صخر .. متى يبدأ بإصلاح المالية؟
اخبار الساعة - عبدالقوي العديني بتاريخ: 02-01-2013 | 12 سنوات مضت
القراءات : (2894) قراءة
كان النائب صخر الوجيه من الأعضاء الأكثر نشاطا وحيوية في مجلس النواب ؛ لكن صوته المرتفع وأفكاره الجذابة قبل جلوسه على كرسي أهم وزارة في الحكومة ، انخفض وتلاشى ولم يعد يتحدث عن مناهضة الفساد والمفسدين , ولم نعد نسمعه ينتقد الأخطاء ، أو يعترف بفشل الخطط والموازنات .
متى يعود الرجل الذي عرفناه ، و تحول بحسب تعبير الدكتور عبد الله الفقيه إلى أمين صندوق ؛ بمعنى أن النائب الذي كان متقد الأفكار يفتقد لخبرة التغيير ولا يمتلك رؤية , وغير مؤهل لتحريك الاقتصاد وإدارة المشاريع والمخصصات والموازنات العامة .
رغم هذا أقول : مازلنا نثق في أن صخر وبديناميكيته قادر على تجاوز الملفات المتراكمة , والروتين اليومي الذي جعله أقرب إلى الفشل , رغم نواياه التي مازالت تحظى بشيء من الاعتبار لدى المتابعين , لكنه قد يفقد رصيده تماما كنائب ثائر حظي بإعجاب وتقدير كبيرين .. بل لعله سيخسر الجميع إن لم يحدث تغييراً وتدويراً حقيقياً وجوهرياً في مالية البلاد .
وبكل الأحوال مازالت لدي وجهة نظر أخرى متفائلة " بفني الصواريخ الذي أصبح وزيرا للمالية " .
أولا : يستطيع الرجل أن يحدث الكثير , وهو قادر ومؤهل لذلك كونه أداة من أدوات القرار السياسي للنظام الجديد , وقائدا ميدانيا لتنفيذ السياسات , ويمكنه أن يقود التحول إن أراد تحقيق بصمات جديدة وإضافة نجاح وأعمال خلاقة للبلاد أو لشخصه , وله طاقمه ومستشاروه , وفي المالية الكثير من الخبراء ومن الاقتصاديين المخضرمين ؛ لكن عليه ألا يكون أنانيا أو مغروراً بالمنصب, لأن اليمن لا تحتاج إلى المزيد من التجارب الفاشلة.
عليه أن يكون وزيرا لليمن , وليس لحزب أو جماعة !
إن لديه من الوقت مائتي يوم وبضعة أسابيع ونيف ساعات .. فمتى تبدأ أيها الوزير الهمام بإحداث التغيير في وزارتك؟
هكذا يتساءل محبو صخر الوجيه , والكثير ممن كانوا يرونه ناجحا وموفقاً قبل أن يتربع مالية البلاد, ولعله ممن أرادت ثورة التغيير أن تمتحنهم فقذفت بهم إلى محك خطير ففشلوا , وعليهم أن يعترفوا بذلك ، أو يثبتون للجميع أن بمقدورهم أن يفعلوا شيئا ما له قيمة , سيما وقد تزايد التذمر والتمني والحسرة على فرصة ذهبت لصخر ولم تذهب لعشال وهو فعال وكفء ، فمثله يعتقد البعض أنه كان سيضبط الموازنات ، ويضيف البرامج المحاسبية الحديثة التي تأخرت وكانت على موعد من التطبيق وقريبة من التحول لولا أن أيادي الفساد ضاقت ذرعا بوزير لا يتكرر ؛ اسمه سيف العسلي !!
مؤكد أن مثل هذه الأمنيات لم تكن لتبرز إلا لأن ثمة خللا أو قصورا في برنامج الوزير صخر أو أسلوب عمله .. والحق يقال إن صخر أيضا ليس بذلك الوزير السيئ , ومازالت أمامه فرصة ليعمل شيئاً يُحسب له ويرفعه إلى مصاف العقليات والكفاءات التي قادت المالية إلى محطات عملية متقدمة ؛ بنظم حديثة تبني اليمن وتحفظ له موارده وثرواته .
هل كان عشال سيكون أكثر حظاً ؟ أم أن صخر يفعل الكثير وليست الأحاديث وأقوال الصحف واتهام الوزراء بانعدام الرؤية القيادية والمالية والاقتصادية صحيحة تماما ؟..
وماذا عن الحديث الذي يتسرب من أفواه الوزراء والعاملين في المالية وفي البنك المركزي اليمني عن الفراغ بعد البروفيسور الذي سخرنا منه ذات يوم عندما قال إنه "سيأتي يوم تنصبون لي تذكارا " لمعرفته الواسعة بقوانين وآليات سعى لتشريعها وتنظيمها , لولا أن أيادي الفساد أطبقت عليه الخناق واجتثته قبل أن ينفذ مشروعه ورؤيته.
ربما كان عشال أو غيره سيتخذ قرارات تستحق الاحترام , وربما صخر قد فعل ولديه أجندات سيعلن عنها قريبا , وسيخرج من مربع الصمت وصورة الخليفة الضعيف الذي لا حول له ولا قوة؛ ولعله الآن يعتزم إيجاد آليات طموحة وأكثر دقة , ويوشك أن يلغي السجلات وأمية الروتين ، وبلادة المندوبين الماليين , وما يجري من عبث وفساد .
لا أدري ما الذي يجعلني أنتقد صخر المالية ثم أعود لأنحاز له, ربما لثقتي بأنه مازالت لديه فرصة ليقود التغيير الذي كانت وزارة المالية بأمس الحاجة إليه ، وبحاجة أيضاً لوزير مثله يتسم برائي بالصدق والأمانة والطموح , وأراهن في أكثر من موقف أنه قائد التحول الجوهري القادر على ترجمة طموح شباب الربيع , لكنني في نفس الوقت أعترف أن رهاناتي لطالما ما يجانبها الحظ وأرجو ألا تخونني فراستي هذه المرة.
ومن الجميل أنه ظهر متأنيا باتخاذ سياسات جديدة , وإجراء تغييرات فاعلة كان يمكن أن تبشر بتدوير حقيقي لولا ضغوطات كشوفات " الإخوان" في حزب الإصلاح ، ولعل تأخيرها مرتبط بغربلة كشوفات أو أولويات يعلمها الله !! لكن على وزيرنا أن يبدأ بتغيير مدراء المالية والمراجعة في كل الوزارات , وتطعيمهم بخبرات وطاقات شابة ومؤهلة ومنتمية للمهنة وليس للحزب .
نعم .. عليه ألا يتردد في إجراء المعالجات والتغييرات التي لا تحتمل التأجيل, وعمل تدخل جراحي سريع للحالات التي تعبث بالمال العام وبهذه الوظيفة التي جعلت بعض رجال المالية والمراجعين والمدققين في الوزارات والوحدات الاقتصادية العامة يبدون كلصوص مع الأسف الشديد.
وحتى لا نكون جزافيين في إطلاق التهم يمكن الاستدلال على هؤلاء بتصرفات مدير حسابات حكومية معيّن منذ أكثر من أربع سنوات في أهم وزارة اقتصادية وحيوية وإيرادية تعتمد عليها موازنة الدولة بأكثر من 75% ، يقال إنه يقدم نموذجا سيئا ومسيئا لمهام المالية كجهة مشرفة ومعنية بالمراجعة والتدقيق والصرف .. بل وتبلغ جرأته حد الوقاحة والسفه حين يبتز المراجعين وبعض مدراء مكاتب فروع الوزارة في المحافظات !!
وبالقطع فإن استمرار مثل هذا الخلل هو ما يجعل مثل هذا الموظف يمارس وظيفته بمزاجية واستهتار , وليست له من المهارة والخبرة سوى الفساد وتبادل المصالح ؛ بل ولا يتحفظ مثل هذا من الإدلاء بأن وزارة المالية تعيش أسوأ مرحلة في تاريخها , ربما لأن سياسة المزاجية والرقابة الإدارية والمتابعة والتفتيش منعدمة ومفقودة .
وأعتقد أن إصدار قرار ينظم صرف مستحقات ممثليكم في مختلف القطاعات بآلية مركزية ومباشرة من وزارة المالية ، وبسقف كفيل بتأمين حقوق وحوافز مرتفعة , على أن يحظر القرار في الوقت نفسه تقاضي ممثلي وزارة المالية من الجهات العامة المختلفة أية مبالغ أو مزايا عينية تحت أي مسمي ، يمثل ضرورة حتمية إن كانت لديكم نية حقيقية لبناء يمن جديد خالٍ من الفساد.
إن عليك يامعالي الوزير مسئولية جسيمة لتحقيق النزاهة والذمة المالية للمراقبين الماليين الذين يتولون مهمة إدارة الموازنات سواء كمدراء ماليين أو كمدراء لإدارة الحسابات والموازنات الحكومية أو الإشراف المالي على الإنفاق العام بالوحدات الحسابية بجهات الدولة المختلفة ؛ والأفضل من هذا كله إعادة النظر في طريقة الرقابة , ومن المؤكد أنه في حالة تفويض الوزارات والمؤسسات الحكومية بإدارة موازناتها وأهدافها سيوجب عليها مسؤولية أكبر لتنفيذ المشاريع والخطط والبرامج سيزيد من فاعليتها إن اعتمدنا خارطة طريق جديدة لتقييم أداء ومشاكل المالية , وكذلك لمحاسبة الجهات بمشاريع واستثمارات وتنمية منجزة على الأرض .
وزيادة في توضيح حجم المهزلة يقال إن مدير الفساد الحكومي الذي يعتبر أن الوزارة التي ينتمي إليها ويتولاها صخر الوجيه تمر بأسوأ مراحلها ؛ وربما لأجل هذا السبب ؛ يعتبر المكافآت والمستحقات القانونية والاعتيادية والمصروفة للأعمال الميدانية أو المكتبية للموظفين والإدارات العامة في تلك الوزارة المذكورة آنفا على أنها خفيفة أو ثقيلة الوزن ، وتستحق الفحص والتلغيم بقوائم من الملاحظات والحجج المفتعلة ؛ ثم تصبح تلك المعاملات راجحة , والأعمال والمشاريع صحيحة ومكتملة الشروط ؛ إذا ما تم إضافة اسمه إلى كشوفات الصرف !!
وهكذا عقليات مازالت المالية تدير الموازنات السنوية للبلاد , وبمثل هذه الحالة السلبية المخلة بالقوانين يمارس الكثير من مديري الحسابات أداءهم اليومي ؛ وبنظرهم تبدو المعاملات سليمة ، والملفات صحيحة ومعتمدة ..
ولا عجب .. فعندما تغيب القيم وأخلاق المهن تصبح الصفاقة راجحة ؟!
اقرأ ايضا: