شكرا رجب طيب أردوجان وتحية لتركيا..
كغيري من المراقبين تابعت تداعيات القرصنة ( الصهيونية) علي (قافلة الحرية) التي حاولت كسر الحصار الغير قانوني والغير أخلاقي والغير إنساني الذي فرضته ولا تزال العصابة ( الصهيونية) علي الشعب العربي في قطاع غزة , ومن الطبيعي أن يشدنا الموقف التركي رسميا وشعبيا , إذ أن الموقف التركي كان هو الموقف النموذجي الفريد والمثالي والإنساني والأخلاقي وعكس هذا الموقف قوة ومكانة تركيا ورؤيتها وقيمها ومسئوليتها القانونية والأخلاقية والإنسانية , فالشعب التركي ومنذ اللحظة الأولي تحرك بشكل آلي للتنديد بالجريمة ( الصهيونية) دون حسابات مسبقة أو تنسيق وهذا يدل دلالة عميقة عن رؤية قومية تركية وعن ثقافة حضارية وأخلاقية مكتسبة , ففي الشارع التركي لم يكون هناك موقف متباين بين الفعاليات الناشطة علي الخارطة الوطنية التركية ولم يكون هناك نشطاء من أتباع ( السلطة) وآخرين من أتباع ( المعارضة) فقد وقف كل الأتراك بمختلف أنتمائهم وقناعاتهم وطبقاتهم ومشاربهم الفكرية والسياسية , معا أصطف الشارع التركي بموقف واحد ورؤية واحدة يدينوا الغطرسة الصهيونية والجريمة التي ارتكبها الصهاينة بحق نشطاء سلام مدنين حملوا في وجدانهم الكثير من القيم والرؤى الإنسانية التي لا يملكها قطعا (الصهاينة) ..
بيد أن الموقف التركي الذي حمله خطاب رئيس الوزراء / رجب طيب أردوجان أمام البرلمان التركي جاءا ليؤكد حقيقة وحيدة وحتمية وهي أن الكرامة ثروة والإرادة غناء والتعامل عبرهما مع قضايا ومستجدات الحياة يمثل غاية وطنية وقومية وإنسانية ’ وشكل التناغم بين الموقفين الرسمي والشعبي ثروة تركيا التي برزت بمواقفها بهالة من العظمة وهي تستحقها وبجدارة كما يستحق رجب طيب أردوجان كل تقدير وأحترام كونه يحترم إرادة شعبه ويحترم تاريخ وطنه ويحترم نفسه , وتلك مقومات مكنت أردوجان أن يكون معبرا أمينا وصادقا للإرادة الشعبية التركية , وإذا ما توقفنا أمام مفردات الخطاب فأننا نقف أمام بعض المصطلحات التي استخدمها أردوجان والتي عكست قدرة ومكانة تركيا الأرض والإنسان , ومما قاله أردوجان مخاطبا العصابات الصهيونية هو ( لا تختبروا نبض صبر تركيا) ( وصداقتنا قوية لكن عداوتنا أقوى) وبكثير من الشفافية أدان وندد بالجريمة واعتبرها جريمة ( إرهاب دولة) معتبرا العصابة الصهيونية مارقة وتتحدي الإرادة الدولية , وما حمله الموقف التركي رسميا وشعبيا لم يأتي من بعض الأطراف العربية المفترض أنها تكون أكثر فعالية وقدرة علي الفعل والردع بعيدا عن سياسة الاستجداء والترقب , أعرف أن البعض من العرب ( الرسمين) تخوفوا من الموقف التركي وأعرف أنهم يتمنوا من كل قلوبهم أن تفشل السياسة التركية بدعوى إمكانية أن تسحب تركيا بمواقفها البساط من تحت أقدام النظام العربي الرسمي وهو نظام لا يرحم ولا يترك رحمة ربنا تنزل علي شعوبه التي تكاد تموت من قهرين , قهر الغطرسة الصهيونية الهمجية وقهر الصمت الرسمي العربي لأنظمة ما برحت تهرول نحو ( تسوية) برغم أن هذه (التسوية) قد ماتت وشبعت موتا فالصهاينة بكل مناوراتهم في عملية (السلام) المزعوم التي للأسف يصدقها بل ويتمسك بهاء النظام الرسمي العربي باعتبار هذا ( السلام) بنظر هولا خيارا إستراتيجيا ومصير يتمسك به النظام العربي رغم كل الجرائم والمجازر والغطرسة التي يمارسها الصهاينة وجميعها تقابل بشجب عربي ( رسمي) علي قدر من الخجل خشية أن تغضب منهم بعض المحاور النافذة وهي المحاور التي ترعى هذا الكيان وتدللة وتمنحه الغطاء السياسي والمادي ليمارس ما يحلوا من الغطرسة حتى ولوا كانت بصورة ارتكاب مجازر وحشية بحق نشطاء عزل أو استخدام الأسلحة المحرمة دوليا بحق شعب أعزل بذرائع واهية , الصهاينة وبعد كل جريمة يرتكبوها يحشدوا سلسلة من الأكاذيب المفضوحة وهو ما دف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوجا إلي مخاطبة هذه العصابة بالقول( لقد سئمنا أكاذيبكم ..كونوا نزها) وكان يرد علي قولهم بأن النشطاء هاجموهم بالسلاح الأبيض وأن بعض النشطاء استطاعوا تجريد بعض الجنود الصهاينة من اسلحتهم ومن ثم استخدموها ضد هولا الجنود , وهو قول يشكل بكل جوانبه ( فضيحة) لهذا الكيان الذي كشف بعمليته الإجرامية هذا الوجه الحقيقي ليس لناء الذين نعرف حقيقة هذا العدو ولكن للعالم الغربي الذي يقف داعما ومتفهما أمام كل جريمة يقترفها هذا العدو بل ويقدم العالم الغربي الكثير من الدعم للعصابة الصهيونية وأهمها الدعم السياسي والقانوني وبما يبرئ هذه العصابة الإجرامية من كثير من الجرائم التي ترتكبها ولم تحاسب عليها , لتأتي جريمتها الأخيرة لتفضحها أمام حلفائها وأصدقائها ولتحرج هولا الحلفاء والأصدقاء الذين فعلا بدت مواقفهم مرتكبة ومثيرة للحسرة ..!!
وفي هذا السياق ربما يكون العرب المرتبطين بعلاقة مع هذا الكيان أكثر إحراجا هذا لوا أن هولا لا يزال لديهم بقايا من خجل , ولهذا جاءا الموقف التركي صادقا وصريحا ويعبر بشفافية عن تناغم تركي عام واعتزاز تركي بالهوية والكرامة القومية لتركيا التي جسدت عظمتها في مواقفها الرسمية والشعبية ويبقى السئوال هو , هل يتاثر العرب بهذا الموقف التركي ومن ثم تتماهي مواقفهم مع الموقف الرسمي التركي ..؟ أم أن الأتراك قد يدفعوا ثمن مواقفهم هذا لأن ثمة عرب قد لا يترددوا في التأمر علي تركيا الموقف والدور خشية أن تصادر دورهم كما يقال ..؟!!
لكني أقول أن تركيا وهي تقوم بكل هذه المواقف لا تنافس هذا الطرف أو ذاك ولا تضع نفسها نداء لأي طرف لأنها فعلا بمواقفها واعتزازها بكرامتها وتاريخها ودورها ورسالتها الحضارية هي أكبر من كل الأطراف وليس هناك من يمكن أن يكون ندا لتركيا وقد قالها رئيس وزرائها حين قال ( أن علي إسرائل أن لا تعامل تركيا كما تعامل بعض الجهات) ..؟
والحقيقة أنه ورغم اعجابي الشدي للمواقف التركية ولدورها , لكن أجزم أن تقديري هذا لتركيا ليس لأنها تدافع عن قضايا مظلومين عرب خذلناهم وتركناهم يعانون من الآمرين (حصار العدو) وحصار ذوى القربي) وهو أشد مرارة , لكن اعجابي وتقديري للسياسة التركية ولمواقفها مصدره هذا النزوع التركي الصادق المعتز بمكانة وهوية تركيا وأهمية فرض احترامها علي العالم من خلال إجبار كل طرف علي أن يتعامل مع تركيا باحترام وتقدير بعيدا عن ثقافة التطاول والتهميش والاستهتار أو الاستهداف , إصرار تركيا علي رفض العلاج الإسرائيلي لجرحي الهجوم ومطالبتها برفع الحصار فورا عن القطاع وتمسكها بفكرة لجنة تحقيق دولية رغم الاعتراض الأمريكي للفكرة لكن تركيا تتمسك بموقفها وسوف تصل إلي هدفها , كل هذه المواقف لا تجعلنا إلا أن نحني هاماتنا أمام تركيا الرسمية والشعبية ونزجي كل الشكر والتقدير للسيد أردوجان ونقول له سلفا لا يستغرب أن وجد فينا من يتأمر عليه وعلي بلاده وشعبه انتصارا للصهاينة بدعوى أنه قد يأخذ منا ( أدوار ) في هذا السياق أو تلك القضية ..!!