أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

المغرب: تصدع في بيت جماعة العدل والاحسان

- ادريس علوش

 

 

رسالة إلى الإخوة أعضاء مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المخلوقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الله تعالى "إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا".

❊❊ حتى لا نكون هوسا! ❊❊

رسالة إلى الإخوة أعضاء مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان.

(جسم الجماعة إذا لم يكن يسوده الوئام الكامل، والوحدة الوجدانية العقدية والتحاب في الله عز وجل، لا يستطيع أن يؤثر في مجتمعاتنا الفتنوية الفاسدة التي يسيطر عليها الحقد الطبقي، والخلاف الحزبي، والنعرات القومية) المنهاج النبوي ص: 78.

(فلا جماعة إلا بتحاب في الله وصحبة فيه. وإن شر ما يفرق جماعات المسلمين غفلتهم عن الله حتى ينسوه فينسيهم أنفسهم، فتقسو القلوب من ترك ذكر الله. وتتمثل هذه القسوة في تباغض المسلمين فلا جماعة ولا إيمان) المنهاج النبوي ص: 79.

رسالتنا إلى إخوتنا في مجلس الإرشاد تنطلق من مبدإ المحبة والتناصح ففي الصحيح: "الدين النصيحة". فالمحبة شعور قلبي يوقظ كوامن العطف والرحمة، والتناصح اتحاد عملي يمليه العمل الجماعي المنظم. (لكن هذه الألفة القلبية، وهذه المحبة الأخوية، عنصر واحد من عناصر الجمع الثلاث. وما حققه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام من جلائل الأعمال الجهادية ما كان ليتم لو بقي الأمر عند الألفة والمحبة، بل كان المربي المعصوم صلى الله عليه وسلم معا الصاحب المحبوب والقائد المطاع، وكان بين المحبة والطاعة مجال فسيح للتفاهم الفكري وتبادل الرأي والتشاور) المنهاج النبوي ص: 81.

نطلب من إخوتنا أن يقرأوا هذه الرسالة بقلوبهم وعقولهم، وأن يستمعوا لنداء الحق، وأن يستشعروا معنا أمانة حمل رسالة العدل والإحسان، وأمانة الدعوة إلى الله عز وجل.

رسالة العدل والإحسان جاءت لتغيير الإنسان؛ خط لها سيدنا ومولانا عبد السلام ياسين حفظه الله تعالى الشروط والوسائل والمراحل، جمعها في مشروع سماه "المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا".

التربية هي مناط هذا التغيير، حين توكل إلى جماعة مومنة صادقة التفت حول مجدد مصحوب أنار لها الطريق وبين لها المعالم (صوى)، وبين لها سنة الله في هذا الكون.

نحن ثلة من الإخوان أعضاء في جماعة العدل والإحسان منذ 25 عاما، ساقتنا أقدار المولى عز وجل إلى الالتحاق بالجماعة المباركة، وتربينا ــ والحمد لله ــ مع إخوتنا على ثوابت هي محور تغيير الفرد والجماعة، فالمجتمع والأمة، ألا وهي: التربية ثم التربية ثم التربية (نعني تربية الإيمان بمفهومه اقتحاما للعقبة، وبكل شعبه. التربية أولا ووسطا وآخرا، ولا آخر، ودائما) المنهاج النبوي ص: 383.

منذ سنة 2006 ونحن ننتظر منكم الإصلاح والتغيير داخل الجماعة المباركة، بصفتكم ــ أنتم أعضاء مجلس الإرشاد ــ أوصياء على تدبير الشؤون التنظيمية داخلها. إن أعضاء مجلس الإرشاد وصفهم المنهاج النبوي بأنهم (هم مربو الجماعة وعلماؤها. بحركتهم داخل الجماعة يشيع الإيمان. وبسداد رأيهم وبدعائهم تتم الصالحات بنعمة الله. هم القيادة إلى جانب الأمير، وهم حراس الحق الشاهدون) المنهاج النبوي ص: 65/66 وكنا ننتظر اقتناعكم بأن الرجوع إلى الثوابت التي سطرها سيدنا ومولانا عبد السلام ياسين حفظه الله تعالى في مشروعه المجتمعي، هي عين العقل ويقين القلب.

نكتب هذه السطور وقلوبنا تتحسر على ما وصلت إليه جماعتنا المباركة من تذبذب حين انحرفت عن هذا المسار، حين انحرفت عن الثوابت. لا يغرنك تقلبنا في الشوارع والمظاهرات والمشاركة في الوقفات والحركات، ذاك غبار ثائر وزبد طائش، سرعان ما يخبو وتخبو معه العزائم (نلتمس لأعضاء الجماعة الأعذار، فهم إخوة مومنون، ويفعلون ما يومرون).

العضو في الجماعة المباركة ينسج مع إخوانه خلاصه الفردي والجماعي. خلاصه الفردي، اعتقادا، يكون بصدقه وإيمانه، وعمليا، يكون بعمل اليوم والليلة، بحرصه على اعتياد المساجد وولوج الرباطات والاعتكافات، وبمحافظته على جلستيه التربويتين في الأسبوع، وبحضوره لمجالس النصيحة الجهوي والقطري... وخلاصه الجماعي، غيبيا، يكون برابطة المحبة والاتباع، والتآلف بين القلوب يجمعها دعاء الرابطة المبارك. وعمليا، يكون باللقاء الشهري مع إخوته في باقي الأسر إن كان عضوا، وللنقباء جلساتهم التنظيمية، ومجالس الشعب والجهات والأقاليم... فهذا سلم دعوة وليس نظام دولة. ولكل عضو مهمة الشجرة المباركة التي هي أساس الدعوة في جماعتنا المباركة.

أين نحن من هذه الثوابت يا أحبتنا في مجلس الإرشاد، كان الأجدر بكم أن تحرصوا على تثبيتها لأنكم تعرفون جيدا قيمتها في بناء الجماعة. ويبقى نقيب الأسرة هو محور التربية والدعوة لأنه (نقيب مرب يسهر على الأسرة) (وكل نقيب مرب لمن معه من المومنين) المنهاج النبوي. فأنا لنا بهذا النقيب؟!

حين غابت ثوابت التربية بغياب من يسهر عليها (مجلس الإرشاد) حلت محلها المتغيرات:

ــ تراجع كبير على مستوى الدعوة، وما الشجرة المباركة إلا دليل على هذا التراجع، فهل أصابها السيل أم ماتت جذورها؟

ــ غياب الإخوان عن محاضنهم التربوية إن عقدت، لكن الإبقاء على جلسة واحدة في الأسبوع حنكة أملتها الظروف السياسية.

ــ غفلة الإخوان عن ذكر الله عز وجل (الورد اليومي)، كيف عرفت ذلك؟ اسأل العادين.

ــ حنين المساجد إلى الإخوان وخاصة في صلاة الصبح، كيف ذلك؟ اسأل عنهم أهل المسجد، عفوا، اسأل عنهم من يرتاد المقاهي.

ــ غياب السمت الحسن الإسلامي في صفوف الإخوان المسؤولين وكذا الأخوات. كيف لا وهم يتخذون أعضاء مجلس الإرشاد قدوة لهم، ومام "حوارات حول المنهاج النبوي" إلا دليلا على غياب هذا السمت. كان والله مظهركم وسمتكم في بدايات الجماعة المباركة مفخرة لنا!!!

ــ إفراغ مجالس النصيحة من محتواها الذي تأسست من أجله، وهو تجديد الإيمان وتدارس معاني الإحسان، السلوك إلى الله عز وجل.

ــ عزوف الإخوان في الشعب عن كل ما هو تربوي، والإقبال على كل ما هو حركي سياسي. حفظ القرآن الكريم تستثقله النفوس الكالة.

ــ انعدام الثقة بين الإخوان، وانعدام الثقة بين الأعضاء والقيادة دليل على عدم الصدق في القول والعمل.

ــ سياسة الفصل، فصل كل من خالفكم في ما تخالفون فيه المنهاج النبوي وفكر المصحوب حفظه الله تعالى، متهمين إياه بإساءة الأدب معكم، والمساس بحرمة مجلسكم المنزه عن الخطإ! فصل كل من استجاب لداعي الصحبة بمعناها الذي كتبه المصحوب حفظه الله تعالى في كتاب الإحسان مبررين ذلك بأنه تشدد ومغالاة في محبة الشيخ (المصحوب).

إن أجمل ما في سيدنا ومولانا عبد السلام ياسين حفظه الله تعالى هو صدقه مع الله تعالى وتصديقه بما جاء عنه سبحانه وعن نبيه صلى الله عليه وسلم، قالها كلمة صادقة في بداية السبعينيات ولم يبدل ولم يغير "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه" وأنتم أعضاء مجلس الإرشاد كونوا صادقين مع الله عز وجل ومع مرشدكم، أفصحوا عن نياتكم وعما يجري في كواليسكم. أي جماعة تريدون؟ أي تنظيم تتصورون؟ أي تربية تحبون؟ ما غير أحوالكم؟ هل طال عليكم الأمد؟ هل فتر شوقكم إلى ربكم وحب لقائه؟ هل تريدون قطف ثمار عملكم في الدنيا كما قطفها الاشتراكيون في حكومة التناوب؟

 

هل تظنون أننا ننصحكم, نتطاول عليكم أو على مجلسكم؟ كلا. نحن معكم ما عزرتم سيدنا ومولانا عبد السلام ياسين حفظه الله تعالى, وبلغتم عنه الأمانة, وتأدبتم معه, فالله أعلم بكم وبأحوالكم.

التفوا حول مرشدكم ومنقذكم من هوس الدنيا, فإن بدت لكم وجهة غير وجهته, فاستقالتكم من هذا المجلس أزكى لكم وأطهر, فحين تجمعون في كواليسكم على انتخاب خليفة له وهو لا يزال بين ظهرانيكم, وحين تعتقدون- وهذا على لسانكم- أن المنهاج النبوي يحتاج إلى ملحق يكمله وأنه مكتوب للعالم كله, وليس للجماعة أن تلتزم به. فهذا لعمرنا لهو موت دينكم, قال سيدنا ومولانا عبد السلام ياسين حفظه الله تعالى حين كان ينعي سيدنا أحمد الملاخ في وفاته رحمه الله " بقيت أمانة جماعة العدل والإحسان في أيديكم أنتم أشبال جماعة العدل والإحسان الذين ينتظر منكم مع تيسير الله عز وجل وفضله وكرمه أن تقوموا بواجبكم سعيا, لأن من قبل بركة الله عز وجل ومعونته هناك السعي في الأرض, والسعي في الأرض يقتضي سلوك منهاج, ومنهاجنا مسطر معروف نسأل الله عز وجل أن يكون لكم في كل سطر من سطوره’ في كل فصل من فصوله نبراس ينير لكم الطريق إلى أن تكونوا ممن يطلب معالي الأمور, وأعلى ما هنالك من الأمور هو التقرب إلى الله عز وجل

وختاما نطالبكم ونخبركم ونسألكم.

نطالبكم بالتوبة النصوح والاصطلاح مع سيدنا ومولانا عبد السلام وياسين حفظه الله تعالى فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له واحمدوا الله تعالى على صبره عليكم.

نخبركم أننا لسنا إمعة, ولا تهمنا العواقب فمنذ هذه اللحظة بيننا وبينكم عهد الصحبة والجماعة نحتكم إلى المنهاج النبوي مستنيرين بعلمه, نحاجكم به ما حيينا, وننصر فكره ونبلغه.

نسألكم عن حصيلة عملكم على مستوى الدعوة والإرشاد؟ لا نريد الغثائية, فأعدادنا في المغرب وخارجه تغيض الأعداء والحمد لله والفضل لمرشدنا ومصحوبنا سيدنا ومولانا عبد السلام ياسين حفظه الله تعالى, فاعملوا على جمع شملهم, ودلوهمعلى مصحوبهم ومربيهم بدل أن تشيروا إلى أنفسكم, ردوهم إلى الخط الذي رسمه لكم, حافظوا لهم جلساتهم, على ربطاتهم, هم أمانة في أعناقكم, لا تزجوا بهم في المظاهرات والمزاحمات وحمل الشعارات, هيئوا لهم المحاضن التربوية التي تجدد إيمانهم, عطروها بالذكر, والقيام وتلاوة القرأن, انشغلوا بما ينشغل به سيدنا ومولانا عبد السلام ياسين حفظه  الله تعالى, فلا نجده في مجلس من المجالس أو لقاء رسمي أو غير رسمي إلا ويذكرنا بالأخرة يوصينا بالمنهاج النبوي, يحثنا على حفظ القران الكريم يوصينا بعمل اليوم والليلة وبرضا الوالدين, يحذرنا من المشاركة السياسية لأنها تذيب الدعوة وتلتهم الجهود, يريد لنا خيري الدنيا والأخرة.

نداؤنا لكم ولكافة أعضاء جماعة العدل والإحسان: انصروا دعوة سيدنا ومولانا عبد السلام ياسين حفظه الله تعالى انصروا رسالة العدل الإحسان.

ومسك الختام كلام حديث عهد بربه لمن ألقى السمع وهو شهيد" واليوم برز المؤمنون لميدان الجهاد فهم معرضون لعدوى الحوافز الأرضية التي تسلح الأعداء وتدفعهم. فعلى اللسان تظهرعبارات الثورة والنضال وما إليهما. وفي النفوس يتسلل الحقد على العدو والاعتماد على مجرد الوسائل الأرضية. وفي الأمال يتخايل النصر على صورة رئاسة وعلو نبلغهما باسم الإسلام. عدوى مهددة لا بد من التماس المنعة ضدها لئن اتكل المسلمون على كثرهم وحيلتهم وذكائهم يوشكان لا يغثهم ذلك من الله شيئا من الممكن أن يبدأ تحركنا استجابة لموعود الله واستقبالا للخلافة الموعودة. ثم إذا توغلنا في المعركة ووقفنا وجها لوجه مع شاغلات المدافعة نسينا الله ورسوله, ونسينا طلبنا الأول وذبنا في طلب الظهور, ويمئذ لا تكون الخلافة على منهاج النبوة لأن من بيدهم سيف السلطان نبذوا القران. إن دولة القران ما هي معنى نازل من السماء, إنما هي نصر من الله يسعى على الأرض ممثلا في صف جند الله’ وتولي جند الله الخلافة في الأرض عن الله. ما داموا جندا لله عبيدا لله طالبين وجه الله فهي الخلافة, إن جند الله لا ينشأون نشأة عفوية على أخلاق الرجال وإيمان الرجال وعزائم الرجال وعبودية  الرجالالله عز وجل. إنما تؤلفهم التربية, ويؤلفهم التنظيم, ويجمعهم وتوحدهم أصرة الإحسان. نذكر هنا بهذا الحق لكيلا ننسى أن تربية جند الله وتأليفهم مقدمة لكل عمل جهادي ينبري للعظائم وقد كتبنا في الموضوع ما شاء الله من فهمنا " للمنهاج النبوي وتربية وتنظيما وزحفا" في كتابنا الذي يحمل هذا العنوان فليكن هذا مقررا.. فإن هذا الكتاب الذي بين أيدينا مبني على ذاك. يشرحه ويكمله. ونختم بوصف جند الله من كتاب الله وصفا جامعا. قال الله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرأن ومن أوفى بعده من الله فاستبشروا يبيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم, التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الأمرون بالمعروف والناهون عن المكروه والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين) سورة التوبة.

 

انظر كيف سبقت وظائف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحفاظ لحدود الله شروط التوبة والعبادة والحمد لله والسباحة وهي (الصيام كما فسرت عائشة وابن عباس رضي الله عنهم والركوع والسجود, عندماغلب جند الله الأولون جيوش الروم يصفون المسلمين يوصف مزدوج غريب عليهم قالوا: "هؤلاء رهبان بالليل فرسان بالنهار" في نظر الروم اجتمع  المتناقضان: الرهبانية الخاشعة والفروسية الفاتكة إن شمولية جهادنا لن تقوم إلا بتربية شاملة وعقيدة لا تعطل قدر الله بتعظيم الأسباب ولا شرع الله باحتقارها وإهمالها وإن الله يناجي ربه بالليل يطلب حسنى المعاد والزلفى عند الله فذلك الطلب لب حياته وغايتها حتى إذا أصبح في صف الجهاد انبعثت له مسألة ثانية تابعة للأولى مرتبطة بها فهي حسنى بهذا الارتباط لا بنفسها وهي موالاة النصر والخلافة في الأرض. فإذا انقلب الميزان, وكان الظهور يمسك بالزمام, فالإيمان في تقلص والجهاد أئل لمعاني النضال الأرضي والخلافة المزعومة متردية إلى ملك عاض وجبري فغثائية وانهزام. لا نمل التذكير بهذا ولن نكف عنه, فلأن نرابط في مساجدنا تائبين حامدين ذاكرين تالين مائة سنة حتى يولد إيماننا فيشب فيقوى خير من مغامرة باسم الإسلام, والقلوب فارغة إلا من طلب السيف للتسلط على العباد’ لست ممن يقول بامكان إعداد الرجال في الخدور وبين أساطيل الانزواء لكنها نكتة ساقها القلم والله المستعان" وأخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وإخوانه وحزبه.

 

المصدر : بريد ادريس علوش-المغرب

Total time: 0.0488