اخبار الساعة

كارثة صحية تهدد اليمن نتيجة انقطاع التيار الكهربائي (مخاطر استخدام المولدات)

اخبار الساعة - منظمة حماة البيئة والتنمية المستدامة بتاريخ: 18-09-2013 | 11 سنوات مضت القراءات : (15414) قراءة

تحذر منظمة حماة البيئة والتنمية المستدامة من كارثة صحية بسبب الزيادة المفرطة في استخدام المولدات الكهربائية نتيجة انقطاع الكهرباء .

حيث ألقت أزمة انقطاع الكهرباء على اليمن بظلالها على مختلف جوانب الحياة هناك، الأمر الذي جعل الأهالي يبحثون عن بدائل أخرى لتسيير أمور حياتهم ومصالحهم اليومية، ووجد كثير من الناس ضالته في (المولدات الكهربائية)، وأخذوا يستخدمونها عشوائياً وبصورة كبيرة في المناطق السكانية والاسواق التجارية.
المولدات هذه لا مفر منها من ناحية أن الناس بحاجة ماسة إلى التيار الكهربائي لمواصلة العمل وتلبية الحاجات الأساسية، وفي الوقت نفسه فإن كثرة هذه المولدات بما ثبعثة من غازات سامة وملوثة، أصبحت تسبب مشكلة كبيرة وخطيرة على البيئة وعلى صحة الأهالي هناك، بالإضافة لكونها ظاهرة مزعجة للغاية بسبب الأصوات المرتفعة للمولدات التي تنتشر في أنحاء البلاد .

ماهو تلوث الهواء؟
هو وجود أي مواد صلبه أو سائلة أو غازية بالهواء بكميات تؤدي إلى أضرار حيوية أو فسيولوجية أو اقتصادية بالإنسان والحيوان والنباتات والآلات والمعدات ، أو تؤثر سلباً في طبيعة الأشياء .
لقد بدأت مشكلة تلوث الهواء تظهر بشكل فعلي بعد الحرب العالمية الثانية وظهور البترول،وما تلاها من ثورة صناعية, إذ انتشرت المصانع المختلفة في كلِّ مكان ، كما انتشرت السيارات وآليات النقل ، مما أدى إلى ارتفاع حاد في نسبة الملوثات الهوائية وذرّات الغبار في الجوّ، وانصب اهتمام الناس بالتطوّر الصناعي والاقتصادي بدون النظر إلى أبعاده البيئية, وقد سبب هذا التطوّر العديدَ من الكوارث البيئية التي أدت إلى مشاكل صحيّة وبيئية ،أودت بحياة الكثير من الناس ، و تسبب ملوثات الهواء في وفاة ما يزيد عن مليون إنسان سنوياً، والعديد من الأمراض الخطيرة, إضافة إلى الخسارة المالية الكبيرة سنوياً، بسبب تأثير الهواء الملوث على المحاصيل والنباتات الزراعية، وكان لمثل هذه الأحداث أنْ دفعت إلى إعادة التفكير بجديّة بموضوع التلوّث الهوائي وكيفية التخلـّص والوقاية منه.
وقد أدى الاستخدام الواسع للمولدات التجارية والأهلية إلى التلوث العالي بالمواد الملوثة ،فبالإضافة إلى الغازات المنبعثة من عوادم المولدات، وبالأخص زيادة نسبة غاز CO ,CO2 والرصاص الذي تجاوزت أقطار دقائقه إل(4) مايكرو متر, مما تسبب في زيادة حالات الصداع والضعف العام والغيبوبة والتشنجات وحالات الإجهاض , و تآكل عظام الجسم , والتخلف العقلي لدى الأطفال وغيرها من الإمراض ,و تعتبر هذه المركـّبات مواد مسرطنة للإنسان.
وكانت دراسة نشرت في عام 2011 – شارك في إعدادها أستاذة الكيمياء بالجامعة الأمريكية في (بيروت) أظهرت أن 93% من (سكان بيروت) يتعرضون لملوثات خطيرة في الهواء ، مثل ثاني أوكسيد النيتروجين، وبمعدل أعلى بنسبة 50%من الحدود التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية .. واعتبرتها آمنة ، والتي خلصت أيضًا إلى أنَّ معدل الجسيمات المنتشرة في الجوّ يعادل ضعف المعدل الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية، حيث تم قياس تأثير الانبعاثات الصادرة من المركبات و مولدات الديزل في التلوث على الصحة العامة والبيئة . هذه الملوثات عبارة عن مواد مسببة للسرطان والتشوهات، وهي نوع من الغازات يسمى الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات (PAH) التي تنتج عن حرق الوقود، ويقارب معدل تلوث الهواء في بيروت ضعف الحد الآمن للتلوث الذي وضعته وكالة حماية البيئة الأمريكية وهو 12 ميكروغرامًا لكل متر مكعب،علماً بأنَّ حال (بيروت) ليس كحالنا ؛فما بالكم لو تمَّ قياس النسب في (بغداد) ؟!!!
في الحقيقة ؛ إنَّ البنزين العادي لا يحتوي في الأصل مواد مسرطنة لكن إضافة مواد كيماوية له مثل رابع أثيل الكربون لغرض تحسين مواصفاته يؤدي الى تولد مادة الرصاص السامة، مع الغازات الناتجة عن الاحتراق، وكذلك زيت الغاز المحتوي على الكبريت.
ربّما لن يستطيعَ الإنسانُ التحكّم بأسباب التلوث الناجمة عن مخلفات الطبيعة ، لكنّه يستطيع السيطرة على المصادر الغير طبيعية أو الصناعية،وهي التي يُحدثها أو يتسبب في حدوثها الإنسان ، والتي هي أخطر من الملوثات الطبيعية على البيئة .. وتثير القلق و الاهتمام ، كما أنَّ مكوناتها أصبحت متعددة ومتنوعة،وأحدثت خللاً في تركيبة الهواء الطبيعي ، وكذلك في التوازن البيئي وأهم تلك المصادر:
1. إستخدام الوقود لإنتاج الطاقة ، كمحطات توليد الطاقة الكهربائية والمولدات الكهربائية
2. النشاط الصناعي ، كالمعامل الصناعية ومخلفاتها
3. وسائل النقل البري والبحري والجوي، كالشاحنات والبواخر والطائرات
4. النشاط الإشعاعي ، كالمفاعلات النووية والتفاعلات الكيمائية
5. النشاط السكاني ويتعلق بمخلفات المنازل من المواد الغازية والصلبة والسائلة، كالطباخات والسخانات والمولدات المنزلية الصغيرة
6. النشاط الزراعي والمبالغة في استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية المصدر
الملوّثات الرئيسية في الهواء وأثرها على الصحة العامة والبيئة:ـ
(( المقصود : زيادة نسبتها عن النسب الطبيعية))
ـ غاز أول أكسيد الكربون
ـ غاز ثاني أكسيد الكربون
ـ غاز كبريتيد الهيدروجين
ـ غاز ثاني أكسيد الكبريت
ـ الرصاص
ـ الغبار والمواد العالقة
كما أنَّ من النتائج السلبية لمصادر التلوث البيئي مايلي : ـ
1/المطر الحمضي : يطلق مصطلح المطر الحمضي على المطر وغيره من أشكال التساقط التي تتلوث بشكل رئيسي بحمضي الكبريتيك والنيتريك. ويتكون هذان الحمضان عندما يتفاعل غاز ثاني أوكسيد الكبريت واكاسيد النيتروجين مع بخار الماء في الهواء. وتنتج هذه الغازات أساساً عن احتراق الفحم والغاز والزيت في المَرْكَبات والمصانع ومحطات القدرة، وتتحرك الأحماض الموجودة في المطر الحمضي خلال الهواء والماء ، ويسبب الضرر للبيئة على مدى مساحات شاسعة، وقد أدى المطر الحمضي الى قتل تجمعات سمكية كاملة في عدد من البحيرات، ويؤدي أيضاً الى تلف المباني والجسور والنصب التذكارية، ويرى العلماء أنَّ التركيزات العالية من المطر الحمضي يمكنها أن تتسبب في الأضرار بالغابات والتربة، وتشمل المناطق المتأثرة بالمطر الحمضي .
2/ الفلزات الثقيلة :الفلزات الثقيلة تشمل الزئبق والرصاص. وقد تطلق عمليات التعدين وحرق المخلفات الصلبة والعمليات الصناعية والمركبات الفلزات الثقيلة الى البيئة. ومثل المبيدات يمتد اثر الفلزات الثقيلة لفترات طويلة وبإمكانها الانتشار في البيئة. ومثل المبيدات أيضاً قد تتجمع هذه الفلزات في عظام وأنسجة الحيوانات. وفي البشر قد تؤدي هذه الفلزات الى تدمير الأعضاء الداخلية والعظام والجهاز العصبي، ويمكن للكثير منها أن يؤدي الى الإصابة بالسرطان.
3/ الضجيج: ينتج عن الآلات مثل الطائرات والمركبات ومعدات الإنشاءات والمعدات الصناعية.والمولدات الكهربائية ، حيث لا يسبب الضجيج تلوّث الهواء أو الماء أو اليابسة،لكنه؛قادر على تنغيص الحياة وأضعاف السمع لدى البشر والحيوانات الأخرى.
وعلى العموم ؛ فالإنسانُ هو المسبّبُ على الدوام في إحداث ملوثات البيئة، فقد أوجد الناس المخلفات منذ عصور ما قبل التاريخ، لكنّها ليست مثل النفايات في هذه الأيام ، إذ كانت المخلفات تـُحرق أو تـُلقى في مجاري المياه ، أو تـُدفن في الأرض أو تـُطرح فوق سطحها ، وكانت مخلـّفات الأقدمين في معظمها نفايات طعام ، أو مواد أخرى سهلة التحلل عن طريق عمليات الانحلال الطبيعي، كما أنَّ عدد السكان في الماضي كانَ قليلاً ، وكانوا موزّعين على مناطق شاسعة من الأرض، ونتيجة لذلك كانَ تركيز التلوث قليلاً ، ولم يسبّب إلا القليل من المشاكل.
ولعلَّ من أسهل المعالجات للحدِّ من هذه الظاهرة مايلي : ـ
1ـ إلزام كافة المصانع في (القطاع الخاص والعام) على إقامة وحدات فلترة ومعالجة لمخلفاتها الغازية أو الغبارية أوالسائلة، وتعميم هذا الإلزام على كافة أصحاب المولدات الكهربائية، وجعله شرطاً لتجهيزهم بحصة الوقود المدعوم حكومياً، علماً بأنَّ هنالك أجهزة تربط على مخرجات عوادم المولدات تقوم بخفض نسبة المخلفات الملوثة للبيئة المطروحة عنها.
2ـ الإشراف الحكومي على الحالة الفنية للمولدات والحافلات والسيارات والمعامل ذات المخلفات السلبية على البيئة، لما للمحركات ذات الخلل الفني من تأثير على طرح المخلفات الملوثة للبيئة.
3ـ إستخدام البنزين الخالي من الرصاص ووزيت الغاز الخالي من الكبريت.
4 ـ زيادة المساحات المُشَجّرة داخل المدن ، والتي يجب أن لا تقل عن 40% من مساحة المدينة، بالإضافة إلى زراعة أحزمه خضراء تحيط بها.


أضرار صحية مزمنة
أستاذ العلوم البيئية بالجامعة الإسلامية بغزة، الدكتور عبد الفتاح عبد ربه، أكد على أن الوقود المستخدم في تحريك هذه المولدات يحتوي على مادة الرصاص بشكل يفوق الحدود المعتمدة لدى منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي يؤثر سلباً على الجهازين العصبي والتناسلي.
وأضاف عبد ربه: "مادة الرصاص من العناصر الثقيلة غير القابلة للتحلل في الطبيعة، وعند تحرره من مصادره المختلفة إلى البيئة فإنه يبقى في دورة ثابتة وهذا ما يجعله خطراً للغاية".
وأشار المختص بعلوم البيئة إلى أن الدراسات العلمية أكدت علاقة الرصاص بالكثير من الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم، فضلاً عن تأثيراته الخطيرة على الأطفال والمرضى الذين يعانون من نقص الحديد، كما أنه يؤثر سلباً على النباتات التي يتناولها الإنسان وبالتالي ينتقل الضرر إليه.
حرمان من النوم
الحاج أبو العبد (75 عاماً) يعاني من ضعف في عضلة القلب، تحدث لنا بضيق شديد عن تأثير المولدات على حياته، قائلاً: "حالتي الصحية تتطلب راحة دائمة، لكن الأصوات المزعجة التي تنبعث من المولدات الكهربائية، والتي يعد بيت يخلو منها، حرمتني النوم في الليل والراحة، خاصة في شهر رمضان حيث يضطر الناس لتشغيلها وقت السحور مما يضاعف المعاناة".
كما يشير الحاج إلى مشكلة الروائح الكريهة والخانقة التي تنبعث من المولدات وتشعره دائما بالاختناق وضيق التنفس، مؤكداً على أن لا حل لهذه المشكلة إلا بحل جذري لأزمة الكهرباء التي يرى أنها أزمة مفتعلة.
ضيق واختناق
أم محمد (42 عاماً) هي الأخرى لا تقل معاناتها عن من حولها من المرضى والأطفال وكبار السن، فهي تعاني من أزمة في التنفس منذ عامين، تقول : "الموالدات الكهربائية منتشرة في كل مكان، ومع ازدياد درجات الحرارة يضطر المواطنون والجيران تشغيلها في الليل، الأمر الذي يسبب لي اختناقاً شديداً، وضيقاً كبيراً في التنفس، ومعاناة يومية لا تنتهي".
وكانت بيئة قطاع غزة قد تعرضت لأكبر عملية تلويث في تاريخها حين ألقت القوات الصهيونية –خلال حربها الأخيرة على غزة- آلاف الأطنان من المواد الكيماوية المحرمة دولياً، والتي تحتوي على مواد مشعة، وكانت سبباً في تلوث البيئة في غزة، وقد بدأت تظهر آثار هذا التلوث الخطير من خلال ولادة أطفال مشوهين، وتفاقم أعداد المصابين بأمراض سرطاني

اقرأ ايضا: