اخبار الساعة

اليمن على حافة حرب اغتيالات طائفية ثأرية واغتيال الدكتور المتوكل محاولة لقتل سلمية الثورة ومبدأ الحوار.. وسيناريو العراق الدموي احد مؤشرات المستقبل المرعبة

اخبار الساعة - متابعات بتاريخ: 03-11-2014 | 10 سنوات مضت القراءات : (4135) قراءة

حظيت الثورة اليمينة باحترام العالم اجمع واعجابه لانها ظلت لسنوات بعيدة عن اعمال العنف رغم وجود اكثر من خمسين مليون قطعة سلاح في البلاد تتراوح بين الاسلحة الشخصية والدبابات، ويعود ذلك الى سيادة العقل والتمسك بالحوار كوسيلة لحل الخلافات والوصول الى التوافق، لكن عملية اغتيال السياسي اليمني المعروف محمد عبد الملك المتوكل تؤشر الى تغيير محتمل في هذه الصورة الوردية، واللجوء الى اعمال العنف لتصفية الخلافات.

الدكتور المتوكل كان سياسيا وفاقيا يؤلف ويكتب ويشارك في الحوارات التي تتناول هموم اليمن وازماته، وترّفع دائما عن التقسيمات المذهبية والطائفية والقبلية، وكان احد ابرز وجوه المجتمع المدني في بلاده، ولذلك ادت عملية اغتياله، وهو الرجل الذي يتنقل من شارع الى آخر، دون حراسة، في وضع امني متوتر، صدمة للكثيرين داخل اليمن وخارجه.

توقيت عملية الاغتيال جاء في وقت يحاول اليمن الخروج من حال الفوضى الدموية التي يعيشها حاليا، بمساعدة السيد جمال بن عمر مبعوث الامم المتحدة، ولكن هذه الجهود تبدو متعثرة، فتشكيل حكومة “تكنوقراط” ما زال متعثرا، وزحف تنظيم “انصار الله” الحوثي يتوسع يوما بعد يوم، فبعد الاستيلاء على العاصمة صنعاء ومؤسساتها، استولت قوات التنظيم على محافظتي الحديدية وأب وتتقدم نحو الجنوب.

هناك مخاوف ان يتم الرد على اغتيال الدكتور المتوكل الذي يفضل البعض اتهامه بالقرب من التيار الحوثي بسبب جذوره العائلية الملكية ومذهبه الزيدي، الى اشعال حرب طائفية، وبما يؤدي الى تحول اليمن الى حالة من الفوضى الدموية على غرار ما يحدث في ليبيا وسورية.

من يعرف الدكتور المتوكل جيدا من الصعب عليه ان يصدق انه كان طائفيا او مذهبيا، بل من اشد الحريصين على وحدة اليمن وقوته وعزته واستقراره، ولكن من اطلقوا عليه الرصاصات الاربع، او الجهة التي تقف خلفهم، ايا كانت، تفكر بعملية الثأر والانتقام ووجدت فيه هدفا سهلا، وعنوانا بارزا، بحكم قيمته السياسية والعلمية، للترويج وانجاح اهدافها في اذكاء نار الفتنة الطائفية وتمزيق النسيج الاجتماعي اليمني، وتكريس التقسيم على اسس قبلية ومناطقية وطائفية.

فشل السلطة المركزية في السيطرة على الامن، وفرض هيبتها، ووضع حد لحالة الفوضى، علاوة على تفريطها بسيادة البلاد لمصلحة التدخلات العسكرية الامريكية، كلها عوامل تقف خلف اعمال التدهور هذه، والانجراف الى العنف الطائفي.

المراقب الخبير في شؤون اليمن ودول الجوار العربي، يخرج بانطباع قوي بأن الازمات والثأرات المذهبية والعرقية التي مزقت العراق واوصلته الى حالته الراهنة بدأت تنتقل عدواها الى اليمن، وبسرعة ملحوظة، الا اذا جرى الوعي مبكرا بهذا الخطر والعمل على تطويقه ولا يوجد مؤشر ايجابي في هذا الاطار للأسف الشديد.

تنظيم “القاعدة” في اليمن الذي ظل لسنوات عدة يواجه بتحفظات من بعض القطاعات اليمنية، سيجد تأييدا من بعض اوساط الشعب اليمني التي تعارض التقدم المتسارع لتيار “انصار الله” الحوثي في ظل ضعف الدولة وانهيار جيشها، تماما مثلما العنف حوله، اي تنظيم القاعدة، بعض العراقيين كرد على الاحتلال الامريكي وعمليات الاجتثاث التي مورست ضد انصار النظام السابق وحاضنته العراقية العلمانية ثم السنية بعد ذلك، وهو الالتفاف الذي يتجسد الآن، وللاسباب نفسها حول “الدولة الاسلامية”.

“انصار الله” الحوثي جاء من رحم الظلم والتهميش، وتبنى قضايا عادلة هي قضايا الشعب اليمني جميعا، ولكن لا بد من التبصر بمخاطر اقصاء الآخر وتهميشه ايضا، والسيطرة على القرار اليمني، وفرض الارادة، فاليمن لا يمكن ان تحكمه سلطة توافقية تراعي مصالح جميع الاطراف، او معظمها في الحد الادنى، والا فان الاحتكام الى السلاح يظل احد ابرز السيناريوهات المرعبة التي يمكن ان ترسم ملامح مستقبله القريب وربما البعيد ايضا.

نضع ايدينا على قلوبنا خوفا على اليمن وشعبه الطيب الكريم الشجاع الذي اذهلنا، والمنطقة بأسرها، بحكمته وتبصره وتمسكه بالحوار المشترك، وثورته السلمية، ولكن يبدو ان هناك من يريد عكس ذلك تماما، وهنا يكمن الخطر.

المصدر : رأي اليوم
اقرأ ايضا: