قال المفكر الإسلامي الموريتاني، «محمد مختار الشنقيطي»، إن السعودية تستخدم ورقة الأكراد في سوريا في مواجهة الدعم التركي لقطر، والذي ظهر بوضوح في الأزمة الخليجية الراهنة.
جاء ذلك في تغريدة له عبر حسابه على «تويتر» بشأن إجراء صحيفة «الرياض»، المقربة من العائلة السعودية الحاكمة، مقابلة مع رئيس «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي في سوريا (ب ي د)، «صالح مسلم»؛ حيث وجه الأخير انتقادات حادة لتركيا.
إذ نشر «الشنقيطي» نص المقابلة وعلق قائلا: «صالح مسلم رأس الحربة ضد تركيا داخل سوريا في مقابلة مع صحيفة (الرياض!!).. رسالة سيئة من السعودية إلى تركيا».
وتفاعل مع تغريدة «الشنقيطي» عدد من الناشطين، الذين حذروا السعودية من اتباع تلك السياسة.
ومن هؤلاء المواطن التركي «Mehmet Güven» الذي علق قائلا: «اعتقد انهم (السعوديين) سيدفعون أثمان باهظة بسبب التفحيط السياسي. فقط للتذكير: تركيا كانت أول دولة تقف ضد قانون جيستا (الأمريكي).. (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب لن ينفعكم».
على النحو ذاته، قال حساب «أبو عمران الطيب»: «المطلوب من السعودية في هذه المرحلة الصعبة أن تكون على خصومة وعداء مع كل الدول المحيطة بها، والتي قد تكون قادرة على الوقوف معها غداً».
وفي المقابلة مع صحيفة «الرياض»، هاجم «صالح مسلم» تركيا وقطر؛ حيث ادعى أن «الأولى منفذ والثانية ممول» لسياسة تقوم على «تسخير أدوات خارجة عن العصر، لا تعرف القيم الإنسانية ولا معاييرها، تأتي على الأخضر واليابس، وتحاول فرض الظلمات والظلام والظلم على كل بقعة تطالها أيديها».
ووصف التحالف التركي القطري بأنه «خطر على كل شعوب الشرق الأوسط، بل البشرية جمعاء».
وتعتبر تركيا «ب ي د» الذراع السوري لـ«حزب العمال الكردستاني» (بي كا كا) المصنف «تنظيماً إرهابيا» من قبل أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي.
ولا تخفي أنقرة خشتيها من استغلال الأكراد الحرب الحالية في سوريا في تنفيذ مشروعه لقيام دولة كردية في شمال سوريا، على غرار الإقليم الكردي في شمال العراق، وتقلق من أن تشجع هذه الخطوة الأكراد في تركيا على المطالبة بخطوة مماثلة.
وكان الأكراد في سوريا أعلنوا خلال مؤتمر عقد في رميلان بريف الحسكة في 17 مارس/آذار 2016، عن تأسيس نظام فدرالي يضم 3 مناطق تتمتع بالحكم الذاتي أقامتها جماعات كردية قبل عامين.
وأوضح المشاركون في المؤتمر، آنذاك، أن المناطق التي ستنضم إلى النظام الفيدرالي ستسمى «إقليم روج آفا وشمال سوريا»، وسيكون فيه تمثيل لكافة العناصر الاثنية في تلك المناطق.
وتبدو السعودية منزعجة من موقف تركيا من الأزمة الخليجية الراهنة.
ففي 5 يونيو/حزيران الجاري، أعلنت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها وإغلاق موانيها وأجوائها ومعابرها البرية في وجه الدوحة بادعاء تقديم الأخيرة «الدعم للإرهاب»؛ وهو الاتهام الذي نفته قطر بشدة، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.
ومنذ الساعات الأولى لاندلاع تلك الأزمة، تبذل تركيا مساعٍ لنزع فتيلها، لكنها في الوقت تظهر دعمها الواضح لقطر؛ إذ صادق برلمانها ورئيسها سريعاً على قانون يسمح لأنقرة بنشر المزيد من القوات في قاعدتها العسكرية في قطر، وتم إنشاء جسر جوي ينقل المواد الغذائية من تركيا لقطر، فيما شدد الرئيس «رجب طيب أردوغان» على رفضه للقرارات الخليجية ضد قطر، وعدها «غير صائبة».
وفي تحليل لها، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، نقلاً عن خبراء سياسيين، إن تركيا، بعد محاولة أولية للبقاء على الحياد في الأزمة الخليجية الراهنة، اضطرت إلى إظهار دعمها الواضح لقطر؛ لأنها لا تريد أن تفقد أصدق حلفائها في المنطقة، والذي يشاطرها نفس المواقف إزاء ملفات عدة في المنطقة.
كما تشعر تركيا بقلق بالغ من أنه في حال استلمت قطر لضغوط جيرانها، فإن الدوحة ستعيد تقييم علاقاتها مع أنقرة، كما سيعني ذلك أن دور تركيا في المنطقة سيتعرض للمزيد من القيود.