء حتى إسقاط الديكتاتور الليبي.
وبعد أن أمضت المنظمات الحقوقية والانسانية عدة أشهر في البحث عنه، أعلنت عن أنها لن تقوم بجهود مماثلة في حال اختفى فاندايك مرة أخرى لأنه اختار البقاء في ليبيا والاستمرار في القتال عوضاً من العودة إلى أميركا.
يقول فاندايك إن بعض الناس لا يفهمونه، مشيراً إلى أن بعض الصحافيين والمذيعين والمعلقين وصفوه باليساري الذي يحارب إلى جانب تنظيم القاعدة، فيما وصفه البعض الآخر بـ "الصهيوني".
ويضيف: "لا تهمني تعليقات الناس لأن هدفي هو أن أكون مع أصدقائي وأساعدهم على الإطاحة بالديكتاتور القذافي الذي قتل الليبيين والأميركيين والكثيرين أيضاً في مختلف أنحاء العالم".
وعلى الرغم من الخوف والقلق الذي اعترى والدة فاندايك طوال فترة وجود ابنها في ليبيا، تقول: "كنت أشعر أنه ما زال حيا، وفي المرة المقبلة التي يريد أن يتوجه فيها إلى ليبيا، سأرافقه إلى المطار مرة أخرى".
ويخطط فاندايك اليوم إلى تأليف كتاب يروي تجاربه، فيما يعمل على استعادة الوزن الذي فقده في السجن، مضيفاً أن ثيابه كلها باتت واسعة واضطر إلى شراء أحزمة لمنع سراويله من الانزلاق.
اليوم عاد الصحافي والسينمائي الأميركي إلى منزله وفي حقيبته تذكارات وذكريات: بدلة السجن الزرقاء الموحدة، كوفية أرجوانية أهداها له أحد أصدقائه الذين اختفى في كمين، ورزمة من الدنانير التي قدمها سجين زميل بعد الإفراج عنهما. كما تمكن من الحصول على صحون القهوة من منزل الديكتاتور في رأس لانوف.