فتحي بن لزرق : خبز صالح
اخبار الساعة بتاريخ: 16-07-2023 | 1 سنوات مضت
القراءات : (6989) قراءة
الأحداث الواردة في هذا المقال لاتحتاج لدلائل ،جولة بزقاق واحد بعدن ستخبرك الحقيقة، والحقيقة لاتباع أنها مرمية على الأرصفة..!
في العام 2011 وفي عز الاضطرابات التي كانت تشهدها البلاد ، دعا الرئيس السابق علي عبدالله صالح الشيخ صالح بن فريد العولقي وكان يومها في صنعاء لزيارته إلى دار الرئاسة.
لم تكن علاقة صالح بالشيخ بن فريد على مايرام لكن مايُحسب لصالح انه لايقطع وصلا حتى مع من هم على خلاف معه.
ذهب الشيخ صالح بعد ظهر يوم جمعة وكان الآلاف من الناس في زيارة الرئيس صالح ، امتلئت المجالس بالحاضرين وكان صالح حريصا ان يزور ويلقي التحية على كل ضيوفه.
وبعد جلوس قصير في مجلس الرئيس نهض الرجل واخذ الشيخ صالح من يده وسار به إلى مجلس خاص وجلسا وحيدين .
كانت البلاد يومها تشتعل من كل جانب ويحمل اليمنيون معاول الهدم لدولتهم التي بكوا عليها كثيرا لاحقا .
قال الرئيس علي عبدالله صالح مخاطبا الشيخ صالح :" قلي ياشيخ بن فريد انتم على ايش ناويين في المحافظات الجنوبية .
قال له الشيخ صالح :" قل لي أنت باق أم مغادر ؟ قال صالح :" بالنسبة لي انا مغادر واستقالتي سأقدمها ولا تغرك كل هذه الجموع الأمر حسم لكنني دعيتك إلى هنا لكي اسألك ما الذي ستفعلونه بعدي في المحافظات الجنوبية؟.
قال الشيخ صالح :" نحن نريد نعيد براميل الشريجة والانفصال لاتراجع عنه.
ساد المكان صمتا مهيب قطعه حديث الرئيس صالح قائلا :" ياشيخ صالح انتم العقلاء وتعرفون هؤلاء وانا اعرفهم وتعرفون أنهم لن يسدوا أبدا كل طرف يريد يحكم الثاني حاولوا تجنبوا الجنوب هؤلاء المجانين سيأتي عليكم يوم وستقولون فيه قاله "علي عبدالله صالح" ولم نصدقه.
يقول الشيخ صالح والكلام على لسانه :" فرد صالح يده اليمنى ونحن جالسين في منصة المجلس وقال :" تشوف يدي هذه ، هؤلاء خبز يدي والعجين ولن يسدوا أقولها لك وانا استعد للرحيل وخذها للذكرى وبلا ثمن!.
يضيف الرئيس صالح مخاطبا الشيخ صالح :" أصحابنا ياشيخ صالح من مسك مدينة حكمها وهؤلاء كل واحد يريد يكون الحاكم انزل إلى عدن واسأل الطارف من هؤلاء ماهي أمنيتك سيقول لك أريد أكون رئيس ،كل واحد زعيم وكل واحد سلطان وكرسي الدولة لايتسع الا لواحد لن يقول لك احدهم أريد ان أكون مواطنا.
قال الشيخ صالح قلت له يومها :" اخرجوا منها ونحن بانسد ولا لكم دخل فينا، فقط أعطونا حريتنا ولا لكم دخل بنا .
هز الرئيس صالح رأسه ونهض مودعا وغادر المكان.
يقول الشيخ صالح :" كانت هذه هي أخر مرة التقي فيها الرئيس صالح وكانت هذه الكلمات هي أخر ما أتذكره من الرجل.
قلت للشيخ صالح في لقائي اخير جمعني به :" وجئتم على كلام الزعيم صالح ياشيخ صالح .
هز راسه وقال :" للأسف ..
مات صالح وارتحل إلى جوار ربه ويعلم الله ان كان المجلس والمكان الذي التقى فيه الرئيس صالح الشيخ بن فريد لايزال موجودا أم دمرته الحرب.
مات صالح ولم يتبقى لا منه ولا من نظام حكمه شيء.
غادر صالح قبلها نظام الحكم فيما كانت القيادات في عدن تواصل العراك على مكرفون منصة.
كانت الصورة واضحة لكن طُبع على قلوب كثيرين ..!
كانوا يتعاركون على مكرفون..!
اندلعت الحرب وغادر كل الشماليين الجنوب ولم يعد هناك لا معسكرات ولا قيادات ولا مواطنين ولا متاجر ولا شيء ذو قيمة .
هل حكم المنادون بالانفصال الجنوب؟ المتعاركون بقناني المياه باتوا يتعاركون بالأسلحة الثقيلة والخفيفة والمدافع والدبابات كلا يريد ان يحكم .
باتوا يتعاركون على المؤسسات والوزارات والمحاكم واي شيء بقيمة أو بلا قيمة.!
ومن نفير إلى نفير ومن معركة إلى أخرى ومن اتفاق إلى اتفاق وكلا منهم يريد ان يحكم .
ومن مكون إلى أخر ومن الشيوعية إلى الشيعية إلى اليهودية حملوا الشعب كعفش متسخ وبال وبلا ثمن.
إذا قدر لك ان تلقي نظرة على مايحدث في جنوب اليمن وعدن تحديدا ستصاب بالحيرة والذهول وستدرك ان صالح كان صادقا ولم يكذب.
كل هذه القطعان تريد ان تحكم وكل هذه الجموع تريد ان تكون رئيسا، هذا يريد ان يكون رئيسا على المحاكم وهذا في الجامعة وهذا زعيم مقاوم وهذا يقتحم مؤسسة وهذا يوقف عمل محطة كهرباء وهذا يشكل نقابة ويريد ان يكون بصلاحية وزير وهذا قائد نقطة يريد ان يتحول إلى قائد معسكر ويشن هجوما على غيره .
وهكذا تمر أيام وسنين عدن مابين ثورة وأخرى الجميع يريد ان يكون الرئيس ولا احد يريد ان يكون الشعب.
نقابة معلمين تعطل التعليم.
ومجلس قضاء يعطل القضاء.
وقائد عسكري يشتبك مع أخر.
وهذا حاكم وهذا مناضل وهذا قائد .
وطن الالف زعيم وزعيم ..
وطن المليون علم وشعار وصورة .
وطن تساوت فيه البيادات والعقول..
كان "صالح" الاخبر بهم ، الادرى والافهم ..
يده التي فردها كانت الأكثر معرفة .
لم يكذب ، كل هذه القطعان تريد ان تكون (رئيسا).. مشكلة "الدولة" ومؤسساتها في عدن ان الكل يريد ان يكون رئيسا ، لااحد يملك قليلا من التواضع لكي يكون مرؤوسا.
هذا هو حال "عدن" وسيظل ولن تستقر ابدا حتى تسود الدولة ، الدولة التي يقودها فرد واحد وقانون واحد ونظام واحد .
حتى فكرة الانفصال ومطلبه في ظل وضع كهذا تبدو عبثية فارغة من اي معنى،ذات الانفصال يريد دولة ومؤسسات وانظمة وقوانين تخضع لها الناس قبل ان تحترمها.
وهكذا تمضي الحياة في انتظار وطن يتسع لكل هذه القيادات.. كان صالح الأصلح بهم ..
اقرأ ايضا: