المبادرة الخليجية والاستفادة من مؤتمر القاهرة حول الديمقراطية
بتاريخ 2011-12-16T13:05:54+0300 منذ: 13 سنوات مضت
القراءات : (2422) قراءة
اخبار الساعة - محمد العلائي
"الديمقراطية تعنى العدالة. ويتعين على القوى الديمقراطية أن تعرف كيف تكون عادلة.
فالديمقراطية عدو لدود للانتقام"، هذه واحدة من الخلاصات النيرة التي توصل إليها مؤتمر عقد في القاهرة قبل ثلاثة اشهر، وكرست أعماله لدراسة نماذج من التحولات الديمقراطية التي شهدها العالم خلال العقود الماضية، ولقد جرى التركيز على تشيلي واندونيسيا والبرازيل والارجنتين وجنوب افريقيا.
اتفق المؤتمرون على انه في ما يخص تحقيق العدالة الانتقالية لا تتوفر وصفة سحرية يمكن تعميمها على كل البلدان. وإنما هناك صيغ متباينة يتحكم في وضعها معطيات وظروف كل بلد وتاريخه السياسي ونظامه الاجتماعي وخبرته.
فيما يتعلق باليمن اشارت آلية تنفيذ المبادرة الخليجية إلى مفهوم "العدالة الانتقالية".
لست متأكدا، لكن يبدو لي ان واضعي خطة الانتقال السياسي لليمن استرشدوا ربما بتوصيات المؤتمر المشار إليه.
فاليمن بلد يجر وراءه ماضي مضرج بالدماء وتتصاعد من بين اوراقه روائح البارود والزنازن والعذابات.
والانتقال الى الديمقراطية يقتضي مواجهة هذا الماضي عبر سلسلة اجراءات نستوحيها من تجارب دول ومجتمعات عاشت الظروف نفسها او قريبا منها.
واول هذه الاجراءت تشكيل ما يسمى "لجان الحقيقة"، وهي هيئات رسمية ترمي إلى تقصي الحقائق بشأن حوادث الانتهاكات والقتل والعنف السياسي على أن تطال أنشطة التحقيق كل ما تختزنة الذاكرة الوطنية من شأنه اعاقة الانتقال وفتح أفق جديد إلى المستقبل.
وفي ضوء نتائج عمل هذه اللجان يتحدد الاجراء الذي يمكن اتخاذه لتحقيق العدالة والسير قدما في طريق المصالحة الوطنية وبناء أسس متينة للسلم الاجتماعي الدائم.
لا تتحقق العدالة بمجرد اخضاع علي عبدالله صالح وعائلته للمحاكمة من قبل خصومه السياسيين.
العدالة بهذا المعنى استخفاف بمبدأ العدالة نفسه وغش لا يصح المراهنة عليه. لا عبدالله صالح ولا عائلته مخلوقات غريبة هبطت علينا من الفضاء الخارجي.
استعادة كل ملفات الصراع السياسي الحديث وتقصي حقيقة ما حدث كما حدث، وكشف مرتكبيها ومحاسبتهم ان كان ذلك يسيرا، او الاكتفاء بالحاق العار بهم وعزلهم عن الحياة العامة، بعد الاستماع للضحايا، وتعويضهم وجبر ضررهم.
لكن هل الظروف التي انتجت تلك الصراعات الدامية لا تزال قائمة؟ هذا هو السؤال.
ضمن بحثهم لما ينبغي فعله من اجل منع تكرار انتهاكات الماضي، يقترح اعادة هيكلة الاجهزة الامنية وايديولوجيتها المهنية، وتطوير مناهج المعاهد الامنية وكليات الشرطة بما يلائم الانظيمة الديمقراطية.
إذا كنا جادون فعلا، فالديمقراطية والعدالة هما اسلوب حياة، وليستا شعارات للاستثمار وجني الربح السياسي، او الثأر والشحن العاطفي.