قصف جوي روسي وسوري شرس حوّل أحياء كاملة من حلب إلى ركام
اخبار الساعة - وكالات بتاريخ: 25-09-2016 | 8 سنوات مضت
القراءات : (8459) قراءة
تصاعدت الحرب السوريّة الجمعة 23 سبتبمر/ أيلول 2016 بشكلٍ مفاجئ، حيث شنّت قوّات بشّار الأسد وحلفائه الروس هجماتٍ جويّةٍ شرسة على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب وسط تهديداتٍ بشنّ هجومٍ برّيٍ كبير، بينما بدت جهود الأمم المتّحدة لإعادة وقف إطلاق النار غير ذات جدوى.
وقتل 25 مدنياً على الأقل السبت 24 سبتمبر/ أيلول 2016 في أحياء حلب الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، والتي أمطرها الطيران السوري وحليفه الروسي بوابل من القنابل والصواريخ لليوم الخامس على التوالي بعد فشل المحادثات الأميركية الروسية في إرساء هدنة في البلاد.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن بين القتلى 7 أشخاص كانوا من القلائل الذين خرجوا لشراء الغذاء وقتلوا في قصف بينما كانوا ينتظرون دورهم أمام احد المخازن لشراء اللبن في حي بستان القصر.
وأسفرت الغارات الجويّة المتكرّرة، التي طمست المباني، واجتاحت الأحياء بالنيران، عن مقتل نحو 100 شخص في مدينة حلب أمس.
حولت الغارات وقف أطلاق النار والذي استمر لسبعة أيام من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى مجرد ذكريات باهتة. وقالت الأمم المتّحدة أنّ القصف أثّر على حياة نحو مليوني شخص ومنع عنهم المياه.
جيمس لي ميجور، رئيس هيئة إنقاذ May DAY المسؤول عن تدريب عمّال الإنقاذ السوريّين، قال: "هذا هو أسوأ يوم(الجمعة) نمرّ به منذ فترةٍ طويلة" بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وكشفت مصادر بالدفاع المدني (التابع للمعارضة) عن مقتل 323 مدنيًا، جراء القصف الجوي الذي شنّه طيران النظام السوري والروسي، خلال الأيام الستة الماضية، على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب.
وبحسب أرقام حصلت عليها وكالة "الأناضول" من طواقم الدفاع المدني العاملة في مناطق سيطرة المعارضة، وأخرى بالمستشفيات الميدانية، في محافظة حلب، فقد "قُتل 323 مدنيًا، وجُرح 1334 آخرون في الغارات الجوية التي شنتها طائرات النظام وروسيا، منذ 19 سبتمبر/أيلول الجاري".
وتوضح خريطة القصف استهداف الطيران الروسي المناطق التالية: أحياء بستان القصر، والمشهد والكلاسة والفردوس، والأنصار، والقاطرجي، وباب النيرب، والصالحين، والمعادي، وطريق الباب، والصاخور، والمرجة، وكرم حومد، والشيخ خضر، والسكري، والشعار، والميسر، ومساكن هنانو بمدينة حلب، وبلدة كفر حمرا، وقرية بشقاطين بريفها، وجميعها خاضعة لسيطرة المعارضة.
تفجيرات هزت الأرض
وأظهر شريط فيديو التقطه شاهد عيان مباني محترقة بعد غارةٍ جويّة على حيّ المواصلات في الجزء الشرقي من المدينة، حيث هزّت التفجيرات الأرض، وانكمش الناس في منازلهم وباتت الشوارع وعِرة وغير صالحة للسير، حسب وصف نشطاء مناهضين للحكومة في حلب.
ويقول مُضر شيخو، وهو ممرّض في مشفى الدقاق بحلب: "لا تعلم إذا كنتَ ستبقى على قيد الحياة أم لا".
وقال زاهر الظاهر، وهو ناشط من حلب: "ليس ثمّة طرق صالحة للسير عليها، حتى بين أحيائنا، تجد الطرق مليئة بالأنقاض والدمار".
وأدّت الغارات إلى دفن السكّان بين الركام، بينهم طفل في حيّ المرجة بحلب.
واستهدف القصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب الشرقيّة وتجمّعات المعارضة في المناطق الريفيّة المحيطة بها.
المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض للحكومة الذي يتابع الصراع من بريطانيا، أشار إلى أنّ 72 شخصاً قُتلوا في محافظة حلب، بينهم 24 امرأة وطفلاً، لكن معظم القتلى كانوا في المدينة نفسها.
وأبلغ لي ميجور عن وجود 95 قتيلاً و147 شخصاً داخل المستشفى في مدينة حلب وحدها، كما شارك عمّال الإنقاذ عدداً كبيراً من أشرطة الفيديو التي تظهر رجالاً يخرجون الأطفال من تحت الأنقاض، وأحياءً كاملة تحوّلت إلى ركام.
البحث عن مياه الآبار
أفادت هناء سنجر، ممثلة اليونيسيف بسوريا، في تصريحٍ لها بأنّ الهجمات أتلفت محطّات معالجة المياه التي تمدّ حلب الشرقية بالمياه، حيث يقطن 250 ألف شخص محاصرون بالقوّات الحكوميّة.
وفي السياق ذاته، قالت سنجر إنّ محطات معالجة المياه توقّفت عن العمل في الجزء الشرقي من المدينة، ما أدّى إلى توقّف ضخ المياه إلى 1.5 مليون ساكن في الجزء الغربي منها. وأضافت أن على السكان الاعتماد على مياه الآبار، التي غالباً ما تكون ملوثة، ما يزيد من مخاطر تفشّي الأمراض.
وقال عمار السالمو، رئيس فرع حلب للدفاع المدني السوري المتطوّع في هيئة الإنقاذ، إنّ 3 من مراكزهم تعرّضت للقصف، وإن بعض عربات الإنقاذ تعرّضت للاصطدام.
وأضاف: "يبدو الأمر كما لو أن روسيا والنّظام استخدما الهدنة فقط لصيانة أسلحتهم، والتخطيط للأهداف المقبلة. يبدو اليوم في حلب، وكأنّه يوم القيامة".
أعلنت الحكومة السوريّة عن الهجوم الجديد على وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة، ونقلت عن مسؤولٍ عسكري سوري غير محدد الهوية وصفه لعملية حلب بالـ"شاملة"، قائلاً إنها قد تستمر لبعض الوقت. وأضاف المسؤول العسكري أن العملية قد "تتضمّن هجوماً بريّاً".
يبدو ذلك من غير المرجّح، كما وضّح العديد من المحلّلين أن الجيش السوري لا يمتلك القوة البشرية الكافية للاستيلاء والسيطرة على مناطق كبيرة وذات أهمية. ومع ذلك فإن القوة الجوية قادرة على ضرب المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المُسلحة والمُحصنة نسبيّاً.
لا انفراج سياسياً
ومع تكثيف الغارات الجويّة تلاشت الآمال في تحقيق انفراج دبلوماسي بين روسيا والولايات المتحدة التي تدعم المعارضة في الصراع، على هامش الاجتماع السرّي السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدّة.
والتقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف لفترةٍ وجيزة، ولكن لم تكن هناك أيّة دلائل على أن وقف الأعمال العدائية الذي لم يدم طويلاً، يمكن إحياؤه في أي وقتٍ قريب.
وقال لافروف الذي كان يتحدّث في مؤتمر صحفي في بلده، إن الولايات المتّحدة فشلت في ضمان انفصال المعارضة المسلحة السورية المعتدلة عن المسلحين المتطرّفين لجبهة النصرة المتحالفة مع تنظيم القاعدة.
وذلك الانفصال هو أحد شروط اتفاقية وقف الأعمال العدائية، التي أعلنها كيري ولافروف في 9 سبتمبر/أيلول.
وأضاف لافروف: "حتى يحدث ذلك، أي تدابير أخرى ستكون بلا معنى".
كما أشار جان مارك أيرولت، وزير خارجية فرنسا وعضو المجموعة الدوليّة لدعم سوريا، مع جهود 17 دولة بقيادة روسيا والولايات المتحدة، إلى أنه يخشى من أن الشلل الدبلوماسي يعكس التعب المتزايد من الوحشية اليوميّة التي تُمارس في سوريا.
ووجّه سؤالاً قائلاً: "هل سنعتاد هذا؟ دعونا لا نسمح بأن تصبح حلب غرنيكا القرن الـ21".
مدينة حلب، التي كانت أكبر مدينة سورية ومركزاً صناعيّاً قبل بدء الحرب الأهلية في 2011، تمّ تقسيمها لسنواتٍ بين الحكومة وقوّات المتمردين.
وقبل إعلان وقف إطلاق النار الجزئي الأسبوع الماضي، اعتادت قوات المعارضة قصف الأحياء المدنية في حلب الغربية، بينما قصفت حكومة بشار الأسد بانتظام شرق حلب التي يسيطر عليها المعارضون، مع حرمان المدنيين من المساعدات التي يحتاجون إليها.
وقال لارس بروملي، مستشار الأبحاث في أونسات، إن التحليل الأوليّ لصور الأقمار الصناعيّة الجديدة في هذا الشهر يُظهر المزيد من الدمار. ويظهر أن أغلب التدمير حدث على مشارف شمال غرب المدينة، وفي المناطق الصناعيّة في الشمال الشرقي.
ورغم العنف، ظلّت معظم الخطوط الأماميّة في المدينة مستقرّة، مع افتقار الجانبين إلى القوة البشرية اللازمة للسيطرة على مناطق جديدة كبيرة.
اقرأ ايضا: