اخبار الساعة
نشرت صحيفة الديلي نيوز الأمريكية مقالة لمواطن يمني سقط ولده وعدد من أقاربه ضحايا لغارة شنتها طائرة أمريكية من دون طيار في محافظة البيضاء (وسط اليمن) أواخر مارس الماضي.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت أنها تمكنت عبر غارة شنتها إحدى مقاتلاتها في اليمن يوم 29 من شهر مارس الماضي من قتل أربعة مسلحين من تنظيم القاعدة، إلا أن المواطن صالح المنذري والد أحد الضحايا أوضح الحقيقة للصحافة الأمريكية أن الضحايا ومن ضمنهم ولده وأخوه مواطنين أبرياء لا علاقة لهم بالقاعدة، فردت الإدارة الأمريكية على الصحافة أنها ستحقق في الحادثة.
بعد ذلك وافقت صحيفة الدايلي نيوز أن تنشر مقالة باسم المواطن اليمني صالح المنذري والد أحد الضحايا ليحكي قصته، "المصدر أونلاين" ترجم المقالة ويعيد نشرها نصاً:
قتلت طائرة أمريكية بدون طيار أبني محمد صالح المنذري. ذات يوم، ,ودونما سابق إنذار، ظهرت في السماء وقتلته. لم أعلم لماذا.. لم يتم اتهامه أو إدانته بجريمة. لم يعتذر لنا أحد أو سعى لإصلاح الأضرار التي نجمت عن مقتل أخي. وأتساءل الآن ما إذا كانت حكومة الولايات المتحدة تعير اهمية للأذى الذي تسببه في اليمن.
رفض الرئيس ترامب الامتثال لأمر وجوب إبلاغ مجلس الكونغرس عن وفاة أفراد عائلتي. وبدلاً من ذلك، قال إن شرط نشر أعداد المدنيين الذين قُتلوا أثناء عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية كان "قيد المراجعة" ولن يتم تسليم أي تقرير حتى الاول من شهر يونيو على أقرب تقدير.
سؤالي إلى الرئيس ترامب هو: هل سيتم إدراج اسم إبني في تقريرك إلى الكونغرس؟ قد لا تظن أنه مهم، لكنه بالنسبة لنا ولآخرين مهم. وفي كل مرة تبرر قتله، كأنك تقتله من جديد.
في 29 مارس/آذار، كان أبني وآخرون يستقلون سيارة باتجاه مدينة السموع في محافظة البيضاء في اليمن، ليصطحبوا أحد الشيوخ ليكون شاهداً على بيع أرض في إحدى القرى المجاورة. في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، أطلقت طائرة أمريكية بدون طيار النار على سيارتهم. قتل ثلاثة أشخاص بمن فيهم أبني وأخي ونسيبي، واصيب اثنان اخران، توفي أحدهما في وقتٍ لاحق متأثراً بجراحه.
أعلن الجيش الأمريكي مسؤوليته عن الهجوم، وزعم أن الهجوم أسفر عن مقتل أربعة إرهابيين. هذا الامر عارٍ عن الصحة.
لم يكن أبني عضواً في تنظيم القاعدة، بل كان صاحب عائلة بسيط. فبعد أن خدم في الجيش اليمني، أصبح حارساً ليلياً لمحطة وقود محلية. وكان مواطناً يحترم القانون ولم يفكر قط في إيذاء الولايات المتحدة. في الواقع، نادراً ما فكر في الولايات المتحدة على الإطلاق. بقتله، جردت أمريكا ثلاثة أطفال: مها ذات العام الواحد، وفايز البالغ من العمر ثلاث سنوات وأحمد البالغ من العمر ست سنوات، جردتهم من والدهم. كان هو المعيل الوحيد في عائلته. كان يتقاضى ٣٥,٠٠٠ ريال يمني في الشهر (ما يعادل 75 دولار امريكي). من سيعيلهم الآن، ومن سيوفر التعليم للطفل أحمد؟
لم يكن أياً من الركاب الآخرين في السيارة أعضاءً في تنظيم القاعدة. أحدهم، وهو أخي سالم محمد المنذري، كان رئيساً لنقابة عمال النقل العام في عدن. وكان آخر عامل مهاجر عائداً من المملكة العربية السعودية لزيارة عائلته. بعد الهجوم، أصدر زعماء القبائل بياناً أدانوا فيه الهجوم وأكدوا أن الضحايا لم يكونوا أعضاءً في تنظيم القاعدة. ولم يفعلوا ذلك لو لم يكونوا متأكدين تماماً من أن القتلى لم تكن لهم صلات بالجماعة الإرهابية.
والآن يقول الجيش الأمريكي إنه سيجري مراجعة لما حدث. لقد عرضنا تقديم الأدلة والتحدث مباشرةً مع أي شخص يرغب بالاستماع لنا. هل سيستجيبون لعرضنا هذا؟ هل سيستمعون لي وأنا أتحدث عن أثر وفاة إبني وأخي على عائلتنا؟ آمل أن يفعلوا ذلك - لكنني لست متفائلاً. إذ لم تظهر أميركا إهتماماً إلى الجمهور اليمني عندما يُقتل الأبرياء.
عندما سيعرض الرئيس ترامب تقاريره إلى مجلس الكونغرس في الأول من حزيران (يونيو)، كيف سأعرف أن عائلتي مدرجة؟ فالأرقام بلا أسماء لا معنى لها بالنسبة لنا. لقد عانت المقاطعة التي أعيش فيها بشكل هائل على أيدي الأمريكيين. وقد أمطرت الطائرات بدون طيار الصواريخ الواحد تلو الاخر. وقام الجنود بغزو قرانا ومنازلنا في جوف الليل، وقتلوا أطفالنا. لكننا لا نسعى الى الانتقام، بل نريد العدل.
عندما قتلت طائرات أميركية بدون طيار رهينتين غربيتين هما جيوفاني لو بورتو ووارن واينشتاين، اعتذر الرئيس أوباما علانيةً عن وفاتهما. ومع ذلك، لم يتلق أي ضحية من ضحايا الطائرات بدون طيار اعتذاراً من هذا القبيل. يبدو أن هدر حياة اليمنيين لا يستحق الأسف.
الاعتذار لن يعيد موتانا، لكنه سيساعدنا على تخطي ما حصل واستعادة كرامتنا. هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، وهو ما نعلم أطفالنا أن يفعلوه عندما يخطئون. بدون الاعتراف بأخطائنا، لا يمكننا أن نتمنى تجنبها في المستقبل.
متى سيعترف الرئيس ترامب بخطئه؟ متى سيعترف بأن ضربات الطائرات بدون طيار لا تقتل "الأشرار" فحسب، بل العديد من الأبرياء؟ إلى أن يفعل ذلك، ستواصل الطائرات بدون طيار قتل الأشخاص الخطأ وقتل أي فرصة لدينا لإعادة بناء حياتنا ومجتمعنا.