كل حزب بما لديهم فرحون.هكذا الحال ينطبق مع الأحزاب السياسية في بلادنا إذ يعتقد كل حزب أن ما يقوم به من تصرفات وممارسات سياسية تجاه قضايا الوطن إنما هو عين الصواب ويصب في مصلحته وان ما يقدمه للوطن غير قابل للنقاش والجدال من أي طرف كان حزب ساسي أو منظمات مدنية أو اجتماعية أو ثقافية أو علمية أو أكاديمية، حيث يجب الأخذ به هكذا "مغمض العينين" دون مراعاة للتضاريس السياسية والبيئية المجتمعية للبلد متناسياً –أي هذا الحزب- انه يعيش في ظل منظومة سياسية أساسها الديمقراطية والتعددية الحزبية وليس الحزب الواحد.. !!
وبالتالي فان الأحزاب السياسية الفاعلة على الساحة اليمنية برمتها كما يبدو لم تستوعب إلى الآن مفهوم الشراكة الوطنية بمعنى الكلمة وهذا يظهر من خلال سعي كل حزب إلى فرض سياسته على الآخرين دون الأخذ من الأطراف الأخرى..ناهيك عن غياب مفهوم الحوار الحضاري في أجندات هذه الأحزاب باعتباره السبيل الأنجع للخروج برؤية موحده يسلك طريقها كل الأطراف المتفقه عليها لمعالجة القضايا الشائكة في البلد..!
ولعل ما حدث في الأيام الماضية في مجلس الوزراء من انسحاب لبعض الوزراء"المؤتمريين" احتجاجاً على ما تناوله رئيس الوزراء في خطابه في ساحة التغيير بصنعاء بمناسبة ذكرى جمعة الكرامة كان بالنسبة لهم استفزازاً لأنه لم يتحدث بصفته رئيس للوزراء وإنما رئيس للمجلس الوطني دليل واضح أن الحوار الوطني الشامل القادم لن يكون عند مستوى المسؤولية الوطنية إذا استمر الحال على هكذا مناكفات ومزايدات وهذا ما لا نرجوه وبالتالي إذا ظل هؤلاء الوزراء في حكومة الوفاق الوطني كلاً منهم يتبع ما يملي عليه حزبه فلا خير في الحكومة ولن تنجح في مهمتها الانقاذيه للبلد بل قد تسبب بكارثة تنعكس سلباً على المواطنين والوطن معاً..(لا سمح الله) ..!
إن الحوار الوطني الناجح دائماً ما تسبقه حسن النوايا ومصداقية القول والفعل وتقبل الأخر ووجود انسجام وتفاعل بين الأطراف المتحاورة على أسس وطنية بحته وشراكة وطنية فاعلة بعيدة عن المصالح الحزبية الضيقة والانتماءات المذهبية والطائفية والمناطقية المقيتة التي عادة ما تضع الوطن في محك الصراعات السياسية اللانهائية وإذا أردنا معرفة مدى فشل الحوار مسبقاً يمكننا قياس ذلك من خلال الاشتراطات اللامحدوده للبدء في الحوار والإصرار على إمضاء هذه الشروط مهما كانت وتقديم مصلحة الحزب على مصلحة الوطن بالإضافة إلى ثقافتي الإقصاء والااستغباء للأطراف الأخرى المعنية بالحوار ..!
واليوم نسمع أن ثمة اشتراطات "تعكيريه وتعجيزيه"تطرحها الأحزاب السياسية (المؤتمر وحلفائه-المشترك وشركائه) كشرط لبدء الحوار الوطني الشامل من ضمنها إبعاد الرئيس السابق علي عبد الله صالح من الحياة السياسية وخروجه مطلقاً من اليمن فان هذا الشرط من منظوري الشخصي ليس له معنى ولا علاقة بالحوار بل والمبادرة الخليجية -أيضا- غير أن البعض من الأحزاب يأخذ ذلك الشرط من محمل شخصي يندرج ضمن ثقافة الإقصاء التي تعاني منها أحزابنا -للأسف الشديد- وبالتالي يزيد من الوضع سوءً وتعقيداً .ولطالما اتفق الجميع على المبادرة الخليجية فيتوجب على الأطراف الموقعة عليها تنفيذها بحذافيرها دون الالتفات بما ليس له شأن في المبادرة ولاسيما ذلك الشرط "الهلامي"..!
فكيف تريد هذه الأحزاب من الرئيس السابق أن ينعزل السياسة وهي تدرك أن المبادرة لم تتضمن ذلك الشرط أو البند..؟ إذن فعلى ماذا تتكئ وتستند هذه الأحزاب كمبرر وجيه بعدم بقاء "صالح" في اليمن ..؟ على كل حال إن مفهوم "الطاعة الحديدية" التي تنتهجه بعض الأحزاب السياسية في إتباع ما دون سياستها والتفكير بالعقلية القديمة واستهلاك الثقافة البائدة لديها في تسير عجلة التنمية في البلد وكذا الاعتقاد أن بمقدورها الاستحواذ على شيء سيجعلها تسقط في مستنقع الفشل المريع وسيحتم ذلك إلى خلق صورة مشوهة عنها ولن تقوم لها قائمة..!