نص كلمة وزيرة حقوق الإنسان في الاجتماع الدوري الثاني والعشرين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف
السيد/ ة رئيس/ة الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان السيدات والسادة رؤساء وفود الدول الأعضاء والمشاركة الحاضرون جميعا كل باسمه وصفته في البدء نحييكم جميعاً وأعبر باسمي شخصياً وباسم وفد بلادي عن خالص التقدير لكم جميعاً ونعبر عن سعادتنا أن نكون بينكم نتشارك ونتبادل الخبرات والإضافات القيمة في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان ونحن نحتفي معاً بالذكرى العشرين لإعلان فيينا وكذلك نحن معاً اليوم لاستلهام الدروس المستفادة للتجارب الرائدة ولنقف أمام الصعوبات والتحديات والفرص والتوجهات الوطنية والدولية لحلها ومعالجتها. حينما وقفت أمامكم العام الماضي في مثل هذا التوقيت وفي مثل هذه المناسبة وتحديداً في الدورة الحادية والعشرين لمجلسكم الموقر، في بدايات المرحلة الانتقالية التي تمر بها بلادي كانت التحديات أكبر والمشهد الوطني أكثر تعقيداً بأبعاده السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية نتيجة للإرث الثقيل الذي خلفته سياسات ما قبل ثورة التغيير التي انطلقت في مطلع عام 2011م، وكنا قد بدأنا بخطوات هامة ومفصلية للمرحلة الانتقالية أهمها تشكيل حكومة الوفاق الوطني في ديسمبر 2011م، استنادا إلى مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية التي توافقت عليها مختلف الأطراف الوطنية ، وتشكيل لجنة عسكرية وأمنية لمعالجة الإختلالات الأمنية وإجراء الانتخابات الرئاسية في 21 فبراير 2012م، لنقل السلطة سلمياً من الرئيس السابق إلى الرئيس التوافقي الحالي، وسوف تمتد المرحلة الانتقالية إلى ربيع م2014 لتنتهي بانتخابات رئاسية وبرلمانية. وبالرغم من النجاحات النسبية المتحققة على كافة الأصعدة الأمنية والاجتماعية والسياسية والمتمثلة في خطوات هامة على طريق هيكلة القوات المسلحة والأمنية وإزالة النقاط العسكرية المستحدثة لقوات نظامية منقسمة ومواقع أيضاً للجماعات القبلية المسلحة وتسهيل حركة وتنقل المواطنين في العاصمة والمدن الأخرى ودحر خطر الجماعات الإرهابية وإعادة الخدمات الأساسية ، إلا أن الكثير من الصعوبات والتحديات ما زالت قائمة وفي طليعتها استمرار بعض الأطراف المشدودة للماضي في محاولات إرباك هذه المرحلة، مستغلة انشغال الدولة بمعالجة مشكلات كثيرة وكبيرة وضعف قدرات بعض أجهزتها، فتسعى تلك الأطراف لافتعال المشكلات أو تغذية مشكلات قائمة، ولعل أبلغ الأمثلة على ذلك العبث الجاري الآن في جزء من الوطن وتحديداً في الساحة الجنوبية للوطن بتغذية الخلافات وتكريس الإنقسامات والتلويح باستخدام العنف، واستخدامه فعلاً، مما أدى إلى سقوط مدنيين أبرياء وظهور أصوات تسعى لتعطيل جهود وتوجهات رشيدة لحل القضية الجنوبية وهي القضية ذات الأولوية في أجندة الدولة . وجدير بالإشارة بأن التسريع في إنجاز الممهدات الضرورية التي اقترحتها القوى السياسية ومنها قيادات جنوبية وقدمتها اللجنة الفنية للحوار للتهيئة لحل القضية الجنوبية لإعادة بناء الثقة وبث الطمأنينة في نفوس أبناء الجنوب سوف يكون لها آثار ونتائج جيدة ،لأن عدم البدء في حلول ومعالجات ضرورية قد تقوض العملية السياسية برمتها، وسيحتم ذلك على المجتمع الدولي الراعي للتسوية السياسية في بلادنا أخذ هذه المسألة باعتبار كبير. كذلك يأتي تأخر صدور قانون العدالة الإنتقالية وتسمية أعضاء الهيئة المستقلة للتحقيق في أحداث 2011 بسبب تلك الظروف وتباينات القوى السياسية والانقسامات بينها كتحد آخر من تحديات هذه المرحلة. وتظل قضية المخفيين قسرياً ومنع ومكافحة تجنيد الأطفال وإعادة إدماجهم في الحياة الطبيعية لأمثالهم، وتخفيف فقر أسرهم قضايا إنسانية وحقوقية ذات أهمية بالغة ، وتقوم الحكومة بجهود لمعالجتها أبرزها الإلتزام بمبادئ باريس للقضاء على ظاهرة تجنيد الأطفال ولذلك شكلت لجنة وزارية من الوزارات ذات العلاقة لإنفاذ هذا الإلتزام ، وتواجه صعوبات قد تستغرق بعض الوقت لحلها بسبب أن هذه الظاهرة مقبولة ثقافياً واجتماعيا ولعدم شيوع استصدار شهادات ميلاد للأطفال وعدم معرفة أعمارهم بدقة عند الالتحاق بالقوات العسكرية والأمنية ناهيك عن الزج بهم في العمليات القتالية من قبل المجاميع المسلحة غير النظامية والخارجة على القانون في مناطق مختلفة من البلاد. وفي موضوع حقوقي ذا صلة فقد بذلت الحكومة جهوداً لمعالجة جرحى الثورة إلا أنه وبسبب تزايد أعدادهم فإن هذه المسألة قد تستغرق بعض الوقت وقد كان لبعض الدول الشقيقة والصديقة ومنها قطر وتركيا وفرنسا والمانيا ومصر والأردن وكوبا دوراً طيباً في إستقبال هولاء الجرحى ومعالجتهم. وإذا كانت بعض الحوادث المؤسفة قد حصلت عند ممارسة النشطاء لحقهم في التعبير فإننا وفي هذا المقام نود أن ننوه ونحن نمثل حكومة نشأت في رحم ثورة التغيير السلمية بأن تلك الممارسات تتصادم مع ما التزمت به الحكومة من إحترام لحرية التعبير وبأنها كانت ناتجة من إحتكاكات لحظية بين بعض أفراد الأمن والمحتجين وتحقق الحكومة في تلك الأحداث بل وستسعى لبناء قدرات المؤسسة الأمنية في مجال تطبيق القانون وإعمال معايير حقوق الإنسان. كما تتصدر القضية الإنسانية المشهد الوطني، حيث أن تلك الظروف السياسية وركود الإقتصاد أدى إلى تفشي الفقر بين شرائح واسعة من السكان ، ووصلت أعداد الذين لا يصلون إلى إحتياجاتهم الأساسية في الغذاء والدواء والمياه والصرف الصحي إلى أكثر من 10 مليون شخص ، ووصل عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد إلى مليون طفل، وما زالت وفيات الأمهات مرتفعة، ويقدر إجمالي الأطفال من هم في سن التعليم ولا يلتحقون بالمدرسة إلى 3 مليون طفل، كما تظل البطالة أحد المشكلات الحادة التي يعاني منها الشباب ويصعب تجاوزها دون إنعاش الإقتصاد وإتباع منهجيات أهمها دعم تشجيع الأعمال الصغيرة والمتوسطة ، وإستقطاب أيدي عاملة يمنية في دول الجوار والتي يفتقر بعضها لليد العاملة خاصة في بعض القطاعات ذات الطلب العالي لليد العاملة كقطاعات التشييد والبناء التي أبدع اليمنيون فيها على مر القرون وفي الأنشطة الزراعية وفي قطاعات ومجالات متنوعة تصل إلى الخبرات الفنية التي تزخر بها اليمن ولاتجد فرصها وللأسف الشديد فإن ظاهرة البطالة وكفاف العيش التي يعاني منها الشباب هي التي أودت ببعضهم للإنحراف والإلتحاق بالتنظيمات الإرهابية، هذا وقد أقرت الحكومة اليمنية الإستراتجية الوطنية لمكافحة الإرهاب بمكونات مختلفة تبدأ ببرامج للوقاية وتنتهي بالمنع والتجريم والعقاب على كل من يقوضون جهود الدولة التنموية ويهددون الأمن والسلم الإجتماعي والإستقرار وكذلك مصالح الدول الشقيقة والصديقة. كما تتضمن هذه الإستراتجية بناء قدرات الأجهزة الحكومية للقيام بدورها في مكافحة الإرهاب . وكمدافعين عن حقوق الإنسان فإننا نشدد على تجنب إستخدام الوسائل التي أضرت بالمدنيين وأنتهكت حقوقهم وأولها حقهم في الحياة ، ويستدعي ذلك أيضاً دوراً أكبر للأمم المتحدة للتعاون في مكافحة الإرهاب من ناحية وإعمال وتفعيل حقوق الإنسان من ناحية أخرى. وأضافت محنة النازحين عبئاً أكبر وبعدد يصل إلى حوالي (400) ألف نازح، وتتضارب الأرقام حول اللاجئين حيث تشير بعض المصادر إلى أن أعدادهم تصل إلى مليون لاجئ بينما تشير مصادر أخرى إلى أنهم دون ذلك ، كل هذا يشكل عبء آخر إلى الأعباء التي تتجاوز قدرات وإمكانيات البلاد على تحملها ، وكل ذلك يستدعي جهود دولية من الدول المانحة والمنظمات الدولية خاصة منظمات الأمم المتحدة وشركاءها لمساعدة اليمن على تجاوزها، وحالياً تسعى بلادنا بالتعاون والتنسيق مع الدول المجاورة لعقد مؤتمر إقليمي حول مشكلة اللجوء في ربيع هذا العام يفضي إلى تعاون بين الدول المعنية لمعالجة مشكلة اللاجئين والتي تنطوي بصور كثيرة على متاجرة بالبشر جلهم من النساء الأطفال، هذا وقد كلفت الحكومة فريق فني بإعداد الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر وإعداد قانون وطني لتجريم الظاهرة بكل صورها ومعاقبة مرتكبيها. الحضور الكريم،، وإزاء هذه الظروف والتحديات فإن العزم والنية لدى الحكومة لحل تلك المشكلات متوفرة والفرص آتية ولعل أهمها التهيئة والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الذي نستعد لتدشينه في 18 مارس الجاري ليطرح الشركاء والفرقاء ما لديهم من رؤى وحلول للقضايا الوطنية الإستراتيجية، ومنها كما أسلفت القضية الجنوبية وقضية صعدة و حماية وتعزيز الحقوق والحريات التي أخذت لها نصيباً من برنامج المؤتمر ، وتتطلع القوى الإجتماعية والسياسية للوصول إلى عقد إجتماعي جديد بصيغة دستور يضع أسس ومبادئ دولة النظام والقانون والحكم الرشيد تتعزز فيها حقوق وحريات الأفراد والجماعات يؤكد على قواعد العدل والمساواة والحرية والمواطنة المتساوية ، والتركيز على حقوق النساء والشباب والأطفال والمعاقين وكل الفئات الضعيفة والمهمشة والأقليات . إن المستجدات ومعطيات الواقع تفرض البحث في معالجات وتصورات فاعلة تتجاوز أخطاء الماضي لإعادة بناء الدولة لتستجيب لتلك المعطيات فالمركزية الشديدة لإدارة الدولة إضافة إلى شيوع الفساد والمحسوبية في مختلف أجهزتها أدى إلى الأزمات المتلاحقة التي مازالت ترمي بظلالها الكئيبة على مجمل الأوضاع في البلاد. السيدات والسادة المحترمون وبذلك نستطيع القول بأن أهم إنجاز يمكن لليمن أن تحققه راهناً ، وهي تمر بهذه المرحلة التأريخية الحاسمة هو إلتقاء جميع القوى الوطنية السياسية والإجتماعية والشركاء والفرقاء في مؤتمر الحوار الوطني الذي يعتبر الفرصة والحل الأمثل للخروج من عنق الزجاجة ولتجنب العنف والفوضى. ويساند المجتمع الدولي الحكومة اليمنية في إنجاح جهود التسوية السياسية والوفاق الوطني ، وما إنعقاد إجتماع لمجلس الأمن في بلادنا الشهر الماضي إلا تعبير عن الدعم لإنجاح هذه المرحلة . وكانت الحكومة قد إلتزمت في برنامجها العام بسياسات واضحة ومباشرة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان وأعتبرتها أولوية من أولوياتها ، والتزمت بالتوصيات الدولية الداعية إلى حماية وصيانة وتعزيز الحقوق إستناداً إلى المعايير الدولية. وتتشارك وزارة حقوق الإنسان مع هيئات ومؤسسات حكومية وغير حكومية في ترجمة هذه السياسات العامة وتلك التوصيات إلى واقع، ووصلنا في الإلتزام بإنشاء هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان إلى إعداد الإطار القانوني لهذه الهيئة مسترشدين بالخبرات الإقليمية والدولية ومشروع القانون يناقش الآن في ورش عمل في كل المحافظات لإغنائه وإثرائه من وجهة نظر المستهدفين ، وسيكون قريباً في أجندة مجلس الوزراء لإحالته إلى مجلس النواب للمصادقة عليه وإقراره. إلى جانب ذلك تجري مراجعة التشريعات الوطنية لمؤامتها مع المعايير الدولية بالإستناد أساساً إلى أحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها العادلة والمنصفة. ومثل المؤتمر الوطني الأول لحقوق الإنسان الذي عقد في ديسمبر من العام الماضي ضمن إحتفالاتنا الوطنية بالذكرى الرابعة والستون لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما تزامن إنعقاده مع الذكرى الأولى لتشكيل حكومة الوفاق مثل خطوة غير مسبوقة في مسار التزامات الحكومة بتعزيز حقوق الإنسان، حيث سلط المؤتمر الضوء على القضايا الحقوقية ذات الأولوية من حقوق المرأة والشباب ، والعدالة الإنتقالية ، وحقوق الإعلاميين ، والمسؤولية الإجتماعية للقطاع الخاص من منظور الحقوق ، ومكافحة الإرهاب وحقوق اللاجئين ومكافحة الإتجار بالبشر إلى حقوق المهمشين والأقليات التي كسرت حواجز عزلتها عن بقية فئات المجتمع وأسمعت صوتها لأصحاب القرار فاستجابوا لها بتمثيلها في مؤتمر الحوار الوطني كما أفضى المؤتمر إلى مخرجات وتوصيات هامة تؤسس لتطور نوعي في مسار عمل الجهات الحكومية وغير الحكومية والشراكة الفاعلة بينها و تم ترجمة تلك التوصيات في الخطط التنفيذية للوزارة وشركائها في مختلف أجهزة الدولة ومجتمع المانحين ، وسوف يعكس التقرير الدوري الشامل الذي يجري إعداده حالياً وسيقدم في أكتوبر من هذا العام تفصيلياً أوضاع حقوق الإنسان والتقدم المحرز في هذا المجال، كما سيشخص صعوبات وتحديات إعمال وتفعيل حقوق الإنسان. ولعل من الأهمية بمكان الوقوف على حقوق المرأة اليمنية التي حضرت وبقوة في ثورة التغيير وأصبح إقصائها من المشاركة في الحياة العامة عصياً على القوى الراديكالية التي ظلت تحصر دورها في مجالات محدودة ، وهاهي اليوم تصر على ضمانات مشاركتها من خلال مبادئ دستورية تحترم وتطبق وتترجم في المنظومة التشريعية الوطنية وأهمها حقوقها السياسية من خلال تطبيق نظام الحصص " الكوتا" وتعزيزها بإرادة سياسية تتجاوز معوقات إجتماعية وثقافية تقاوم التحديث وتتمسك بأنماط وقوالب جامدة لا تتفق ومعطيات الواقع. ومطروح الآن في أجندة الحكومة إعداد الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان حيث كلف مجلس الوزراء يوم أمس تاريخ 26 فبراير فريق فني لإعداد هذه الإستراتيجية لتغطي مجالات واسعة لحقوق أساسية في التعليم والصحة وحرية التعبير وغيرها ناهيك عن حقوق لم تكن في وارد إهتمام أو إدراك الناس وحتى صانعي القرار كحقوق الإنسان في بيئة آمنة ونظيفة وحقوق المهمشين والأقليات ، ولتحدد معالم الطريق في مسار عمل الدولة لتعزيز وحماية واحترم معايير حقوق الإنسان. كما أن الجهود ستتجه لإستكمال التوقيع على البرتوكول الإختياري لمناهضة التعذيب والإتفاقية الدولية لمكافحة الإخفاء القسري وهي ظاهرة عانت منها البلاد طويلا ومازالت مشكلة ماثلة أمامنا نسعى بكل الوسائل لمعالجتها وتجاوز آثارها. وجدير بالإشارة بأن مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان الذي أعلن عن افتتاحه في سبتمبر من العام الماضي مثل ثمرة تعاون إيجابي بين الحكومة ومنظومة الأمم المتحدة ويقوم الآن بجهود طيبة لتعزيز قدرات الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني للقيام بدورها بشأن تعزيز حقوق الإنسان ويتوقع تنامي دوره في هذه المرحلة والمراحل اللاحقة ليصب في تعزيز جهود الحكومة ، كما أن منظمات الأمم المتحدة وفي مقدمتها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ، ومفوضية السامية لشؤون اللاجئين واليونيسيف ، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية ( أوتشا ) ، ومنظمة الهجرة الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة الصحة العالمية ومن ضمن برامجها فقد كان لها بصمات في مجال دعم الهيئات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان . ولا يفوتنا في هذا المقام إلا أن نعبر عن التقدير العالي للدول المانحة التي وجهت جهودها ودعمها لتعزيز حقوق الإنسان وكانتا وما زالتا الحكومتين السويدية والهولندية أكبر الداعمين لبرامج حقوق الإنسان في بلادنا وتتصدر الهيئات المستقلة وغير الحكومية الهيئة الدنماركية المستقلة لحقوق الإنسان و المركز الدولي للعدالة الإنتقالية و منظمة أوكسفام البريطانية ومنظمة رعاية الأطفال المنظمات الدولية غير الحكومية في دعم جهود الوطنية في مجال حقوق الإنسان. وبالرغم من الجهود المبذولة من قبل الوزارة مع القطاع الخاص إلا إن حجم مشاركته ما زالت متواضعة في تحمل مسؤولياته الإجتماعية وفي ظل غياب منهجية واضحة لتدخلاته والتي هي في الأغلب أقرب إلى الأعمال الخيرية الرعائية المحدودة الأثر منها إلى التدخلات التنموية المجسدة للإلتزام بإعمال الحقوق والمساعدة لجهود الدولة التنموية في المجالات المختلفة التعليمية والصحية والبيئية وسنستمر من خلال مجموعة تعزيز حقوق الإنسان نذكر القطاع الخاص بمسؤولياته ونسعى لتحسيسه بقضايا جقوق الإنسان حتى تصبح هذه البرامج مكون أصيل من مكونات أنشطته وبرامجه. الحضور الكريم وقبل الختام فإننا نذكر وبقوة بحقوق الدول العربية التي تجتاز مراحل إنتقالية صعبة ومعقدة وأهمها حقوقها في إستعادة أموال شعوبها المنهوبة التي تعاني الفقر والبطالة وهاتين المشكلتين فقط، لا تشكلا قنابل موقوتة في وجه بلدانها فحسب ، ولكن تشكل تهديداً حقيقياً للأمن والإستقراروالسلام الدولي وبدون معالجة المشكلات الإقتصادية المتفاقمة في تلك البلدان فلا مجال للحديث عن إستقرار والحقوق الإقتصادية والإجتماعية مهدرة لشعوب تلك الدول ، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته لمساعدة تلك البلدان مثلما ساعد في تجفيف موارد الإرهاب وقطع شرايين تناميه وتمدده. ولا بد من التذكير ونحن في هذا المجلس الموقر المعني بحقوق الإنسان بحقوق الشعب الفلسطيني الذي تتفاقم معاناته ويطول مداها مقابل إزدياد صلف سلطة الإحتلال التي استغلت إنشغال الدول العربية بإشكاليات مراحل الإنتقال وتعقيدات المشهد العربي على كافة الأصعدة أمنياً وإجتماعياً وإقتصادياً وسياساً كما إن تصاعد أعمال العنف في سوريا واستمرارها دونما حل يلوح في الأفق تثير القلق والمخاوف على حقوق أبناء الشعب السوري وتتطلب من المنظمات الإقليمية وخاصة الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومن الأسرة الدولية تطوير آليات ووسائل فاعلة لمساعدة الشعب السوري على تجاوز محنته. وفي الختام لا يسعني إلا أن أكرر عميق الشكر والتقدير لمجلس حقوق الإنسان ولرئاسة الدورة الحالية ولرؤساء وأعضاء وفود الدول المشاركة ولكل الحاضرين متطلعين لشراكات فعالة تصب في إتجاه تحقيق الغايات والمقاصد التي أنشئت من أجلها هذه الهيئة الموقرة وبما يعزز ويحمي حقوق مواطني بلداننا. والسلام عليكم ورحمة الله.