تبيان مبادرة فلول الإخوان
تبيان مبادرة فلول الإخوان
عباس عواد موسى
ألتباين تجاه الأحداث والوقائع بين جناحَي الصقور والحمائم ليس وليد اللحظة . وهما جناحا الحركة الإسلامية الأردنية الرئيسان , رغم أنها شهدت بزوغ تيار ثالث عام 1997 أُطلق عليه حينئذٍ تيار الوسط الذهبي وقد اصطفّ منتسبوه إلى جانب الصقور واستصدروا قرار مقاطعة الإنتخابات النيابية , فخرج من صفوف الحركة عدداً من رموزها ولم يفلحوا في تجميع أنفسهم وأفضل وصفٍ لهؤلاء أنهم ظلوا فلول الإخوان . وتكرر ذات المشهد في الإنتخابات التي تلتها وقاطعتها الحركة الإسلامية كذلك . وظل الفلول فلولاً وبقيت الحركة الإسلامية متماسكة واشتدت صلابتها .
لقد ظهرت الخلافات الأخيرة , بعدما نجح الصقور في اكتساح الإنتخابات الداخلية للحركة , وأصبحوا يمثلون غالبية المكتب التنفيذي الحالي للجماعة . وبعد شهرٍ على قرار اللجنة المنبثقة عن مجلس الشورى والتي دحضت اتهاماتهم للصقور بأنهم استخدموا مالاً سياسياً في الإنتخابات الداخلية , وهو القرار الذي أثار حفيظتهم منذ صدوره . واستطاع المكتب التنفيذي والذي أكثر ما يغيظهم فيه , هو تبوؤ الصقر الإسلامي البارز زكي بني ارشيد نائباً لأمينه العام أن ينشط القواعد في تنفيذ الخطة التي تم تأجيل إقرارها في الجلسة السابقة لتلاحق الأحداث وتسارعها ليتم إقرارها في الجلسة التي كانت مقررة مساء أمس ولم يتمكن المجلس من عقدها لانشغاله في الإعداد للمسيرة الكبرى التي دعا إليها السيد أحمد عبيدات رئيس الجبهة الوطنية للإصلاح والتي ستنطلق بعد صلاة ظهر اليوم الجمعة . أي أن الحراك الدعوي الداخلي للجماعة أصبح في أفضل أوقاته ليتزامن هذا مع ديمومة المسيرات والحراكات الشعبية بالإضافة إلى الموقف الصلب للجماعة الذي حسم أمر مقاطعة الإنتخابات حتى يتم تعديل قانون الإنتخابات الأعرج وإلغاء المواد الرابعة والخامسة والسادسة والثلاثين من الدستور الأردني وبوجهة نظرهم أنهم لا يريدون تقليص صلاحيات الملك كغاية بل لأنه حكَم وليس حاكم ويملك ولا يحكم وهذه المواد من صلاحياته فقط لاستخدامها لصالح فئة لا تريد الخير للوطن . ولم يستبعد هؤلاء أن تفجير المبادرة الآن جاء بهدف إجهاض سعيهم الحثيث نحو تحقيق الإصلاح .
وليس غريباً أن يعلوا إسم الدكتور ارحيل غرايبة هذه المبادرة , فهو لا يرتكز على قاعدة إخوانية تمكنه من الوصول لعضوية مجلس الشورى . واتكاله على أن ينتخبه المجلس ضمن الخمسة الذين ينتخبهم لم يُثمر للأسف في المرة الأخيرة بفارق صوت أو صوتين إن لم تخُنّي الذاكرة . ولم يعد يرأس الدائرة السياسية في الجماعة وتياره الحمائمي لم يستجب لدعوات المراقب العام الدكتور همام سعيد لأخذ مواقع لرأب الصدع الذي لا تفهمه قواعدهم التي تتوق للإستشهاد بدل حمّى التنافس على الأمور الدنيوية , هذه القواعد التي أخبرتني أن الجماعة تسير في الطريق الصحيح وصفها مرصوص وسليم وخروج الفلول يُنَقّيها ويهذبها , ويلومونني عندما أستخدم صفة الصقور وعندما أنعت الآخرين بالحمائم الذين قالوا لي عنهم إنهم فلول .