قال مشعل السديري : بعث لي أحدهم بهذا (الواتساب)، الذي يحكي عن رجل مسنّ انطلق بسيارته من الطائف إلى الرياض، ومعه زوجته وأبناؤه وبناته، وقبل أن يصل بـ200 كيلومتر تقريباً، تعطلت سيارته وتوقفت، واضطر إلى أن يشير إلى السيارات العابرة، لعلّ أحدهم ينجده، دون فائدة.
وأضاف السديري في مقاله بـ “الشرق الأوسط”، بين الشهامة والنذالة: “فجأة إذا بسيارة أنيقة تتوقف، وبها شاب في مقتبل العمر ليس معه غير ملابسه المعلّقة عند المرتبة الخلفية، ونزل منها لمساعدة الرجل في محاولة إصلاحها، ولكنه فشل، فقال للرجل: حيث إن معك عائلتك، وفيهم الأطفال، خذ سيارتي وانطلق بها، وأنا سوف أنتظر إلى أن أحصل على (سطحة) لنقل سيارتك، وأركب مع سائقها، وأصل إلى الرياض، وهذا هو رقم تليفون منزلي، وبعدها يأخذ كل واحد منا سيارته”.
وتابع: هذا هو ما حصل، وفي اليوم التالي اتصل الرجل على رقم التليفون، ولكن دون ردّ، وأخذ يكرر الاتصال، وفي اليوم الثالث أو الرابع ردَّت زوجته وهي غاضبة تقول له من دون أي سلام: يا جماعة، أنتم بهدلتوني بكثرة الاتصالات ومطاردة زوجي، فلما استفسر منها أكثر علم أنه مسجون في مخفر شرطة حي الملز.
وأوضح “السديري” أنه عندها ذهب إلى هناك، وسأل الشرطي المناوب بالاسم عن الشاب، وما قضيته التي أُوقِف من أجلها؟! فقال له: إن عليه مديونية لا يعلم مقدارها.
وأضاف: تركه الرجل، وفي اليوم الثاني أتى بمائة ألف ريال وطلب من الشرطي تسديد دين الرجل، ويخبره أنها من فاعل خير، وبعد يومين ذهب لكي يطمئن أنه خرج، فقال له الشرطي: لقد تبرَّع بها لتسديد مديونيات أربعة مساجين، حيث إن مديونياتهم صغيرة، ومديونيته تقارب المليون.
وقال “السديري”: استنجد الرجل بجماعته، وحكى لهم موقف الشاب النبيل معه عندما تعطلت سيارته، وهبّوا جميعاً بالتبرعات إلى أن اكتمل المليون، وذهب وسدد دين الشاب، وأرجع له سيارته.
وواصل الكاتب : وبالمناسبة يقول الشاعر: الطيب لا تستغربه من هل الطيب.. وشلون نستغرب من الغيم الأمطار.
وفي سياق متصل، ذكر “السديري” واقعة أخرى قائلا: “هناك حادثة مشابهة حصلت مع مطرب مشهور حكاها لي، ولا أريد أن أذكر اسمه، وكان أيضاً مسافراً وحيداً إلى الرياض، و(بنشرت) سيارته، ووجد كفر (الاستبنة) معطوباً، ووقف يؤشر ويستنجد بالعابرين، وتوقف له رجل ملتحٍ، وصادف أن كفرات السيارتين متشابهة، فما كان منه إلاّ أن يفك الكفر (المبنشر)، ويضع بدلاً منه (استبنة) سيارته”.
وأضاف: صافحه المطرب شاكراً له شهامته معرفاً بنفسه، وما إن سمع الرجل اسمه حتى نفض يده من يده قائلاً له: أجل… أنت المطرب اللي فسّدت عيالي بأغانيك؟!
واختتم: ذهب مسرعاً وفك ذلك الكفر الذي ركّبه وأعاده في شنطة سيارته، واستقلها مفحطاً وتاركاً الحصى والغبار يتطاير في وجه المطرب المذهول.