اخبار الساعة

أسباب توسع الجماعات المسلحة : دواعش اليمن من يقف ورائهم؟ وهل ستكون السعودية هي الضحية؟.. أدوات تفكيك الإخوان وأبعاد مذبحة سيئون

اخبار الساعة - عباس الضالعي بتاريخ: 12-08-2014 | 10 سنوات مضت القراءات : (8608) قراءة

لمناقشة مشاكل اليمن الحالية لا يمكن تجاهل العوامل والمتغيرات السياسية والأمنية في المنطقة ومخاوف دول الإقليم ( دول الخليج) والقوى العظمى من بروز تيار الإسلام السياسي ومحاولة سيطرته على دول ما يسمى بالربيع العربي واليمن واحدة من هذه الدول.

القضاء على أربعة أنظمة عربية ( موالية للغرب ودول الخليج) بواسطة ثورة شعبية تصدرها التيار الإسلامي اثار حفيظة حكام الخليج ( المال والثروة) من تمدد الثورة واجتياحها منطقة الخليج وتغيير أنظمة الحكم فيها الذي سيتغير معه طبيعة العلاقة مع امريكا ودول الغرب وانهاء الهيمنة الامريكية والغربية على القرار السياسي لدول الخليج ومعه تنتهي الهيمنة على منابع الثروة النفطية وهي اهم شريان لاقتصاد دول الغرب.

تيار الاسلام السياسي المتمثل بجماعة الاخوان المسلمين والتيارات القريبة منها فكرا وتنظيما هو الذي يؤمن بفكرة التحرر من الهيمنة الغربية ويؤمن باستعادة مجد الامة من خلال تطبيق المشروع الاسلامي على الواقع بما في ذلك الواقع السياسي والاقتصادي والتربوي والاجتماعي وهذا سيخلق قوة جديدة بمنهج جديد وهذا سينتج خارطة سياسية واقتصادية جديدة تكون اول نتائجها وضع حد للصراع العربي الاسرائيلي!!.

لهذا استنهضت دول الخليج والدول الغربية وعلى رأسها امريكا وبريطانيا قدراتها المالية والسياسية والاعلامية للوقوف امام التيار الاسلامي في دول الربيع العربي وكلفت دول الخليج بأن تكون في واجهة الصراع وهي من تمول تكاليف المواجهة نيابة عن الغرب وهذا امتداد او ترجمة للهيمنة الغربية على دول الخليج سياسيا وعسكريا واقتصاديا نظرا لالتقاء هذه الدول عند قواسم مشتركة نتيجة المهددات التي سيأتي بها التيار الاسلامي اذا سيطر على قرار دول الربيع العربي وضمان انتقاله لدول الخليج.

مخطط استهداف التيار الاسلامي وإن كان معتدل واضح ولا يمكن انكاره او تجاهله وللأسف أن المخطط اعتمد على وسائل غير ناضجة ولا تتوافق مع طبيعة وجود واثر التيار الاسلامي وعدم نضوج وسائل المخطط يتمثل في اهم جانب وهو إخراج التيار الاسلامي من نهج الاعتدال المشهود له وتصنيفه ضمن الجماعات المتطرفة وهذا خطأ استراتيجي له انعكاسات سلبية على المجتمعات والدول سواء في الربيع العربي او الخليج.

نجحت فكرة سلب اعتدال التيار الاسلامي في مصر وليبيا وتونس وسوريا والعراق اضافة الى دول الخليج التي أدرجت جماعات اسلامية معينة وغير موجودة ضمن الجماعات الارهابية ، ولم يبقى سوى اليمن الذي هو احد دول الربيع العربي ويوجد فيه تيار اسلامي معتدل له امتداد شعبي كبير والمتمثل بحزب الاصلاح القريب من فكر جماعة الاخوان المسلمين ، وهو من تصدر ثورة ربيع اليمن ودعمها وحشد لها ولهذا لا يمكن استبعاد الصراع السياسي والمسلح عن دائرة مخطط مواجهة تيار الاسلام السياسي مع اختلاف في شكل وادوات المواجهة نظرا لطبيعة وظروف المجتمع اليمني.

في مصر السيسي وحفتر بليبيا والقوى اليسارية والعلمانية بتونس وجماعات الارهاب بسوريا وفي اليمن المبادرة الخليجية والرعاية الدولية لتنفيذ المبادرة ، هذه هي اهم الادوات التي تبنت مواجهة التيار الاسلامي ، ومايهمنا هنا هو الحالة اليمنية التي محور هذا الموضوع.

منذ اندلاع شرارة ثورة الشباب في اليمن في ربيع 2011 التقفتها السعودية بالدرجة الاولى وبتنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية بما سمي بالمبادرة الخليجية وهي التي تحمل في ظاهرها الحفاظ على اليمن من الانزلاق للحرب الاهلية وللتأكيد ان المبادرة الخليجية لم تكون وجها للمؤامرة لكن المؤامرة تسللت عبرها ومع الزمن تحولت المبادرة من خليجية الى دولية بموجب قرار مجلس الامن الدولي رقم 2140 الخاص بفرض عقوبات دولية على معرقلي التسوية السياسية باليمن ومن هنا انتزعت السيطرة على اليمن من الخليج الى مجلس الامن وتحت هيمنة امريكا وبريطانيا بالدرجة الاولى وبتمويل سعودي اماراتي لدفع نفقات تنفيذ مخطط استبعاد التيار الاسلامي من المشاركة وربما الى ابعد من ذلك ..

اعتمد مخطط اجهاض التيار الاسلامي على سياسة موحدة وهي اتهام التيار الاسلامي بالإرهاب وعمل على تجهيز نماذج لهذا الاتهام وتسويقه عبر حملات اعلامية ضخمة بواسطة القنوات الفضائية والمطبوعات والنشر الالكتروني ووسائل الاعلام الجديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر ويوتيوب وعبر آلاف من العناصر المكلفة بمهمة النشر للتأثير على الرأي العام وإقناعه بإرهابية التيار الاسلامي مع اختلاف بسيط من دولة الى أخرى وفقا لظروفها.

وعلى أساس أن التيار الاسلامي ارهابي تم مواجهته في مصر عن طريق الجيش وفي تونس عن طريق قوى اليسار والعلمانيين وفي ليبيا عن طريق جماعات مسلحة وحبتر وفي سوريا تفخيخ جماعات ارهابية وفي اليمن عن طريق المبادرة الخليجية وسيطرة الرعاة الدوليين على القرار السياسي والعسكري والامني وبسبب هذه السيطرة نتج عنها:

- ضعف سلطة الدولة

- اتساع دائرة الانفلات والفوضى

- توسع سيطرة جماعة الحوثي جغرافيا

- حياد الجيش

- تمديد تنفيذ اليات المبادرة الخليجية

- اتساع دائرة الصراع بين قوى التغيير وقوى النظام القديم

- انحسار اداء سلطة القرار والنأي بنفسها في القضايا الهامة

أدوات تفكيك الإخوان

ومع تشابك وتقاطع هذه العوامل تقلصت سلطات الدولة وانحسرت وبدأ تنفيذ المخطط بتفكيك المنظومة العسكرية التي ساندت الثورة بقيادة الجنرال علي محسن الاحمر الذي يعتبر أكثر القيادات نفوذا وتصنف القوات العسكرية التابعة له على انها قريبة من التيار الاسلامي.

وصدر قرار رئاسي بإنهاء سلطة الجنرال الاحمر على جزء هام من الجيش وتم تفكيك الفرقة الاولى مدرع وتوزيع وحداتها على جغرافية اليمن وتحويل مقرها الرئيسي في العاصمة صنعاء الى حديقة عامة ، كانت هذه هي الخطوة الاولى والهامة على طريق تنفيذ مخطط استبعاد التيار الاسلامي من المشاركة ونفوذه في الوسط الاجتماعي والعسكري.

الخطوة الثانية من المخطط هي اعطاء الضوء الاخضر لجماعة الحوثي لتتولى ضرب التيار الاسلامي وإنهاء وجوده بقوة السلاح وبدأ من صعدة بدماج وانتقل الى حاشد لانتزاع آل الاحمر من سيطرتهم على القبيلة التي تعتبر العمق الاستراتيجي لحزب الاصلاح وتم السيطرة على قبيلة حاشد من قبل جماعة الحوثي وتفجير منزل الشيخ عبدالله الاحمر أحد رموز ثورة سبتمبر وإنهاء وجود آل الاحمر من السيطرة على القبيلة وانتقال السيطرة عليها الى جماعة الحوثي.

المعلوم ان سيطرة الحوثي على قبيلة حاشد تم بناء على حياد الجيش من التدخل وهو المساهمة الرسمية لتنفيذ المخطط وبدعم رئيس النظام السابق وحزبه وهو الغطاء للتمويل الخليجي المقدم لجماعة الحوثي الذي تم شراء ولاءات مشائخ حاشد بالمال السعودي والاماراتي عن طريق رئيس حزب المؤتمر علي عبدالله صالح ، قبيلة حاشد وزعامة ال الاحمر عليها كانت تمثل الرمزية القوية للإصلاح وقوى الثورة والسيطرة عليها يعني القضاء على تلك الرمزية.

لم يتوقف الامر عند السيطرة على قبيلة حاشد وإخراج آل الأحمر منها بل انتقل للجزء المتبقي منها وهو الجناح الاخر أو الامتداد لقبيلة حاشد وهو مدينة عمران ومحيطها والموجود فيها احد اهم الالوية العسكرية الموالية للواء الاحمر انتقل الصراع إلى عمران وقامت جماعة الحوثي بحصار المدينة والطرق المؤدية اليها وحصار اللواء 310 مدرع والمواقع التابعة له واندلعت معارك شرسة بين اللواء العسكري وجماعة الحوثي بوجود عناصر قبلية مع الطرفين وتعاملت الدولة مع الصراع هناك على انها صراع بين حزب الاصلاح وجماعة الحوثي وهذا يعني تطبيق قرار حياد الجيش وعدم تدخله مهما كان حجم الخسائر.

واستمرت المعركة لأكثر من اربعة أشهر حتى تم حسمها بموجب ضوء أخضر خارجي وهنا دخل عنصر التواطؤ لضرب عزيمة اللواء 310 الذي واجه جماعة الحوثي واللجوء للتواطؤ كان هدفه لهزيمة اللواء 310 وانهاء اخر قلعة استراتيجية تستند لها قوى الثورة ممثلة بحزب الاصلاح واللواء الاحمر وانتهت المعركة لصالح جماعة الحوثي وتفكيك اللواء 310 ونهب كل أسلحته وقتل قائده حميد القشيبي وتم هذا بدعم من قيادة الجيش وتمويل السعودية والامارات وإشراف أمريكا وبريطانيا وفرنسا تحت مسمى رعاة المبادرة والقرار الاممي 2140 وبعد تصفية وجود حزب الاصلاح في عمران والتنكيل بعناصره وتدمير ممتلكاتهم ومؤسسات الحزب وسيطرة جماعة الحوثي على المدينة والمحافظة التي ترتبط بجغرافية صعدة الامارة الخاصة بجماعة الحوثي سارعت مواقف التنديد والادانة محليا واقليميا ودوليا وصور الموضوع بالخطير وأن ايران نجحت ببسط نفوذها على جغرافية هامة تهدد أمن الخليج ، وقبل سيطرة جماعة الحوثي على عمران نجحت بالسيطرة على الحزام الامني للعاصمة صنعاء وأصبحت قواتها موجهة للمنشآت الحيوية الهامة اضافة الى وجودها داخل العاصمة واستعدادها لإسقاطها والسيطرة عليها في اي وقت .

جماعة الحوثي هي واحدة من جماعات العنف المسلحة الموجودة باليمن وهي جماعة موالية لإيران وتتبعها عقائديا وفكريا وسياسيا وهذا يتناقض مع التوجه العام للملكة العربية السعودية المهددة بالتواجد الشيعي من كل الاتجاهات وهذا ماسنذكره لاحقا.

لماذا توسعت رقعة جماعات العنف في اليمن؟

يوجد في اليمن جماعتان على نقيض فكري وهي جماعة انصار الله الحوثية (شيعية موالية لايران) في الشمال وجماعة انصار الشريعة ( تنظيم قاعدة جزيرة العرب) في الجنوب والشرق والجماعتان تمتلكان عتاد عسكري كبير ولهما علاقات مع قيادات سياسية وعسكرية وأمنية وتمول الجماعتان من دول الخليج بصورة غير مباشرة.

والهدف من دعم الجماعتان هو ضرب التيار الاسلامي المعتدل ( الاصلاح والقوى القريبة منه) عن طريق المواجهة المباشرة بواسطة جماعة الحوثي وتشويه صورة الاصلاح بواسطة القاعدة من خلال تحميل الاصلاح تصرفات القاعدة واتهام الاصلاح بوقوفه وراء القاعدة وقد رأينا كيف تداول الاعلام معلومة عن علاقة قيادي في تنظيم القاعدة بالإصلاح وهذا من اجل الربط بين ارهاب القاعدة والاصلاح، تم هذا بعد تنفيد القاعدة لجريمة ذبح حوالي 18 جنديا بالسكاكين يوم الجمعة 8 اغسطس بحضرموت.

الفترة الاخيرة شهدت ظهور قوي لجماعة الحوثي وأنصار الشريعة وسيطرتهما على مساحة جغرافية واسعة وهذا التوسع يقابل بغياب التفاعل الرسمي بوقف توسع جماعات العنف وانهاء وجود الدولة على المناطق الخاضعة لهذه الجماعات .. وهذا التوسع يعود للأسباب التالية:

- الصراع الدولي على اليمن بين امريكا وبريطانيا

- الصراع الاقليمي بين دول المنطقة وتحديدا بين السعودية وايران

- الرغبة الدولية والاقليمية بقمع واضعاف تيار الاسلام السياسي

- المخاوف الامنية والسياسية من سيطرة التيار الاسلامي على الحكم وانتقال الحالة الى دول الخليج

- ضعف السلطة الحالية في اليمن

- صراع القوى المحلية في اليمن

- عدم وجود رؤية استراتيجية لحماية الأمن القومي لدول الخليج وخاصة السعودية

- السيطرة على القرار السياسي في اليمن وخاصة قرار ادارة الجيش

هذه أهم الأسباب التي ساهمت بتوسع هيمنة الجماعات المسلحة التي تنمو مدعومة بتنفيذ برنامج ومخطط انهاء وجود تيار الاسلام السياسي وهذا يعني ان توسع جماعات العنف في اليمن تتحكم به اجهزة المخابرات المحلية والاقليمية والدولية وهذا واضح من خلال حركة تلك الجماعات وسعيها للسيطرة عسكريا على مناطق واسعة واستراتيجية واصبحت تشكل خطرا على امن المنطقة وهذا التوسع ان استمر التعامل معه كوسيلة لضرب جماعة الاخوان المسلمين سينعكس لضرب امن دول المنطقة خاصة مع محاصرة دول الخليج من تنظيم القاعدة من كل الاتجاهات وتهديد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام علنا باحتلال دولة الكويت وتهديد تنظيم جزيرة العرب باحتلال الجزء الجنوبي الشرقي للمملكة.

التمكين المادي والعسكري لجماعات العنف في اليمن هو الذي سيفرض قرار انتقال المعركة الى خارج حدود اليمن، وفي حالة حدوث هذا وفقا للمؤشرات والمعطيات الميدانية فماذا يعني وجود حزب الاصلاح امام احتلال جزء من اراضي السعودية؟ وماهي النتيجة من كبح جماعة الاخوان المسلمين في كل الدول؟

وهل تستوعب دوائر صنع القرار في دول الخليج ودول الغرب الاخطاء الكارثية الناتجة عن هذه السياسة؟ النتيجة الحتمية التي ستفرضها المتغيرات الجديدة والمدعومة بضرورة اضعاف السلطة في اليمن نكاية وانتقاما بوجود حزب الاصلاح شريكا بثلاث وزارات ستظهر واقعا عمليا داخل حدود السعودية وغياب او تلاشي السلطة في اليمن وتفكك الدولة وظهور امارات في بعض دول الخليج، وحينها يجب على السعودية أن تتذكر انها دمرت حلفائها في الجنوب ( اليمن) رغبة لانتصار حالة ” السيسي ” وانها فقدت العمق الاستراتيجي لأمنها القومي المتمثل بحزب الاصلاح والقوى المتحالفة معه وقبيلة حاشد واولاد الاحمر الذين يقومون بحماية ظهرها من الجنوب خدمة لمكافحة الاخونة نتيجة الوهم الكاذب بوجود خطر من الاخوان يهدد السعودية وان البديل عن هذه السياسة هو ايران وتنظيم القاعدة وهما الخصمان اللذان يستهدفان السعودية وامنها ويسعيان لتغيير جغرافيتها بعد القضاء على الحكم الحالي للسعودية والخليج معا.

تحول عمليات القاعدة في اليمن أسوة بالدولة الإسلامية في العراق والشام

الجريمة التي هزت مشاعر اليمنيين يوم الجمعة 8 أغسطس 2014 التي ذبح الإرهابيين فيها أكثر من 14 جنديا بالسكاكين بعد أسرهم من على حافلة للركاب بعد فرز الركاب بموجب هوياتهم ( جميعهم شماليين من محافظة عمران وواحد من حجة ) وقاموا بذبحهم وتصوير مشاهد الذبح المصحوبة بالتكبير والتهليل  ونشرها والتفاخر بالجريمة على انها نصر للإسلام.

هذه الجريمة هي الأولى التي يقوم بها هذا التنظيم وهي تشير للتحول الإجرامي لأسلوب تنفيذ عملياته الإجرامية وقد برر انصار الشريعة هذه الجريمة بادعائه بأن الجنود الضحايا هم من أتباع الحوثي (نرفض استهدافه على اساس طائفي  او استباحة دم الحوثيين )  ،  وهذا هو الخطير في هذا التحول الذي يدل على وجود ايادي تحرك هذا التنظيم ،  بهدف نقل نموذج الحرب الطائفية والمذهبية في العراق وسوريا الى اليمن ، لأن اختيار ابناء الشمال من بين زملاء لهم من محافظات اخرى والتركيز على المحافظات التي تسيطر عليها جماعة انصار الله ( الحوثيين)  هو محاولة متعمدة لإشعال حرب طائفية ومذهبية لإدخال المنطقة كلها تحت دوامة الحرب الطائفية والمذهبية.

لهذه الجريمة ابعاد وانعكاسات اهمها اعطاء صورة مضخمة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهذا واضح من خلال تركيز التنظيم على تقديم الجريمة للرأي العام ونشرهم صور ومشاهد الذبح سريعا بهدف تشكيل صدمة رعب من حجم هذا التنظيم واظهار قوته وقدراته خاصة اذا تم مقارنة استخدامهم للإعلام مع الاعلام الرسمي الركيك الذي يتجاهل حجم التنظيم وعملياته ويعتمد على تقديم معلومات غير واقعية ،  وسبق عمليات ذبح الجنود ان احتفل الاعلام الرسمي بتحقيق انتصارات قبل يوم واحد من الجريمة وان ابطال الجيش سحقوا التنظيم ويطاردونهم في البراري وهذه المعلومات غير حقيقية واثبت التنظيم عكس ذلك حين نشر صور لقيادات وعناصر التنظيم وهم يسيطرون على مدينة القطن وتواجد نقاط للتفتيش على مداخل وطرقات المدينة واظهرت الصور وجود قيادات التنظيم تتجول بحرية بشوارع المدينة ويلتقون بالمواطنين ويتحدثون لقناة صدى الملاحم من وسط الشوارع وما اكد صحة الصور التي نشرها التنظيم لإثبات  تواجده وسيطرته على المدينة هي المعلومات المتعلقة بكيفية تم اسر الجنود من خلال شهود العيان حين اكدوا وجود نقاط عسكرية لانصار الشريعة بالطرقات اضافة الى تحرك العناصر الارهابية على شكل مجموعات مسلحة وبسيارات كثيرة وقيام قائد الارهابيين جلال بلعيدي بإلقاء خطبة على المواطنين قبل ذبح الجنود.

قاعدة جزيرة العرب تتقن استخدام الاعلام وتستغل الوسائل المتعددة للنشر وهذا الشيء غير موجود لدى وسائل الاعلام الرسمية باعتبارها هي التي تحتكر المعلومة عن تحركات الارهابيين ويعتمد الاعلام الرسمي بنقله للمعلومات على اسلوب التظليل والتجريف والابتعاد عن الحقيقة.

لا يوجد أدنى شك بأن القاعدة نجح باختراق مؤسسات الدفاع والامن والاستخبارات وهذا واضح من خلال العمليات التي ينفذها ومعرفته بتحرك القيادات العسكرية والامنية ويعرف بالقرارات والمخططات التي تستهدف وجوده .. متى ؟  واين؟   وكيف؟

لم يعد تنظيم قاعدة جزيرة العرب واجهة للجهاد ضد الصليبيين ولم يعد حاملا لصورة الاسلامي المتشدد الغيور على دينة ولم يعد للأممية الاسلامية وجود في انشطتهم وعملياتهم خلال الفترة الأخيرة وانهم تحولوا الى ادوات صراع قذرة هدفها القتل والنهب ومن خلال متابعة انشطة التنظيم الارهابية وخطابه الاعلامي يؤكد انهم يعملون لصالح قوى دولية وان اجهزة المخابرات لهذه القوى هي من تتحكم بحركتهم وعملياتهم من اجل ضرب تيار الاسلام السياسي وتشويه صورته وصورة الاسلام وتوظيف جرائمهم من قبل  وسائل الاعلام العالمية التي ترسل لها من قبل اجهزة مخابرات اقليمية ودولية ،  وهذا التشويه يخدم سياسة دول الاقليم التي تكفلت بالقضاء على تيار الاسلام السياسي المعتدل ،  وقد رأينا على المستوى المحلي كيف تم اسقاط الجريمة من قبل الاعلام التابع لبعض الاطراف السياسية وكيف تم زج اسم الاصلاح وبعض الرموز الاسلامية ومحاولة استفزازها متجاهلين خط الاعتدال الرافض للعنف والتطرف.

تنظيم قاعدة جزيرة العرب الذي يتواجد في المحافظات الجنوبية ويعبث داخلها واستهدافه للجيش والامن والمرافق الحكومية المالية التي يركز الهجوم عليها والاستيلاء على البنوك ومحلات الصرافة ،  يدل على وجود قيادات داخل الدولة تقدم له الدعم لممارسة الارهاب تحقيقا لسياسات معينة لها صلة بالحراك السياسي الموجود في البلد والامتدادات الاقليمية والدولية  لضرب التيار الاسلامي المعتدل.

المؤكد والثابت أن هدف الجماعات الارهابية في اليمن شمالا وجنوبا تحظى بالدعم المالي من دول الخليج وخاصة السعودية والامارات والدعم اللوجستي من الدول الكبرى صاحبة المشروع من وجود هذه الجماعات لتحقيق استراتيجيتها بإدخال دول المنطقة في صراعات طائفية ومذهبية وعرقية بالاعتماد على سيطرة هذه الدول على القرار السياسي لدول المنطقة وإخضاعه عند مستوى معين من المواجهة لهذه الجماعات حفاظا على مصالحها وما دون ذلك فهو مشروع ومباح للجماعات الإرهابية ،  ورغم ان تمويل هذه الجماعات خليجيا بالدرجة الاساسية الا ان دول التمويل هي الهدف الاستراتيجي  لهذه الجماعات وخاصة السعودية ( بلاد الحرمين الشريفين ومنبع الثروة الأول)  من اجل طحن هذه الشعوب لتأمين دولة اسرائيل من الاخطار التي تهددها في حال وصول الاسلاميين للسلطة.

عملية ذبح الجنود بحضرموت عملية اجرامية خطط لها المجرم محمد ناصر وهدفها تفريغ الالوية العسكرية والوحدات الامنية من ابناء الشمال من اجل استبدالهم باللجان الشعبية التي لا تخضع لأي رقابة ولا اي لوائح اجل تفريغ الخزينة العامة من المال ، اضافة الى ارهاب الجيش واضعاف معنويته لتسهيل عملية السيطرة على المناطق التي تدخلها الجماعات الارهابية سواء في الجنوب او الشمال

مذبحة حضرموت هي ضرب عصفورين بحجر .. فتنة داخلية .. وتنفيذ المخطط الاقليمي والدولي ضد اليمن الذي يتولى مسئولية تنفيذه محمد ناصر ( زياراته المتواصلة لابو ظبي والبقاء لمدة طويلة تتعلق بهذا المخطط ) يعني بعبارة اوضح محمد ناصر استلم ملايين الدولارات من ابوظبي ولا بد من جريمة لقضاء الدين

فتور وغموض جدية القائمين على الدفاع والأمن في اليمن هو الذي يمد الجماعات الارهابية التي تعمل على اضعاف الجيش والامن وتنتزع سلطة ووظيفة الدولة ويتم هذا بموجب حسابات سياسية غير وطنية اساسها التدخل والسيطرة على استقلالية القرار وطنيا من خلال قرار مجلس الأمن 2140 الذي قضى على المبادرة الخليجية وتخبط الدور الخليجي الذي يفتقد لأي استراتيجية .

المطلوب .. إعادة السلطات اليمنية النظر بالسياسة الحالية لمواجهة الجماعات الإرهابية ومراجعة اداء الاجهزة الامنية والاستخبارية والعسكرية وهذا لن يتم الا بقرار من الرئيس هادي لفهمه مخاطر وابعاد توسع الجماعات المسلحة على الامن والاستقرار في اليمن وما تشكله من خطر على وحدة اليمن جغرافيا واجتماعيا .

الحل الوحيد للخروج باليمن من الوضع الحالي هو اتجاه كل الاطراف والقوى نحو تطبيق مخرجات الحوار لأنه اقرب الحلول واسهلها واكثرها ضمانا ، اجتماع الاخ الرئيس بهيئة الرقابة على مخرجات الحوار خطوة متقدمة ونتمنى انجاز المطلوب منها .

حل مشاكل اليمن بيد اليمنيين أنفسهم وأن المراهنة على الحلول الخارجية هي التي وصلت بالبلد الى هذا المستوى المتدهور ، وعلى جميع الاطراف مراجعة مواقفها والتنازل قليلا من اجل الوصول الى نقطة يجتمع الكل عندها لاستعادة دور الدولة وتطبيق القانون.

عباس الضالعي صحافي وناشط سياسي يمني

المصدر : الخبر
اقرأ ايضا: