اخبار الساعة

صحفي تقمص دور «جندي» وتنقل في معسكرات صالح والحوثي لأربعة أشهر يروى معاملة الحوثيين للجيش

اخبار الساعة - تحقيق: خليل محمد العمري بتاريخ: 23-12-2015 | 9 سنوات مضت القراءات : (7544) قراءة
عاد الجندي "إبراهيم. ص" (32 عاماً) المنتمي لأحد ألوية الحماية الرئاسية اليمنية محمولاً على الأكتاف بعد أن تم استدعاؤه من قبل جماعة الحوثي والرئيس السابق لاستلام راتبه الشهري في أحد معسكرات صنعاء المعرضة لغارات التحالف العربي.
 
يقول شقيقه "علي" لـ«المصدر أونلاين»: "توقف إبراهيم عن العمل والتزم البيت بعد أن سيطر الحوثيون على دار الرئاسة بصنعاء  لكن في بداية يونيو اتصل به قائد الكتيبة يبلغه بالحضور لاستلام راتبه".
 
وطرق رأسه إلى الأرض ويتابع :"غادر إبراهيم الى القيادة صباحاً وفي المساء كان هاتفه مغلقاً، وعند الفجر كان إبراهيم أحد النائمين الذين قضوا في العنبر بقذائف قوات التحالف بعد أن باتوا فيه ليلة إجبارية".
 
ظُهر اليوم التالي للحادثة، الثامن من يونيو حزيران 2015م، قال الناطق باسم وزارة الصحة الدكتور تميم الشامي إن الحادثة أسفرت عن 44 قتيلاً وأكثر من 180 جريحاً، حيث كان التفجير في مقر القيادة العامة للجيش اليمني ليلاً.
 
صحيفة (الإتحاد الإماراتية) نقلت حينها عن مصادر مطلعة قولها إن الانفجارات التي ضربت مبنى القيادة العسكرية نتيجة "ست غارات شنها طيران التحالف أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الجنود"، أما قناة (بي بي سي) فقد كشفت عن مقتل عدد من كبار قادة الوحدات العسكرية اليمنية الموالية للحوثيين في الغارة ذاتها، حيث كانوا يجتمعون فجر الأحد 7 يونيو في مبنى القيادة العامة للجيش بصنعاء.
 
وتساءلت مصادر أمنية فضلت عدم ذكر اسمها: هل يتخذ الحوثي وصالح أفراد الجيش من غير الموالين لهم دروعاً بشرية لحماية تجمعاتهم أو مقرات أعمالهم؟!.
 
تساؤلات أثارت لدي الفضول للتثبت من صحة مضمونها عبر مادة استقصائية، خاصة وأن هذه الفرضيات أصبحت تتردد في الشارع اليمني.
 
وقبل أن أبدأ، وتحديداً في يوليو 2015م، أصدرت سلطات الحوثيين قراراً بتسليم رواتب الجنود عبر مكاتب البريد بدلاً من التسليم المباشر في المعسكرات.
 
بدا الأمر أن الحوثيين وقوات صالح يعملون على حماية أرواح الجنود بعد حادثتين متتاليتين في مايو ويونيو راح ضحيتهما عشرات الجنود في الأمن المركزي  ومقر قيادة الجيش، أي على عكس التساؤلات والفرضيات المطروحة لدى الرأي العام المحلي، وصرفت النظر عن فكرة المادة الاستقصائية.
 
تغير مفاجئ
في 4 سبتمبر، كتب قائد المنطقة العسكرية السادسة اللواء محمد الحاوري وهو قائد عسكري موال للحوثيين في صفحته على الفيسبوك: "منعاً للتجمعات وحفاظاً على أرواح منتسبي المنطقة سيتم الاستمرار بصرف الرواتب عبر مكاتب البريد".    
 
جاء هذا القرار -حسب التوجيه- حفاظاً على أرواح الجنود، إلا أن تغيراً حدث أثناء تسليم رواتب سبتمبر، إذ تم إبلاغ المنتسبين إلى المنطقة السادسة (تضم 17 لواءً عسكريا يتوزعون في محافظات شمال الشمال) بالتواجد في الأماكن المحددة لاستلام رواتبهم عبر لجنة خاصة، وهنا عادت فكرة المادة الاستقصائية، وبدت اللحظة مناسبة للبدء في المخاطرة.
 
كان الجنود يذهبون كثيرا باللباس المدني حسب التوجيهات، وساعدني هذا في إقناع اثنين من الجنود ممن تربطني بهم معرفة شخصية باصطحابي معهم لأتمكن من الوصول إلى داخل المعسكرات، فكانت المخاطرة التي أثمرت هذه الأسطر.
 
صحفي في دور عسكري
تقمصت دور الجندي، وذهبت بصحبة زملائي إلى مندوب تسليم الرواتب الذي يدعى "أبو ابراهيم"، وهذه من الكُنى التي يستخدمها القيادات الحوثية، فأخبرنا ابنه أن صرف الرواتب سيكون هذه المرة في وزارة الدفاع المعروفة منذ أن أنشأها الأتراك باسم "العُرْضِي".
 
اليوم التالي، كنا ومئات الجنود بدون سلاح وبالزي المدني في مقر وزارة الدفاع، ولا شيء يوحي بأن للمكان هناك علاقة بالجيش سوى الآليات العسكرية المنتشرة بالخارج بين المباني السكنية مغطاة بالأشجار وأنواع من السواتر لتجنب تعرضها للضربات الجوية.
 
بعد 5 ساعات من انتظارنا وصل طقمان عسكريان على متنهما مسلحون يرتدون الزي اليمني التقليدي، ترجل شخص ضخم بلباس مدني وأمر بسحب البطائق العسكرية من جميع الجنود، ثم قال بلهجة حادة عبر مكبرات الصوت: "الرواتب ستسلم في عمران وسوف نخبركم بالمكان.. نحن في معركة مع العدوان ومرتزقته الموجودة في الجيش والأمن وكل مكان".
 
تذمر الجنود احتجاجاً على هذا القرار لكن لم يجرؤ أحد على الاحتجاج الذي قد يجعل صاحبه عرضة للاتهام بالخيانة والانتماء لتنظيم "داعش" حسب إفادة ضابط هناك سألته عن سبب قرار نقل الرواتب إلى عمران على بعد 50 كم (شمال العاصمة صنعاء)، إذ أجاب بقوله: "عشان نشوف الحق ونعرف الداعشي ومن اللي مع الوطن"، في إشارة الى خصومهم ومؤيديهم.
 
الطريق إلى الشمال
كنت أشعر بالخوف والقلق، فأنا في مهمة لم تتوقف خلالها صورة الموت من مرافقتي، إلا أن إنجاز الخطوة الأولى شجعني على الاستمرار.
 
انطلقنا إلى عمران حيث مقر قيادة المنطقة العسكرية السادسة، وعلى الطريق الممتدة نحو50كم شمال صنعاء ظل صوت زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي يقرع ذاكرتي وهو يقول في أحد خطاباته إن الصحفيين والإعلاميين أخطر من المقاتلين المواجهين لعناصره، وكنت أقول في نفسي: إذا كان هذا التهديد لعامة الصحفيين فكيف لصحفي أدخل نفسه وسط معسكراتهم؟
 
سبق للحوثيين اجتياح محافظة عمران في يوليو 2014 بعد تمكنهم من قتل اللواء حميد القشيبي قائد اللواء 310 مدرع الذي كان يُعَدّ أقوى ألوية المنطقة العسكرية السادسة، وأحكموا السيطرة على المدينة، وهنا في مدخلها يستقبلك زعيم الجماعة مرسوما على لوحة كبيرة مضمنة عبارة يحث فيها ميلشياته على القتال ويعدهم بالنصر.
 
في مقر القيادة
أنا الآن في مقر اللواء 310 مدرع، والمكان خال من كل شيء سوى الجنود المصطفين بالمئات بانتظار رواتبهم عند المنصة، وهناك على الأطراف أعداد من الحوثيين خلف المتارس يحرسون المكان.
 
حرارة شمس الظهيرة لم تعد تحتمل، والجنود متذمرون، وهنا يأتي الخبر أن المندوب المختص بتسليم الرواتب تأخر، فكان علينا أن ننصرف على أن نعود عصراً.
 
لم ننتظر طويلا في العصر حتى قدم الرجل محاطا بمجموعة من الحراس، راح بعض الجنود يتساءلون عن هوية هذا الرجل الذي لم يسبق أن عرفوه، وحسب إفادة شخص يعرفه فقد كان "محمد المؤيد" الضابط في وزارة الدفاع الذي أعاده الحوثيون للعمل بعد فترة من التقاعد، وهو أحد أقارب نائب رئيس هيئة الأركان المعين من قبل الحوثيين.
 
رغم وصوله لم يبدأ الصرف إلا بعد ساعة كاملة، وبينما كان الجنود مصطفين لاستلام الراتب إذا بأربع سيارات هايلوكس غمارتين مغطاة بطرابيل ترابية اللون تمر من أمام صفوف وتجمعات الجنود.. كان الأمر طبيعيا، إلا أن المندوب توقف عن صرف الرواتب عقب مغادرة السيارات مباشرة بحجة دخول الليل، وطلب منا الانصراف والعودة صباح الغد.
 
لماذا تأخر المندوب في الصرف لمدة ساعة كاملة؟ ولماذا ظل يصرف ببطء شديد لدرجة أنه لم يصرف لأكثر من عشرين شخصا فقط؟ وماذا كانت تلك السيارات تحمل من المعسكر؟ ولماذا اختارت طريق الخروج من جوار تجمعات الجنود؟ ولماذا توقف الصرف بعد مغادرتها مباشرة؟ أسئلة تثور في نقاشات بين الجنود المتذمرين الذين قطعوا مسافات بعيدة لاستلام الراتب.
 
أحد الجنود قال لـ«المصدر أونلاين»: "إنهم يعاملوننا بهذه الطريقة لكي نمل ونغادر ويتم استبدالنا بجنود من أصحابهم"، ويقول آخر: إنهم يريدون اختبارنا وهل سنقدر ظروفهم في الحرب؟ ونتداول الحديث والتفسيرات التي ظلت جميعها غير مقنعة إلى أن قال أحد الجنود الذين عملوا في اللواء لأكثر من 10 سنين: "إنهم يستغلون تجمعاتنا ويخرجون السلاح من المعسكر المعرض لقصف الطيران"، فحسم الجدل، وأصبح الجميع يشاركني الخوف من الموت القادم في أي لحظة.
 
اضطررنا للمبيت في فندق، وبات أكثر الجنود جوار المعسكر وعلى الأرصفة.. كانت أصوات مقاتلات التحالف تملأ الأفق تلك الليلة، مع انتشار ليس كثيفاً لمسلحي الحوثي في الجوار.
 
عدنا صباح اليوم التالي، وظل الجميع ينتظرون لساعات طويلة إلا أن الرجل لم يأت.. ظللت أتجول بينهم للاستماع إلى ما يقولون متظاهرا بالملل الذي قطع لدي الرغبة في الحديث.. في الجهة الأخرى رجل خمسيني يقف وفي يده أوراق كثيرة يقول إنها معاملات استعادة راتب نجله الذي قتل أثناء المواجهات، وقاموا بقطع راتبه، ويسعى لاستعادة راتب سيقتسمه أربعة أيتام.
 
"لم يبقَ شيء في المعسكر الكبير".. قالها أحد جيران المعسكر الذي ربطته الأيام بأحد من أصدقائي الجنود يرافقني منذ بدء هذه الرحلة، عرفه من كثر تردده على المكان لاستلام راتبه.
 
"نهبوا كل شيء هنا"، أضاف جار المعسكر، فيما كان أحد حراس المكان يلقي علينا موعظة بأن "المجاهدين الذين كانوا يملئون هذا المكان ذهبوا لمجاهدة الدواعش والمرتزقة والإسرائيليين وانتم تلهثون بعد الراتب.. والدنيا زائلة".
 
موعظة أثارت لدي سؤالا عما إذا كان الانطباع السائد هنا أن هؤلاء الجنود الذين يبحثون عن رواتبهم ليسوا من أنصار الحوثي!؟ إذا كان كذلك فهذا يعزز فكرة استخدامهم لهؤلاء الجنود دروعا بشرية.
 
هناك، كان مندوب الدفاع الموالي للحوثيين يوزع أموالاً لمسلحين على أطقم عسكرية حضروا للتو، قيل إنهم تابعون لأنصار الله "الحوثيين" ويستلمون رواتبهم شهرياً.
 
كان الجنود قد ذهبوا الى تناول الغداء والبدء بمضغ القات، لكن أحداً لم يأت من مشرفي الحوثيين القابضين على وزارة الدفاع ومستحقاتها، قال أحدهم مع غروب الشمس: "الشيكات سُتسلم في صنعاء، وسنعلمكم بالمكان"، لا أحد بإمكانه أن يصدر صوتاً مع انتشار المسلحين وكثافة الهراوات.
 
العودة الى صنعاء
قررنا العودة الى صنعاء والانتظار في المكان المحدد لتسليم الرواتب، وهو حديقة الثورة.
 
أبلغت أحد أصدقائي عن احتمال صرف الرواتب مع الخوف من نقلنا مجددا إلى مكان آخر.. جوار الحديقة، كان العدد قليلاً ثم بدأ الزحام تدريجياً، ضباط وجنود يبحثون عن رواتبهم وسط مكان مكشوف مع حالة من الخوف.
 
في أحد أطراف الحديقة فرش الجندي "محسن.ع" من محافظة الضالع جنوب اليمن كرتوناً تحت رأسه، ملقيا إلى جانبه عكازه الذي يحمله منذ إصابته في معارك صعدة ضد الحوثيين في 2006م، وقال بصوت منخفض موجع: أنا كبير في السن، كيف يمكن لهم أن يعرضونا للأخطار في كل هذه الأماكن المكشوفة؟ أولادنا بدون خبز.
 
بدأ الاندفاع يزداد مع بدء الصرف الذي تتولاه لجنة واحدة.. وفي وقت الظهيرة أقبلت إحدى طائرات التحالف تحلق على مسافة قريبة من المتجمعين، تفرق الجنود بسرعة، لكنهم عادوا بسرعة أيضاً، إذ كانت الطائرة عابرة إلى مكان آخر.
 
شهادات موثقة
ضباط وجنود التقيت بهم أكدوا بالمستندات تعرضهم للمماطلة والتهديدات حتى صودرت رواتبهم وأرقامهم العسكرية وتم استبدالهم بموالين لصالح والحوثي.
 
العقيد الركن "ع ن" قائد كتيبة في المنطقة العسكرية السادسة، طلبوا منه ومن ضباط الجيش تسليم المعدات والآليات العسكرية في موقعه بمعسكر الفرقة الأولى (سبتمبر 2014)، وأجبرته الضغوطات على مغادرة صنعاء إلى مسقط رأسه في محافظة حجة شمال الشمال، حيث بدأت بمصادرة العلاوات التي تصل إلى 60 ألف ريال.
 
يضيف لـ«المصدر أونلاين»: كانوا يرسلون نصف الراتب (80 ألف ريال) والنصف الآخر يصادرونه لـ"المجهود الحربي"، و في أغسطس الماضي تم دعوتنا للحضور إلى عمران ومنها إلى صنعاء، وبعد 20 يوماً من المعاملة قالوا لنا إنكم مظلات لجيش هادي (الرئيس اليمني).
 
ويتابع: لم يكتفوا بقطع الراتب والعلاوات فقط، بل أرسلوا (3) أطقم عسكرية لقريتي يبحثون عني.. كانوا يقولون أين العميل فلان الفلاني (يذكرون اسمه).
 
يكشف العقيد الذي انضم بعدها للجيش المؤيد للشرعية في مأرب عن اختطاف الحوثيين  (7) جنود يتبعون الوحدة العسكرية التي يقودها أثناء استدعائهم لتسليم رواتبهم وما يزالون مخفيين منذ (4) أشهر.
 
المقدم "ع. س" الذي التقيته في هذه المهمة وهو أحد ضباط كتيبة الدبابات معسكر الصيفي بصعدة، يقول إن مشرفي الحوثيين رفضوا تسليم رواتبهم "حيث كنا في مأزق مادي مع قرب عيد الأضحى واشترطوا تواجدنا في صعدة أو نتحمل المسئولية".
 
يضيف: "وصلنا إلى المعسكر فتم توقيفنا هناك، وخلال (5) أيام كانوا يجبروننا على نقل الدبابات وآليات محملة بالصواريخ من الساعة الثانية عشر مساء الى قرب الفجر إلى جبال ومديريات قريبة من الحدود السعودية"، حيث يشهد المكان مواجهات عنيفة بين الجيش السعودي وبين الحوثيين وقوات صالح، وهي الرواية التي يؤكدها جنود آخرون.
 
(م. المخلافي) جندي ينتمي  لمحافظة تعز، من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى المؤيدة للشرعية بحضرموت، قال إنه والعشرات من زملائه لا يستطيعون الوصول إلى مكان عملهم بسبب النقاط المنتشرة للحوثي وصالح والتي تختطف أي جندي له علاقة بالمناطق الجغرافية المؤيدة للشرعية، ما دفعه للبقاء في منزله خشية اعتقاله.
 
قائد اللواء 139: صالح والحوثي ينتقمون من الجيش الوطني
يقول العميد الركن علي عبدالمغني قائد اللواء 139 بالمنطقة العسكرية السابعة لـ"المصدر" إن "الجيش الذي يصل عدده الى 450 ألف جندي معظمهم يرفضون القتال مع الحوثي وصالح ولم يتبق معهما سوى الجزء الأقل".
 
كان العميد عبدالمغني يعمل من قبل رئيساً لأركان اللواء 63 في قوات الحرس الجمهوري "سابقاً" التي كان يقودها نجل الرئيس السابق العميد أحمد علي عبدالله صالح، ويضيف في حديثه: هذا هو وضع الجيش اليمني، والذين لا يوالون الحوثيين وصالح لزموا منازلهم عقب سيطرة الحوثيين على صنعاء والتهام المؤسسة العسكرية في سبتمبر 2014.
 
ويتابع: "لم يكتفوا بالمطاردة والاعتقال وقطع رواتب الجنود الرافضين لهم وممارسة الاغتيالات الفردية لمئات الضباط والجنود وانما أيضا يقتلونهم بشكل جماعي بعد أن نزعوا أسلحتهم، ومن يرفض الحضور ويخشى على حياته، فيقوم مشرفو الحوثي والضباط الموالين لصالح بمسح أسمائهم من سجلات وزارة الدفاع وإبدالهم بعناصرهم مما يسمونهم باللجان الشعبية".
 
مسؤول في سلطة الحوثيين: أحداث عابرة ولا يوجد شكاوى بمضايقات
طرحت كل الدلائل والشكاوي التي حصلت عليها منذ بدء التحقيق على رئيس  إدارة الإعلام والتوجيه بوزارة الداخلية الواقعة تحت سيطرة الحوثي بصنعاء العميد الركن محمد القاعدي لكنه نفى وجود أي مضايقات يتعرض لها الضباط والجنود ومصادرة رواتبهم وتعريضهم للمخاطر.
 
اضطررت لإجراء المقابلة معه بالهاتف، أضاف: "لا يوجد لدينا أي شكاوي أو بلاغات بخصوص تعرض المنتسبين للجيش والأمن لاستقطاع رواتبهم أو مصادرة وظائفهم، نحن في التوجيه المعنوي بالداخلية لدينا صحيفة تناقش مثل هذه القضايا ولم نتلق شيء منها".
 
كما نفى رفضهم تسليم الرواتب عبر مكاتب البريد وقال لـ«المصدر أونلاين»: "حسب علمي  أغلبية الوحدات الأمنية والعسكرية ما تزال تُسلم عبر البريد بالمحافظات بشكل منتظم".
 
واعتبر استهداف الجنود أثناء دعوتهم لتسلم رواتبهم في معسكرات الأمن المركزي في مايو ويونيو 2015 م بمقر قيادة الجيش أحداثا عابرة ضمن الوضع العام الذي تعيشه اليمن، وأردف: "البلد يمر بوضع صعب جداً ونحن ما نزال نسعى لحفظ الأمن في عدة محافظات ونتخذ كافة الإجراءات".
 
ونفى وجود نية مبيتة لاستدعاء الجنود إلى أماكن معرضة للخطر، وقال: "نقف إلى جانب الضباط والجنود وسلامتهم وأمنهم ونعمل على اتخاذ الوسائل والتدابير اللازمة لحماية أرواحهم من أي أخطار قد تهددهم".
 
جرائم إبادة
عبدالسلام محمد -رئيس مركز "أبعاد للدراسات الاستراتيجية" الذي أصدر في العام 2011م تقريرا عن توازن القوى العسكرية في اليمن، اعتبر أن استدعاء الجنود بشكل جمعي لتسليم رواتبهم في معسكرات مفتوحة ومستهدفة وفي أوقات حرب يعد ضمن جرائم الحركة الحوثية التي تستهدف تصفية الجيش والأمن ضمن عدة طرق مختلفة.
 
وأضاف في حديث خاص أن هذه الطرق تتمثل "بمهاجمة المعسكرات مباشرة، أو دفع بعضها لخوض معارك خاسرة وتحت نيران حارقة لا توازن للقوة فيها، أو باستدعاء من رفض المشاركة لاستلام المرتبات ووضعهم في معسكرات مستهدفة، أو بقطع الرواتب عنهم تماما وتحويلهم لمشردين كفئة من فئات ضحايا الحرب".
 
وأشار الى أن الحركة الحوثية تهدف من هذه الجرائم الى إنهاء قوة أجهزة الدولة الجيش والأمن بدرجة رئيسة واستعطاف وخلق ضحايا لدفعهم لخوض مغامرة الحرب، مضيفاً ان الحركة الحوثية تهدف أيضاً لكسب رأي عام منتقد لقوات التحالف ومتعاطف معهم.
 
وأردف: "وأيا يكن صحة ذلك الإجراء قانونا، إلا أنه في أوقات الحرب يعد جريمة ضمن جرائم الإبادة التي ترتكبها هذه الجماعة ضد اليمنيين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم مدنيين وعسكريين، وكل ذلك يستوجب توثيقا قانونيا حتى يتم رفعه مستقبلا إلى المحاكم المحلية والدولية".
 
تبدو القضية واضحة، وقد تكون أدلتها في متناول اليد مستقبلا، إلا أن هؤلاء الضحايا يفقدون حياتهم الآن ولا ينتظرون مع غيرهم، وما لم يجدوا مساعدة للفكاك من هذا الوضع فإن ذلك المستقبل لا يعنيهم قطعاً.
 
*نقلاً عن المصدر أونلاين 
المصدر : نقلا عن المصدر اونلاين
اقرأ ايضا: