اليمن على منعطف حرب أهلية..الحوثيون يستخدمون القمع ضد معارضيهم.. اختطاف وتهديد بالقتل وسجون سرية
اخبار الساعة - القدس العربي بتاريخ: 21-02-2015 | 10 سنوات مضت
القراءات : (4009) قراءة
تدور في اليمن معركة حول السيادة والشرعية ومن لديه القدرة على السيطرة. ومنذ دخول الحوثيين العاصمة صنعاء في أيلول/ سبتمبر 2014 وانقلابهم على سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي الشهر الماضي، وهم يقدمون أنفسهم كحماة من التهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة على أمن اليمن وبالتالي أمن الولايات المتحدة.
واستخدموا خطابا سياسيا يشبه خطاب حزب الله اللبناني الذي ما فتئ يذكر اللبنانيين وقطاعات أخرى من العرب بأن تدخله في الحرب الأهلية السورية والعراق هو من أجل وقف تقدم التكفيريين – أي تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي اليمن يواجه الحوثيون امتحانا في معركة السلطة بعد رفض معظم القوى السياسية، بما فيها حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح ترتيباتهم للسيطرة على السلطة. وهذا ما يفسر النزعة القمعية التي برزت في تصرفات أتباعهم ضد المتظاهرين السلميين الذين خرجوا في العاصمة صنعاء والمدن الأخرى الرافضة لهم.
وفي تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» ركز فيه على هذا الملمح القمعي في التنظيم. ونقلت الصحيفة عن ناشطين قولهم إن الحوثيين يهددون معارضيهم بالقتل والاختطاف والضرب المبرح في محاولة لوقف التظاهرات السلمية التي اندلعت بعد الإطاحة بهادي وحل السلطات الدستورية في البلاد. وتركت عمليات الطعن بالسكاكين وأشكال العنف الأخرى أثرا سلبيا على محاولات الحوثيين تعزيز حكمهم. فقد اندلعت التظاهرات ضدهم في كل أنحاء البلاد وزاد عدد المشاركين فيها بشكل يدفع البلاد اليوم نحو الحرب الأهلية. وقتل متظاهر اسمه صلاح البشري متأثرا بالتعذيب الذي تعرض له على أيدي الحوثيين الذين اعتقلوه، وذلك حسب تقرير لمنظمة العفو الدولية/ أمنستي إنترناشونال. وبحسب المنظمة الدولية فقد تعرض البشري (35 عاما) وهو أب لسبعة أولاد للتعذيب المتواصل لساعات مع رجلين اعتقلا معه اثناء مشاركتهم في تظاهرات سلمية في 11 شباط/ فبراير الحالي.
وبحسب مقابلات أجرتها الصحيفة مع يمنيين قالوا إنهم وأصدقاء لهم تعرضوا للسجن والتعذيب والتحرش من قبل عناصر الحوثيين. ونقلت عن أحمد الثبهاني (21 عاما) قوله إن ميليشيات الحوثي احتجزته لمدة خمسة أيام وضربه المتمردون بالعصي على رجليه وظهره ويديه وطلبوا منه الاعتراف بالتجسس لصالح المخابرات الأمريكية ـ سي آي إيه.
وقال إن عناصر من الحوثيين كانوا يرتدون شارات الشرطة عندما اختطفوه ويغادر تظاهرة ضد الحوثيين في جامعة صنعاء. وطلب منه الكشف عن أسماء المحتجين معه «قالوا لي إنهم سيقتلونني إن لم افعل ما يريدون».
نظام القمع السابق
وترى الصحيفة أن ممارسات الحوثيين متساوقة مع ممارسات الأجهزة الأمنية في ظل النظام السابق التي حاولت قمع المتظاهرين أثناء انتفاضة عام 2011، وهذه الأجهزة معروفة بسجلها الفقير، ورغم تحسن الوضع في عهد هادي إلا أن حكومته تعرضت لانتقادات العام الماضي عندما أطلقت القوى الأمنية النار على متظاهرين وقتلت ستة على الأقل.
ونفى ضيف الله الشامي أحد المسؤولين البارزين في الحركة الحوثية اتهامات التعذيب في مراكز سرية واستخدام القوة المفرطة أثناء التظاهرات، قائلاً «هذه ليست طريقتنا»، مؤكدا أن أنصار الله يتسمون بالأخلاق والأدب والكل يعرف هذا. وأضاف أن الحركة شكلت لجنة للتحقيق في فاة البشري.
ورغم نفي المسؤول إلا أن الأدلة كثيرة عن انتهاكات قام بها مسلحو الحوثي ضد نقادهم. وتقول دوناتيلا روفيرا المسؤولة البارزة في أمنستي «تظهر الشهادات اعتقال وتعذيب المتظاهرين»، مشيرة إلى ان سلامة من يتجرأون على انتقاد الحركة هي عرضة للخطر. وقالت إن الحوثيين انحدروا إلى مستوى خطير من الاستفزاز ولضرب أي شخص يحتج على حكمهم.
وتنقل عن براء شيبان وهو منسق لمنظمة بريطانية للدفاع عن السجناء في الخارج «ريبريف» قوله إن المحتجين الذين يتم إلقاء القبض عليهم ينقلون إلى مراكز اعتقال غير رسمية مثل البيوت الخاصة وبنايات فارغة ويتم التحقيق معهم بدون توجيه اتهامات لهم أو الحصول على دعم قانوني من المحامين.
وقال شيبان إنه وثق 57 حالة اعتقال غير قانونية في العاصمة مع أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى خاصة أن ضحايا القمع الحوثي لا يتحدثون عن التعذيب خشية تعرضهم لعمليات انتقامية.
ويتزيا الحوثيون بزي الشرطة والجيش لإضفاء طابع الرسمية على ما يقومون به. وبالإضافة إلى هذا يقول ناشطون في مجال حقوق الإنسان أنهم تلقوا تقارير عن انتهاكات يمارسها الحوثيون ضد المعارضين لهم في المناطق التي يسيطرون عليها، ولم يستطع الناشطون توثيقها بسبب القيود التي يضعها المتمردون والوضع الأمني الخطير وغياب المصادر. وفي تقرير سيصدر قريبا عن منظمة «هيومان رايتس ووتش» ووثق فيه 46 حالة قام رجال بالزي المدني والعسكري في اعتقالها بالعاصمة صنعاء ما بين 25 كانون الثاني/ يناير و11 شباط/ فبراير.
ولاحظ التقرير استخدام قوات الأمن الرصاص الحي ضد متظاهرين ثلاث مرات. وحمل رجال الشرطة يافطات تحمل شعارات الحوثيين وزعيمهم عبدالمالك الحوثي. ويقول ناشطون إن أفراد الشرطة بالزي المدني والرسمي يتعاونون معا على ضرب المتظاهرين بأعقاب البنادق ويطعنونهم بالسكاكين. وقال محاسب شارك في تظاهرة ضد سيطرة الحوثيين على العاصمة إن صديقا له تعرض للطعن بالسكين. وقال أن لا فرق من الشرطة بالزي المدني والرسمي فكلهم «بلطجية».
الصحافة والناشطون
وقالت سامية الأغبري (33 عاما) الناشطة التي شاركت في تظاهرات ساحة التغيير عام 2011 إنها وزميلاتها الناشطات تلقين تهديدات من الحوثيين وتعرضت هي لمضايقات على فيسبوك. وهددها شخص أن استمرارها انتقاد عبدالمالك الحوثي، زعيم المتمردين سيؤدي لقطع لسانها.
وتم استهداف الصحافيين، وبحسب مؤسسة حرية اليمنية التي تقوم برصد واقع الحريات الصحافية في اليمن فقد سجلت 25 حادث اعتداء ضد عاملين في المؤسسات الإعلامية في أثناء التظاهرات في الشهر الماضي.
الطريق للحرب الأهلية
وترى صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن اليمن ينحدر أكثر نحو الحرب الأهلية. وتقول الصحيفة إن صعود الحوثيين يؤثر على الجهود الأمريكية لدعم عملية التحول السياسي في البلاد، ومكافحة تنظيم القاعدة.
ورغم الشعارات المعادية للغرب والتي تبرز من الإعلانات التي تخرج من مكبرات السيارات التي يستخدمها الحوثيون وتحذر اليمنيين من الغرب «والغرب لا تهمه مصالح اليمن» إلا أن متمردي الحوثي حصلوا على دعم بعض اليمنيين بعد تعهدهم بمحاربة القاعدة كما تقول الصحيفة. وتسجل الصحيفة حالة خوف من المستقبل في هذا البلد الإستراتيجي وسكانه البالغ عددهم 25 مليون نسمة.
وتعيش العاصمة اليمنية صنعاء منذ سنين على وقع التظاهرات والإنفجارات والإشتباكات المسلحة لكن الوضع الحالي يدفع الكثير من اليمنيين إلى الخوف من المستقبل. فقد أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأسبوع الماضي أن اليمن يقف على حافة الانهيار. وتشير الصحيفة إلى أن من يصدر القرارات اليوم في صنعاء هي الجماعة الشيعية المتحالفة مع إيران، في وقت تعلن فيه الصحافة مبتهجة عن سيطرة طهران على أربع عواصم عربية هي بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه الحوثيون أنهم ليسوا بيدقا بيد الإيرانيين إلا أنهم لا يخفون احترامهم لكل من طهران وحزب الله، المنظمة الشيعية التي تسيطر على لبنان سياسيا وعسكريا.
ويقول محمد البخيتي، أحد مسؤولي الجماعة السياسيين «لا نريد مساعدة من إيران أو حزب الله للسيطرة على صنعاء».
وقال في تصريحات للصحيفة «لدينا أسلحتنا، ونحن مقاتلون أحسن من كل منهما.. ولكن الهدف المشترك الذي يجمع بيننا وحزب الله وإيران هو الرغبة في مواجهة الخطط الأمريكية في المنطقة».
ويقول البخيتي وغيره من قادة التمرد الحوثي إنهم يفضلون استمرار العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، رغم رفضهم للخطط الأمريكية في الشرق الأوسط، خاصة دعم الولايات المتحدة لإسرائيل.
وأشار تقرير الصحيفة للتناقض بين مزاعم الحوثيين الذين يقولون إن وسائلهم ديمقراطية في وقت وضعوا فيه الرئيس المدعوم من أمريكا هادي وحكومته تحت الإقامة الجبرية.
وكانت الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية قد أغلقت سفاراتها بسبب الأوضاع الأمنية. واعترض الحوثيون على الخطوة التي جاءت في وقت تعيش فيه العاصمة حالة من الهدوء، ومحاولة لتخويف المستثمرين الأجانب والداعمين العرب لأفقر بلد عربي وممارسة الضغط على الحوثيين للتخلي عن السلطة.
وتقول الصحيفة إن الولايات المتحدة والحوثيين يشتركون في هدف واحد وهو قتال تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. لكن الغارات التي تشنها واشنطن بدون طيار تؤدي لقتل ناشطين في القاعدة وكذا ضحايا مدنيين. واتهم البخيتي أمريكا بأنها ليست جادة في قتال القاعدة «نحن جادون في مواجهة القاعدة أما أمريكا فلا» مشيرا إلى أن تنظيم القاعدة يعتبر «قضية وجودية بالنسبة لنا». ويعتبر تنظيم القاعدة في اليمن من أقوى فروع التنظيم وتعتبره الولايات المتحدة الأخطر.
ورغم تصريحات البخيتي وغيره فالتنظيم يحقق تقدما في مناطق الجنوب السنية ويحصل على دعم من السكان حيث يقدم نفسه كحام لمصالح الجنوبيين ضد التقدم الحوثي. واستطاع تنظيم القاعدة السيطرة على قاعدة عسكرية في محافظة شبوة الأسبوع الماضي. ويقول المحلل السياسي أحمد زرقة إن سيطرة الحوثيين أدت لزيادة دفعات التجنيد في تنظيم القاعدة بشكل لم تحصل من قبل.
فيما يحشد أبناء القبائل قواهم لقتال الحوثيين. ويعاني الحوثيون من أزمة قاعدة شعبية فرغم محاولة البعض تشبيههم بحزب الله إلا أن جماعة الحوثيين لم تشترك في النظام السياسي اسوة بما حصل لحزب الله الذي اشترك في النظام السياسي بناء على محاصصة طائفية، بل ويصف البعض سيطرة الحوثيين على السلطة بالفعل الأخرق من جماعة تتركز شعبيتها في الشمال، ولا تمثل إلا ثلث سكان اليمن.
ويقول علي البخيتي، شقيق محمد والذي انفصل عنهم بعد سيطرتهم على السلطة إن «الحوثيين حملوا أنفسهم أكثر من طاقتهم»، و «هم محاربون ولا خبرة سياسية لديهم ومثل بقية الجماعات الدينية يعتقدون بالتدخل الإلهي، ولكن الرب لا يوفر رواتب في نهاية الشهر».
السعودية
وترى الصحيفة أن سيطرة الحوثيين على صنعاء كانت بمثابة ضربة للسعودية التي قاتلت الحوثيين على الحدود السعودية – اليمنية.
وأعلنت الرياض عن قطع التمويل للحكومة اليمنية. وهناك مظاهر تمرد من السنة، وهناك تقارير عن تحضير القبائل اليمنية المدعومة من السعودية وعناصر القاعدة لمواجهة تقدم المتمردين نحو محافظة مأرب الغنية بالنفط. وفي الجنوب لا دعم للحوثيين حيث شكلت القوى المعارضة لهم لجانا شعبية وسط دعوات للانفصال.
وهناك من يخشى انزلاق اليمن إلى حرب أهلية وتحوله لساحة حرب بالوكالة على الطريقة السورية، حيث تقوم القوى المحلية بمواجهة بعضها البعض نيابة عن القوى الإقليمية – السعودية وإيران.
وكان مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر قد حذر من أن اليمن يقف على منعطف طرق: حرب أهلية وتمزق أو يجد البلد طريقه للخروج من أزمته.
كارثة منسية
ويواجه اليمن بالإضافة لمصاعبه السياسية مشاكل إنسانية، وحذر مسؤول منظمة «أوكسفام» في تصريحات نقلتها صحيفة «الغارديان» من ما سماه «الأزمة المنسية» في اليمن.
وقال إن المانحين الدوليين خاصة الدولة العربية الثرية بحاجة للمساهمة وتوفير احتياجات 16 مليون يمني أو نسبة 61% من سكان اليمن.
وقال غرانت برتيشارد إن الـ16 مليون سيواصلون المعاناة مع احتمال زيادة أعداد اليمنيين الذين سيجدون أنفسهم في مصيدة الفقر.
وهناك 10 ملايين يمني بحاجة لمساعدات غذائية بمن فيهم 840.000 طفل يعانون من سوء التغذية، فيما لا يستطيع 13 مليون نسمة الحصول على المياه القابلة للشرب، وهناك 8 ملايين نسمة بدون عناية صحية مناسبة. وتضيف المصاعب السياسية والحروب معاناة جديدة لليمنيين، فقد قالت منظمة الطفولة العالمية «يونيسيف» أن 220.00 طفل تأثروا من الهجمات المدارس وإغلاق أو احتلال المدارس في عام 2014. وفي كانون الأول/ديسمبر احتاج 50.000 طفل في الجوف وصعدة والبيضاء للمساعدات كي يعودوا إلى مدارسهم.
ورغم الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة لا يزال اليمن الوجهة المفضلة للمهاجرين من الصومال وأثيوبيا وإريتريا والعراق وسوريا من بين عدة دول. فهناك 91.000 وصلوا اليمن العام الماضي.
qal
إعداد إبراهيم درويش
اقرأ ايضا: