اخبار الساعة

لماذا تستكثرون الفرحة على الشعب اليمني؟!

اخبار الساعة - د.سعاد سالم السبع بتاريخ: 24-12-2010 | 14 سنوات مضت القراءات : (2418) قراءة

عشنا أياماً جميلة مع خليجي عشرين، وشعرنا أن الأحزاب اليمنية تناست خلافاتها وناصرت الفرح، وتمتع الجميع بالطمأنينة، وتغيّرت صورة اليمن على المستوى العربي والعالمي إلى الأفضل، وصرنا ننتظر مستقبلاً اقتصادياً مستقراً.
 
والآن تعود الحال إلى إشعال أزمة جديدة بسبب الانتخابات، وكأن أحزابنا الموقرة وجدت لخلق الأزمات وليس لحل المشكلات، بل تؤكد للشعب كل يوم أنها موجودة لتنكيد حياة المواطنين، حتى صارت الحزبية هي إحدى المشكلات التي تعرقل التنمية، الأحزاب السياسية في البلدان المتحضرة تسعى إلى تطبيق برامجها من خلال تثبيت الأمن والاستقرار، لكن أحزابنا العريقة تستكثر على الشعب اليمني أي حلم بمستقبل آمن.
 
لماذا لا تستثمر الأحزاب فرح خليجي عشرين في صناعة أفراح أخرى؟!! هل مكتوب على المواطن اليمني أن يعيش قلقاً وتوتراً كلما جاءت مناسبة؟!! لقد أيقن الناس أن صناعة القلق والتوتر هي الهدف الأول لبرامج الأحزاب اليمنية..
 
يجب أن يدرك الكبار في جميع الأحزاب اليمنية أن كيمياء الجماهير اليمنية قد تغيرت بفعل خليجي عشرين، وأصبحت تناصر الحب والوحدة والفرح، ولم تعد مستعدة للمشاركة في إذكاء الخلافات بين أبناء اليمن الواحد مهما كانت الأسباب، فنتمنى أن تخفف وسائل الإعلام من التهويل والتهديد والوعيد الذي تطالعنا به كل دقيقة حول مخاطر إجراء الانتخابات في ظل مقاطعة بعض الأحزاب المعارضة ـ لا سمح الله ـ لأن الجميع يعرف (البير وغطاها) على رأي المثل الشعبي، وقد صار كل الناس يدركون أن الحكمة اليمنية هي المنتصرة في وطننا، وأن الدولة قادرة على فرض النظام بالقوة إذا ما كان الوطن عرضة للخطر ، وأن قوة النظام سوف تكون حاضرة إذا شعرت الدولة بأن أمن الناس مهدد.
 
إن العقل والمنطق يفرضان على كل الأحزاب اليمنية (الكبيرة والصغيرة) المشاركة في الانتخابات، فهي فرصة للتغيير وحق للجميع، ومن يغادرها فقد حكم على نفسه قانوناً بالخروج من المشاركة السياسية، فلماذا لا تتم المشاركة، وليعتمد كل حزب على رصيده الشعبي إن أراد التغيير، لأن التغيير من أجل التنمية لن يتم بالمقاطعة، ولن يحدث بإثارة الشارع وإقلاق الأمن، بل بالمواجهة التنافسية على مقاعد المجلس النيابي وليس بالهروب من المشاركة والعمل على صناعة أزمات جديدة للوطن .
 
إن الشعب اليمني بدأ يفهم قواعد اللعبة السياسية، ولن يستطيع أحد أن يجرّ الجماهير إلى أي شغب، لأن الجماهير أصبحت مستوعبة لنتائج تصرفاتها، وتعرف أن تواجدها الحقيقي هو في صناعة الفرح كما فعلت في خليجي عشرين.. وبناءً على ذلك فإن المفترض أن يقوم كل حزب باستثمار جماهيره للوصول إلى البرلمان وليس لإفشال العملية الانتخابية.
 
المنافسة وممارسة الاستحقاق الدستوري هما الحل، والذهاب بعيداً عن صناديق الانتخاب أمر غير مقبول، وأي حزب يثق في شعبيته فلن يخاف من دخول المنافسة عبر صناديق الانتخابات، وبخاصة أن هناك فرصاً قانونية عديدة ـ محلية ودولية ـ لضبط العملية الانتخابية وضمان نزاهتها...
 
التغيير الحقيقي الذي يتوقعه المواطن سيتم حينما يثبت الجميع حضورهم في المنافسة، وحينما لا تترك الفرصة لحزب دون غيره أن ينفرد بالفوز في الانتخابات، ما زالت الفرص سانحة للمشاركة الكاملة، ومازال المواطنون مطمئنين إلى أن الحكمة اليمنية هي التي ستنتصر، وأن القيادات العليا في أحزاب المعارضة سوف تدرك خطر عدم المشاركة عليها هي في المقدمة، إذ تُعمد استبعادها من المشاركة السياسية قانونيا، وعلى مرأى ومسمع من كل العالم، وهذا ما لا يريده أي مواطن يحب الوطن.
 
كلنا نتمنى أن يتكون مجلس النواب القادم من جميع ألوان الطيف السياسي في اليمن، وأن نجد فيه أعضاء أقوياء في طرحهم لقضايا الناس، موضوعيين، ووطنيين وعلى مستوى المسئولية عِلماً وخُلقاً وعدلاً.
 
مهم جداً أن نجد تنوعاً في تشكيلة مجلس النواب القادم، لأن التنوع هو أساس حياتنا، حتى وإن كان هذا التنوع سيخلق اختلافات بين الأعضاء في الرؤى فهذه هي الحياة الحقيقية..
 
الحكمة تقتضي أن تتكاتف جميع الأحزاب لنصرة الديمقراطية، وحينما تتمتع الأحزاب بالحكمة، فإن حق المرأة في المشاركة سيكون حاضراً في خياراتها، وذلك ما نتمناه.


*
أستاذ المناهج المشارك بكلية التربية - صنعاء ـ عضو منظمة (اليمن أولاً)
suadyemen@gmail.com

اقرأ ايضا: