اخبار الساعة - ترجمة: فارس سعيد - وكالة خبر
من اللافت للنظر أنه كلما قرأت مقالا عن اليمن في وسائل الإعلام الرئيسية، فإن الدور المركزي للمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في المأساة يتم تجاهله تماما. وتشرح لنا مقالا نشرته صحيفة "واشنطن بوست" مؤخرا "كيف أصبحت الأمور سيئة للغاية"، وأن ما يحدث في اليمن "قصة معقدة" تشمل "القوى العظمى الإقليمية المتحاربة والإرهاب والنفط وكارثة مناخية وشيكة".
لا، يا "واشنطن بوست"، إنها ليست معقدة كما تتصورون، بل أبسط من ذلك. إن المأساة في اليمن هي نتيجة للتدخل العسكري الأجنبي في الشؤون الداخلية لذلك البلد. وبدأ ذلك التدخل مع "الربيع العربي" الذي كان له كل بصمات وزارة الخارجية، وتصاعد مع الهجوم السعودي المستفز في عام 2015 على البلاد لإعادة تثبيت دمية الرياض. وقد قتل آلاف المدنيين الأبرياء ويتعرض ملايين آخرون لخطر المجاعة والكوليرا.
ولطالما قيل لنا إن السياسة الخارجية الأمريكية يجب أن تعكس القيم الأمريكية، فكيف يمكن لواشنطن أن تدعم وتحرض المملكة العربية السعودية - الدولة الاستبدادية التي تمتلك أسوأ سجل لحقوق الإنسان على الأرض - في الإبادة الجماعية ضد الشعب اليمني؟.
وحذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الأسبوع الماضي من أن اليمن يواجه "أكبر مجاعة شهدها العالم لعدة عقود مع ملايين الضحايا". وقد قدر الصليب الأحمر فقط أن مليون يمني معرضون للإصابة بوباء الكوليرا هذا العام.
هل تعرفون لماذا تفشى وباء الكوليرا في اليمن وبهذه السرعة؟ لأن الحكومة السعودية - بدعم من الولايات المتحدة - منعت كل موانئ ومطارات ومنافذ اليمن من دخول الأدوية الحرجة إلى اليمنيين الذين يعانون أسوأ أزمة إنسانية في العالم. هذه ليست حربا. إنها إبادة جماعية وجريمة قاسية.
وتدعم الولايات المتحدة العدوان السعودي على اليمن من خلال التعاون مع الجيش السعودي بكل الطرق. تحديد الأهداف، المخابرات، مبيعات الأسلحة، التزود بالوقود، وأكثر من ذلك. الولايات المتحدة شريك في جرائم السعودية في اليمن.
هل دعمنا ومشاركتنا السعودية في ذبح الأطفال اليمنيين يعكس حقا القيم الأمريكية؟. وهل من أحد يهتم بذلك؟.
إن الادعاء بأننا نحارب تنظيم القاعدة في اليمن وبالتالي تدخلنا تحت ذريعة قانون التفويض باستخدام القوة بعد 11 سبتمبر، أمر لا جدوى منه. وأفادت وسائل الإعلام الرئيسية عدة مرات أن تدخل الولايات المتحدة نيابة عن السعوديين في اليمن هو في الواقع لمحاربة تنظيم القاعدة في البلاد. لكن من السخرية أن القاعدة في حالة حرب مع الحوثيين وحلفائهم الذين سيطروا على جزء كبير من البلاد.
ولم يكلف الكونغرس الأمريكي نفسه حتى التساؤل عن كيفية مشاركتنا في حرب لا علاقة لنا بها. وقد اجتمع عدد قليل من أعضاء الكونغرس أصحاب الضمير مؤخراً لتقديم مشروع خاص بموجب قانون قوى الحرب لعام 1973 الذي كان يتطلب تصويتاً على مشاركتنا العسكرية المستمرة في الإبادة الجماعية في اليمن. وانضمت قيادة كلا الحزبين لتدمير هذه المحاولة على الأقل للتصويت لوقف العدوان الأمريكي على اليمن.
إن تورط الولايات المتحدة في جرائم السعودية ضد اليمن هو عار وطني. إن فشل وسائل الإعلام الرئيسية في تغطية هذه الإبادة الجماعية بدقة أمر مخجل. دعونا ننضم بأصواتنا الآن للمطالبة بأن ينهي ممثلونا الأمريكيون مشاركة الولايات المتحدة في اليمن على الفور!.
*رون باول/ السيناتور الجمهوري السابق. سياسي وطبيب أمريكي وعضو جمهوري سابق في مجلس النواب. كان أحد المرشحين لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2008 عن الحزب الجمهوري. ترشح أيضا لخوض الانتخابات الرئاسية عام 1988 عن الحزب الليبرتاري (التحريريين).
* المصدر: معهد رون باول للسلام والازدهار