(ساقطون في مهمة رسمية)......
أصبحت كلمة السقوط هي الأكثر تداولا وجرّتْ معها مجموعة من الكلمات ( الخيانة ، التواطؤ ، التساهل ، ..) وكلها كلمات ومفاهيم أنتجتها الحالة السياسية المتردية والتي لم تكن وليدة اللحظة وإنما كانت نتيجة تراكمات أخطاء سياسية لعقود يتحمل وزرها مجموعة من الساسة من مختلف الأحزاب والفصائل السياسية كلٌ بحسب موقعه السياسي الحاكم والمعارض وبنسب متفاوته ولقد شُوِهت السياسة وأصبحت ركاماً من الأقذار أنتجها بعضٌ من الساسة تِبعا لمصالحهم وارتهانهم لمجموعة من المنتفعِين في الداخل والخارج .
قبل سقوط الدولة والجمهورية أو بالأحرى تسليمهما ثمت أمور سقطت وقبل هذا وذاك علينا أن نعلم أنه لم يكن هناك سقوط بمعنى السقوط والذي نتج عن مواجهة شرسة بين طرفين استنفر كل طرف مالديه من مجهود مادي وبشري وإنما الحاصل هو تسليم وتمكين لمقدرات وطن بإشراف رسمي دولي وهذا ما يُفسر حالة تداعي المحافظات وتهاويها لمجموعة من الأفراد تستقل طقما عسكريا أو أكثر دون أي مقاومة وكأن هذه الطقوم خرجت كحملة عسكرية لفتح طريق أو أحضار قاطعها ، وعودا على بدئ فإن الذي سقط هي مجموعة من المبادئ والقيم .. فالشرف والشرف العسكري بالذات سقط ابتداءً في عمران بعد أن حمله العميد القشيبي عاليا كراية في يد جعفر بن ابي طالب يوم مؤته فظل محتفظا بها حتى فاضت روحه ..والقشيبي كان قد أقسم وبر بقسمه وأبى أن يخون شرفه العسكري وهو لم يدرك أن ثمة خونة ومتواطئين ومتساهلين و ( مدعممين ) انعدم فيهم الشرف أسلموه وأسلموا معسكره ومحافظته.
كذلك هي الأمانة حملها قومٌ وضيعها آخرون فضاعت يوم أن هُجِّر آل دماج وطُردوا بعد أن قُتل منهم من قُتل وخُطِف من خُطف وكانت أقسى هجرةٍ في التاريخ اليمني ، فقد تُرك آل دماجٍ من طلاب العلم يلقون مصرعهم ومصيرهم أمام مرأى ومسمع جميع القادة والساسة عدا بعض من حملوا الأمانة والنخوة فقاوموا معهم غير أن هذه المقاومة لم تجدي أمام حجم الطغيان والإستكبار وحجم السقوط القيمي وانعدام المسؤولية والأمانة عند ولاة الأمر والذين أوعزوا لآل دماج بالخروج من مساكنهم لعجزهم المُصطنع عن حمايتهم .
إن التداعيات الأخيرة والإنحدار الحاصل في مقدرات الدولة والمكتسبات الوطنية وتهاوي أركان الجمهورية ماكان لذلك أن يكون لولا هذا الإنحراف القيمي والذي نتج عنه انعدام في المسؤلية بل إنه إنعدامٌ متعمد فغُيب الضمير ونُحِيت الأمانة وحُجِر على الشرف فكانت هذه النتائج .