فريق الإتصال..نموذج دبلوماسي
اخبار الساعة - تيار الفجر العربي بتاريخ: 22-10-2011 | 13 سنوات مضت
القراءات : (2906) قراءة
صدقت الإرادة اليمنية فأستجاب مجلس الأمن وهو المجلس المعني بالسلم والأمن الدوليين، فأعتمد بالإجماع مشروع قرار المجلس رقم 2014 للعام 2011م- لتنحية صالح وليسدل الستار على حكمه وحثه في رسالة أممية واضحة على توقيع الفوري على مبادرة مجلس التعاون الخليجي لنقل السلطة سلمياً، وهو القرار الذي إتفقت عليه من قبل كل دول العالم ممثلة بالدول الخليجية والإتحاد الأوروبي وأمريكا، بعدما إتفقت الإرادة الشعبية اليمنية على رحيل نظام صالح العائلي، وأنتصرت السياسة الدولية الحديثة على قاعدة المحافظة على الصراعات الإقليمية مشتعلة، لتتهياً لمرحلة جديدة من العلاقات تستدعي الإستقرار والإطمئنان لإستيعاب التغيير الجوهري من عالم محكوم بمنطق الدكتاتور والفوضى إلى عالم يتم الإعتراف فيه بمصالح الشعوب وحق الشعوب في تقرير المصير، وقد تأكد ضرورة القرار لمجلس الأمن من خلال التهديدات التي تواجه الإستقرار والأمن الإقليمي المتمثل بتدهور الوضع في اليمن والذي تصاعد جراء التأخير المتعمد في الرحيل من قبل بقايا النظام!
لقد وجه العالم رسالة موحدة أن الطريقة الوحيدة للرد على تطلعات اليمنيين هي البدء فوراً بعملية انتقالية للسلطة، ليس لعبة حظ، ولكنها مرحلة تنبئ عن علاقة دولية جديدة مع الشعوب بإعتبارهم أهل الحضارة، وعن قناعة أخرى أن السوق العربي هو سوق للغرب أيضاً فليس من المصلحة الدولية الأن أن يبقى السوق العربي عاجزاً، ولا بد من التخلي عن الإغراءات الخاصة التي تقود إليها القوة لإستبدالها بالشعور بالمسؤولية التي تمليها القوة.
ولقد كان الساسة هم الذين يجرون الشعوب وأما الأن فالشعوب هي التي تجر الساسة، من هنا كان لا بد من تسجيل كلمة خاصة لأحد جنود الثورة الشبابية الشعبية، ألا إنهم فريق الإتصال التابع للمجلس الوطني لقوى الثورة السلمية.. فريق وطني في مهمة دولية!
ففي ظروف مصيرية عصيبة عاشتها الثورة الشبابية الشعبية السلمية أمام طغيان بقايا النظام العائلي ومراجعة العالم الخارجي لنفسه، كان يجب أن يظهر فريق يعمل في ظل من المخاطر والفرص الصعبة، فريق يختلف عن أي فريق يظهر في عالم مثالي، فكان أن تشكل فريق الإتصال التابع للمجلس الوطني لقوى الثورة السلمية، مكون من عدد من الطليعة توزعت على عدد من عواصم الدول العربية والغربية.
وفي عالم بلا جدار، وهو عالم يعج بالأمواج العاتية، كان الإيمان بقدرة الثورة هو المحرك لإلتقاط فريق الإتصال للحظات التاريخية – حيث عامل الزمن – هو الأساس للقيام بالتعريف عن الثورة الشبابية السلمية والقيام بالتشبيك اللازم مع المحيط والمجتمع الخارجي بإسم المجلس الوطني الممثل السياسي والشعبي لقوى الثورة.
كانت المهمة صعبة ولكنها لم تكن مستحيلة لأن نداء الواجب لم يكن يحتمل المراجعة أو التأخير، وكانت دماء الشهداء هي الفارق بين قدر محتوم لا تستطيع أمامه شئ، وبين تاريخ مصنوع رسمته الدماء الزكية والصدور العارية!
وهكذا أنيطت بفريق الإتصال مهمة جدولة حسابات متنوعة وكلها تقوم على روح الإحترام وقبول حق الإختلاف وتستوحي روح المجموع وتدرك الحس الشعبي الذي كان دائماً هو بوصلة الملاحة في بحر عالمي لجي!
وبأسلوب سريع لا يعرف التردد كان على كل فرد في الفريق أن ينقل أجندة مقنعة إلى الأشقاء والأصدقاء في الخارج وإلى قرارات العواصم العالمية، ولقد كان الرأي العالمي مستعد لسماع رسالة الشباب السلمية، هنا كانت اللقطة التاريخية في معركة إتصالات كان طرف بقايا النظام يحشد لها كل أسلحته وعتاده، إلا أن مهمة فريق الإتصال لم تكن منفعلة كمثل بقايا النظام، بل كان فريق الإتصال هو صاحب المبادرة الفاعلة، صاحب الخطة الناجحة، لأنه يدرك أن الميدان في الداخل هو الرهان، وأن الثورة قد كسبت الرهان داخلياً، ولم يتبقى إلا تجسير العلاقة بين الجماهير اليمنية مع العالم الخارجي بمساعدة الطيور اليمنية المهاجرة وبمساعدة الأشقاء والأصدقاء في كل عواصم العالم، فكانت إدارة الثورة خارجياً هي عنوان لمهمة خلق علاقات بين الدول وليس علاقات شخصية، لنقل الجانب الإنساني والحضاري لثورة الشباب السلمية، وإظهار مدى فشل النظام وفقدانه الكامل للسيطرة والحكم، وكشف حقائق الفزاعات وحقيقة إستخدام الأسلحة الثقيلة ضد الشعب سواء المعتصم في ساحات الوطن أو الشعب المسالم في بيوتهم! كما لم تخلو مهمة فريق الإتصال من التحليلات وتقييم الأوضاع وإستشراف المستقبل القريب القائم على تقارب السنن التاريخية، كما عني الفريق بنقل خاص وعاجل لإنتهاكات حقوق الإنسان من القتل حتى حصار الشعب من خدمات الحياة العامة كالكهرباء، وكذلك تتبع الحالة الإنسانية الحرجة التي وصلت إليها اليمن جراء الفقر المدقع وإستنزاف خيرات وموارد البلد من قبل بقايا النظام العائلي، كما عني الفريق بمتابعة إحتياجات الجرحى الذين تئن بهم ساحات الكرامة والحرية، مع متابعة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والصحفيين، ومؤخراً يتابع فك الحصار عن الشباب الذين تمت محاصرتهم في منطقة القاع، كل تلك المتابعات والمهام بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني في الداخل والمنظمات الدولية في الخارج والعديد من الشخصيات الدولية الإعتبارية مع تقديم الجانب الإقتصادي لشركات الدول وهو الجانب العصري في السياسة الدولية المعاصرة، بالإضافة إلى المشاركة فريق الإتصال في ساحات الأمم المتحدة وساحات الجامعة العربية والوصول إلى دوائر القرار العالمية..
لقد وجلنا عصر علاقاتي جديد حيث لعبة العمالقة تحسب بالدقائق والثواني، وإن خطأ الحساب في هذا العصر ليس ذا نتائج وخيمة وحسب، بل أصبحت نتائجه مميته، لا يعني الإنصياع والرضوخ للأخر، وأنما تعني تحسين الوضع عما هو موجود، على أساس التعقل والتفكر للعيش من أجل إختلافاتنا وليس الموت لأجلها، بل على الدول العظمى أن تتعايش أيضاً مع الآخرين الذين ليسوا عمالقة!
إن الإتصالات التي تعكس رغبات الشعوب وتنطلق من المصلحة الوطنية ومصلحة الشعب هي الإتصالات الشمولية المتعددة الوسائل التي ترسم مصالح الشعب ويشاركها الشعب في صنع القرار، وهو الأمر الذي حقق الإنتصار الدبلوماسي لسياسة المجلس الوطني وفاق مهمات الدبلوماسيين القابعين في السفارات الذين إتصالاتهم مجرد نشاط في العلاقات العامة لا تسمن ولا تغني من جوع، لأن دبلوماسية السفارات اليمنية القائمة على مصالح الفرد أنتجب السلبية، أما دبلوماسية فريق الإتصال التابع للمجلس الوطني فقد كان أداة تصنع الغد، وكانت قوة دافع حقيقة للجهود السلمية بخطابها الإعلامي المسؤول عبر أرقى القنوات الفضائية في عدد من دول العالم، خطاباً ليس منغلقاً على ذاته أو مطالباً بتغيير الآخر وخائفاً من تغيير الذات!
لقد سجل فريق الإتصال قراءة للحاضر والمستقبل فأنفصل عن مغبات جلد الذات والتفكير الإنهزامي الذي لا يقدم جواباً للمستقبل، وتبرأ من العجز وترحيل المسؤولية وأستغنى عن التخمة اللفظية ليقلص الفجوة بين اللفظ والفعل، حتى أنه فريق تفرد بطريقته ليفترق التشابه عند الواقع العملي، وهي صورة لن تصنع نفسها، صورة تسطر أن الوطن القوي في الداخل هو وطن قوي في الخارج، وأنه كما كان الإرتباط بين المجلس وأرضيته الشعبية قوية، فكذلك يجب أن يكون النظام السياسي القادم مع الموقف الشعبي حتى يكون قوياً في الخارج، بعد أن كانت كل الكوارث التي تمر بها الأقطار العربية عائدة بسبب قاداتها الدكتاتوريين، وها هو العالم يحتفل بعد 42 عاماً غاب خلالها وجه المواطن الليبي، واليوم وقد أفل أحد طغاة العرب هل إنتفع بأوصافه التي أنزلها على نفسه، أو بالأموال التي بحوزته، وبرغم النداءات لمحاولة إقناعه بالخروج إلا أنه تحدى القدر ولقد أخطأ حينما سأل ذلك الشعب العظيم: من أنتم؟
إن عزيمة فريق الإتصال القادر على البقاء، إنما هي جندي من جنود الثورة المجهولين، التي جعلت من نموذج ثورة الشباب السلمية يحوز كل الجاذبية وينقل رسالة واضحة أن من تجاوز كل محن الماضي سيتجاوز محن المستقبل بشئ من نكران الذات!
لقد حاز فريق الإتصال على موقع المغناطيس، وعلى الرغم من أن المعلومة العامة متوفرة في عالم اليوم، إنما يقين الفريق لم يكن يقيناً إعتيادياً..
أخيراً..لا شك أن الزمان قد تغير، ولقد آن أن نلبي مع كل نداء ونزهو مع كل أمل ونشعر بالجرح مع كل جرح عربي غائر لنصنع اليمن الجديد في العالم الموجود!
اقرأ ايضا: