مجلة أوربية تفضح السياسات الخفية لحكام آل سعود تجاه اليمن ..
نشر موقع مجلة “يوراسيا ريفيو” الأوروبية مقالا تحليليا للكاتب على رضا رضاخاه، المحلل السياسي والدولي ، يتناول موقف السعودية واتجاه الاضطرابات السياسية فى اليمن.
استهل الكاتب مقاله موضحا أن اليمن يتمتع بأهمية عالية جدا بالنسبة لجارته الشمالية، المملكة العربية السعودية، لعدة أسباب متنوعة.
حيث تتمتع البلاد بوضع جيوسياسى خاص من خلال السيطرة على خليج عدن الاستراتيجى، فى حين تطل أيضا على مضيق باب المندب الممر المائى الحساس ذى الأهمية الاستراتيجية الهائلة على البحر الأحمر.
كما أن اليمن أيضا موطن جبل مران الممتد من خليج عدن حتى منطقة الطائف فى جنوب غرب البلاد.
وهناك سبب آخر يجعل اليمن مهما للسعودية، هو الحدود المشتركة بينه وبين جازان التى يهيمن عليها الشيعة والمحافظات الشرقية من المملكة.
وربما كانت هذه الأسباب وراء اعتقاد العديد من المحللين أن اليمن يشكل أحد محاور الأمن المهمة فى المملكة العربية السعودية.
وكانت وراء اتفاق الرياض مع الإخوان المسلمين فى اليمن، عندما هددت الأمواج المتلاحقة من الصحوة الإسلامية الحكومة السعودية.
ووفقا لذلك الاتفاق، اختارت المملكة العربية السعودية التراجع السياسى والأمنى، واعترفت بتقسيم السلطة السياسية فى اليمن مع حزب التجمع اليمنى للإصلاح الذى يمثل جماعة الإخوان المسلمين فى اليمن.
والآن، بعد مرور سنوات على ثورة شعبية غير مكتملة فى اليمن، اندلعت الاضطرابات مرة أخرى فى البلاد. ويمكن تحليل التطورات الجارية فى اليمن على المستويين المحلى والأجنبى؛ فعلى المستوى المحلى، تتحرك التطورات السياسية اليمنية على أساس المنافسة بين ثلاث تيارات سياسية رئيسية: حزب التجمع اليمنى للإصلاح الذى يمثل جماعة الإخوان المسلمين فى اليمن، والتيار السياسى الذى يتزعمه الرئيس الحالى عبدربه منصور هادى، ويمثل النظام السابق فى البلاد، والتيار الثالث، الذى تقوده جماعة أنصار الله، التابعة لقبيلة الحوثى، ويمثل الفئات الشعبية المستقلة فى البلاد.
ويستند هذا المثلث على مجموعة من الخلفيات القبلية والأيديولوجية. وعلى الصعيد الخارجى، يمكن للمرء أن يدعى أن اليمن تحولت إلى ساحة منافسة سياسية بين ثلاثة تيارات رئيسية فى الشرق الأوسط، تمثلها إيران والمملكة العربية السعودية، وتحالف يتكون من قطر وتركيا.
وتدعم المملكة العربية السعودية التيار السياسى التابع لهادى منصور، فى حين تدعم إيران الحوثيين، ويدعم التحالف القطرى التركى الإخوان المسلمين.
لكن، وكما ذكرت من قبل، يعتبر اليمن أكثر أهمية للمملكة العربية السعودية من غيرها من اللاعبين الآخرين.
وأشار الكاتب إلى اعتقاد بعض المحللين بأن السعودية سعت للوقوف إلى جانب الحركة الحوثية، ومن ثم التزمت الصمت خلال التطورات الأخيرة فى اليمن، الأمر الذى أدى عمليا إلى وقوع صنعاء، عاصمة البلاد تحت سيطرة جماعة أنصار الله.
ويتناقض هذا الموقف بشدة مع النهج السعودى السابق، الذى تميز بالمعارضة الشديدة لحركة الحوثيين.
حتى أن الرياض حاولت دفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاستصدار قرار ضد حركة الحوثيين فى اليمن، من أجل إضفاء بعد دولى على ما يجرى فى جارتها الجنوبية.
وإذا أردنا تفسير السياسة السعودية الجديدة، يمكن للمرء أن يشير إلى حقيقة أنه بعد بدء انحسار موجة الثورات الشعبية فى الدول العربية، قرر السعوديون تعويض التراجعات السياسية والأمنية التى قاموا بها بالفعل.
حيث تعتبر حكومة السعودية دائما الإخوان المسلمين منافسا محتملا.
ولذلك، كانت أولى خطواتهم لتعويض الإخفاقات الماضية، دعم انقلاب عسكرى ضد حكومة الإخوان المسلمين فى مصر، التى هى أيضا موطن جماعة الإخوان المسلمين. وتمثلت الخطوة التالية فى مواجهة فروع جماعة الإخوان المسلمين فى مختلف البلدان المطلة على الخليج العربي، وخاصة فى المركز الرئيسى فى قطر.
والخطوة الثالثة تطهير اليمن من جماعة الإخوان المسلمين.
ولهذا السبب اختارت الرياض التزام الصمت فى وجه المظاهرات العارمة التى أطلقها الحوثيون اليمنيون، من أجل توفير أسباب إطاحة الإخوان المسلمين من السلطة فى صنعاء.
•••
وأكد رضاخاه أن السعوديين ليسوا مستعدين بأى حال من الأحوال لرؤية الحوثيين يستولون على السلطة ويحلون محل الإخوان المسلمين فى اليمن.
وتعتبر الرياض حركة أنصار الله منافسا محتملا حصل فقط على المزيد من حرية العمل من أجل إقالة منافس محتمل آخر للمملكة العربية السعودية من السلطة فى اليمن.
لذلك، لا يمكن بأى حال اعتبار صمت الرياض دليلا على موافقتها على ما يجرى فى جارتها الجنوبية.
وفى هذه الأيام، يحاول السعوديون اتباع شكل من أشكال الاحتواء المزدوج فى اليمن.
فهم يحاولون، من جهة، إعادة تحالفاتهم الماضية مع عدد من مشايخ بقبيلة حاشد من أجل منع التيار السياسى القوى من الدخول تحت قيادة قبيلة الحوثى.
من ناحية أخرى، يحاولون دمج التيار الحوثى فى مؤسسات الدولة من أجل منع الحركة من الحصول على هوية مستقلة قوية كما فى حالة جماعة حزب الله المقاومة فى لبنان.
بالطبع، لا يغفل السعوديون الخيار العسكرى تماما فيما يتعلق باليمن.
غير أن الحقائق الموجودة فى المنطقة وتجربة الحرب الماضية مع الحوثيين، قللت الرغبة فى هذا الخيار حاليا.
وهناك سيناريو آخر، يمكن أن يدور فى أذهان السعوديين بالنسبة لليمن لمحاولة السيطرة على كل من المنافسين؛ حركة حزب الإصلاح وأنصار الله، من خلال تأجيج نيران الصراع المستمر بين هاتين المجموعتين.
وتأمل الرياض أن تضعف حرب الاستنزاف هذه جانبى الصراع.
•••
وفى الختام أشار الكاتب إلى أن هذا التحليل لا يعنى بأى حال من الأحوال أن الجماعات والتيارات السياسية الأخرى ستبقى سلبية فى مواجهة جهود السعودية، فهذه مجرد سيناريوهات محتملة يمكن أن تنفذها المملكة العربية السعودية فى اليمن.
وفى الوقت الحاضر، يتمتع الحوثيون باليد العليا، سواء فيما يتعلق بالحقائق الفعلية على الأرض، أوالتطورات على الساحة السياسية للبلاد.
ويجب انتظار ظهور التطورات المستقبلية.
لكن الواضح حاليا أن المملكة العربية السعودية راضية عما يجرى فى اليمن.