اخبار الساعة
ضرب زلزال ملكي عنيف ناطحات سحاب، أمراء ووزراء وأثرياء، ظن السعوديون لفترة بعيدة أنه لن يقدر عليهم أحد، بل كانوا يمنّون النفس منذ أمدٍ بعيد بما حدث.
تحت أنقاض الزلزال عائلات وأسر ربما قد تتأثر، على الأقل حين نتحدث عن مليارات وأصول وشركات، لكن صحيفة "وول ستريت جورنال" تسلط الضوء على مزيد من الأراء حول ما يجري بشأن العاصفة الملكية التي اقتلعت العديد من جذور الفساد في المملكة العربية السعودية، بين من يرى أنها تعزيز للسلطة ومن يرى أنها حملة سليمة النية تماما، وأن حملة التطهير طال انتظارها على الرغم من أن البعض لا يزال يتساءل إلى أي مدى ستذهب تلك العاصفة.
ويذكر التقرير أنه في المملكة التي كان فيها الفساد المتفشي بين النخبة أمرًا سريًا لا يعلمه أحد، يرى الكثير من السعوديين أن الحملة أقل كمحاولة لانتزاع السلطة منها كخطوة أولى في حرب لا يمكن وقفها على الكسب غير المشروع.
وقال فيصل عباس، رئيس تحرير صحيفة "عرب نيوز" السعودية، إن الحملة تستهدف الأغنياء الذين يسيئون استخدام سلطتهم، وهي أقل من أن تكون "صراع عروش"، بل إنها أكثر من " ذئب وول ستريت "، في إشارة إلى الأثرياء الذين جمعوا سلطتهم بطرق غير مشروعة.
وقد اعتقلت السلطات السعودية أكثر من 200 شخص كجزء مما وصفته بأنه تحقيق واسع النطاق لمكافحة الفساد تم إطلاقه الأسبوع الماضى. وقد تجمد حوالي 1800 حساب مصرفي، بما في ذلك حسابات بعض الأفراد الذين لا يزالون أحرارا، وفقا لأشخاص مطلعين على هذه المسألة.
ومن بين المعتقلين العديد من الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال. وتقول الحكومة إنها تستهدف أصولا بقيمة 100 مليار دولار على الأقل تدعي أنها تراكمت بشكل غير قانوني. لكن مسؤولين يقولون إن السلطات تأمل في نهاية المطاف في استرداد أصول تصل قيمتها إلى 800 مليار دولار.
ومن بين الذين استهدفوا الحملة اثنان من أقوى أعضاء العائلة المالكة، وكلاهما كان منافسين سابقين للعرش، أحدهما الأمير متعب بن عبد الله، الذي كان حتى اعتقاله الأسبوع الماضي رئيس الحرس الوطني، أحد الفروع الثلاثة لقوات الأمن. والثاني هو الأمير محمد بن نايف الذي تنحى عن منصب ولي العهد قبل أشهر، قبل أن يتم تجميد حسابه هو الآخر.
ويبذل النظام الملكي قصارى جهده لملاحقة الفاسدين في بلد كان فيه الشعور السابق بالامتيازات المالية متفشيا جدا، لكن البعض يتساءلون عما إذا كان التحقيق في الفساد سوف يتوقف عن أولئك الأقرب إلى القيادة.
وقال سعودي بارز إن الدافع وراء حملة الفساد هو تعزيز سلطة ولي العهد الذي يسعى لتولي الحكم، قائلا: "نحن لا نحكم على الدافع. نحن نحكم على الإجراءات. لكن أحدًا لا يستطيع الدفاع عن الفساد، وبدلا من أن يحكمنا الآلاف فليحكمنا اثنان إذًا: الملك وولي العهد".
وتساءل خالد العثمان رجل الأعمال السعودي الذي يرأس شركة قابضة للاستثمار تقدم خدمات استشارية، على تويتر، عما إذا كانت الحكومة ستلقي نظرة فاحصة على العقود المربحة للمستشارين الأجانب المعينين، لتقديم المشورة للحكومة بشأن خطة الإصلاح الاقتصادي.
وأثارت الحملة، التي أشرفت عليها هيئة جديدة لمكافحة الفساد بقيادة الأمير محمد نفسه، أسئلة بين بعض السعوديين بشأن سيادة القانون. وعلى الرغم من أن الحكومة تقول إن العملية القضائية ستكون عادلة وشفافة، فإن المتهمين قد احتجزوا دون توجيه تهم إليهم، وليس هناك ما يشير إلى أنهم تمكنوا من الوصول إلى المحامين، بحسب تقرير الصحيفة.
كما ان الاعتقالات دفعت القطاع الخاص الى إجبار المسؤولين السعوديين والبنك المركزى على طمأنة الشركات بانها لن تتأثر. وقالت سيدة أعمال سعودية: "لا يبدو أن هناك أي أساس منظم لهذه الاعتقالات، وينبغي أن تكون هناك شفافية أكبر".
وتأتى حملة مكافحة الفساد فى الوقت الذى يضغط فيه الأمير محمد من خلال إجراءات التقشف، بما فى ذلك القيود على دعم السلطة والمياه والوقود. ويوجه استهداف نخبة البلد رسالة إلى المواطنين العاديين بأنهم ليسوا الوحيدين الذين يشعرون بضغوط الإصلاحات الاقتصادية.
وقال أحد الناشطين الحقوقيين السعوديين الذين ينتقدون الحكومة عادة: "كان هناك أشخاص في البلاد يعيشون كملوك، في حين أن آخرين لم يكن لديهم وظائف جيدة أو حتى أرض لبناء منزل، كانوا يعيشون على كوكب آخر، كان واضحا مثل السماء أن هؤلاء الناس فاسدون، وأنهم سرقوا كل شيء". ويضيف: "معظم السعوديين، 99٪ من الناس، سعداء جدا".