(26) البحر بوابة اليمن للنهوض القادم وإمكانية التحول عقدة استراتيجية في منظومة المواصلات العالمية
اخبار الساعة - د.طارق الحروي بتاريخ: 20-12-2012 | 12 سنوات مضت
القراءات : (3536) قراءة
- من الجدير بالذكر إن اليمن نظاما وشعبا وأرضا اشتهرت على مر التاريخ، ليس باعتبارها ممرات بحرية حيوية أمنة في مسارات السفن التجارية والحربية ومن ثم خطا محوريا في منظومة خطوط الملاحة البحرية العالمية فحسب، لا بل وعقدة حيوية في منظومة طرق القوافل البرية التجارية وفي مسارات الحملات العسكرية، وهو الأمر الذي جعل منها عقدة استراتيجية وحيوية في منظومة المواصلات البحرية والبرية العالمية بين الشرق والغرب، واليوم يجب وليس ينبغي على اليمن أن تسعى وراء استعادة هذه المكانة الاستراتيجية والمرموقة في الأجندة العالمية ليس هذا فحسب، لا بل والاستعداد التام لتأدية دور محوري فيها.
- في ضوء ما أصبحت تحظى بها من مكانة مرموقة واهتمام خاص ذي طابع استراتيجي من لدنا الأطراف الإقليمية والدولية ظهرت أبرز ملامحها الرئيسة في مواقف هذا الأطراف من الأزمة السياسية- الأمنية التي تعيشها اليمن منذ مطلع العام الماضي، والتي تم إعادة بلورتها في تطور تاريخي غير مسبوق في وثيقة هي الأولى من نوعها مثلتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وغيرها من التطورات التي اكتنفت مسار الأحداث الرئيسة في اليمن.
- يتوقع لها أن تفضي إلى تعزيز ودعم إمكانية تحويل اليمن إلى دولة بحرية مدنية حديثة لها شأنها بمراعاة عامل الوقت والسرعة والكلفة، كخيار استراتيجي يلبي الجزء الأكبر والمهم من مصالح اليمن وشركائه المتنامية في المنطقة بصورة غير مسبوقة، له شأنه في حسابات المصالح الحيوية ذات الطابع المصيري، فرضته اعتبارات رئيسة لها علاقة وثيقة الصلة بمتغيري الحدود البحرية والموقع الاستراتيجي- من جهة- وتحديات مصيرية منظورة وغير منظورة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها- من جهة ثانية.
- على خلفية ما أصبحت تمتع به من مزايا إستراتيجية متعاظمة فريدة من نوعها وغاية في الأهمية فرضها متغيري الحدود البحرية الطويلة والموقع الاستراتيجي، وما سوف يفتحه هذا الأمر من آفاق استثمارية ضخمة منظورة وغير منظورة يمكن أن تدر على البلاد سيولة مالية هائلة في حال تم استغلالها بما يعزز من إمكانية ضمان توفر ميزة الأمن والأمان فيها ومنها- وفقا- لمضامين استراتيجية وطنية طموحة جدا بعيدة المدى تلبي الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا وتراعي إلى حد كبير طبيعة ومستوى ومن ثم حجم مصالح كافة الأطراف الإقليمية والدولية المعنية.
- في ضوء امتلاكها لشريط ساحلي طويل يقدر بـ2500كم2 يمتد من أقصى نقطة في الحدود اليمنية- السعودية من جهة الغرب إلى أبعد نقطة في الحدود اليمنية- العمانية من جهة الشرق، وينفتح بالإطلالة الواسعة على بحرين حيويين؛ تستطيع من خلالهما الهيمنة إلى حد كبير على أهم عقدة في خطوط الملاحة البحرية في العالم عبر سيطرتها الكاملة على واحد من أهم المضايق العالمية.
- تعززها إلى حد كبير امتلاكها لشبكة مهمة من الأرخبيلات والخلجان ومن ثم الجزر تزيد أعدادها عن 339 جزيرة متفاوتة الأهمية تنتشر إلى حد ما على طول مياهه الإقليمية وخارجها، بصورة تزيد من قدرتها على إمكانية التحكم بمياهها الإقليمية وخطوط الموصلات البحرية الأكثر أهمية وحساسية في العالم التي تخترق مياهها ذهابا وإيابا سواء في اتجاه طريق البحر الأحمر أو تجاه رأس الرجاء الصالح - هذا أولا- وتمتعها بموقع إستراتيجي يفتح الأبواب على مصراعيها أمام اليمن بصورة مباشرة على أهم وأعظم مناطق البحيرات النفطية والغازية في العالم محور ارتكاز السياسة العالمية برمتها- من جهة- وعلى أهم عقدة في طرق المواصلات البحرية في العالم- من جهة أخرى- ثانيا.
- ومن هذا المنطلق فإن ضمان تأمين مصالح اليمن في بعدها الداخلي والخارجي يتداخل إلى حد الاندماج مع مصالح الأطراف الإقليمية والدولية المعنية كما أشرنا إليها مسبقا، والتي يمكن ضمان تأمينها من خلال التعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة والتحالف مع اليمن- وفقا- لعامل السرعة والفعالية والكفاءة والكلفة، بصورة تفتح الأبواب على مصراعيها لإمكانية تحول اليمن إلى دولة إقليمية لها شأنها، تتخذ من البحر محور ارتكاز أساسي في نشاطها الداخلي والخارجي في كافة المجالات.
- والتي يمكن إعادة بلورة بعض أهم معالمها الرئيسة ابتداء من ضمان تأمين طرق إمدادات النفط البحرية الحالية العابرة بالقرب من مياهها الإقليمية أو التي تخترق مياهها وتقترب من شريطها الساحلي وبعض جزرها الاستراتيجية في عدة مواضع- أولا- وطرق الإمدادات المعدنية والنفطية والغازية البرية المتوقعة والمحتملة ضمن إطار سياسات الأنابيب الضخمة القادمة العابرة للأراضي اليمنية في اتجاه مياه البحر العربي والتي في حال تم تهيئة البني التحتية الضخمة لها المعنية باستقبال ما مقداره 15-30 مليون برميل نفط خام مضافا إليها الغاز والمعادن؛ يسعنا تصور طبيعة وحجم المكانة المرموقة التي سوف تصبح عليها اليمن جراء ذلك - ثانيا.
- وضمان تأمين طرق الإمدادات البرية المستقبلية التجارية والتعدينية...، والخدمية لتلبية احتياجات اليمن ودول الخليج مع بعضهما وفيما بينها وبين دول القارة الأفريقية والقرن الأفريقي الكبير منها- بوجه خاص- (طريق اليمن- جيبوتي!!) من جهة- ثم كممرات برية محورية تربط دول الخليج مباشرة بشبكة البحار والمحيطات يلبي الكثير من احتياجاتها واحتياجات الأطراف الدولية والإقليمية المعنية في كافة المجالات- من جهة ثانية- من خلال منظومة متكاملة واسعة وضخمة من الطرقات السريعة الحديثة والسكك الحديدية والجسور... التي تلبي هذا الغرض- ثالثا.
- ومرورا بضرورة ضمان تأمين الموارد المعدنية والنفطية والغازية الضخمة الحالية والمتوقعة والمحتملة التي تحويها البيئة الإقليمية للخليج العربي وشبه الجزيرة العربية، باعتبارها حوض واحد أو أحوض متقاربة متداخلة إلى حد كبير، ضمن إطار استراتيجية دولية إقليمية خاصة بهذا الشأن وصولا إلى تهيئة البني التحتية الضخمة اللازمة لجذب الاستثمارات للمشاريع الاستراتيجية في كافة المجالات كـ(التعدين والنفط والغاز، الصناعات التكررية والغذائية والبحرية....، بناء ورفع جاهزية وتأهيل المواني البحرية على طول الشريط الساحلي، المواصلات البحرية والبرية، السياحية، وفي مجال الإسكان....الخ)، وانتهاء بضمان تأمين احتياجاتها الضرورية الخاصة بسفنها وطواقمها، من خلال تهيئة الاستراحات لها وإمدادها باحتياجاتها من طاقة وأحواض لمبيت السفن وإصلاحها...الخ.
والله ولي التوفيق وبه نستعين
([1]) باحث في العلاقات الدولية والشئون الاستراتيجية وكاتب ومحلل سياسي.
المصدر : الكاتب
اقرأ ايضا: