منذ عقود والنظام الإيراني يكرر تهديداته عبر الخطابات النارية الجوفاء بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، إلا أن المراقبين يرون أن تلك الخطوة تنافي الواقع خاصة وأنها ستعتبر بمثابة مغامرة سياسية غير محسوبة لن تقوى طهران على تحمل تبعاتها وتداعياتها.
فمنذ اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في 1980، لوحت طهران بورقة إغلاق مضيق هرمز لتعود وتكرر التهديد الأجوف من جديد في عام 2011 بعد تصاعد حدة التوترات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية وفرض عقوبات على طهران.
وفي حقيقة الأمر، فإن إيران لا تملك القدرة أو حتى الرغبة في تنفيذ تهديداتها بإغلاق المضيق لأنها تعي تماما أن تلك الخطوة سترتد في المقام الأول على كل مصالحها واقتصادها لتدق آخر مسامير نعشها بيدها بعد الانتحار الذاتي للنظام في إيران.
ويرى مراقبون أنه إذا ما نفذ حكام إيران تهديداتهم بإغلاق مضيق هرمز فمن الممكن أن يحققوا هدفهم في غضون ساعات، لكنهم قد يدركون أنهم أشعلوا صراعا إقليميا عقابيا هم الخاسر الرئيسي فيه، وذلك لاعتبارات سياسية وعسكرية واستراتيجية تتمثل في التكلفة الباهظة لإغلاق الممر والتي لا تتناسب والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن.
فهذه الخطوة – إن أقدمت طهران على فعلها - ستؤدي إلى رد انتقامي وسريع من جانب الولايات المتحدة لتوجه ضربة موجعة للنظام في إيران تشل أركانه عسكريا واقتصاديا.
ومن جانب آخر، فإن مضيق هرمز يلعب دورا كبيرا في النمو الاقتصادي للدول الشرق آسيوية، وبالتالي فإن أي عبث إيراني بالمضيق سيؤدي إلى اعتراض شركاء إيران الكبار في آسيا، كالصين على سبيل المثال، خاصة وأن 80 في المائة من النفط الذي ينقل عبر المضيق يتجه صوب الأسواق الآسيوية.
هرمز وخمس نفط العالم
ومضيق هرمز هو أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، ويعتبر المضيق في نظر القانون الدولي جزءًا من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها.
ويمر عبر هذا الممر المائي نحو خُمس إنتاج العالم من النفط، أي نحو 17.4 مليون برميل يوميا، في حين بلغ الاستهلاك نحو 100 مليون برميل يوميا عام 2018، وفق شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية.
ويعبر المضيق يومياً ما بين 20 و30 ناقلة، بحمولة تتراوح بين 16.5 و17 مليون طن، بمعدل ناقلة نفط كل 6 دقائق في ساعات الذروة.
وإضافة إلى النفط الخام، فإن 22% من السلع الأساسية في العالم (الحبوب وخام الحديد والإسمنت) تمر عبر مضيق هرمز، وإغلاقه سيشكل كارثة اقتصادية وغذائية عالمية، بالتأكيد لن تقف عند حدود الشرق الأوسط.