كنت في مقال سابق يتعلق بالتفاوض مع العو الصهيوني قد أكدت على أن التفاوض مع هذا العدو لن يكون الآن في هذه المرحلة من الصراع و يكون موضوعه فقط حول الكيفية التي سيغادر بها الصهاينة أرض فلسطين ليعود أهلها معززين مكرمين وبعد تعويضهم المادي و المعنوي عما لحق بهم بسبب الاجرام الصهيوني في احتلاله لأرضهم أما مسألة الاعتراف بالكيان الصهيوني تحقيقا لما يسمى السلام الي لا نفهمه دون تحرير كل فلسطين ومغادرة الصهاينة لها وعودة اللاجئين الفلسطينيين اليها وبناء عليه فالاعتراف بالعدو الصهيوني يتعارض مع السلام الحقيقي و العادل الذي ننشده لقضيتنا الفلسطينية كما أنه يعني من ناحية أخرى أن الصهاينة على حق في احتلالهم لأرض فلسطين وبقية الأراضي العربية وأن ما فعلوه بالعرب لا يعدو عن كونه تحريرا لأرضهم التي اغتصبها منهم العرب بالفتح الاسلامي منذ أربعة عشرة قرنا وأن قتلاهم كانوا شهداء تحرير أرضهم وأن قتلانا كانوا غاصبين لأرض غيرهم فاستحقوا بذلك الموت أو الاعتقال و المحاكمة و السجن وغيرها من الاجراءات التي قام بها الصهاينة في سبيل تحرير أرضهم .ان هذا الكلام لا يستقيم مع الحقائق الموضوعية و التاريخية و القانوتية و الواقعية التي تشهد بما لا يدع مجالا للشك و لو للحظة واحدة و مهما كانت الظروف و التحديات أن فلسطين أرضا و شعبا جزء من من الأمة العربية ووطنها العربي منذ أربعة عشرة قرنا عندما جاء الاسلام حيث استقر العرب بشكل نهائي على الأرض العربية وأصبحت بين تلك الأرض وذلك الشعب الذي استقر عليها نهائيا علاقة تاريخية لا يمكن الغاؤها أو فسخها مهما كانت المحاولات قوية و مؤثرة فانها لن تلبث أن تقاومها الأمة كما فعلت عند الغزو الصليبي فبعد أكثر من قرن من الزمان تمكنت الأمة من انهاء هذا العدوان و تحرير كل المناطق المحتلة وفي العصر الحديث حاول الغزو الاستعماري فسخ تلك العلاقة الجدلية بما أوتي من قوة وخبث ومؤامرات بشعة لكنه فشل فشلا ذريعا و أول علاماته فشل فالاستعمار في فرنسة الجزائر العربية بالرغم من قرن وثلث القرن من المحاولات البائسة وهي كامل الفترة الاستعمارية .
كما أن هذا الاعتراف مستحيل باعتبار أن من يعترف بالصهاينة مهما كان وأي كانت علاقته بالقضيةلا يمثل الا نفسه باعتبار أن ملكية أرض فلسطين هي ملكية مشتركة لكل الأمة العربية وبأجيالها المتعاقية فلا يصح لجزء من الشعب أو جيل و لو كان الشعب الفلسطيني أن يفرط للصهاينة فيما لا يملكه لوحده فالأرض ملكية مشتركة للأمة فان اعتراف جزء من المالكين لا يعني شيئا بالنسبة لبقية المالكين الآخرين سواء كانوا أحياء ولم يعترفوا أو أجيلا أخرى مازالت لم تولد بعد وبناء على هذا الفهم فالاعتراف مستحيل واقعا و قانونا .
وعلى ضوء ما تقدم نفيد الواهمين من الصهاينة ومن يساندهم من قوى البغي و الطغيان في العالم ومن يوافقهم الرأي من هذه الأمة خوفا أو طمعا أو نفاقا أنكم جميعا واهمون ولم تقرأوا التاريخ جيدافنضال الشعوب من أجل حريها يكلل دائما بالنصر المؤزر على الطغاة والمتجبرين الذين يخسرون كل شيىء ومثال العراق ولبنان وغزة في أذهاننا .