هادي و خطاب المرحلة
محمد حسين النظاري
هادي و خطاب المرحلة
خطاب المرحلة والمتمثل في الدعوة لخير عمل ينبغي ان يقوم به اليمنيون وهو الحوار، تلك فحوى الكلمات التي القاها الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة في الأكاديمية العسكرية العليا يوم السبت 5/5/2012، اثناء حضوره حفل تخرج الدورات الخامسة حرب عليا والرابعة دفاع وطني والرابعة عشرة قيادة وأركان مشتركة... فقد سطّر فيها الخطوط الهامة لأدق مرحلة تمر بها اليمن، بيّن اهمية السعي الى الحوار، ولان الحوار ينبغي ان يرتكز على ارضية سليمة فقد كان صريحاً وشفافاً حين أكد "على أهمية أن تُبنى القوات المُسلحة على أُسِسٍ عِلمية ووطنية بحيث يكون ولاؤها المُطلق لِله والوطن والشعب ولِقِيَادتِه المُستمِدة سُلطتها مِن الإرادةِ الشعبِية"، وليس لولاء شخصي او حزبي او قبلي او مناطقي.
من نافل الحال الحديث عن سلامة واستقرار الوطن وتحقيق أمن الناس وحِماية مصالِحهم، كمال قال فخامته في ظل انعدام جيش وأمن وطني مُوحّد وقوي ومُؤهل ومُحترف، وقد اثلج الصدور وهو ينطق بلسان الشعب الذي انتخبه: " لن أسمح باستمرار أي انقِسام في الجيش ولن أقبل بأي مُحاولةٍ مهما كانت لتعطيل مسارِه أو حرفِه عن مهامِه وواجِباته الأساسية"، فالجيش الوطني اليمني ينبغي ألا ينصاع إلا للقائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن".
لقد أيقنا كما أيقن فخامته أن الأحزاب بتحالفاتها المختلفة لم تستطع مغادرة الماضي والعبور مع الشعب إلى اليمن الجديد الذي ارتضاه وصوّت عليه، وان الوقت هو وقت المكاشفة لا زمن التنظير من بروج عاجية، وانه لا مفر من تنفيذ بنود المبادرة التي وُقِع عليها في الرياض، فالمرتد عنها سيجد العالم بوجهه، وستنكشف نواياه.
من اهم ما تطرق اليه فخامته الدعوة الى نبذ التحريض، وهنا نستغرب بين حين وآخر ان نسمع كلمات من دولة رئيس الوزراء لا تمت الى التوافق بصلة، آخرها من ساحة الحرية بتعز حين شبه اليمنيين بالنازيين بتأكيده ان حريق ساحة الحرية اشد من محرقة الهولوكوست التي قيل ان اليهود تعرضوا اليها.
كما كان للخطاب الاعلامي حضوراً ملفتاً في خطاب الاخ الرئيس، فالإعلام بكل مكوناته ينبغي ان يسهم في الدفع بعملية التسوية السياسية للامام، لا ان يتقوقع في اصطياد الأخطاء، وتلفيق التهم، ونشر الاشاعات والأكاذيب التي تصور الواقع على غير هيئته الحقيقية.
نعم ليعرف الجميع كما قلنا مراراً أننا تحت الوصاية الدولية في المرحلة الانتقالية، ولعل رب ضارة نافعة، ففعلاً كنا نحتاج لمثل هكذا امر يخلصنا من شرور بني جلدتنا واستئسادهم على الضعفاء، الذين لم يكن ليردعهم رادع سوى المجتمع الدولي، ولو لا تسخيرهم من قبل المولى عز وجل، لكنا الآن في وضع مغاير تماماً.
ولهذا فما وصلنا اليه كما قال فخامته: "ضرب من الخيال"، ويخطئ من يصور اننا لم نحقق شيئ، نعم حققنا الكثير من التقدم، وسنسير نحو اكمال المشوار بحيث نبني يمناً لا يتحكم فيه الافراد بأهوائهم، ولا العسكر ببنادقهم، ولا المشائخ بوجاهتهم... يمن يسوده القانون من اعلاه الى ادناه.
القتل والترويع والترهيب ليست من شيم ديننا الحنيف، ويكذب من يوهم الاخرين انه جاء لينشر الاسلام في مجتمع كله مسلمون، ان من يريد تعلم الاسلام حقاً هم الخارجون عن مبادئه السمحة، وصدق الرئيس حينما أكد: " أقول لهؤلاء القتلة الذين أساؤوا لديننا الإسلامي السمِح، إن المعركة لم تبدأ بعد ولن تنتهي إلا بعد أن تُطهر كل مُديرية وقرية وموقع لِيعود النازحون إلى منازِلِهم آمنين مُطمئِنين أو بعد أن يجنحوا إلى السِّلم ويُسلموا أسلِحتهم ويتخلوا عن الأفكار التي تتناقض مع الدين الإسلامي الحنيف ".
نعم لقد كان الخطاب خارطة مهمة لطريق اليمن القادم الذي قد يكون محاطاً بالأشواك والعوائق، لكننا بإذن الله وسواعد الشرفاء من ابناء الوطن ومعهم الاشقاء والأصدقاء، سنعبر وسنواصل بناء اليمن الحديث الذي يتسع للجميع .
ولان القول يتبع بالعمل فقد كان صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (13) لسنة 2012م بتشكيل لجنة الاتصال والتي جمعت من يُجمع الكل على انهم مؤهلون للقيام بما انيط بهم من مهام، فالمرحلة جدُ دقيقة، ولان تشكيل اللجنة هو اول نجاح للحوار فقد وفق الاخ الرئيس في الشخصيات التي شملها القرار، والتي نسأل الله العلي القدير ان يوفقهم الى الاستعانة بمن يرونه مناسباً من أي طرف كان لإنجاح عملية التواصل، مع ابتهالنا للمولى جل شأنه ان يجعل فيهم القبول من كافة الأطراف حتى يثمر ذلك بالتعاون معها، وبما يفضي الى التسريع في إجراءات تشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني خلال فترة التي لا تتجاوز 30 يونيو 2012م، بحسب القرار الجمهوري... وفق الله اليمنيين للتحلي بالحكمة المعهودة عنهم.