أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

الثورة الإيرانية الثانية.. (9من12) لا غزة ولا لبنان روحي فداء لإيران

- محمد إقبال*
إن المعارضين استغلوا مظاهرة "يوم القدس" لكي يجلبوا الانتباه إلى احتجاجاتهم بركان الثورة الذي اشتعل منذ يونيو عام 2009 ولا زال مشتعلا هائجا غاضبا أكثر فأكثر بغضب الشعب وفي طريقه ومع وهجه وحدة لهيبه يذوب ظلام ظلم نظام ولاية الفقيه. وإحدى حمم بركان هذه الانتفاضة العارمة كانت في سبتمبر 2009. وكان الخميني وبشعار "تحرير القدس عن طريق كربلاء في ثمانينات القرن الماضي قد اعلن يوم الجمعة الأخيرة لشهر رمضان من كل سنة ك"يوم القدس" وكان هذا الشعار احد شعارات الدجل لخداع بسطاء الناس لكي يتمكن من تصدير ارهابه وتطرفه ويستمر في حربه مع العراق لابتلاع هذا البلد. وكانت تُجرى في هذا اليوم من كل عام مظاهرات حكومية مثيرة للاشمئزاز تثير وتؤذي المواطنين الإيرانيين.
الا ان ارادة الشعب في هذه السنة تسير على هدى اكبر وفي اتجاه آخر  ليخرب احد ايام الدجل وهو ""يوم القدس"" على رأس هذا النظام. والخامنئي يشعر بالخطر ويتدخل قائلا: "ترقبوا في ""يوم القدس"" كي لا يكون هناك اشخاص ممن يستغلون هذه الاجتماعات لإثارة التفرقة, علينا ان نحذر من التفرقة, علينا ان نتحدى التفرقة".
وفي انتفاضة ""يوم القدس"" يرد المواطنون على الخامنئي بشعار "لا غزة ولا لبنان, روحي فداء لإيران". كفانا شر تصدير الارهاب تحت اسم تصدير الثورة. كانت شعارات ومظاهرات المواطنين في الوقت الذي عزمت فيه ديكتاتورية ولاية الفقيه اجراء تظاهرتها زورا في "يوم القدس", ينتهز الشعب الإيراني الفرصة ويحول هذا اليوم إلى انتفاضة عارمة كبيرة. انتفاضة ضد نظام الملالي برمته.
وفي صبيحة يوم الجمعة 18 سبتمبر وتزامنا مع ما يسمى ب¯"يوم القدس", تتدفق حشود المواطنين من انحاء مختلفة في العاصمة إلى جامعة طهران. وفي تقاطع "جمال زاده" سيل المواطنين يتدفق ويرفعون شعار "الموت للديكتاتور" و"يجب أن يطلق سراح السجناء السياسيين". وفي ساحة "ولي العصر" تصرخ حشود المتظاهرين "الدم الذي في شراييننا هدية لشعبنا", "يموت الإيراني ولا يقبل الذلة ولا العار".
ويهتف المتظاهرون في ساحة "7 تير" في مركز طهران "قُتلت شباب الوطن الله اكبر, الموت لك". ونظام الحكم وفي مكبرات صوت صلاة الجمعة المخادعة يبث شعار "الموت لمجاهدي خلق" بقصد تخفيض التأييد الشعبي الواسع ل¯ "مجاهدي خلق" الإيرانية ظنا خاطئا منه ويستمر المواطنون في ترديد شعار "الموت للديكتاتور". وحشود الجماهير في ساحة "ولي العصر" كبيرة بحيث يقع عناصر البسيج تحت حصار المواطنين. وفي شارع "انقلاب" يرفع المتظاهرون شعار "التعذيب والاغتصاب لم يعد يجدي نفعا". وهم يشيرون بهذا الى كشف ممارسات التعذيب البشعة والاغتصاب للشابات والشباب والمعتقلين في الانتفاضات السابقة التي فضحت امر "النظام المقدس للجمهورية الاسلامية" في انحاء العالم. وسجن "كهريزك" هو واحد من هذه المراكز للتعذيب والاغتصاب. في شارع "ولي العصر" يدك المواطنون ارجلهم على الارض صارخين "أين يا فلسطين لترين كهريزك". وتمكن المتظاهرون من دحر هجوم قوات التعبئة (البسيج). وآلاف المواطنين يتدفقون نحو شارع "جام جم" مقر الاذاعة والتلفاز الحكوميين بشعار "نقاتل ونموت ونستعيد الوطن".
وتعلن قناة "فرانس 24" في تقرير "ان المعارضين استغلوا مظاهرة "يوم القدس" لكي يجلبوا الانتباه الى احتجاجاتهم. وآلاف المتظاهرين كانوا يصرخون لا غزة ولا لبنان روحي فداء لإيران. وأثبتت مظاهرات اليوم أن القمع طوال الاشهر الثلاثة الماضية والاعتقالات واعمال العنف واستخدام الغازات المسيلة للدموع وادوات مكافحة الشغب لم تتمكن من ابقاء المواطنين في منازلهم. كما لم تنصرف الاتهامات المتعلقة بالاغتصاب داخل السجون ..المواطنون صارمون ولن يستسلموا وعازمون على الاستمرار بمعارضتهم".
نهضت سائر المدن الإيرانية الأخرى أيضا في انتفاضة "يوم القدس". وفي "تبريز" كانت الجماهير محاصرة من قبل قوات الأمن الداخلي ويرفعون شعار "لماذا جلستم ايها المواطنون ?, إيران اصبحت فلسطين". وفي مدينة قم تشتبك حشود كبيرة من المواطنين مع قوات الأمن وتستخدم هذه القوات غازات مسيلة للدموع. وفي "مشهد" يتحرك المتظاهرون من منطقة "تقي آباد" نحو جامعة "مشهد" ورغم مداهمة القوات القمعية واعتقال عدد كبير من المواطنين تستمر المظاهرات والشعارات. وفي "أصفهان" يشتبك المواطنون مع قوى الأمن الداخلي في شارع "انقلاب" أمام جامعة "الصناعة" وتضطر الشرطة لاطلاق الغازات المسيلة للدموع لتفريقهم. وفي شيراز تنطلق مظاهرة كبيرة في شارع "15خرداد".
ان انتفاضة هذا اليوم هي انتصار كبير على خامنئي ومحمود احمدي نجاد اللذين لم يتمكنا من منع الإيرانيين من الخروج رغم حشدهما جميع قواهما واستخدامهما أبشع أساليب التعذيب والاغتصاب ضد الفتيات والفتيان المعتقلين ورغم الهجوم الوحشي على "أشرف" الذي تحدثنا عنه في مقالة سابقة, ان انتفاضة الشعب العارمة في ""يوم القدس"" هي في الوقت نفسه فشل لمشروع خامنئي القمعي حيث وضع قبل اسابيع خطة احتواء لانتفاضة هذا اليوم وكانت في مقدمة اولويات النظام السياسية والأمنية وحتى انه قاد شخصيا عمليات القمع عبر مقر "ثار الله" باستخدام جميع قوات القمع التابعة لنظام ولاية الفقيه من قوات الحرس وميليشيا ال¯"باسيج" ووزارة المخابرات وقوى الامن والوحدات الخاصة لمكافحة الشغب الا أن انتفاضة الشعب تغلبت على كل ذلك.

* خبير ستراتيجي إيراني
m.eghbal2003@gmail.com

Total time: 0.2649