اخبار الساعة

مذكرات ليست شخصية ( 22 ) بناء الثقة والديمقراطية لحل النزاعات في المجتمعات المنقسمة ( مرسي رئيساً ) إستراتيجيات

اخبار الساعة - عباس عواد موسى بتاريخ: 24-06-2012 | 12 سنوات مضت القراءات : (35313) قراءة

 

 
مذكرات ليست شخصية ( 22 )
بناء الثقة والديمقراطية  لحل النزاعات في المجتمعات المنقسمة ( مرسي رئيساً ) إستراتيجيات 
 
عباس عواد موسى
 
 أصبحت الحروب بين الدول، وخاصة في أوروبا، ظاهرة تستحق الدراسة والبحث , لأنها تقع بين الحكومة المركزية في الدول التي تشكلت حديثاً وبين الأقليات القومية أو الجماعات العرقية المختلفة. وهذا ما يؤكده كلام د. هورويتز في " نزاع الجماعات العرقية "  فالصراع العرقي ظاهرة عالمية وظاهرة متكررة , وهو في سياق التحول الدولي  يلعب دوراً في ظهورالأقليات واختفائها
 ولعل تمكن المجاهدين العرب والمسلمين من إلحاق الهزيمة النكراء بالإتحاد السوفييتي وإبادتهم لحلف وارسو وتفكيكهم للإتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة , يمثل العامل الأبرز في ظهور النزاعات العرقية التي باتت تهدد الأمن الداخلي لروسيا ولدول يوغوسلافيا السابقة .
ولما يحظى به هذا الموضوع من أهمية قصوى , عقد أكاديميون مؤتمراً في مدينة اُسْتروغا يومي العاشر والحادي عشر من حزيران عام 2000 والمؤتمر كان مشروعاً مشتركاً بين مقدونيا ومولدوفا , هَدِفَ منظموه منه وضع دراسة مقارنة في مجال حل النزاعات وبناء الثقة في المجتمعات المنقسمة . وتم استكمال المؤتمر في أوائل أيلول في مولدوفا في نفس السنة .
في مقدونيا , قام المشاركون بزيارة مدينتي تيتوفو و غوستيفار اللتين تقطن كل منهما أقليات متعددة من مقدون وألبان وأتراك وفلاسي, للبحث في سبل العيش الكريم المشترك بينهم جميعاً , ولأخذ الهموم من كل طرف ووضع الحلول الكفيلة بمنع نشوب صراع مسلح بين الأطراف المختلفة لغة وديناً ومذهباً وتاريخاً .
وأوضحت الأستاذة الدكتورة ميريانا ماليسكا ( من كلية الحقوق بجامعة مولدوفا ) , أن انهيار الحكم الإستبدادي في الإتحاد السوفييتي المتحلل نسبياً والآخذ في الزوال حتماً , وتفكيك يوغوسلافيا أدى إلى بزوغ هذه النزاعات فهي كالجريمة بدأت منذ بدء الخليقة ولن تنتهي إلا بانتهاء الخلق .
وأشارت إلى أن مقدونيا ومولدوفا تتميزان بأن كلأً منهما خرج من رحم نظام إستبدادي شيوعي , إتّصف بتقييده لحرية مواطنيه , وباقتصاد كان سبباً لتخلف كل من اعتقد بالنظرية الماركسية ,  فلم تنجُ منه دولة واحدة من تلك المنظومة . ومن هنا , فإن المؤتمر وإن كان جامعيّاً ومجتمعيّاً إلا أنه اتسم بالنقاشات السياسية الساخنة والأمنيّات التي يحتاجها المجتمع . فقد كان لبطء النمو الإقتصادي للبلدين أثر بالغ في الإستقرار السياسي لكليهما . 
إن التحدي الذي تواجهه مولدوفا , هو نفسه الذي تواجهه مقدونيا . فالبلدان زراعيان بالدرجة الأولى وينتميان إلى جنوب شرق أوروبا , ويفتقدان لشاطيء بحري , وتحولهما اصطدم بالأقليات .
عرج الباحثون , على أن النزاع المسلح وقع في مولدوفا لحل قضية ترانسنيستريا التي سعى سكانها لإعلانها مقاطعة مستقلة , أما مقدونيا فقد اتبعت الديبلوماسية الوقائية في السياسة الدولية , ومنعت وقوع أي نزاع مسلح .
بهذه المعلومات , تحدثت إلي الأستاذة الباحثة شبريسيا دورغوتي قبل أن تقودني إلى صدمة أليكسندر مينوسكي نائب وزير العدل المقدوني الذي كان قد شارك في المؤتمر بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلاده بعد عام أو أقل على انعقاد المؤتمر الذي تباهى فيه بديبلوماسية مقدونيا الباهرة . كما وصُدم الخبير البلغاري ستيفان نيكولوف بعد أن أصدرت محكمة ستالسبورغ حكماً قضائيّاً جرّمت فيه بلاده إزاء تعاملها مع الأقلية المقدونية , بعد ست سنوات على انعقاده . في حين كان قد تباهى فيه بديموقراطية بلاده. وذكّرتني بأستاذنا الأكاديمي باندة لازاريفسكي وهو من الأقلية الفلاسية وقد شارك في المؤتمر بورقة قدم فيها رؤاه الأمنية المتميزة لبلاده ليُصْدَمَ باغتيال رئيسها ترايكوفسكي والذي ينتسب لأقليته وهو متجه جوّاً إلى العاصمة البوسنية ( سراييفو ) .
 
شبريسيا دورغوتي , ألتركية الألبانية , وضعت تحليلاتها عن الربيع العربي , وما قدمت من أبحاث لإنجاز أطروحتها للدكتوراة بمعهد العلوم السياسية والقانونية والإدارية في العاصمة المقدونية اُسكوبية جانباً بشكل مؤقت لأن البروفيسور لازاريفسكي مدير مركز الكوارث الذي يشرف عليها طلب منها أن تجهد في الإجابة على سؤال يتعلق بتأثير انتخاب الدكتور المهندس محمد مرسي رئيساً لجمهورية مصر العربية , على مجرى الربيع العربي وأثره على البلقان , وبالأخص جنوب أوروبا الشرقي .
زارني شقيقها تشاني , وهو زميل لنا أيضاً في الأردن . واطلع بنفسه على بعض الأمور ليعينها في بعض المعلومات , وأما رجل الأعمال غوران خريستوفسكي فقد أعانها بما يلزمها عن مصر . ولكنها عَدَت مضطرة لأن تزور القاهرة بنفسها لتبحث كما قالت لي في سحابة لا تزال تحبس أمطارها عن الأرض . فالمشرف الذي أخطأ في تشخيصه وتحليله بمؤتمر اُستروغا قبل إثنتي عشرة سنة يحب المغامرة والمجازفة في البحث بنتائج الربيع العربي الذي وكما يقول يؤثر كثيراً على بلاده .
مما سبق , يتبين لنا , أن التيار الديني الصاعد , سيقدر على تحقيق الإنسجام والوحدة , بعد أن فشل الحكام المخلوعون على ذلك . ولكن الشرط الأهم هو نفض الدوائر والأجهزة المخترقة والتابعة , لتحقيق استقلال تتوق له الأمة . 
المصدر : عباس عواد موسى
اقرأ ايضا: