اخبار الساعة

قرير عن الوضع الإنساني في دماج أسر بكاملها تبيت في الأنفاق ونساء حوامل يجهضن رعبا وأطفال يموتون بسبب القصف والجوع والمرض

اخبار الساعة - إعداد / محمد مصطفى العمراني بتاريخ: 04-11-2013 | 11 سنوات مضت القراءات : (4404) قراءة


يبدو الوضع الإنساني في دماج مأساويا بكل المقاييس ويفوق التصورات في كثير من الأحيان الرجال والنساء والأطفال يبيتون في الأنفاق التي تم حفرها هربا من قصف مليشيات الحوثي المسلحة التي تمطر منطقة دماج بمئات القذاف من كل الجهات، بيوت كثيرة احترقت بكل ما فيها فأصبح سكانها بين الأنفاق ليلا ونهارا يسكنون الأنفاق يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ، حوامل أجهضن بسبب الرعب، فدوي الإنفجارات لا يتوقف، والأرض تهتز تحت الساكنين ولا يزلن في وضع صحي حرج للغاية، ولم نسمع كلمة من دكاكين الارتزاق التي يسميها البعض " منظمات نسوية " والتي كل همها تحديد سن الزواج وتنفيذ برامج السفارات والمنظمات النسوية الأجنبية .

في دماج يبدو الوضع الغذائي مخيفا للغاية فقطاع غزة أثناء القصف والحصار من قبل الصهاينة كانت أفضل حالا من الوضع في دماج الآن، لقد نفذت المواد الغذائية بسبب الحصار المطبق من قبل مليشيات الحوثي وصار أهالي دماج يتقاسمون الفتات وكل ما يمكن للمضطر أكله في صورة من أروع صور الإيثار والترابط والتلاحم، ونفاذ المواد الغذائية يعني أن عشرات الأسر ستموت جوعا ، وفي هذا السياق يتحدث أحد الزملاء الإعلاميين ويقول أحد أهالي دماج عندما اتصلت به لأسأل عن الوضع صرخ في وجهي : يا أخي نحن نأكل أوراق الشجر يحدثنا هذا الزميل ويجهش بالبكاء .

في دماج الآلاف من الناس محاصرون في قصة حزينة تستدر الرثاء وتستثير الإشفاق وتذكرنا بحصار المسلمين في شعب أبي طالب من قبل المشركين، في حين أن السلطة الحاكمة في اليمن لم تحرك ساكنا، بل المخزي والمؤسف هذا التواطؤ والخذلان من قبل السلطة التي قدمت لمليشيات الحوثي ضوءاً أخضر لتصفية أبناء دماج ، هناك من يتحدث عن تقديم وحدات من الجيش في صعدة دعما كبيرا لمليشيات الحوثي موقع " صعدة أونلاين " نشر صورة لعربة من عربات الجيش وعليها صورة حسين الحوثي.

وعلى الرغم من كل هذا القصف والحصار فإن أهالي دماج أصحاب معنويات مرتفعة، وهمم عالية، رغم صعوبة الأوضاع واحتياجاتهم الإنسانية الملحة، أما اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي بذلت محاولات عديدة للدخول إلى دماج لنقل المؤن والمواد الغذائية ورفضت مليشيات الحوثي إدخالها في سابقة خطيرة تبين مدى وحشية وبشاعة هؤلاء الحوثيين،

ففي كل الحروب في العالم تسمح مختلف الأطراف للصليب الأحمر الدولي وللمنظمات الإغاثية والخيرية بدخول مناطق الحرب وتقديم خدماتها للمتضررين إلا أن الحوثيين كما هو فكرهم منحرف فإن سلوكهم وأفعالهم شاذة وإجرامية.

جانب آخر من المأساة يبدو في قصف مليشيات الحوثي لخزانات المياه التي يشرب منها الأهالي في تعمد واضح للفساد والإضرار في حق الأطفال والنساء والعجزة.

بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر قالت إن فريقاً من اللجنة ما زال في صعدة «مستعداً للدخول منذ الأسبوع الماضي للاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة للأشخاص هناك، فيما لا يزال القتال بين الجماعات المسلحة مستمراً».

وقال سيدريك شفايتزر رئيس بعثة اللجنة الدولية في صنعاء «نأسف بشدة لكوننا منعنا من الدخول إلى دماج، حيث من الضروري إخلاء الأعداد المتزايدة من الجرحى».

وأضاف شفايتزر : «نشعر بقلق شديد على أولئك الأشخاص الذين يحتاجون للمساعدات العاجلة».

وشدد: «نكرر مناشدتنا التي أطلقناها الأسبوع الماضي وكررناها يوم أمس بوقف الأعمال القتالية ومنحنا الإذن بالدخول الفوري وغير المشروط لكي نتمكن من إخلاء الجرحى وإيصال المساعدات الطبية العاجلة، فالوضع الإنساني كان حرجاً جداً وبات الآن أسوأ».

ودعا الصليب الأحمر كل المعنيين في العنف الدائر إلى احترام الحياة البشرية والسلامة الجسدية وكرامة الجميع. «ويجب أن يتلقى الجرحى الرعاية الطبية التي يحتاجونها كما يجب تجنب مهاجمة مرافق الرعاية الصحية وتأمين الحماية لها».

إلى ذلك، قال مصدر حكومي رفيع لـ«المصدر أونلاين» إن الصليب الأحمر طلب أمس الجمعة من الحكومة التدخل لوقف المواجهات في دماج وتمكين إدخال المعونات الإغاثية التابعة للجنة إلى البلدة.

وكانت المتحدثة باسم بعثة الصليب الأحمر في اليمن ماري كلير قالت في وقت سابق إن شاحنات تابعة للجنة تحمل مواد إغاثية متواجدة في صعدة، لكن إطلاق النار حال دون إدخالها إلى دماج .

مأساة بعيدا عن وسائل الإعلام :
المؤسف أن الوضع في دماج رغم صعوبته ومأساويته بعيدا عن وسائل الإعلام بسبب منع مليشيات الحوثي من دخول المنطقة كما أن أهالي دماج أو القائمون على دار الحديث بدماج يحرمون التصوير رغم أن التصوير الفوتوغرافي والتلفزيوني هو توثيق لما يحدث من عدوان إلا أن الشيخ يحي الحجوري وكثيرا من تلاميذه ما زالوا يحرمون التصوير للأسف وكل ما يصل الى وسائل الإعلام صورة من هنا أو هناك يغامر بعض الأهالي وطلبة العلم هناك بالتقاطها وإرسالها لبعض المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي، ولذا يرى البعض أن هذه الوحشية والهمجية الحوثية التي تظهر في العدوان على دماج تمارس وباطمئنان لأن ما يجري لا ينقل للعالم ولا تصل صورته المأساوية لوسائل الإعلام مع أن الصورة هي شاهد حي وتوثيق للمأساة وللمجزرة .

الوضع الصحي في دماج
ويبدو الوضع الصحي في دماج مأساويا ومخيفا خاصة بعد إغلاق المستشفى الطبي الوحيد في المنطقة والذي استهدفته مليشيات الحوثي بمئات من قذائف وصواريخ الكاتيوشا مما تسبب بحصول الأضرار الجسيمة في ممتلكاته من أجهزة ومعدات طبية كما أن انعدام المواد الطبية وعدم السماح بدخولها لدماج فاقم من خطورة الوضع الصحي رغم أن عدد الجرحى قد تجاوز مائتين جريح ( ساعة كتابة التقرير ) جراء القصف المتواصل لمليشيات الحوثي على منطقة دماج وكان تقرير أعده مدير مستشفى دماج الدكتور أحمد صالح الوادعي قبل أيام قد كشف عن صورة قاتمة للأوضاع الإنسانية والصحية في منطقة دماج، وأظهر التقرير أضراراً مخيفة للحرب والحصار على أهالي دماج، فأدوية الأمراض المزمنة كالضغط والسكري والصرع والربو والسل منعدمة تماما .

وبعض هذه الأمراض مرشحة للعدوى بين سكان دماج بسبب الازدحام في الأنفاق المحفورة والتي يبيت فيها كثير من السكان فرارا من القصف، كما أوضح التقرير أن هناك ازدياد في حالات الوفيات بين الأطفال بسبب بعض الأمراض التي تحتاج إلى تدخل من قبل أخصائيين مثل مرض الحمى الشوكية والنزيف الدماغي لبعض الحالات الناتج عن ارتطام بعض الحالات على الأرض وصعب نقلها إلى مستشفى متمكن للتدخل العلاجي المناسب بسبب الحصار المفروض على المنطقة.

وأكد التقرير في الوقت نفسه حصول حالات إجهاض بين النساء الحوامل بسبب شدة الخوف الشديد الناتج عن استهداف المنطقة بالأسلحة الثقيلة المتنوعة، وهناك أكثر من حالة إجهاض حصلت للسبب السالف الذكر.

واختتم التقرير تحذيره من انتشار الأمراض والأوبئة في أوساط المجتمع بسبب انتشار المخلفات وتراكمها في أزقة المنطقة.

هذا التقرير نشر قبل أكثر من أسبوع حيث كان عدوان مليشيات الحوثي لم يأخذ تلك الصورة الوحشية والهمجية كما حدث في الأيام الماضية والتي استخدمت فيها مليشيات الحوثي الأسلحة الثقيلة وبشكل متواصل .

الوضع الصحي عند الأطفال
يعيش الأطفال رعبا متواصلا بسبب القصف العنيف والمتواصل لمليشيات الحوثي المسلحة فتأثيرات الحرب على الأطفال تفوق تأثيراتها على البالغين والكبار، فبعض الأطفال يصابون بغيبوبة نتيجة لشدة القصف على المنطقة، وبعضهم يصابون بتشنجات أثناء صحوهم وكوابيس أثناء نومهم ونوبات فزع وغيرها، وفي هذا السياق تذكر وكالة "خبر" وهي المقربة من صالح ويديرها حوثيون أن مسلحي الحوثي قتلوا أمّاً وطفلتها في أطراف دماج بالرصاص ، وهناك أطفال آخرون في دماج قتلوا بسبب القصف وآخرون أصيبوا بأمراض ولم يجدوا علاجا كما حدث للطفلة حمامة زكريا اليافعي ذات الخمس سنوات والتي أصيبت بحمى شوكية ولم يتمكن أهلها من نقلها للمستشفى فتوفت أمام نظر أهلها ، ولمثل هذه الحالات الإنسانية يذوب قلب الأب حزنا وكمدا ويذوب قلب كل صاحب ضمير حي وإحساس، والإشكالية الآن أن أي طفل سيمرض لن يجد علاجا كما أن انعدام حليب الأطفال سيتسبب بموت كثير من الأطفال أمام أعين أهاليهم.

وكان التقرير الصادر عن إدارة مستشفى دماج قد كشف عن توقف برنامج التحصين الموسع وظهور حالات الحصبة في أوساط الأطفال وذلك لعدم إمكانية متابعة التحصين بالمرفق الصحي بسبب استهدافه بالأسلحة المتنوعة وتلف اللقاحات لانقطاع التيار الكهربائي.

كما تحدث التقرير عن فشل برنامج التغذية وتعرض أكثر من 30 طفل للانتكاسة وعدم تحول حالاتهم إلى الوضع الطبيعي لعدم تمكن الفريق الطبي من متابعة الحالات بسبب الحرب والحصار،لافتا إلى انعدام المواد الغذائية بالكلية وخصوصا حليب الأطفال وهذا يعود بالضرر على الأطفال حديثي السن، والأمهات الحوامل لحاجتهم الماسة للغذاء الصحي في هذه المرحلة الحرجة من حياتهم، وفي ذات السياق وجهت مؤسسة وثاق للتوجه المدني مناشدة لرئيس الجمهورية وحكومة الوفاق وممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر والقوى السياسية والمنظمات المحلية والدولية وهيئات الإغاثة والمجتمع الدولي بالعمل بشكل فوري وعاجل على إيقاف هذه الحرب وإنقاذ الجرحى والمصابين والنساء والأطفال من هذه المجزرة وإغاثة الأهالي المحاصرين في دماج قبل أن يتداعى الوضع وتتفاقم الأوضاع الإنسانية هناك.

وقالت المنظمة أنها تلقت بلاغات عديدة من المواطنين المحاصرين في دماج مساء يوم أمس السبت عن قيام عناصر من مليشيات الحوثي المسلحة بمطالبتهم عبر مكبرات الصوت بالخروج من منازلهم لأنهم سيقصفونها وختمت المؤسسة مناشدتها بالقول :إننا نناشد الجميع باسم الإنسانية وبكل قيم الرحمة التدخل لإنقاذ المدنيين أطفالا ونساء من آلة الحرب التي لا ترحم أحدا .

اقرأ ايضا: