اخبار الساعة

التفحيط.. روايات طائشة ومثيرة تنتهي بأشلاء وعلاقات محرّمة!

اخبار الساعة - تحقيقات بتاريخ: 14-03-2015 | 10 سنوات مضت القراءات : (32103) قراءة

· مفحط تائب: الفراغ القاتل دفعني لممارستها.. ووفاة والدي سبب توبتي.

· آخر: ماذا لو تسببت في موت صديقي وهو وحيد والديه.. وعشت أنا؟!

· ذهب للتفحيط وترك خلفه دموع والدته عليه دون مبالاة.. ثم انتبه.

· إعلام وأسباب جنسية ونفسية وممارسات شاذة رعناء تقف وراء الظاهرة.

· مطالبات بتغليظ العقوبات بعد تسببها في إنهاء حياة أبرياء لا ذنب لهم.

· "المقبل": العقوبات تطبق بحزم وصرامة وبلا تهاون حفاظاً على الأرواح.

 

عبدالرحمن العازمي- سبق- القريات: جاءت قضية المفحط الشهير بمنطقة عسير "بدل فاقد" الذي تسبب في مصرع وإصابة ستة شبان خلال حادثة التفحيط التي وقعت فجر الثلاثاء الماضي، لتفتح من جديد ملف "ظاهرة التفحيط" ودراسة أسباب تعلق عدد كبير من الشباب، خصوصاً فئة المراهقين منهم بها، التي تتجاوز مرحلة الهواية والموهبة لتصبح وسيلة للفت الانتباه، وتكوين علاقات شاذة ومحرّمة قد تؤدي بصاحبها لارتكاب جريمة ضد آخرين أو مشاجرات ومناحرات بين المفحطين أنفسهم.

 

ويشدّد البعض على أن الوقت قد حان لوضع حلول جذرية لمحاربتها ومنعها، وتوعية الشباب من مخاطرها؛ لوقف نزيف الدم الذي ما زال مستمراً منذ عشرات السنين، وما زال يحصد أرواحاً بريئة وأخرى في مقتبل العمر وزهرة الشباب؛ بسبب هواية يمارسها المفحط من باب الترفيه أو لغايات محرمة وخطيرة، يسعى لتحقيقها منها بغض النظر عن مخاطرها عليه وعلى الغير، والتي قد تكون حياته ثمناً لها.

 

الظاهرة ومرتكبوها

وللوصول للدوافع التي تقف خلف ظاهرة التفحيط بالمملكة، والمساهمة في وضع حلول جذرية ونهائية لمحاربتها والقضاء عليها، قامت "سبق" بالتحقيق في الظاهرة صحفياً، عبر قصص ووقائع ومواقف لمفحطين تائبين ولقاءات مع عدد منهم ببعض من مناطق المملكة، كما قامت بأخذ آراء وتفسيرات استشاريين ومختصين نفسيين حول الدواعي التي تقود هؤلاء الشباب إلى ممارسة هذه الظاهرة القاتلة، بالإضافة لعدد من الصور ومقاطع الفيديو التي تُظهر خطورة ظاهرة التفحيط ونتائجها الوخيمة على مرتكبها.

 

مفحط تائب

يقول أحد المفحطين التائبين والمشهورين الذي قضى سنوات عدة من عمره في ممارسة التفحيط بمدينة الرياض لـ"سبق": "بدأت التفحيط وعمري 17 عاماً وتحديداً عام 2003، وكانت البداية بالحضور لساحات التفحيط والتجمهر والتعزيز والتصوير، ليتطور معي الأمر بإنشاء منتدى عبر الإنترنت خاص بهواية التفحيط بلغ عدد أعضائه نحو 70 ألف عضو، معظمهم مفحطون أو من جمهور التفحيط، قبل أن يلهمني الله الرشد والتوبة".

 

التحول والاعتزال

وأضاف: "بفضل الله سبحانه قمت بإغلاقه وإلغاء جميع العضويات لوجه الله تعالى، ثم لبعدي عن المساهمة بتشجيع ممارستها، والتي جاءت بعد وفاة والدي رحمه الله عليه بعد معاناة مع المرض، لأقرّر بعدها توبتي واعتزالي التفحيط للأبد، وبعد أن أيقنت أنها ما هي إلا طريق للهلاك والمشاكل والشبهات".

 

أشلاء تتطاير

وبيّن: "على مدى هذه السنوات شهدت خلالها زملاء لي يموتون أمامي ويحترقون داخل سياراتهم وغيرهم يتطايرون من نوافذ سياراتهم أثناء انقلابها، وآخرون تتقاذف علينا أشلاؤهم بسبب التفحيط رغم خبرتهم الطويلة بمجال التفحيط وإتقانهم القيادة".

 

حريق كامل

ويروي لنا المفحط التائب -الذي فضّل عدم ذكر اسمه- قصصاً مؤلمة ومواقف صعبة وقاسية كان قد شهدها خلال ممارسته التفحيط، وما زالت محفورة بذاكرته قائلاً: "ما زلت أتذكر حادث أحد الشباب المفحطين والمعروفين ووفاته به، وهو حادث مشهور، ولكن أتحفّظ على اسمه رحمه الله عام 2006 أثناء قيادته لسيارته من نوع كامري في شارع غروب الدخل، والتي احترقت بالكامل وتوفى داخلها 3 من الشباب، أيضاً حادث العاصي رحمه الله على كامري 2010 بيضاء في غروب العزيزية".

 

فراغ وطيش

وعن تجربته مع التفحيط وأسبابها يضيف: "ممارستي للتفحيط كانت نتيجة ضعف الوازع الديني لديّ، وجاءت في مرحلة طيش كنت أعيشها وفترة مراهقة، بالإضافة لوجود الفراغ القاتل الذي كنت أعانيه في تلك السنين".

 

لا تُسلّم لها!

وقال في نصيحته التي يوجّهها لكل مفحط: "كلمة ونصيحة من مفحط سابق وقديم ومعروف إلى كل من يمارس التفحيط حالياً، أن ممارستك الآن التفحيط ما هي إلا فترة مرح دنيوي ومؤقتة قد ينتهي بلمح البصر بتعرضك لأي طارئ كصدم أو دهس أو انقلاب وجميعها اعلم أن نسبة حدوثها عليك نسبة مرتفعة جداً مهما كنت تملك من البراعة والثقة بالنفس لقيادة المركبة وممارسة التفحيط على سرعات تتجاوز ما بين 200 و240؛ نظراً لتعاملك بطريقة خطرة وغير مضمونة مع هيكل من حديد وجماد، وبالتالي فأنت سلّمت أمرك وحياتك بعد الله لها".

 

دهس وإزهاق

وتابع: "وبقدر ما تملك من الإتقان والثقة تذكّر أن سبباً بسيطاً قد ينتهي بك لما لا تُحمد عقباه سواءً بانحراف أو خروج شخص بوجهك من الشارع فتدهسه أو أحد المارة من كبار السن أو من العوائل، فتكون سبباً بعد الله في إزهاق أرواح بريئة جراء ما تقوم به من تهور بالقيادة وممارسة التفحيط".

 

لا تتبع أهواءك

وواصل متابعاً رسالته للمفحطين الحاليين: "قبل اتباعك لأهوائك التي تأخذك لهذا الاتجاه القاتل، تذكّر وضعْ في حسبانك أماً وأباً وإخواناً من ورائك ينتظرون عودتك لهم، وماذا سيحدث لهم من ألم وحزن في حال تعرّضك لأي مكروه لا سمح الله".

 

فيديو للعبرة

ولخّص المفحط التائب، مسيرته بمجال التفحيط بتسجيل فيديو مختصر يتكون من ثلاثة أجزاء، وهو عبارة عن حوادث شنيعة وخطيرة شهدها وقام بتصويرها مع عدد من زملائه ونشرها للعبرة والعظة، موضّحاً خلالها بعص المآسي والصدمات التي عاشها مع هذه الظاهرة المميتة، حيث خصّ "سبق" مشكوراً بصور منها وعدد من روابطها.

 

دموع أم

وبدأ المفحط الذي رمز لنفسه بـ"ع. س" من منطقة الجوف، قصته مع التفحيط التي رواها لـ"سبق"، بتذكره دموع والدته في كل مرة يخرج بها للتفحيط، وهي تعلم أنه ذاهبٌ لهلاكه، وتخشى أنها لن تراه ثانية وهو ما لم يكن يعطيه اهتماماً كبيراً؛ بسبب يقينه أنه سيعود رغم نصحها له ورجائها دونما مبالاة منه ومراعاة.

 

وهنا يقول: "كان كل ما يسيطر عليّ حينها هو استعجالي اللحاق بالمتجمهرين بعد المباريات الرياضية المهمة قبل تفرقهم، ولم يخطر ببالي أن تلك الدموع قد تكون آخر لقائي بوالدتي التي لم تكن تنام إلا بعد عودتي للمنزل والذي غالباً ما يكون بعد ساعات الفجر".

 

دعوات وصيحات

وعن سبب توبته يقول: "أثناء قيامي بالتفحيط في إحدى المرات ومعي صديقي الذي كان وحيد والديه، وقد بلغ تعلقهما به وخوفهما عليه ما بلغ، انحرفت بنا السيارة باتجاه سيارة أخرى قادمة من الطريق المقابل، وبها عائلة، وأيقنت أنها نهايتي لولا رعاية الله، ثم قيام قائد السيارة بمحاولة الابتعاد عنا لتقف سيارتي فقط مسافة المترين عن سيارته، ورغم سلامتي وصديقي وسيارتنا إلا أنني لم أستطع الحركة، وكل ما كنت أسمعه في تلك اللحظة دعوات قائد المركبة علينا وصيحات أطفاله ووالدتهم".

 

ماذا لو مات؟

واستكمل: "بعدها اطمأننت على صديقي وذهبت فوراً للمنزل وأنا مصدوم ومفجوع، فجلست مع نفسي وقمت بتقييم ما أقوم به ومراجعة لذاتي، فتذكرت أن لا فائدة جنيتها من التفحيط طيلة سنوات ممارستي لها، سوى إتلاف سيارتي وحجزها لدى المرور وتعرضي لأكثر من مرة للسجن، والخسارة الكبرى التي لا أستطيع تعويضها حين سألت نفسي: ماذا لو تسببت اليوم بموت صديقي وهو وحيد والديه وعشت أنا؟".

 

طلاق نهائي

وواصل: "كيف أستطيع إكمال حياتي وأنا أعلم أنني من حرمهم منه؟ ناهيك عن صيحات أولئك الأطفال وأمهم التي ما زلت أسمعها بأذني، ودموع أمي الغالية التي لم تفارقني في هذه اللحظة، فكان ذلك اليوم هو يوم طلاقي النهائي للتفحيط، والتي حمدت ربي كثيراً أنها جاءت وأنا بكامل صحتي، ولا أحمل برقبتي دم مسلم واحد، وذلك الصديق ما زال يعيش بين والديه".

 

أخصائي نفسي

ويشرح الجانب النفسي والسلوكي لدى ممارس التفحيط الأخصائي النفسي والمرشد الطلابي محمد بن أحمد الزكري؛ حيث قال موضحاً الأسباب لـ"سبق": "أسباب ممارسة التفحيط لدى بعض الشباب متنوعة، منها ما هو نفسي ومنها ما هو اجتماعي ومنها أسباب أخرى مختلفة".

 

نقص وحنان

وتابع: "الأسباب النفسية منها عقدة النقص التي يشعر بها المفحط، ويرغب بتعويضها عبر ممارسته لها، أيضاً اهتزاز الثقة بالنفس وضعف السلوك التوكيدي، أو عنف تعرض له في صغره، ومنهم من يعاني من فقدان العاطفة والحنان الذي يحاول تعويضه بهواية التفحيط.

 

ويستطرد: "أما الجانب الاجتماعي، فالإعلام يُظهر المفحط على أنه ذو شخصية جميلة سواء كان ذلك بالأفلام الأجنبية أو العربية، والقنوات الفضائية تعتني به، والشباب يهتمون ويثنون، ويتناولون مقاطع فيديو له عبر مواقع التواصل الاجتماعي كـ"تويتر" ووسائل اجتماعية أخرى".

 

شاذة ومراهنة

وواصل: "هناك أسباب أخرى كأسباب جنسية للحصول على ممارسات شاذة، وأسباب تتعلق بالمخدرات، وأسباب مادية كحصول المفحط على مبلغ مراهنة ونحوه".

 

عقوبات وغرامات

كانت الإدارة العامة للمرور قد أكدت بدء تطبيق نظام عقوبات التفحيط الجديدة الذي يتضمّن السجن مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة مالية لا تقل عن 5 آلاف ريال، على كل مفحط يتسبب في إصابة ومخالفة، ولمن تسبب في وفاة بالسجن مدة لا تقل عن سنة وغرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف ريال، ومن ثم إحالة القضية للجهات الشرعية؛ لأخذ الحق الخاص للمصابين أو دية للمتوفين والنظر في مصادرة المركبة.

 

حزم وصرامة

وأكد مدير الإدارة العامة للمرور اللواء عبدالرحمن بن عبدالله المقبل، حرص جهاز المرور على تطبيق تلك العقوبات بكل حزم وصرامة وبلا تهاون؛ وذلك حفاظاً على الأرواح والممتلكات العامة من ظاهرة تشكل قلقاً لأي مجتمع تنتشر فيه، مطالباً الجميع بالالتزام بالأنظمة التي تكفل إيجاد مجتمع مروري آمن، ومناشداً أولياء الأمور متابعة أبنائهم الذين هم ركيزة وأمل لمستقبل هذا الوطن.

 

تغليظ ينقذ الأرواح

ورغم هذه العقوبات، تتوالى المطالبات بتغليظ هذه العقوبات على مرتكبي التفحيط للحد من ممارستها، بعد تسبب العديد من المفحطين في إنهاء حياة عشرات الأرواح من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى مرورهم بطريق يمارس به عدد من الشباب التفحيط، ويرتكب به عدد من المخالفات المرورية كعكس السير وتعطيله.

المصدر : سبق
اقرأ ايضا: