الخمير".. وجبة إفطار تجمع أغنياء اليمن بفقرائه
يحتل “الخمير” مكانة خاصة في حياة اليمنيين، حيث تتميز وجبة الفطور الصباحية المفضلة لدى الفقراء كما الأغنياء، بطابعها ومذاقها الخاص الذي تنفرد المطاعم في تحضيره للموظفين كل صباح.
في شارع هايل، أكثر شوارع العاصمة اليمنية ازدحاماً، يبدأ مرسل السامعي، مع طلوع فجر كل يوم، بالإعداد والتجهيز لقلي ما يزيد عن 500 حبة من الخمير، وجبة الفطور التي تجمع الأغنياء والفقراء في اليمن.
ويتعاون السامعي مع زميله في مطعم الآفاق، في عملية الإعداد الأولية، المتمثلة في تحضير العجين، بينما يأخذ في المرحلة الثانية مهمة قلي الخمير في الزيت، ويأخذ صديقة مهمة تقطيع العجين وتسويته وتسليمه إلى السامعي.
ويتزاحم اليمنيون كل صباح أمام محال إعداد الخمير، من موظفي الدولة والقطاع الخاص إلى عمال الحراج (أسواق لبيع كافة أنواع السلع)، لأخذ نصيبهم من الخمير، والذي يكون في المتوسط بين 3 و6 حبات خمير، تكون وجبة كافية، يتم تناولها مع الشاي والحليب فقط، أو مع البيض والجبن، وتلتزم جميع المطاعم بسعر موحد لحبة الخمير، وهو 20 ريالا يمنيا (0.09 من الدولار الأميركي).
ويستمد “الخمير” اسمه من “الخميرة” التي تضاف إلى “العجين” لتخميره، ومن ثم يكون ليناً وقابلاً للتقطيع ثم غمسه في الزيت.
الخمير بالسكر، المفضل والأكثر انتشارا لدى اليمنيين
وتعتبر سرعة إعداده سببا مهما في الإقبال عليه، حيث يُفضل الموظفون اليمنيون وجبة الخمير وقت الفطور، لكونها سريعة ولا تحتاج إلى وقت قد يؤخّرهم عن الالتحاق بأعمالهم.
ويتكون الخمير من الدقيق وخميرة الخبز والسكر والحبة السوداء، وقليل من حليب البودرة، تُعجن جميعها ثم تترك نصف ساعة لتختمر، ثم تقطع العجينة إلى دوائر صغيرة وتُترك ربع ساعة، ثم تُفرد على سطح مستطيل، وتُقلى في الزيت، وتؤكل حارة.
وبحسب أبو أصيل، الذي يدير مطعم الآفاق، فإن الخمير له عدة أنواع من حيث النكهات، حيث يتم تحضيره بالزبدة، وحليب الموز، والقرفة، والسكر، لكن أفضلها وأكثرها انتشاراً هو الأخير، ويقع إعداده بكثرة وبيعه بكميات كبيرة.
ويقول أنور العبسي، من تعز، (جنوب)، وهو موظف في القطاع الحكومي، وأحد الذين كانوا يتناولون الخمير في أحد أماكن صناعة الخمير، إن “أصل الخمير وجبة هندية، دخلت اليمن عبر الهنود إلى عدن أيام الاحتلال الإنكليزي للجنوب (1839 – 1967)، مع السمبوسة وخبز الطاوة”.
ويضيف العبسي أن الخمير انتشر من عدن إلى تعز، ومنها إلى صنعاء وبقية المحافظات، مع اختلاف بسيط في طريقة صناعته، لافتا إلى أن الخمير في صنعاء، بدأ منذ الثمانينات من القرن الماضي حتى أصبح الآن وجبة شعبية يظن الكثيرون أن أصلها يمني.
ويعزو العبسي، الإقبال الكبير على الخمير، إلى أنه وجبة خفيفة، ورخيصة الثمن، حيث تكفي 100 ريال يمني (أقل من نصف دولار)، لشراء ثلاث حبات من الخمير مع الشاي، وهو مبلغ مناسب لذوي الدخل المحدود.
وبالإضافة إلى العمال والموظفين، يطلب بعض الأغنياء في المنازل، كميات من الخمير يتناولها أفراد العائلة وقت الفطور، خصوصاً أيام العطل والإجازات.