اخبار الساعة

هل الحرب على القاعدة مقدمة لنزع سلاح الجماعات المسلحة وبسط نفوذ الدولة ؟!

اخبار الساعة - خاص بتاريخ: 03-05-2014 | 11 سنوات مضت القراءات : (5678) قراءة

 أخبار الساعة - عباس الضالعي

 

اليوم السبت هو الخامس على بدأ الحملة العسكرية على تنظيم القاعدة في ابين وشبوة ولم تنتهي المعركة بعد ، دائما سلطاتنا العليا تضع الشعب بعيدا عن الحقيقة وما يعرفه الشعب عموما وربما وحدات الجيش التي تقاتل هذا التنظيم في الجبهات من خلال وسائل الاعلام والسلطات المحلية والامنية في المحافظات ان تنظيم القاعدة عبارة عن افراد وان الوضع تحت السيطرة وهذا الكلام منذ حوالي عامين وتحديدا بعد تحرير بعض مديريات ابين وكل المعلومات تتمحور حول مجموعات صغيرة

المعركة الحالية في ابين وشبوة مع هذا التنظيم يدل على انه شبه دولة ان لم يكون دولة صغيرة ، الجيش الروسي سيطر على اقليم القرم بساعات محددة وسيطر على مطارات وقواعد جوية وبحرية وبرية وسيطر على البرلمان والحكومة ووضع يده على كامل الاقليم واعلن استقلاله وضمه الى دولة روسيا

ببساطة لو حسبنا مايحدث حاليا في شبوة وابين ونصدق المعلومات الرسمية عن القاعدة فنكتفي بلوائين او ثلاثة من الوية الجيش للقضاء على هذا التنظيم، هذا هو الطبيعي وفقا للمعطيات الرسمية السابقة ، اما ان يتفاجأ الشعب والجيش بأن حجم هذا التنظيم فاقت التوقعات فهذا دليل على فشل استخباري كامل ودليل على تواطئ وتورط جهات كثيرة والسلطات المحلية والاجهزة الامنية بالمحافظات والمديريات التي يتواجد بها اعضاء القاعدة اول المتورطين

خمسة ايام من الحرب والتعزيزات العسكرية متواصلة ويتواجد الان في جبهات القتال ثلاث مناطق عسكرية اضافة الى عدد من الوية وكتائب القوات الخاصة وقوات مكافحة الارهاب وقوات النخبة والتدخل السريع اضافة الى وحدات شرطية وامنية اخري

هذا الحجم من الحشد العسكري الكبير يضع الجميع امام مسئولية بضرورة مسائلة القائمين على شئون الامن العام للوطن بكامله ، لكن ما يعنينا هو توقيت الحرب على القاعدة وهل هو قرار وطني ام لاهداف اخرى ، هناك ثلاثة اهداف لهذا الحشد العسكري :

الأول: في حال ان المعركة طبيعية ولا يوجد اي تضخيم او مبالغة فهذا يعني ان امن اليمن امام كارثة كبيرة واتمنى على الجيش والقيادة السياسية مواصلة مشوار تطهير البلد من هذا التنظيم حتى النهاية وبعد الانتهاء من هذه المعركة يجب الدخول بمعركة اخرى اهم واخطر من هذه المعركة وهي معركة تصحيح شاملة لتنظيف الاجهزة الامنية والاستخبارية والعسكرية والسلطات المحلية من العناصر المتورطة والمشتبه حتى بتورطها بتقديم الدعم المباشر وغير المباشر لهذا التنظيم الذي يتحرك في عدد من المحافظات والمدطريات ويترعرع وينمو علنا واخضاع العناصر المتورطة لحساب وعقاب شديد لضمان عدم تكرار اعادة ترتيب ونشأة هذا التنظيم من جديد

الثاني:  برأيي الشخصي واستنادا للتاريخ القديم ( السابق) للحروب التي كان يخوضها علي صالح في الداخل وهي عبارة عن رسائل للخارج يستعين بها لجلب الدعم المالي او العسكري او السياسي وكان يستخدم هذا النوع من الحرب عندما يتعرض لتجاهل او تهميش من بعض الدول الشقيقة والصديقة لانه كان يعتبر ورقة مكافحة الارهاب بمثابة الفانوس السحري يدك الارض عسكريا فيستجيب له الخارج واحيانا للاستقواء بهم على الداخل كما كان يحدث خلال سنوات حكمه الاخيرة

ربما ان للحملة الحالية علاقة بنتائج مؤتمر المانحين الذي عقد اخيرا في لندن وكانت نتائجه عبارة عن نصائح وارشادات ووعود عامة وفضفاضة وان الرئيس هادي شعر بالفشل نتيجة تخبط علاقته التي استاءت منها كثير من الدول التي تقدم له الدعم وعلى رأسها الشقيقة السعودية التي عبرت عن موقفها بنقل مكان انعقاد المؤتمر من الرياض الى لندن كما ان لحضورها الغير معهود للمؤتمر بلندن من خلال تمثيل دبلوماسي منخفض تعتبر رسالة احتجاج من القيادة السعودية الى القيادة اليمنية والاحتجاج السعودي ناتج عن تواطئ هادي مع جماعة الحوثي المسلحة المدعومة من ايران وانعكس دعم هادي للحوثي بسيطرة الجماعة على حوالي اربع محافظات وتتواجد في كل المحافظات الاخرى وتعزز من فدراتها العسكرية وهذا يمثل تهديدا للامن القومي السعودي والخليجي وانتصار لايران التي تحاول منذ عقود لتفكيك المملكة وقلب نظام الحكم فيها ولاول مرة يحدث خلل امني يهدد السعودية من الاراضي اليمنية وبدعم من القيادة السياسية، كما ان القيادة السعودية استوعبت خطورة الاحداث التي تمت في مناطق دماج وحاشد والتي تعد مناطق اساسية لمقاومة التمدد الايراني وكانت ركائز هامة واستراتيجية وان هادي ظلل المملكة بتقارير خاطئة وكانت هذه التقارير احد الاسباب الرئيسية التي اطاحت برئيس المخابرات السعودية الامير بندر بن سلطان الذي حاول استغلال قضية الحرب على جماعة الاخوان بشكل مؤقت لتثبيت حكم الحاكم العسكري لمصر عبد الفتاح السيسي وامتدت شرارة هذه الحرب الى النيل من القوى التي تعتمد عليها السعودية بمقاومة التمدد الايراني على حدودها الجنوبية

ربما ان حرب شبوة وابين جاءت لاستعادة علاقة حاكم اليمن بالقيادة السعودية وقد كانت التلميحات التي اعلنها هادي في خطابه الاخير في 30 ابريل الماضي وتهديده للدول التي تصدر القاعدة لليمن وان السعودية هي المستهدفة من وراء ذلك التلميح والدليل استشهاده بعدد المواطنين (لدولة ما) الموجودين بسوريا بثلاثمائة مقاتل قتل منهم ثلاثون ورجع للبلد عشرون ومائتين وخمسون غادروا الى اليمن وهذا العدد يتوافق مع ما أعلنته السعودية قبل فترة

لا جدال حول فتور علاقة هادي مع قيادة المملكة وان إرساله للواء علي محسن الأحمر في مهمة غير معلنة للسعودية بهدف تلطيف الاجواء واقناع قادة المملكة بما حدث وربما شرح سوء التقدير والاعتذار نيابة عن هادي لما قام به هادي من الحاق الضرر بالسعودية نتيجة دعمه القوي للحوثيين

الثالث:  وهو الأقرب للواقع بأن هادي قرر استئصال الجماعات المسلحة واخضاعها للدولة وان البداية من تنظيم القاعدة الذي يعمل بشكل مختلف عن الجماعات الاخرى والانتصار عليه امر محسوب ومحسوم انشاء الله ويكون هذا النصر رسالة قوية لجماعة الحوثي المسلحة في الشمال والحراك الحنوبي المسلح في الجنوب وهما الجماعتان المدعومتان من ايران ومنظمات خليجية وعربية واقليمية ودولية وهذه الرسالة القوية من هادي لهذه الجماعات جاءت بعد فشل الوصول معها بحل سياسي لتسليم سلاحها والالتزام بمخرجات الحوار الوطني الذي كان الحوثيين والحراك الجنوبي احد المكونات التي وقعت على وثيقة الحوار النهائية

من خلال الإحداث الاخيرة وطبيعة علاقة هادي بالحوثي والحراك نستنتج مايؤيد هذه الفرضية القريبة للواقع فقد ساءت علاقة الرئيس هادي بالرجل الذي يعتبر حلقة الوصل الرئيسية بين هادي والحوثيين وهو عبد القادر هلال الذي منحه هادي ثقة كبيرة ومنحه صلاحيات واسعة للتعامل مع قضية توسع الحوثيين وبالمناسبة هو الذي ورط هادي بقضية دماج وحاشد وعمران وهمدان وهو من اقنع هادي بأن يعتمد على الحوثي كقوة سياسية بديلة للقوى السياسية والاجتماعية التي يحاربها الحوثي عسكريا وهو من اساء علاقة هادي بتلك القوى وانعكس ذلك سلبا على علاقة هادي بقيادة المملكة وبعض دول الخليج وبعض رعاة المبادرة، والتسريبات التي تنشرها وسائل الاعلام ضد عبد القادر هلال هي رسائل مفخخة من الرئاسة عسى ان يفهمها هلال كما ان عدم تكليفة بأي عمل او مهمة جديدة دليل على فهم هادي بضلوع هلال بتوريطة لصالح الحوثيين

اتوقع ان يصدر اعلان رئاسي او حكومي بإلزام الجماعات المسلحة تسليم سلاحها وهذا الاعلان سيتضمن برنامج زمني وفي حال تجاوز او مخالفة هذا البرنامج سيكون قرار الحرب هو الخيار المتوفر اسوة بالاجراء الذي تم مع تنظيم القاعدة وان التركيز على الحشد الشعبي والرسمي لحرب الجيش على القاعدة ووقوف الشعب وراء الجيش هو توحيد الرأي العام والصف الوطني لقرار مماثل في حال تمردت جماعة الحوثي والحراك المسلح على قرار تسليم السلاح

جماعة الحوثي استشعرت الى حد ما بأنها الهدف التالي ولهذا خرج ناطقها الرسمي للتوضيح بأن سلاح الجماعة لم يوجه لليمنيين ولا للدولة وانما هو سلاح للاعداء وهذا الكلام مخالف للواقع وان الحوثي الان يبحث عن عدو اجنبي وهو ما يتم الاعداد له وقد يكون هذا العدو هو الشقيقة الجارة السعودية

تصريحات وزير الخارجية عن تدخل ايران بالشئون اليمنية وتأكيده على امتلاك اليمن ادلة على تورط ايران بالشئون اليمنية وإرسالها أسلحة لليمن  هي رسالة ضغط على الحوثيين وبعض اجنحة الحراك المدعومة من ايران وهي مقدمة للخطوات التي ستقوم بها الدولة عقب انتهاء معركة الجيش مع القاعدة

الجيش اليمني يحتفظ بحق الثأر من الحوثيين الذين قتلوا عشرات الالاف وان صفوف الجيش تختلف عن قياداتها الرسمية التي كان لها دور بتعزيز قدرات جماعة الحوثي العسكرية

الحوثي والحراك حاليا يحاولون ترتيب اوضاعهما لما بعد الحرب على القاعدة من خلال فرض امر واقع على الارض لتشتيت القرار السياسي والعسكري بالنسبة للحوثيين قد يلجئون للسيطرة على عمران او العاصمة وهم الان يعكفون على ايجاد المبرر ويحاولون استمالة علي صالح الى صفهم فالمؤشرات تشير الى قيام الحوثيين بحشد عسكري غير معلن ويقومون بتخزين الاسلحة والعتاد في العاصمة واطرافها اما للسيطرة عليها وهذا مستحيل الا اذا توفر عنصر الخيانة الامنية والعسكرية وهو الدور المؤمل القيام به من طرف علي صالح الذي يسيطر على مفاصل الجيش والاستخبارات والسلطات

اما بالنسبة للحراك المسلح فأتوقع ان يتشظى القرار بداخله بنهاية الامر لان السلاح مرتبط بالخارج وسيأتي القرار للاستجابة بتسليم السلاح من اغلبية الفصائل وسيبقى المتشددين داخل الحراك وهم اقلية وكثير من هذه العناصر تقاتل الجيش حاليا وستلحق بهم الهزيمة وستتغلب الدولة سلما او حربا على من تبقى منهم

الذي يهتم الشعب له ان يستثمر الرئيس الفرصة لصالح تعزيز الامن والاستقرار وفرض هيبة الدولة واتمنى ان لا تكون هذه الحرب الدائرة في شبوة وابين حرب عبثية اندلعت بتوجيه خارجي او خدمة للخارج امتدادا للحروب العبثية التي كان يقوم بها صالح

على الرئيس هادي والحكومة وقادة الجيش والامن استغلال الاصطفاف الشعبي لصالح تثبيت الامن والقضاء على الجماعات المسلحة وبسط نفوذ الدولة واعادة هيبتها على كامل التراب اليمني

على الرئيس هادي اعادة الاعتبار للدولة ومؤسساتها وتطهيرها من الفاسدين واعادة الثقة للنزاهة والاستقامة في العمل العام وتشجيع الكوادر النظيفة وابعاد الكوادر الملطخة بالمال العام

وعليه تصحيح الاخطاء التي حدثت خلال الفترة السابقة بنوع من الشجاعة لان الاستمرار في تكرار تجارب الفشل واعادة انتاجها بالاعتماد على الفاسدين والملوثين تنعكس عليه سلبا وتفقد ثقة الشعب بقدرته على التغيير

توقع ان اول خطوة سيقوم بها الرئيس هادي بعد الانتهاء من الحرب على القاعدة هو اعادة الثقة داخل القوات المسلحة واعفاء وزير الدفاع الحالي من منصبه هي اول خطوة لاعادة بناء الثقة داخل المؤسسة العسكرية كما انه سيقوم بإعادة النظر بكثير من القيادات داخل جهازي الامن القومي والسياسي لاحداث التوافق في الاداء وكذلك سيلبي طلبات التغيير للمحافظين الذين اصبحوا عبئا ثقيلا على المرحلة

 

اقرأ ايضا: