هل تحولت البدانة في السعودية إلى وباء؟
انعكست تنمية ثروة المملكة العربية السعودية النفطية على نمط الحياة بصورة حادة، في ظل توفير وظائف مريحة لآلاف المواطنين في مؤسسات حكومية تتمتع بتمويل سخي أو عبر تقديم إعانات بطالة للعاطلين عن العمل، ما غيّر الكثير من العادات الصحية لديهم.
ويتغيب السعوديون عن غالبية الوظائف التي تحتاج لمجهود بدني شاق؛ كالعمل في المقاولات وتشغيل حقول النفط، إذ يشغلها بالكامل تقريبًا ملايين العمال الوافدين، ما قد يكون سببًا في انتشار البدانة، بين الكثير من المواطنين، وسط تحذيرات من تحولها إلى وباء.
وترى الكاتبة السعودية سلمى الشهري أن “كل الدراسات والتقارير المحلية تؤكد أن نسبة من يعانون من أمراض السمنة في المجتمع السعودي ازدادت بصورة تدعو للقلق.. مما ينتج عنها الأمراض المزمنة وأمراض القلب والسكر وغيرها، وأسبابها لا تحصى ولكن أهمها عدم التوازن بين الطاقة المتناولة من الطعام والطاقة المستهلكة في الجسم، وهي تؤدي في النهاية إلى أمراض خطيرة تعرض الإنسان إلى الوفاة”.
وفي دراسة طبية سابقة؛ أفادت اختصاصية العلاج الطبيعي في مستشفى الدمام المركزي، عبير حجازي بأن 20 ألف سعودي يموتون سنويًا بسبب السمنة المنتشرة في المملكة، مشيرة إلى أن معدلات البدانة في السعودية دقت ناقوس الخطر.
وكذلك تُسجل المملكة أحد أعلى معدلات انتشار مرض السكري الذي يرتبط بشدة بالسمنة المفرطة في العالم.
السعوديات الأكثر بدانة في العالم
وقالت الكاتبة سلمى الشهري في مقال نشرته صحيفة “الوطن” السعودية، اليوم السبت، إن “البدانة وصلت عند النساء إلى معدل مهول ومخيف جدًا، تجاوزت النصف، كما أنها أصبحت من الظواهر السلبية المنتشرة في مجتمعنا السعودي ككل ولا تقتصر علينا معشر النساء، وباتت هاجسًا نفسيًا يؤرق مضاجع الجميع من آباء وأمهات ومربين وأطباء ومخططين”.
وسبق أن أشارت إحصائية أصدرتها “الجمعية السعودية للسكر” إلى أن معدلات السمنة عند المرأة السعودية بلغت 51%، وأظهرت دراسة سابقة أن نسبة البدانة لدى النساء أعلى من الرجال، وأن النساء السعوديات هن الأكثر سمنة عالميًا.
وتساءلت الشهري: “أين دور هيئة الرياضة؟ أين تقارير وزارة الصحة التي تنادي بالتنبيه لهذه الظاهرة المفزعة؟ أين دور الإعلام في التوعية والنصح والإرشاد بأهمية الرياضة ومحاربة داء المجتمع؟ أين دور هيئة الغذاء والدواء؟ أين دور حماية المستهلك في حمايته من نفسه ومن باعة الغذاء الضار والاستغلال ومن القيود المجتمعية؟”.
وأَضافت أن “تهميش الرياضة لا يُحسب على قصور دور الجهات المعنية بالتوعية حول أخطار السمنة وأهمية الرياضة صحيًا وجسديًا، وإنما يجب تفعيل الرياضة في كافة الجهات العلمية والعملية إلزاميًا”.
وتتابع “الأندية الرياضية النسائية لدينا نادرة وهذه الندرة سمحت لهم بتعميد أسعار الاشتراك باهظة جدًا لا تقدر عليها النساء، بالإضافة إلى مشاكل أسعار وسائل النقل إلى مقر النادي”.
وفي المجتمع السعودي؛ أكثر المجتمعات العربية والإسلامية محافظة، عانت السعوديات لأعوام طويلة من حرمانهن من حصص الرياضة في المدارس، ما دفع حقوقيين ومختصي صحة وإعلاميين إلى إثارة المسألة بشكل مكثف، إلى أن نجح هؤلاء في الحصول على موافقات رسمية لتفعيل مادة التربية الرياضية والبدنية في مدارس المملكة، ولو على نطاق محدود، يختلف من منطقة إلى أخرى.
المملكة تتكلف مليارات بسبب البدانة
وتقول الكاتبة إن “الدولة تنفق المليارات على مصاريف وعلاج نتائج السمنة من أمراض مزمنة عضالية فتاكة، لماذا لا نوفر هذه المصاريف مستقبلًا عبر دعم مزدوج من وزارة الصحة وهيئة الرياضة للأندية الرياضية الأسرية في القطاع الخاص، وتوزيعها في كل حي أو في كل مستوصف، وتوحيد أسعار الاشتراك وفرض أسلوب ونظام هذه الأندية، وتسليم مهامها والإشراف عليها إلى قسم أو مجلس نسائي ينشأ بهيئة الرياضة، يضطلع بمهام الشابات والنساء ككل ورعاية شؤونهن”.
وأظهرت دراسة طبية تم نشرها عام 2014، أن البدناء يكلفون المملكة أكثر من 500 مليون ريال سنوياً (حوالي 133 مليون دولار) بسبب ترددهم على المستشفيات لعلاج أمراض سببها المباشر هو زيادة الوزن.
وتؤكد الكاتبة في ختام مقالها على أن “السمنة لم تعد داء بل هي وباء وعامل خطر ينخر في جسد مجتمعنا ونحن نرى ونسمع ونتكلم، ولكن لا نتحرك”