(8) البحر بوابة اليمن للنهوض القادم لترسيخ أعلى قيم الانتماء والولاء الوطني المنشودة
اخبار الساعة - د.طارق الحروي بتاريخ: 14-11-2012 | 12 سنوات مضت
القراءات : (3281) قراءة
- من الجدير بالذكر بهذا الشأن استنادا لكل ما أوردناه من رؤى وتصورات تعزز ما ذهبنا إليه من قناعات لها شأنها لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها من قبل دوائر صنع القرار في بلادنا وعناصر حركة التغيير الوطني منها- بوجه خاص- التي لن تجد لها مدخلا ومخرجا بهذا الحجم (كما ونوعا) مهما حاولت أن تعتصر أذهان وعقول أفرادها، يفتح أمامها الطريق واسعا لولوج هذه المرحلة من أوسع أبوابها من خلال تبنيها لأضخم وأهم مشروع وطني طموح جدا منذ ثورتي سبتمبر وأكتوبر في اتجاه ترسيخ ومن ثم توحيد ودمج اليمن أرضا وإنسانا وبناء اليمن الجديد بإقامة دولته البحرية المدنية الحديثة المنشودة؛ والتأسيس لأدوار محورية لها شأنها في محيطها الإقليمي بأبعاده الدولية ليس هذا فحسب.
- لا بل وإمكانية إدامتها إلى أطول وقت ممكن بضمان استمرارية منظومة العوامل والدوافع الداخلية والخارجية الحاضنة والمحفزة لها، يقوم على تحويل اليمن إلى دولة بحرية مدنية حديثة لها شأنها في الأربعين عاما القادمة ضمن إطار برامج وآليات تنفيذية مزمنة؛ يتوقع أن يقدم من خلالها على طبق من ذهب حلول مثلى بنتائج مذهلة لكل معضلاتها ومشكلاتها المستعصية المزمنة بشقها المادي والمعنوي ويجسد أعلى مستويات تمثيل المصلحة الوطنية والتاريخية العليا، ويفتح المجال واسعا أمامها لإمكانية تأدية أدوارا إقليمية محورية لها شأنها تلبي طموحاتها المشروعة.
- ومما لا شك فيه بهذا الشأن إن تجسيد وترسيخ قيم الانتماء والولاء الوطني بين أفراد المجتمع حكاما ومحكومين، تعد أحد أهم مقومات بناء وتأسيس الدول وتطورها ومن ثم استمرارها على أرضية صلبة جدا ومتينة إلى حد كبير لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها، على خلفية ما تمثله من أهمية كبرى في تعزيز طبيعة ومستوى ومن ثم حجم قدراتها المعنوية الوعاء الحاضن لرواها وتوجهاتها وسياساتها ومن ثم المحفز لها في اتجاه تفعيلها إلى أقصى مدى ممكن.
- كي يتسنى لها ترجمتها ومن ثم إظهارها بصورة واضحة جدا على أرض الواقع؛ في اتجاه زيادة طبيعة ومستوى ومن ثم حجم قدراتها المادية وصولا إلى فعلها الاستراتيجي، في ضوء ما يحدثه هذا الأمر من نقلات نوعية لها شأنها في مدركات أفراده وعيا وسلوك قولا وفعلا، كي تصبح بموجبها المصلحة الوطنية العليا هي الشغل الشاغل لهم ومحور ارتكاز حركة اليمن دولة وشعبا وطموحا.
- فبدون هذه القيم سوف تطغى أولويات المصلحة الخاصة بطابعها المشروع وغير المشروع شكلا ومضمونا على اهتمامات أطياف وشرائح وتيارات بعينها من المجتمع على حساب أولويات المصلحة الوطنية العليا، بصورة تعمد فيها إلى فرض نفسها بقوة على مساراتها الوطنية لدرجة قد تصل بأن يصبح للأهداف والمصالح ومن ثم المشاريع الصغيرة مكانة مرموقة لها شأنها في المجتمع، كي تبدأ على إثرها دورة شبه كاملة في اتجاه محاولة إخراجها وترجمتها وكأنها أفضل صيغة ممكنة لتمثيل المصالح الوطنية العليا لليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا.
- أما خطورة هذا الأمر على مصالح وأمن البلاد في ضوء ما قد يترتب عليه من آثار وتداعيات تلقي بظلالها السلبية على وحدة التراب الوطني والكيان القومي وأواصر نسيجه المجتمعي، فإنها تبرز واضحة في حال خرجت توجهات ومواقف هذه الأطراف من نطاق حدود الاختلافات الحميدة الموجبة والمحفزة لكافة صور التعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة إلى نطاق حدود الخلافات الحادة المحفزة لكافة أشكال التباعد والصراع وصولا إلى الاقتتال المسلح، جراء استمرار تنامي حالات التباين والتقاطع الحادة بينها- استنادا- لتلك القاعدة الشرعية القائلة "ما بني على باطل فهو باطل "، وبما ان الشعب ومصالحه العليا هو الرقم الأصعب بين الأرقام الحقيقية، فقد أصبح من الواجب السعي وراء نقله إلى وسط المعادلة الداخلية الحاكمة للبلاد؛ من خلال قرارات سياسية وتنموية ضخمة تجعل منه محور الارتكاز الأساسي فيها بدون منازع.
- وضمن هذا السياق لكي يتم تجسيد وترسيخ هذا الأمر على أرض الواقع إلى حد كبير انتماء وولاء، يصبح من الأهمية لا بل والضرورة إعادة بلورته واستيعابه من ناحية الشكل والمضمون والقول والفعل على حد سواء في هيئة مصالح وطنية حقيقية تأخذ الصفة الفردية والجمعية؛ كي يتسنى له بموجبها إحداث نقلة نوعية في منظومة القيم الحالية السائدة في اتجاه تعزيز وترسيخ قيم الانتماء والولاء لليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا.
- من خلال تبني إستراتيجية وطنية طموحة جدا بهذا الشأن ضمن إطار البرنامج الوطني الخاص بتحويل اليمن إلى دولة بحرية مدنية حديثة يلبي احتياجاتها في مجال ضمان تحقيق أمنها القومي بمعناه الشامل؛ تعمد من خلالها إلى إعادة توزيع أراضي الدولة بين عموم سكانها وليس موظفي الدولة فقط كحق من حقوقه كمواطن، بصورة تراعي فيها ضمان إعادة توزيع الكتلة البشرية الضخمة (85% من إجمالي السكان) المتمركزة في إقليم المرتفعات الجبلية الغربية (التي تمثل 15% من مساحة البلاد) في معظم أرجاء البلاد بما يضمن تحقيق أمنها القومي ليس هذا فحسب.
- لا بل وترسيخ تماسك وحدة كيانها القومي من خلال دمج وتوحيد أواصر نسيجها المجتمعي كارتباط عضوي مصيري، في اتجاه تعميق وترسيخ أعلى درجات الانتماء والولاء لليمن دولة وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا، بدلا من أن تبقى هذه الأراضي فارغة أو حكرا على أصحاب الشأن من ذوي النفوذ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمالي والعسكري...، مضافا إليهم موظفي الجهاز الإداري بشقه المدني والعسكري- الأمني وهم لا يتجاوزون في مجموعهم ما نسبته 10- 20% تقريبا من مواطني البلاد- أولا.
- ولضمان مد الاهتمامات الرسمية للدولة ونفوذها إلى أبعد نقطه في أراضيها وإلى مناطقها الحيوية- بوجه خاص- ومن ورائها الاهتمامات غير الرسمية ضمن سياسية رسمية تحفيزية ترغبيه ذات طابع حقوقي واستثماري - ثانيا- سيما أنها سوف تلعب دورا أساسيا في تحريك نوعي حقيقي لرأس المال السياسي البشري المفقود يتم التأسيس له على قاعدة واسعة وصلبة من الاعتبارات المادية والمعنوية، كي يصبح سياقا ومنهاجا عاما يؤخذ به عند تجسيد أولويات المصلحة العليا، بصورة تضمن إشراكه في مجمل قضايا البلاد المثارة والمصيرية منها- بوجه خاص- وبما يضمن له حضورا حقيقيا يصعب تجاوزه أو تجاهله من قبل ذوي الشأن.
والله ولي التوفيق وبه نستعين
([1]) باحث في العلاقات الدولية والشئون الاستراتيجية وكاتب ومحلل سياسي.
المصدر : الكاتب
اقرأ ايضا: