اخبار الساعة

الهدف تحاور المناضل التقدمي المغربي عبد الإله المنصوري عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي

اخبار الساعة - ادريس علوش بتاريخ: 25-10-2010 | 14 سنوات مضت القراءات : (5887) قراءة

الهدف تحاور المناضل التقدمي المغربي عبد الإله المنصوري عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي

أجرى الحوار:إدريس علوش

نحن نعاني مأزقاً كبيراً في عملية تصدينا لأبشع مشروع استعماري في التاريخ هو المشروع الاستيطاني الصهيوني

حول قضايا المؤتمر القومي العربي،وقضايا الشأن العربي ،والقضية الفلسطينية،وقضايا التقاطع الشعبي والرسمي  المغربيين مع القضية الفلسطينية،وشرك ومصيدة التطبيع مع الكيان الصهيوني،وإمكانية عودة رفات الشهيد المغربي الأصيلي - عبد الرحمن اليزيد أمزغار  كان لنا نص هذا الحوار مع المناضل التقدمي عبد الإله المنصوري عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي

 

1- الأستاذ عبد الإله المنصوري باعتباركم عضواً في الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي،يهمنا كما يهم القارئ أن تسلطوا لنا الضوء على مستجدات هذا الإطار وارتباطه العضوي بالقضايا العربية الحيوية والمصيرية..!!

الجواب :المؤتمر القومي العربي إطار تم تأسيسه سنة 1990 من طرف عدد من المثقفين والفاعلين السياسيين والمدنيين العرب في سياق وضع عربي ودولي آنئذ عرف تغيرات دراماتيكية، أبرزها انهيار جدار برلين وبداية إعداد العدة من طرف التحالف الأمريكي- الأطلسي للعدوان على العراق، واشتداد انتفاضة الحجارة التي فضحت المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين المحتلة، وتوقف الحرب الأهلية اللبنانية، وبداية ظهور انفتاح جزئي في البنيات السلطوية للنظام الرسمي العربي هنا وهناك... في ظل هذا السياق تداعى عدد من المهتمين بمصير الوطن العربي، وأوضاعه، ومستقبله إلى الإعلان عن هذا الإطار الذي سيصبح ذا تأثير كبير في الساحة العربية ، بحكم طبيعة القضايا التي ينشغل بها ،والمعارك التي شارك في خوضها بشكل رئيس في كل الساحات العربية. وقد توج المؤتمر أعماله بعد عشرين سنة بتبني المشروع النهضوي العربي الذي ساهم المؤتمر في صياغته ومناقشته بعد أن بدأ كفكرة من طرف مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت نهاية الثمانينات من القرن الماضي ، حيث استوى على الأرض مشروعا متكاملا للأمة يقوم على ستة أركان تتكامل فيما بينها ، ونعتقد أنها يمكن أن تساعد الأمة في استنهاض طاقاتها وإخراجها من واقع التأخر، والتراجع، والاستبداد، والفساد والخضوع لإرادة المحتل الأجنبي المتمثل في المشروع الصهيوني المسنود بمراكز القرار الرأسمالي . وتتمثل مبادئ المشروع النهضوي العربي في : الوحدة لمواجهة واقع التجزئة والديمقراطية في مواجهة الاستبداد، والعدالة الاجتماعية في مواجهة الفوارق الطبقية وسيطرة أقلية على الثروة، والتنمية المستقلة في مواجهة وصفات المؤسسات الدولية  القائمة على تكريس التبعية ، والاستقلال الوطني والقومي في مواجهة الاحتلال والتدخل الأجنبي والتجدد الحضاري في مواجهة الجمود والتقليد والنمطية القاتلة للإبداع والتطور. ودور المؤتمر بجانب هيئات عربية أخرى هو العمل على شحذ الوعي العربي بهذه الأهداف والنضال من أجلها ميدانياً، وتحقيق التفاعل بين الوحدويين العرب في إطار من التنوع والتكامل.

إن موقع المؤتمر بهذا المعنى هو في قلب القضايا الحيوية للأمة العربية، ويلعب أدواراً أساسية في صياغة معادلاتها رغم قلة الإمكانيات، وضخامة التحديات التي تواجهها ، حيث أصبح أشبه ما يكون بمرجعية شعبية للأمة يحدد خريطة تحركها، وبوصلة عملها في قضايا الشأن العربي من المحيط إلى الخليج.   

2- باعتبارك متابعا ومواكبا لقضايا الشأن العربي في شكله العام، والفلسطيني في شكله الخاص والدقيق، أين تقف القضية الفلسطينية انطلاقا من  مجريات التحولات العالمية،في ظل الهيمنة الأمريكية الواضحة،وفي ظل الموقف العربي الموسوم بغير الوضوح..؟

الجواب : بالرغم من أن القضية الفلسطينية - بحكم أهميتها -  كانت في كل مراحل التاريخ تمر من لحظات دقيقة ، فإن هذه اللحظة ليست استثناء عن سابقاتها. غير أننا كعرب لسنا في أسوإ حالاتنا، صحيح نحن نعاني مأزقاً كبيراً في عملية تصدينا لأبشع مشروع استعماري في التاريخ، هو المشروع الاستيطاني الصهيوني ، عدو مسلح بآخر ما ابتكرته الصناعات العسكرية الغربية ويحتمي بغطاء قانوني دولي من المركز الامبراطوري الرأسمالي الذي تمثله أمريكا في الوقت الحاضر ، ناهيك عن خضوع الوطن العربي لأنظمة غير ديمقراطية تستمد شرعيتها في معظمها من دعم الخارج لها ،وهو الحاضن نفسه للمشروع الصهيوني. لكن علينا  ألا نغفل التحولات التي عرفها العالم في العقد الأخير، وكنا كقوة تحرر عربية من أبرز صناعها والمساهمين فيها . لقد انهارت مخططات المحافظين الجدد في أمريكا وانكسرت أحلامهم في إقامة شرق أوسط جديد تكون فيه السيادة المطلقة للكيان الصهيوني بعد تصفية القوى المقاومة في فلسطين، ولبنان، والعراق ، ليتحول الحلم إلى كابوس حيث أحبط الشعب العراقي ومقاومته البطولية مفاعيل الغزو الأمريكي للعراق، وأظهرت للمحتل الأمريكي قدرات شعبية خارقة على الصمود ، جعلته يقف على حقيقة الموقف منه لحظة الحسم حيث يكون الاستقبال بالقنابل والأحذية وليس بالزهور كما كانت الدعاية الأمريكية الفجة تعمل على تكريسه في الوعي العربي لفرض الهزيمة واقعا على الأمة. وكان لكسر المقاومة العراقية  للمشروع الأمريكي الغازي وقعا إيجابيا على المقاومة في لبنان وفلسطين ، بل شكل هدية عربية جميلة للعالم آذنت ببداية أفول المشروع الامبراطوري الأمريكي ، مما يجنب العديد من شعوب العالم ويلات مطامع (اليانكي) الأمريكي الذي توجهه مصالح شركات صناعة النفط والسلاح ، التي لا تتوانى في إشعال الحروب بحثا عن موارد لنهبها  وأسواق جديدة  لمنتجاتها. لكن إرادة المقاومة يمكن أن تصنع الأساطير ، حيث لم يكد الرئيس الأمريكي بوش الابن ( الذي دخل التاريخ باعتباره أحد أبرز مجرمي الحرب) يكمل ولايته الثانية حتى أصبحت أمريكا على شفا انهيار مريع جسدته الأزمة المالية التي وصل صداها إلى كل مناطق العالم. وهي الأزمة التي لعبت فيها المقاومة العراقية الدور الأساس مما جعل برنامج الإنقاذ الذي قدمه الرئيس أوباما يتمحور حول الخروج من العراق لإنقاذ ماء الوجه الأمريكي وإخراج البلد من ورطتها. كما كان لتمكن المقاومة الوطنية اللبنانية بقيادة حزب الله من طرد المحتل الصهيوني من جنوب لبنان سنة 2000 من دون اتفاقيات تحمي أمن العدو، (مثلما وقع مع النظامين المصري والأردني في اتفاقيتي (كامب ديفيد، ووادي عربة) سيئتي الذكر، وتلقينه درساً قاسياً أثناء عدوان تموز/يوليو 2006 مما كان له وقعاً هائلاً على معنويات الأمة وروحها النضالية وثقتها بإمكانياتها وإيمانها بمستقبلها. فانعكس إيجابياً على مواقع وساحات كثيرة أبرزها فلسطين قضية الأمة المركزية ، حيث اندلعت الانتفاضة الثانية سنة 2000 (انتفاضة الأقصى) التي حققت رغم التضحيات العديد من المنجزات أبرزها انسحاب الإرهابي شارون من قطاع غزة كاملا ومن دون شروط أو مفاوضات. وهو الوضع نفسه الذي خلفه الصمود الأسطوري لأهلنا في قطاع غزة المحاصر أثناء عدوان نهاية 2008 حيث لم يستطع الصهاينة أن يحققوا أيا من أهدافهم غير إحداث تدمير هائل في البنيات والمؤسسات المدنية وقتل عدد كبير من المدنيين الأبرياء ، كما هي عادتهم ، منذ أن غرس الاستعمار الأوروبي كيانهم الإرهابي في فلسطين المحتلة سنة1948 بقوة الحديد والنار. وعموماً، يمكن القول أن وضعنا كعرب أفضل بكثير من وضع أعدائنا الصهاينة ، حيث يعانون من عزلة متزايدة ، وأصبحت صورة الكيان الصهيوني مرتبطة لدى عموم الرأي العام العالمي بالإرهاب وجرائم الحرب ، وضاقت مساحة الحركة على قياداته  التي لم تعد قادرة على زيارة مناطق كثيرة من العالم خوفا من الاعتقال والمحاكمة . ورغم التحديات التي نواجهها كعرب في هذه المرحلة ممثلة في تواطؤ معظم النظم العربية وليس عدم وضوح موقفها ، كما قلتم، والحماية الدولية الكاملة للمشروع الصهيوني ، فإن المشروع الصهيوني يعاني أزمة وجودية تعبر عنها الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مؤسساته والتي تتحدث عن نضوب مصادر الهجرة اليهودية التي تشكل مصدر استمرارية هذا التجمع الاستيطاني الذي يمثل قاعدة عسكرية متقدمة للقوى الامبريالية، حيث يضم بين أحضانه ما يزيد عن المئة جنسية ، ونزوع العديد من المستوطنين نحو الهجرة من فلسطين المحتلة ، وهي الهجرة المضادة لما يزيد عن المليون مستوطن لبلدانهم الأصلية أثناء عدوان تموز 2006 على لبنان، وافتتاح روسيا لعدة مكاتب بفلسطين المحتلة لتسجيل مواطنيها الراغبين في العودة إلى بلدهم روسيا ، بل وتعبير ما يقارب النصف من المستوطنين في الكيان العنصري عن عزمهم مغادرة فلسطين المحتلة إذا اندلعت حرب أخرى مع لبنان، أو تمكنت إيران من امتلاك قدرات نووية عسكرية. إننا في وضع تصاعدي كعرب ، في مقابل دخول الكيان الصهيوني مرحلة التراجع التي ستؤدي حتما إلى زواله باعتباره مشروعا استعماريا عنصريا لا ينتمي للمستقبل، بل يشكل جزءاً من مخلفات تراث استعماري لا إنساني ، مكانه الطبيعي هو متاحف التاريخ مثلما تحقق ذلك مع تجربة النظام العنصري في جنوب إفريقيا التي استمرت أكثر من ثلاثة قرون، أو تجربة الاستيطان الفرنسي في الجزائر التي استمرت 132 سنة ، أو مثلما تؤكده لنا دروس التاريخ البعيد حيث تمكن العرب من استعادة فلسطين من أيدي الغزاة الأوروبيين فيما عرف بالحروب الصليبية بعد مئتي سنة من الاحتلال ، وهي معركة بالمناسبة التحم فيها العرب مسلمون ومسيحيون في مواجهة الأطراف كافة غزو الفرنجة لديارهم. وهي الدروس التي نحتاج إلى تمثلها في وضعنا الراهن ، مما يحتم على الأطراف التحلي بروح المسؤولية والتشبت بالوحدة الوطنية على قاعدة المقاومة، وإعادة بناء أداة الوحدة منظمة التحرير الفلسطينية لمواجهة تحدي هذا المشروع الاستعماري الأخطر في التاريخ بكل موضوعية.    

 

3- انطلاقا من كونك مغربياًً، ما هي حدود التقاطع الرسمي والشعبي مع القضية الفلسطينية..؟

الجواب : في الوضع الطبيعي كان من المفروض أن يكون هناك تكامل بين المجهود الرسمي والشعبي الداعم للقضية الفلسطينية ، لكن واقع الحال يؤكد العكس، فإذا كان تفاعل الشعب المغربي مع القضية الفلسطينية يمكن وصفه بالاستثنائي لجهة قوته وعفويته ، وهو ما عبر عنه الوعي السياسي والوطني المغربي بمقولة "فلسطين قضية وطنية" الغنية عن كل تعليق، وجسدته المظاهرات المليونية المتميزة تضامنا معه في مواجهة العدوان ، فإن التفاعل الرسمي يبقى ذا طابع لحظي محكوم بالديماغوجية والشعاراتية التي لا تسمن القضية ولا تغنيها من جوع ، انسجاما مع انخراط المغرب الرسمي في النادي الأمريكي ، ومحاولة لعبه دور العراب الحاضن للقاءات التفاوض بين بعض قيادات فتح، والمسؤولين الصهاينة ، أو حتى اللقاءات الممهدة لتسوية كامب ديفيد المشؤومة التي انطلقت من المغرب بلقاءات سرية بين مسؤولين من نظام السادات وقادة صهاينة. وكذا انطلاقا من افتراض مغلوط لدى الديبلوماسية المغربية يرتبط بالرغبة في خلق تأثير للوبي الصهيوني على صانع القرار الأمريكي لدعم المغرب فيما يتعلق بوحدته الترابية. وهو الافتراض الذي ثبت خطؤه طيلة خمس وثلاثين سنة من بداية المشاكل في الأقاليم الجنوبية للمغرب، حيث لم يقدم الأمريكيون أيَّ دعم لحسم النزاع لصالح المغرب بل يعملون على تأبيده بما يدعم حاجة الطرفين  لأمريكا. ناهيك عن قيام الدولة المغربية بالتطبيع مع الصهاينة بشكل رسمي عبر فتح مكتب الاتصال بالرباط قبل إغلاقه تحت تأثير الضغط الشعبي بعد اندلاع انتفاضة الأقصى ، أو بشكل غير رسمي من خلال تشجيع بعض الجهات شبه الرسمية على استضافة مجرمي حرب، أو مستوطنين صهاينة بالمغرب تحت يافطات مختلفة ، إذ من مكر التاريخ أن يصبح التراب المغربي من الفضاءات القليلة في العالم التي يمكن للصهاينة الولوج إليها دون خشية من اعتقال أو محاسبة في الوقت الذي يخشى فيه الصهاينة زيارة بريطانيا التي رعت الفكرة الصهيونية وزرعتها في قلب فلسطين خدمة لطموحاتها الاستعمارية البغيضة.  

.    

4- التطبيع مع الكيان الصهيوني في كل المجالات، السياسي منها، والثقافي، والاقتصادي، والإعلامي،يشكل لا محالة خطراً على نضال الشعب الفلسطيني الذي يواصل كفاحه البطولي من أجل التحرر والاستقلال . في المغرب، تتنامى هذه الظاهرة للأسف بين الفينة والأخرى، ما مرد ذلك..؟ وما هو موقفكم النقدي من الموضوع..؟

الجواب: مردها أساساً وجود قوى متنفذة داخل النظام المغربي تسعى إلى التمكين للكيان الصهيوني في بلادنا تحت مبررات واهية، أشرت لبعضها سابقا ، ويمكن إضافة أخرى من قبيل زعم البعض رغبته في الانفتاح على من يسمونهم بالجالية اليهودية المغربية بفلسطين المحتلة التي يتجاوز عددها السبعمئة ألف باعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من شتات المغاربة عبر العالم ، ولهؤلاء نقول إن هذه الجالية تشكل جزءا ًمن المجهود الاستيطاني الداعم للكيان الصهيوني القائم أساساً على الاستيطان الذي يعني في المقابل طرداً للسكان الأصليين من أرضهم وديارهم، وهم أشقاؤنا من العرب الفلسطينيين ، وقد شكلوا جزءاً من المجهود الحربي الصهيوني منذ قيام الكيان الصهيوني ، حيث تم تهجير كتلة منهم في عهد الاستعمار الفرنسي لبلادنا وبالضبط في المرحلة الرابطة بين 1947 و 1953 لإسناد المشروع الصهيوني ، قبل أن يكتمل مشروع التهجير في عهد الاستقلال من طرف حماة المصالح الاستعمارية الفرنسية في دولة الاستقلال الوليدة بين سنوات 1958 و 1963 وهي المرحلة التي عرفت صراعاً مريراً بين الحركة الوطنية المغربية، والنظام الشمولي الذي بناه عملاء فرنسا في بلادنا بقوة الحديد والنار، حيث لم تكن القضية الفلسطينية بعيدة عن هذا الصراع. إن المستوطنين الصهاينة المغاربة في فلسطين المحتلة جزء من بنية المشروع الصهيوني التي ينبغي مواجهتها والعمل على تفكيكها ، ولا مكان لهم بيننا إلا بعد رحيلهم عن فلسطين المحتلة ، وآنئذ سيلقون كل ترحيب من بلدهم وشعبهم ، أما أن يكونوا جزءاً من بنية الكيان الصهيوني يخدمون في جيشه العدواني ويستولون على أراضي الفلسطينيين ومزارعهم وبيوتهم ويمارسون التقتيل في حقهم ، ومع ذلك يتم احتضانهم في بلادنا فهذا مما لا يكون مقبولاً ولا معقولا ً، ويواجهه الشعب المغربي بكل ما أوتي من قوة. أوردت هذا النموذج لكي أؤكد لكم أن موقفنا ينبني على أسس سياسية وليست دينية أو عرقية ، كما يحاول بعض المطبعين تصويره ، إذ في الوقت الذي نتصدى فيه للصهاينة   والمطبعين - بغض النظر عن ديانتهم وانتمائهم - فإننا نفتخر كعرب، أو كمغاربة بانتماء مجموعة من المناضلين المنحدرين من أسر يهودية  إلى الحركة المناهضة للصهيونية التي تتصدى بشراسة للمشروع الصهيوني وللتطبيع معه ، ينتمون إلى فئات مختلفة ، إذ فيهم المفكر والأديب ورجل الأعمال والمناضل السياسي والمؤرخ ، وفي هذا السياق نذكر كلاً من جيرمان عياش ، إدمون عمران المالح ، سيون أسيدون  ، أبراهام السرفاتي وغيرهم. إن موقفنا من التطبيع مع الصهاينة يتأسس على  مبدإ واضح وبسيط مفاده أن المشروع الصهيوني مشروع استعماري عنصري مناهض لكل القيم التي تشكل إرثا مشتركا بين الإنسانية ، يستهدف الوطن العربي في حريته، واستقلاله، وثرواته، وإمكانيات نهوضه، خدمة للمشاريع الاستعمارية ولحماته في مركز القرار الرأسمالي ، وهو لا يميز في استهدافه قطراً عربياً دون آخر ، لذا ينبغي الإبقاء عليه كياناً محاصراً إلى حين تفكيكه، والتخلص منه لكي يستعيد الشعب الفلسطيني أرضه وممتلكاته ، ولكي تستأنف تلك المنطقة رسالتها الحضارية للعالم ، رسالة التسامح، والتعايش، والحوار بين المذاهب، والديانات المختلفة ، بعيداً عن لغة القتل والدمار التي تتفنن فيها جموع العصابات الصهيونية منذ أن وطأ آباؤهم الأوائل هذه الأرض نهاية القرن التاسع عشر في سياق توسع القوى الرأسمالية البريطانية بحثا عن الأسواق، والموارد الأولية، وضماناً لطريقها نحو بلاد الهند جوهرة التاج البريطاني كما كان يصفها دهاقنة الاستعمار الانجليزي. وإبقاء الكيان الصهيوني محاصرا ًبهذا الشكل يمثل خطوة في طريق الألف ميل المؤدية لتفكيكه وتخليص الإنسانية من ويلاته. وهي حقيقة تاريخية لا يرقى إليها الشك، قد نقتنع بها لأننا أصحاب الحق ، لكنها تصبح ذات تأثير مضاعف حين يؤكد عليها مفكرون كبار نظير المؤرخ الانجليزي "أرنولد توينبي" الذي قال في مناظرة شهيرة له مع السفير الصهيوني في كندا "إن إسرائيل تحمل بذور فنائها في طيات وجودها ، إنها وجدت لكي تفنى" في إشارة إلى دورها الوظيفي في خدمة القوى الاستعمارية المتعاقبة على المنطقة. ومن هنا أهمية مجابهة التطبيع بكل أشكاله مع الصهاينة ، لذا كنا نردد دائما سواء في إطار مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين في المغرب ، أو في إطار نضالنا على الصعيد العربي ، إن التطبيع مع الصهاينة هو خيانة وطنية، وقومية، ودينية، وإنسانية. ودلالة هذه المقولة لا تحتاج لشرح أو تعليق.         

5- قمتم بمحاولات لاستعادة رفات الشهيد المغربي – شهيد القضية الفلسطينية - عبد الرحمن اليزيد أمزغار ابن مدينة أصيلة المغربية،هلاّ حدثتمونا عن تفاصيل عملية استشهاده من جهة ومن جهة أخرى أين وصلت المطالبة بإعادة رفاته ليوارى الثرى في مسقط رأسه..؟

الجواب : طبعا الكل يتشرف بالمساهمة في استعادة الرفات الطاهر للشهيد أمزغار وغيره من الشهداء المغاربة الذين لا يزال الكيان الصهيوني يحتجز جثامينهم الطاهرة ؛ إذ لا يزال هناك على الأقل أربع جثامين لشهداء مغاربة يحتجزها الصهاينة هم إضافة لابن مدينة أصيلة أمزغار ، الشهداء : الركراكي النومري ، مهجر العربي بن قدور إيرير، وأحمد عبد القادر عثمان. وهؤلاء الثلاثة كانوا بالمناسبة مناضلين في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتلك قصة أخرى ليس هنا مجال حكيها. وعودة للشهيد أمزغار المناضل حينئذ في صفوف جبهة التحرير العربية والذي تلقى تدريباته في العراق الذي كان آنئذ قاعدة خلفية للمقاومة الفلسطينية بعد ضرب وجودها بالأردن من طرف النظام المتصهين هناك في أيلول الأسود ، لتكون الوجهة بعد بغداد إلى لبنان حيث شارك في عدة عمليات كان آخرها العملية البطولية في مستوطنة «كفار يوفال» التي أقيمت مكان قرية أبل القمح العربية في الجليل العربي المحتل يوم 15 يونيو/حزيران 1975 حيث اشتبك الثوار الأربعة (مغربي ، فلسطيني، عراقي وتركي. وسميت مجموعتهم باسم أبو الأديب، وهو ضابط فلسطيني خدم بالجيش العراقي) مع قوات الاحتلال الصهيوني وكانت النتيجة مدوية مقتل وإصابة العشرات من الجنود الصهاينة ، بعد أن احتجزت المجموعة العديد من الصهاينة وطالبوا بالإفراج عن الأسرى بالسجون الصهيونية ، ( من ضمن من طالبوا بالإفراج عنه آنئذ مطران القدس المناضل كابوجي الذي شارك في أسطول الحرية المنطلق من تركيا في أيار/مايو الماضي). وقد كان لتلك العملية وقع الزلزال في أوساط الصهاينة رغم استشهاد الفدائيين الأربعة. ليحتجز الصهاينة جثامينهم منذ تلك الفترة ، وقد بذلنا جهداً أثناء عملية الرضوان (أغسطس 2008) التي نجح فيها حزب الله في تحرير المئات من جثامين الشهداء ومجموعة من الأسرى اللبنانيين والعرب من الأسر الصهيوني، لكن لم يكن مع المحرر رفاتهم من المغاربة سوى الشهيد مصطفى اقزيبر (ابن مدينة أرفود) ، وسنتابع المطالبة بتحرير جثامين الشهداء المغاربة والعرب من أسر الصهاينة الذين لا يزالون يحتفظون بأكثر من ثلاثمئة شهيد في مقابر الأرقام السرية في انتهاك واضح لكل القيم الإنسانية والمواثيق الكونية . ولن نفقد الأمل، إذ ما ضاع حق وراؤه مطالب تسنده المقاومة ، والدليل على ذلك تحرير جثمان الشهيد مشهور العاروري بعد احتجازه لمدة أربع وثلاثين سنة واستعادة أهله له في 12 من آب/أغسطس 2010. 

6- كلمة أخيرة لقراء مجلة الهدف :

الجواب : أجمل التحيات لطاقم هذا المنبر المقاوم الذي قدم العديد من أقلامه على مذبح الحرية وفلسطين ، خاصة إذا كان أبرزهم القائد الشهيد المبدع غسان كنفاني دون أن ننسى قافلة الشهداء على طريق النضال والمقاومة المستقيم، طريق الشهداء وديع حداد، وأبو علي مصطفى، والحكيم الكبير الدكتور جورج حبش. لقد كانت الهدف وستظل مشكاة تنير طريق كل العرب والمناضلين منهم ـ على وجه الخصوص - نحو قضيتهم المركزية فلسطين التي يشكل الانتماء لها والانحياز إليها عنواناً  ومعياراَ ًللانتماء الإنساني، بكل ما يحمله هذا القول من معنى. 

 

 عن مجلة الهدف

http://www.alhadafmagazine.com/details/page_edu1.asp?idopject=58




اقرأ ايضا: